«دخلوا الكلية بالخطأ».. جامعة بني سويف الأهلية يعلن تفاصيل إلغاء قيد 4 طلاب بعد عامين من الدراسة    العملة الخضراء الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 8-10-2025    ضياء رشوان: ترامب يسعى لإنهاء مفاوضات شرم الشيخ بسرعة لتأمين جائزة نوبل للسلام    «مبني على تجارب».. ضياء رشوان: تخوف الفلسطينيين من عدم التزام إسرائيل في محله    وزير خارجية إيران ينفي لقاء ويتكوف    بعد صعود منتخب مصر لكأس العالم 2026.. هل يُكرر التؤام تجربة «معسكر الجوهري» بمونديال 90؟    نتائج الجولة الثالثة من الدورة المجمعة الأولى لدوري المرتبط لكرة السلة للرجال    هاني رمزي: يجب وضع خطة لمنتخب مصر قبل أمم أفريقيا وكأس العالم    أحمد موسى يشيد بأداء محمد صلاح: أحرز أجمل هدف في البطولة    ضبط 410 كجم كبدة وسجق مجهولة المصدر بأسواق دمياط    محكمة الجنايات: المؤبد لمتهم بجلب 6500 كيلو جرام مخدرات فى الإسكندرية    عمر ياجي.. قصة صعود لاجئ فلسطيني إلى عرش نوبل للكيمياء    عمر زهران يقدّم المؤتمر الصحفي لألبوم «تاريخي» للفنانة مي فاروق    بعد إصابة منى فاروق.. تعرف على أسباب واعراض شلل المعدة    رافينيا يواصل الغياب عن برشلونة أمام جيرونا    بحضور رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد.. استمرار فعاليات الدورة التدريبية للمدربين الأفارقة    الفريق أسامة ربيع يشهد تدشين القاطرتين عزم «3» و«4» بقوة شد 90 طنًا    نائب رئيس جامعة الإسكندرية يلتقى سفير باكستان بالقاهرة لبحث التعاون الأكاديمي والبحثي المشترك    كان بينتقم منهم.. ضبط المتهم بالتعدي على زوجته وحماته بالغربية    «تعليم المنيا» يكرم معلمي التربية الموسيقية الفائزين بمراكز متقدمة على مستوى الجمهورية    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للموظفين في مصر بعد بيان المالية    بعد إحالته للمحكمة.. محمد رمضان يطرح أغنيته «مابطلعش إلا أول» (فيديو)    شيرين عبدالوهاب.. أبرز محطات في حياة صاحبة «الوتر الحساس» بعيد ميلادها ال45    «أرواح في المدينة» تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    مانشستر سيتي يهنئ مرموش على صعود مصر لمونديال 2026    تنظيم قافلة طبية بجامعة السادات ضمن مبادرة حياة كريمة.. ومشروع تنموي جديد ب «كفر العشري»    عضو الجمعية المصرية للحساسية: الوقاية والالتزام بالتطعيم هما الدرع الأقوى لمواجهة فيروسات الشتاء    زاخاروفا: تزويد كييف بصواريخ توماهوك يهدد العلاقات الأمريكية الروسية بشدة    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يمنع مؤتمرا للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    مدرسة النيل بالأقصر تحتفل بانتصارات أكتوبر.. عروض فنية وتكريم أسر الشهداء.. صور    نوح: رفضنا الفطار فى رمضان ولقنا العدو درسًا فى معركة «العبيد»    تأجيل محاكمة 21 متهما بخلية "دعاة الفلاح" لجلسة 24 ديسمبر    دعوى أمام القضاء الإداري لوقف نشر صور متهمات وقاصرات جرائم الآداب    مقتل طفل وإصابة 3 أشخاص إثر تجدد خصومة بين طرفين في سوهاج    ندوة إرشادية للنهوض بمحصول القمح بالشرقية    رحمة أحمد تنضم ل«نصيب»بطولة ياسمين صبري    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    السوبر الإفريقي - يوريشيتش يحدد موعد الإعداد لنهضة بركان    فوز «العنانى» التاريخى    القبض على شخصين بسرقة متعلقات المواطنين في النزهة    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    القافلة ال46 تحمل آلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية والإنسانية والغذائية إلى غزة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت في كبسولة دواء
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 12 - 2013

ربما يتنافس في أهميته مع رغيف الخبز وربما يتفوق عنه في كثير من الأحيان.. فالأول إن وجد له بديل.. إلا أن الدواء يأبي ذلك ويتمسك بموقعه كشريك أساسي في الحفاظ علي صحة المواطن بل والإبقاء علي حياته من عدمه بعد مشيئة المولي عز وجل.
ومن هنا امتدت قضيته لتصبح لها الأولوية عبر العصور ولاسيما أنه يشوبها الكثير من العوار في منظومتها وأخطرها الغش والندرة خاصة إذا وجدنا أنفسنا في مواجهة بيزنس لتجارة الأدوية المغشوشة حجمه يفوق4 مليارات جنيه وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية.. ناهيك عن اختفاء بعض العقاقير لاسيما تلك التي لا يوجد لها بدائل.. صيحة تحذير تطلقها قضية الإسبوع لإصلاح المنظومة الدوائية بكل مفرداتها ونضع الحقائق أمام المسئولين لعلها تجد استجابة عاجلة, حتي لاتكون حياة المريض ثمنا لكبسولة دواء مغشوشة أو لا يستطيع العثور عليها.. فالموت في الحالتين حقيقة مؤكدة.
الغش محلي ومستورد
تحقيق:محمد القزاز
ليس في غيبة, بل عن علم, بات غش الدواء يقع تحت بصر وعلم المسئولين, سواء في وزارة الصحة, أو وزارة الداخلية, بات الكل يعلم أين يتم غش الدواء, وأين يباع, بات الكل يعلم ولا يتحرك, وكأن المسئولين في الدولة يريدون مزيدا من القتلي, بصمتهم وتجاهلهم.
الحكومة تعلم أن دواء مهربا مجهول المصدر يباع بأضعاف سعره في سلاسل الصيدليات وتصمت, الحكومة تعلم أن فوارغ الدواء لا يتم إعدامها في المستشفيات, ويعاد ملؤها بمواد قاتلة وتصمت أيضا..تماما كما تعلم أماكن تصنيع الدواء المغشوش في نبروه والمطرية دقهلية وأبو النمرس وامبابة وغيرها وتصمت, فلا حملات تفتيشية علي الصيدليات أو المخازن أو شركات توزيع الدواء, إنه الصمت القاتل أيتها الحكومة!!
فطبقا لآخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية فإن غش الدواء وصل إلي نحو20% من حجم مبيعات السوق المصرية!!
وتشير منظمة الصحة العالمية إلي أن أنشطة تزييف الدواء تبلغ ذروتها في الأماكن التي توجد فيها أضعف آليات التنظيم والإنفاذ مثل كثير من البلدان الإفريقية وأجزاء من آسيا وأمريكا اللاتينية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية قد تشكل الأدوية المزيفة نسبة أعلي بكثير من الأدوية المطروحة للبيع..ولا يقتصر الأمر علي التفاوت الواسع بين المناطق الجغرافية من حيث نسبة الأدوية المزيفة بل يمكن أن يكون هناك تفاوت واسع داخل البلدان, كالتفاوت بين المناطق الريفية والحضرية وبين مختلف المدن.
صرخات مؤلمة انطلقت من المعنيين بالدواء في مصر, محذرين من خطورة استمرار الوضع علي ما هو عليه, فها هو د. هاني إمام عضو مجلس النقابة العامة لصيادلة مصر, يقول إن سوق الدواء في مصر بلغت حدا لا يمكن السكوت عليه, وأن هناك أصنافا عديدة يتم غشها سواء في السوق المحلية ومصانع( بير السلم) أو من خلال الاستيراد. ويرصد عددا من الأصناف المغشوشة, ومنها علي سبيل المثال: الألبيومين, مضادات الاوجمنتين والكلافوران, وأدوية السكر داياماكرون- وكذلك أدوية القلب والامراض المزمنة بليفكس.
والأخطر هو غش دواء الألبيومين, حيث يتم أخذ عبوات الالبيومين الفارغة من المستشفيات و يتم ملؤها بمواد شبيهة بالالبيومين, وهي في الأساس عبوات منتهية الصلاحية, حيث يتم تخفيف عبوات الالبيومين بمحلول ملح, كل عبوة سليمة يتم تخفيفها الي عشر عبوات مخففة, أو يضع سافلون أو ديتول وبمجرد أخذه في الحقن الوريدي يموت المريض خاصة ممن لديهم استسقاء وازمة الألبيومين تكمن في ارتفاع ثمنه وأنه غير موجود ومطلوب بكثرة في مصر. أما أنواع الغش فيصنفها د. هاني في استبدال الفيلات رخيصة الثمن بأخري غالية الثمن لنفس الشركة مثل المضادات الحيوية التي يكون فيها شكل الغطاء لكل منتجات الشركة واستبدال اللاصقة الرخيصة بالغالية, وهنا قد يكون الضرر ضعيفا ولن يأتي بنتيجة, والثاني أن يأتي بنفس شكل القرص والعبوة ويتم تصنيعه في مصنع' بير السلم' وهذا النوع لن يأتي بالفائدة بل قد يكون الضررمنه كبيرا.. أما النوع الثالث لغش الدواء فهو إنتاج أصناف غير مسجلة وغير موجودة بالسوق المصرية علي الإطلاق وهذا النوع يكون من خلال الإتفاق مع الأطباء ومخازن الدواء, إضافة إلي ذلك كل الأنواع المعروضة في الفضائيات حيث أنها مجهولة المصدر ولم تسجل ولم يتم تحليلها ومنها أدوية الترامادول, حيث انتشر غشها بكثرة وذلك بسبب الإقبال عليها.
سبل الوقاية
ويري د. هاني أن الحل هو أن تقوم وزارة الصحة بعمل إدارة تابعة للإدارة المركزية للشئون الصيدلية لمتابعة ما بعد البيع علي أن تكون مهمتها الأساسية أخذ عينات عشوائية بعد البيع وبعد طرحها في الأسواق من الصيدليات ومخازن الأدوية وشركات توزيع الأدوية, إضافة إلي تشديد الرقابة علي سلاسل الصيدليات لأنها من أكبر الأماكن لتهريب الأدوية مجهولة المصدر, وكذلك تشديد الرقابة علي المستشفيات في إعدام فوارغ زجاجات الهيومن البيومن, والعمل علي تشكيل لجنة في كل مستشفي لإعدام الفوارغ, وعمل حملات تفتيشية علي الأماكن التي تنتج أصناف تحت السلم خاصة نبروه التي تنتج نحو60% من الدواء المغشوش.
الدكتور عادل عبد المقصودرئيس شعبة أصحاب الصيدليات بالغرفة التجارية أكدوجود العديد من الأدوية' المغشوشة' يتم تداولها في السوق المصرية, إما أنها دون مادة فعالة نهائيا أو أن المادة الفعالة بها قليلة جدا, وفي كل الأحوال فهي تدخل من بلاد الشائع عنها التزييف مثل الصين والهند, مما دفع العديد من ضعاف النفوس إلي الدخول في منعطف مصانع بير السلم.
ويري د. عبدالمقصود أن سبب المشكلة هو التوسع غير السليم وعدم الرقابة الصارمة علي الوسيط وهي مخازن الأدوية التي يمتلك الكثير منها أفرادا بعيدين كل البعد عن مهنتي الطب والصيدلة ممن يشكل الربح بالنسبة لهم الهدف الأساسي, وكذلك ضعف الرقابة وعدم وجود آلية مناسبة في تنفيذ القوانين المنظمة لذلك, إضافة إلي عدم التنسيق بين كافة الأجهزة المعنية للتعاون فيما بينها لمحاولة القضاء علي هذه الظاهرة, وعدم مراقبة الفوارغ داخل المستشفيات العامة والخاصة والتي أصبح لها قيمة الآن لمصانع بير السلم.
ومن أهم الأسباب أيضا- كما يشير د. عادل انتشار ظاهرة الخصومات داخل الصيدليات من خلال شراء هذه الأدوية من تلك المخازن حيث ان القانون مرخص لها بالبيع وكذلك هناك بعض المكاتب العلمية التي تلعب دورا كبيرا لتحقيق الخطة التسويقية خاصة للأدوية غالية الثمن من خلال البيع للعيادات والمراكز دون رادع من القانون..ومن الظواهر الخطيرة أن الغش وصل إلي أدوية غالية الثمن جدا مثل أدوية السرطان والكبد والفشل الكلوي وأغلبها يقوم اصحاب الأدوية المغشوشة ببيعها لمراكز علاج هذه الأمراض, حيث يقوم المركز بإعطائها للمريض دون رقابة, وكذلك مخازن الأدوية التي سمح بفتحها في الفترة الاخيرة وبدأت في البيع مباشرة للجمهور وبسعر أقل من سعر المستهلك, ودخول فئة ليست من أصحاب المهنة مستعينة بأسماء بعض الصيادلة, هدفهاالحصول علي أعلي ربحية إذا عرض عليها دواء بسعر بخس لا تتردد في شرائه دون البحث عن مصدره وصلاحيته.
المهدئات مجهولة المصدر
والكارثة الكبري كما يري د. عادل هي انتشار ظاهرة تعاطي الشباب الأدوية المؤثرة علي الحالة النفسية المهدئة والمخدرة, حيث أعطي ذلك فرصة أخري لظهور مافيا جديدة, إما أنها تقوم بالشراء مباشرة من ضعاف النفوس, أو تقوم بتقليد تلك الأصناف محليا أو من البلاد التي سبق ذكرها ودخولها البلاد بكميات كبيرة, وظهر ذلك من الجهد الكبير للداخلية في ضبط كميات من الأدوية المخدرة قبل نزولها السوق المصرية ولكنها مستمرة, فبعض مراكز علاج الإدمان تقوم بإعطاء المرضي أدوية ليست فقط مجهولة المصدر بل مغشوشة مدعين أنها من الولايات المتحدة الامريكية أو البلاد المرجعية( الدول الأوروبية) وهي لا تمت لهذه الدول بصلة إطلاقا, علما بأن القانون نظم تداول تلك الأصناف علي أن تسوق وتباع من جهة واحدة طبقا للقرار الوزاري رقم485 من خلال الشركة المصرية لتجارة الأدوية وفروعها المنتشرة, وبالرجوع للشركة للاستفسار عنها لا نجدها في قاعدة بياناتها مما يعني تهريبها من المنافذ الجمركية إلي البلاد.
قانون فضفاض
د. أشرف المكاوي عضو مجلس نقابة الصيادلة قال إن قانون الصيدلة فضفاض يشجع علي الغش, والإتجار بالدواء له خمس طرق لم يحفظ المشرع للصيدلي حقه فيهم إلا في الصيدليات العامة وترك الصناعة والتوزيع والمخازن والمستودعات لغير الصيدلي فجعل الدخلاء والباحثين عن التربح يدخلون المنظومة الصحية دون أن يعرفوا قيمة الدواء, ولا آثار غشه علي المواطنين.
وأضاف د. أشرف أن مصر محتلة دوائيا لأننا ليس لدينا مواد خام وبالتالي نعتمد بالكامل علي الاستيراد من الخارج, فيصبح الهدف لمن يتعامل في صناعة الدواء أو استيراده هو البحث عن الأرخص, وبالتالي البحث عن المغشوش, أضف إلي ذلك أن منظومة التفتيش روتينية لاتشمل إلا المنشآت المرخصة بالفعل, ومن يغش الدواء هو بالقطع ليس منشأة مرخصة وليس عليه رقابة.
20 % من حجم الدواء مغشوش
الرقم الموجود في دراسات وزارة الصحة وغرفة الصناعة يشير إلي أن10% من الدواء المتداول في السوق المصرية مغشوش, ولكن الحقيقة أنه أكثر من20% كما يشير تقرير منظمة الصحة العالمية, وإذا كان حجم تجارة الدواء في مصر24 مليار جنيه, فإننا نتحدث عن نحو أكثرمن4 مليارات جنيه دواء مغشوشا. لأن كل دواء يختفي من السوق سيكون له بديله المغشوش, ومع أزمة النواقص التي وصلت إلي أكثر من400 صنف في مصر وظهور إعلانات التليفزيون غير المرخصة, أصبح العرض والطلب ما بين المريض المصري هو الدواء المغشوش.
أمابالنسبة للدواء المحلي, فمعظمه عبارة عن أدوية منتهية الصلاحية يعاد تدويرها من خلال شرائها من الصيدليات عن طريق مافيا غش الأدوية وطرحها بتاريخ جديد أو بتركيبة جديدة, ولم يحدث ذلك إلا حينما تركت الدولة مسئوليتها تجاه المريض والصيدلي وتنحت الشركات عن مسئوليتها عن إرجاع الأدوية المنتهية وإعدامها, فأصبحت مصر مرتعا لكل من يريد أن يفعل ما يشاء.. وهذه الأزمة برزت تحديدا عام2001 مع ظهور سرطان شركات التوزيع والمخازن, فأصبح الكل يلقي بالمسئولية علي غيره وأصبح الصيدلي ما بين المريض والشركة ليس لديه قانون يحميه وليس لديه تصريف للدواء إلا الشارع..أما أشهر أماكن غش الدواء فهي سلاسل الصيدليات والمخازن غير المرخصة الموجودة في كافة شوارع مصر, وبعض الصيدليات التي ترخص لغير صيادلة.
..والبديل أزمة حقيقية
تحقيق:نيرمين قطب
'هذا الدواء ناقص في السوق' لعلها أكثر جملة يكره المريض سماعها خاصة اذا كان يملك ثمن هذا الدواء ومع ذلك لا يجد له مثيلا او بديلا.. أي عقاقير أخري تحمل نفس المادة الفعاله ولكن بأسماء تجارية مختلفة, فيبدأ المريض رحلة البحث عن البدائل التي أصبحت أيضا غير متاحة, إلا أن وزارة الصحة تنفي ذلك مؤكدة توافر جميع أصناف الدواء وبدائلها ماعدا صنف واحد فقط من الحقن برغم إرسال نقابة الصيادلة نشرات بنقص300 صنف دواء ومجموعة منها لايوجد لها بديل.. السطور التالية تحمل التفاصيل.
وأسباب أزمات النقص المتكررة من فترة إلي أخري معروفه للجميع ومنها انخفاض المستوي الائتماني لمصر وعدم تحريك أسعار بعض العقاقير مما يسبب خسائر تؤدي الي توقف إنتاجها وغيرها من الأسباب التي تبدو معروفة للجميع ولكن لا إرادة حقيقية لحلها.
أما الصيادله فيحددون الأصناف التي تعاني من نقص شبه دائم ومنذ عدة أشهر في الملينات بجميع أصنافها والتي أكدوا عدم وجود بدائل أو مثائل لها, كذلك مستحضرات المحاليل الخاصة بالعناية المركزة والدواء الخاص بعلاج الغدة الدرقية والألبومين وهو الداوء الخاص بعلاج مرضي الكبد ونوع من الحقن الخاصة بمرضي دوالي المرئ ونقص في جميع صبغات الأشعه.
الدكتور محمد رمضان عضو النقابة العامة لصيادلة مصر ورئيس لجنة الخدمات يقول إن السبب الأول في نقص العديد من الأدوية في السوق المصرية إنما يرجع إلي عدم تحريك أسعار هذه العقاقير والتي تباع بأقل من سعر التكلفة مما يسبب خسائر فادحة للشركات المنتجة وبالتالي تتوقف عن الإنتاج فسعر الدولار يرتفع وبالتالي المواد الخام المستوردة فكيف تحقق الشركات توازنا يوفر لها أي هامش من الربح بينما ترفض وزارة الصحة زيادة بعض الأسعار جنيها أو اثنين فقط ؟ بينما معظم هذه العقاقير تنتج في شركات قطاع الأعمال وأسعار المنتجات المنافسها لها مضاعفة فعلي سبيل المثال أحد أدوية الملينات الذي تنتجه شركة قطاع أعمال سعره جنيها ونصف بينما ما يقابله من إنتاج شركة خاصة سعره عشرة جنيهات وبسبب الخسائر توقف إنتاجه منذ ستة أشهر فلماذا لا يرفع السعر قليلا فيحقق أرباحا ويتوافر للمريض المصري دواء بسعر أقل؟وأضاف:'هناك تحريك لأسعار بعض الأصناف ولكنه غير مدروس ويتم بناء علي أهواء شخصية'
أسباب النقص
ويري رئيس لجنة الخدمات أن هذه السياسه تمثل عبئا علي المواطن المصري وتعنتا من وزارة الصحة مما يفتح الباب أمام الأدوية المستوردة والمهربة من الخارج فتسعير الدواء بصفة عامة يحتاج إلي إعادة نظر سواء في التسعير الذي وضع في5002 و كان لصالح شركات الدواء لأنه حدد السعر بأقل من الأسعار العالمية ب01% ومن المعروف أن أي دواء جديد يكون سعره مرتفعا جدا وهذا يعني أن الأسعار لن يتحملها إلا طبقات معينة بينما التسعير القديم يربط سعر الدواء بسعر المادة الفعالة العالمية ويعطي هامش ربح متواضع للمنتج ولكن هذا الأسلوب لا يتم خلاله مراجعة الأسعار فنجد عقاقير لم يرفع سعرها منذ03 عاما!!
وضرب مثالا بالدواء الخاص بمرضي الغدة الدرقية والذي وافقت لجنة التسعير علي رفع سعره من3 الي5 جنيهات, بينما رفضت وزارة الصحة هذا القرار بالرغم من نقص هذا الدواء منذ عدة أشهر..أما ما يحدث في كواليس سوق الدواء من ممارسات تعتمد علي العلاقات و المصالح فهو أيضا واحد من أسباب أزمات نقص الدواء المتكررة فكما يوضح عضو نقابة الصيادلة هناك اساليب تنتهجها بعض الشركات الموزعة للدواء لتجبر الصيادلة علي شراء عقاقير لا يحتاجها المرضي في مقابل الحصول علي النواقص, حيث يتم الإتفاق بين الشركات المنتجة والموزعة علي شراء كميات كبري من الدواء تحقق الربح المنشود للشركة, حيث تفضل هذه الشركات أن تتعامل مع شركة واحدة مباشرة بدلا من أن تتعاون مع العديد من الصيدليات ولكن ما يحدث علي أرض الواقع أن هذه الشركات توجه كل الكميات الي المخازن الخاصة أو الصيدليات الكبري في مقابل حصول هذه الاماكن علي كمية من الأصناف الناقصة من السوق وبالتالي تتحكم هذه المخازن و الصيدليات في السوق والصيدليات الأخري الأصغر خاصة فيما يتعلق بنواقص الأدوية..وأكد أن هناك نحو002 دواء ناقص من السوق المصرية منها كل ادوية علاج الكبد والملينات وجزء كبير من مدرات البول و ألبان الاطفال المدعمة والتي تحصل فيها كل صيدليه علي كوتة تبلغ01 علب في الشهر والتي لا تكفي طفلا واحدا فقط خلال هذه المدة, بالإضافة إلي كل عقاقير' الانتي كانسر' والذي يأتي في الأساس مهربا من الخارج وغسول الأنف كله خاصة غسول أنف الأطفال.
ويري رمضان أن الحل في إنشاء مجلس أعلي للدواء يقود منظومة الدواء في مصر ويكون علي اتصال مباشر مع رئيس الوزراء و يفضل أن يكون المسئول عنه صيدلي لأن الصيادلة هم الأقرب إلي فهم قضايا الدواء في مصر ويقترح أن تنشأ لجنة لإدارة الأزمات وإدارة النواقص بحيث تتأكد من وجود مخزون من الدواء يكفي6 اشهر وتسعي لتوفير هذه الكميات بشكل مستمر فأزمة الدواء متواجدة دائما.
أما الدكتور محمد عبد اللطيف عضو النقابة العامة ورئيس لجنة الصناعة بنقابة الصيادلة فيؤكد وجود نحو435 صنفا دوائيا يخسر بسبب عدم تحريك الاسعار التي مضي علي سعر بعضها05 عاما, فهناك أدوية الشريط منها يبلغ سعره52 قرشا فقط وهذه الأصناف إذا تم رفع أسعارها بشكل يحقق لها أرباحا سوف تحقق توفيرا للكثير من الأصناف الناقصة في السوق وسوف تظل أسعارها أقل من العقاقير المنافسة لها في السوق والتي تمتاز بأسعار مرتفعة جدا بالفعل..ويري أن بعض العقاقير التي يتم استيردها من الخارج يجب تصنيعها في مصرالآن حتي لا نقع تحت سيطرة الشركات العالمية وكذلك أسعار العملات الصعبة فدواء مثل الالبيومين يجب أن يصنع في مصر وأن تسعي الحكومة لإنشاء مصانع متطورة لإنتاجة حيث إن احتياجاتنا منه سنويا تبلغ مليون زجاجة بينما ما يتم توفيره من خلال الاستيراد008 الف فقط!! ولذلك نجد تقريبا كل ثلاثة أشهرأزمة في هذا الدواء بينما انتاجه محليا سوف يوفر ربحا عاليا وصمام أمان لمرضي الكبد في مصر وتوفيرا للعملات الصعبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.