كل الشواهد والدلائل تؤكد أن جانبا كبيرا من تفاقم معاناة المواطن من الظروف الصعبة لحياته المعيشية إنما تعود إلي سوء السلوكيات وغياب الضمير لدي قطاع منهم امتهنوا الاستغلال والغش. هذه الممارسات لم تقتصر علي التجاوزات في أسعار السلع التي يتاجرون فيها والعمل علي إخفائها لبيعها في السوق السوداء وإنما امتد نشاطهم وبصورة خطيرة إلي غش الدواء. وهكذا فإن آفة الغش وصناعات ما تحت السلم التي لا تلتزم بمعايير الجودة والصلاحية وتهدف من وراء ذلك الي التربح غير المشروع إلي جانب التهرب من المحاسبة الضريبية.. انتقلت هذه الايام إلي صناعة الدواء الذي يفتقر لأي معايير السلامة اللازمة للحفاظ علي صحة المريض الباحث عن الشفاء. هذه الظاهرة الخطيرة دفعت الخبراء الصيادلة إلي التحذير من انتشار هذه الادوية المغشوشة في العديد من الصيدليات التي يسعي أصحابها معدومي الضمير الي التربح غير الاخلاقي علي حساب تهديد حياة الناس. انتشار هذه المتاجرة الخطيرة يرجع إلي القصور في رقابة الأسواق الذي تتولاه إحدي أجهزة وزارة الصحة. إدراكا لهذه الحقيقة تم إعداد قانون لإنشاء هيئة متخصصة للقيام بهذه المهمة ولكن الموافقة عليه مازالت معلقة داخل مجلس النواب. هؤلاء الخبراء أبدوا دهشتهم من هذا الموقف رغم أن قضية غش الدواء وتهريبه إلي أسواقنا باتت تمثل قضية أمن قومي لإرتباطها بحياة المواطنين . أشار هؤلاء الخبراء إلي أن عمليات غش هذه الادوية انتقلت من الانواع التي يتناولها المريض بالفم إلي الحقن التي تؤدي إلي خلل لا يمكن علاجه في وظائف الجسم وهو ما يترتب عليه الوفاة في صمت. ضربوا مثالا علي ذلك بظهور حقن »هيومن البيومن» المغشوشة التي يحتاجها مرضي الكبد وهي من الادوية التي يتم استيرادها . إن غش هذه الحقن وترويجها يرجع إلي نقصها في الأسواق وإرتفاع ثمنها. ووفقا لما جاء في التقرير الذي أذاعه موقع صدي البلد الاخباري قالت الدكتورة هالة عادلي رئيسة خدمة الدم بالمصل واللقاح أنه لا توجد دولة في العالم خالية من الغش إضافة بأن المسئولية تقع في المقام الاول علي الصيدلي الذي عليه ان يتحري الدقة عن مصادر الدواء الذي يتعامل فيه . أكدت أن الدواء المستورد بالطرق الشرعية يخضع لرقابة شديدة في مصر حيث تقوم هيئة الرقابة علي الدواء بعملية تحليله علي أربع مراحل والتأكد من جودته وصلاحيته وفاعليته قبل السماح بطرحه في الأسواق. إن المشكلة تكمن بشكل أساسي في الادوية المهربة مجهولة المصدر.