انتشرت صناعة الأدوية المغشوشة، وخاصة في المناطق العشوائية، عن طريق تصنيعها في أماكن غير مرخصة. وتتنوع وسائل الغش، حيث إن هناك من يلجأ إلى نزع تاريخ الصلاحية، ويستبدله بأخرى جديدة، ومنهم من يستخدم مواد مجهولة المصدر في التصنيع، ومنهم من ينتج سلعًا غير مطابقة للمواصفات في مصانع تسمى "بير السلم", وهناك من يستخدم عبوات الأدوية الفارغة من القمامة، وإعادة تعبئتها بمواد لا تمت للمستحضر الدوائي بصلة، والبعض يقوم بتقليد الدواء من حيث اللون والشكل بمواد عديمة الفائدة. وقال الدكتور علي عوف، رئيس شعبة تجارة الأدوية، إن الأدوية المغشوشة منتشرة بمعظم دول العالم بنسبة أكثر من 10%، أما في مصر فالنسبة محدودة جدًا ولا تزيد عن 2%، مضيفًا أن تداول الأدوية المغشوشة بالسوق يرجع إلى انعدام الضمير الأخلاقي ودفنه مقابل التربح بطريقة تعرض حياة المواطنين للموت. وأضاف عوف، أن أول طريق لمواجهة ظاهرة الأدوية المغشوشة، هو تشديد رقابة وزارة الصحة على الصيدليات فلا يتمكن غير الصيادلة من افتتاح صيدليات جديدة والعمل فيها، حيث نرى حاليًا خريجي كليات تجارة وآداب وحقوق يعملون في الصيدليات، بل نجد الحاصلين على مؤهلات متوسطة يعملون صيادلة أيضًا ولا رقيب من أحد، فكيف نمنع الاتجار في الأدوية المغشوشة والمزيفة ومن يمارس المهنة في الصيدليات غير صيادلة أو غير مؤهلين لممارسة هذه المهنة من الأساس. وشدد رئيس شعبة تجارة الأدوية، على ضرورة أن يطمئن المريض المصري إلى الأدوية التي تباع بالصيدليات، وإلى الأدوية الوطنية التي تنتج بالقطاع العام أو الخاص، لأن جميعها مسجلة، وتم تحليل المواد الخام الداخلة في تركيبها وكانت مراقبة في جميع مراحل تصنيعها حتى تداولها للمريض بالصيدليات. وأشار عوف إلى أن أكثر الأدوية المغشوشة "الترامادول"، لأنه غير موجود بشكل رسمي, ولا يصرح به في الصيدليات إلا عن طريق ما يعرف ب"الجدول"، ويصرف في حالات معينة ومن خلال روشتة الطبيب. وتابع عوف أن "هناك مخازن كثيرة غير مرخصة من وزارة الصحة تعمل في الخفاء, وتلجأ إلى غش الأدوية، ويستغل القائمون عيها عدم الرقابة". وأوضح أن بعض الأدوية المغشوشة تأتي عن طريق التهريب من المنافذ الجمركية من دولتي الصين واليابان. وأكد أنه لا يوجد قانون رادع لمن يُمسك متلبسًا، فالقانون لم يتغير منذ 1955 حتى الآن, لذالك يتم غش الأدوية، مشيرًا إلى أن المسئول عن كشف الأدوية المغشوشة وزارة التموين والتفتيش الصيدلي التابع لنقابة الصيادلة. ولفت عوف إلى أن هذه الأدوية لها تأثير كبير على صحة المريض الذي يتعاطى هذا المنتج، ومن الممكن أن تسبب الوفاة، مؤكدا أنه لا بد من وجود قانون يجرم هذه الأفعال، لأنها تعتبر شروعًا في القتل، ويجب الحكم على المتلبس بالإعدام. واستطرد: "المخازن المرخصة من وزارة الصحة لمزاولة مهنة توزيع الدواء، يتم التفتيش عليها بصفة مستمرة من قبل التفتيش لنقابة الأطباء ومباحث التموين لتجنب عملية الغش". وفي الأثناء، قال الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية، إن المكسب والأرباح المادية سبب انتشار بعض الأدوية المغشوشة في الأسواق. وأضاف رستم ل"المصريون"، أن الأدوية المغشوشة تنتشر عن طريق التوزيع بشكل موسع في المناطق العشوائية والريفية بسبب ضعف الرقابة في هذه المناطق. وأشار رستم إلى أن أكثر الأدوية المغشوشة, هي ذات السعر العالي وغير الموجودة داخل الصيدليات, بجانب الأدوية التي يكون الطلب عليها بشكل كبير، ففي هذه الحالة يلجأ مصنعو الأدوية لغش هذه المنتجات بهدف التربح المادي. وأوضح رستم، أن الأدوية التي تباع في الصيدليات لها مواصفات وشروط معينة، مشيرا إلى أن مخازن الأدوية المرخصة تتم متابعتها ومراقبتها بصفة دورية، عن طريق لجنة من التفتيش تابعة لنقابة الصيادلة، بجانب قوة من رجال المباحث. وأكد رستم، أن الإعلام له دور كبير في توعية المواطنين، مشيرا إلى أن معظم الإعلانات التي تروج لعلاج الضعف الجنسي وغيرها من علاج الأمراض، تأتي عن طريق مخازن غير مرخصة، وتتبع تلك الشركات التي تعلن هذه المنتجات عن طريق مباحث التموين. واستطرد: "هذه الأدوية لها تأثير كبير على جلب الأمراض للمواطنين، لكونها تغلف مرة أخرى في زجاجات ملوثة يتم جمعها من القمامة".