الركاب: بنشوف الموت كل يوم ومفيش أي حملات للشرطة الصحة: المخدرات تؤدي لشلل وبطء الجهاز العصبي وفقدان للوعي »اللي اختشوا ماتوا».. في عز النهار وعيني عينك يمارس السائقون هواياتهم المفضلة في »تعمير» الدماغ وشرب الكيف.. لكن هذه المرة اثناء القيادة بدلا من الغرز والحارات الضيقة البعيدة عن الاعين..رفع السائقون شعار »احنا الحكومة» واللي مش عاجبه يشرب من البحر! حالة من الرعب تسيطر علي ركاب الميكروباصات خوفا علي مصيرهم وهم بين يدي سائق يتعاطي الحشيش وهو يقود الميكروباص.. »الأخبار» ترصد التجربة المريرة علي طرق مصر وتسأل: أين الجملات الأمنية لضبط السائقين متعاطي المخدرات؟ وتحديداً الادارة العامة للمرور؟! أمام مستشفي الجلاء بشارع الجلاء الموازي لشارع رمسيس اصوات السائقين تتعالي »حصري حصري» في اشارة إلي الركاب المتجهين إلي مدينة السادس من اكتوبر ومن هنا كانت البداية إلي جولة نكشف فيها أسرار امبراطورية الكيف التي تتحكم في عفاريت الاسفلت، قررنا ان نقوم بمغامرة وتصوير السائقين وهم يتعاطون المخدرات اثناء القيادة في »عز الضهر»، اتجهت إلي الكرسي الامامي الذي يقع بجوار السائق كانت عقارب الساعة تشير إلي الواحدة ظهرا فمع انتهاء السائق من »تحميل» الميكروباص بدأنا في التحرك من خلال شارع 26 يوليو مرورا بميدان لبنان وعند مطلع المحور كانت المفاجأة أن السائق بدأ يخرج من »محفظته» قطع الحشيش ثم »ورق البفرة» ثم بدأ في استخدام »الولاعة» في عملية حرق الحشيش ثم وجدت شخصاً آخر ينضم الينا من بداية المحور وبدأ في عملية »فرك» الحشيش و»لف» السيجارة ورغم ان رائحة الحشيش قد سيطرت علي الميكروباص بالكامل الا ان الركاب لم يتحدث منهم أحد وبدأ السائق في تعاطي »سيجارة الحشيش» اثناء القيادة دون اي علامات رعب تسيطر علي وجهه او خوف من وجود كمين للمرور ومع الاقتراب من مدينة زايد وانتهاء المحور وجدت السائق يقول لزميلة »الحشاش»: »فوق بقي عشان هنا فيه لجنة قدام هايبر» وهذا ما يؤكد ان السائقين حفظوا الاماكن الثابتة وهو ما يدعونا جميعا لاعادة النظر في الكمائن الثابتة مرة اخري. الركاب يستغيثون بعد ذلك انتقلنا إلي احد الاكمنة بميدان الجيزة لرصد تعامل رجال المرورعلي الطبيعة مع السائقين ومعرفة رأي الركاب في انتشار ظاهرة تعاطي السائقين للمخدرات في عز الضهر.. في البداية أكد احد المصادر الأمنية الموجودة في الكمين ان كل رجال المرور يقومون بدورهم في ضبط اي سائق يتناول اي مخدر علي الطريق من خلال تحليل فوري أولي يتم في الكمين ثم بعد ذلك ترسل العينة إلي معمل اخر مشيرا إلي ان التحليل يشمل المواد المسكرة والحبوب المخدرة ونباتات البانجو ومخدر الحشيش مؤكدا ان الفترة الماضية شهدت تراجع عدد السائقين المدمنين بسبب استمرار الحملات المرورية مطالبا باستمرار الحملات الإعلامية لتوعية السائقين بخطر المخدرات. بعد ذلك تحدثنا مع الركاب فيقول احمد علي - موظف - انه يستقل المترو في جميع تنقلاته داخل القاهرة منذ فترة بعدما فقد الثقة تماما في اي ميكروباص مشيرا إلي انه تعرض إلي موقف رأي الموت بعينيه اثناء توجهه إلي المعادي من الدائري حيث كان السائق في حالة سكر وأخذ يسير بجنون يمينا ويسارا علي الطريق وحاول الركاب مطالبته بالتوقف لكنه لم يبال ولم يخفض صوت الاغاني. »بننطق الشهادتين» ويضيف عصام حامد - طالب - انه من محافظة بني سويف ويسافراسبوعيا من القاهرة إلي بني سويف والعكس وفي احد الايام كان مسافرا من بني سويف إلي القاهرة في ميكروباص في الساعة الواحدة ليلا مشيرا إلي انه وجد السائق يقوم بإخراج سيجارة من باب الميكروباص قام باشعالها وبعد ثوان سيطرت رائحة الحشيش علي الميكروباص بالكامل تحدثت معه احدي السيدات وقالت له »رائحة السجاير بتعمللي حساسية »فرد قائلا» »لاء يا حاجة دي حشيش مش سجاير» وهنا اندهش الجميع وتوقع البعض انه يمزح ثم اخد يسرع بجنون ويعلي من صوت الكاسيت كل فترة حتي ذهب إلي إخذ الاستراحات وقام »بالاستفراغ» من كثرة المخدر ثم قام بغسل وجهه بمياه مثلجة حتي يستفيق. وفاة السائق يسترجع محمود عبد العزيز الذكريات الأليمة قائلا: »كان اخي متوجها إلي زهراء مدينة نصر ومنذ اللحظة الاولي من التحرك وجمع الاجرة وجدنا السائق لا يتجاوب معنا ولا يرد علينا ويضحك باستمرار دون وجود اي سبب للضحك.. فقام الركاب بالحديث: »معه» في ايه يا »أسطي»؟ فرد بابتسامة عريضة» ايه يا جدعان انتوا مستكترين عليا اضحك ولا ايه انتوا عالم نكد.. ثم قلل من سرعته واخذ يسير ببطء للغاية في ظل اندهاش من الجميع حتي صرخ البعض: »ورانا شغل يا اسطي» فعاد للضحك بهستيريا قائلا: »هو انت يعني شغال في السفارة يا معلم اهدي شوية».. بعد دقائق قليلة اصطدمت بنا احدي سيارات النقل الثقيل من الجانب الايسر واصطمت رأس السائق بعمود الباب الايسر للميكروباص فتوفي في الحال واصيب بعض الركاب ايضا مؤكدا منذ هذا اليوم وهولديه فوبيا من الميكروباصات ولا يريد ان يري اي ميكروباص في الشارع مشيرا إلي ان المرور يتحمل جزءا كبيرا مما يحدث من قيادة الميكروباصات تحت تأثير المخدرات. »بنشوف الموت بعنينا» وتضيف هانم أحمد - موظفة - أتوجه كل يوم من ميدان الجيزة إلي المنطقة الصناعية باكتوبر من أجل الذهاب لعملي في احد المصانع واصبحت أري هذا المشهد المخيف بشكل كبير فالسائق بمجرد ان يقوم بتجميع »الاجرة» من الركاب يقوم بتدخين سيجارة ثم نشم رائحة »المخدرات» وبعد ذلك نجد السائق يقوم بتشغيل أغاني شعبي بصوت عالي ويتراقص علي الطريق شمالا ويمينا بشكل جنوني ومع كل »غرزة» نشعر اننا سنفارق الحياة »بنشوف الموت بعنينا» مضيفة اننا مجبرون علي ان نتعامل مع هذه النوعية من السائقين لاننا لا نجد بديلا »مجبرين» ونرغب في الذهاب لعملنا بدري من اجل لقمة عيشنا مؤكدة انها تطالب الامن بعمل حملات علي الطرق حتي تكون الحملات رادعة و»مخيفة» لكل السائقين الذين يتعاطون المخدرات. بعد انتهاء جولتنا التي رصدنا فيها بالفيديوهات تعاطي المخدرات اثناء القيادة في عز الظهر اتجهنا إلي تأثير المخدرات علي الجهاز العصبي للسائق فيقول د. مدحت الباروجي أخصائي طب الطواريء والعناية المركزة ان تناول المخدرات بكافة أنواعها يؤدي إلي شلل وبطء الجهاز العصبي فيحدث المخدر حالة انفصال بين الجهاز العصبي والجهاز الحركي للسائق المتعاطي للمخدر فتصبح الاشارة الخارجة من المخ إلي الجهاز الحركي بطيئة فيصبح عامل الزمن والمسافة بطيئا للغاية عند السائق فعندما يريد ايقاف الميكروباص من الضغط علي »الفرامل» سيتم الضغط علي »الفرامل» بعد حدوث كارثة موضحا ان تأثير المخدر نوعان النوع الاول الذي يسبب الاستثارة للجهاز العصبي من خلال تناول الكوكايين والانفتامين حيث يعطي احساساً للسائق وكأنه في سباق علي الطريق فلابد ان يسير بسرعة جنونية وهو ما يسبب الحوادث اليومية المتكررة التي نراها علي الطريق. هبوط الجهاز العصبي ويضيف د. الباروجي ان النوع الاخر من المخدر وهو الترمادول والابتريل وهو ما يسبب هبوطا للجهاز العصبي فهو ينشط الجهاز العصبي لفترة تصل إلي 6 ساعات ثم يحدث هبوط للجهاز العصبي ويستخدمه الشخص المدمن من اجل ان يكون يقظا في فترات عمله حيث يستخدمه السائقون فهو متداول علي المستوي الشعبي مشيرا إلي ان مخدر الحشيش هو الاخر يتسبب في حالة مزاجية تعطي شعوراً بالنشوة والسعادة ويتخيل السائق اشياء ليست موجودة علي ارض الواقع مما يجعله يسير بسرعة جنونية وهذا النوع من الاسباب الرئيسية لحوادث الطرق في مصر. اما عن مواجهة هذه الظاهرة أمنيا فيؤكد اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الاسبق ان ظاهرة تعاطي المخدرات علي الطرق السريعة والداخلية أمر خطير ينبغي ان تتكاتف جميع اجهزة الدولة من أجل التصدي له مؤكدا ان الادارة العامة للمرور مسئولة مسئولية مباشرة عن ضبط السائقين الذين يتعاطون المخدرات علي الطرق السريعة كما أن ادارات المرور التابعة لمديريات الامن مسئولة عن الطرق الداخلية في المحافظات مشيرا إلي انه لا بد من تنشيط الحملات المرورية واجراء تحاليل للسائقين علي الطرق مع تغيير أماكن الاكمنة الثابتة لانها معلومة للسائقين مؤكدا ان القانون أصبح رادع للغاية بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون المرور بالقانون رقم 66 لسنة 1973، ونصت المادة الأولي من القرار علي »يستبدل بنص المادة 76 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، بالنص الأتي: يُعاقب كل من قاد مركبة وهو تحت تأثير مخدر أو مُسكر بالحبس لمدة لا تقل عن سنة وإذا ترتب علي القيادة تحت تأثير مخدر أو مسكر أو السير عكس الاتجاه إصابة أو أكثر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه». تغليظ العقوبة ويضيف اللواء نور الدين وعلي الرغم من تغليظ العقوبة الا ان نسبة ضئيلة جدًا من سائقي النقل هم من يمتنعون عن تناول المخدرات أما البعض الآخر فيري في ذلك ضرورة برغم أنها تساعد علي القيادة بتركيز أعلي مؤكدا ان الكرة الان في ملعب وزارة الداخلية من اجل زيادة الاكمنة المتحركة وحملات تحليل المخدرات علي الطرق السريعة والداخلية. إلغاء الرخصة ويشير اللواء طارق حماد مساعد وزير الداخلية الاسبق انه ينبغي علي اجهزة الامن العام الاشتراك مع ادارات المرور لشن حملات مكثفة علي جميع الكافتيريات علي الطريق الزراعي لانها اصبحت غرزاً لبيع المخدرات وتعاطيها مؤكدا انه لا بد ايضا عمل تحليل دم لجميع المتقدمين للرخصة الخاصة قبل الاختبار حتي يتأكد ان الشخص المتقدم للحصول علي رخصة قيادة لا يتعاطي اي نوع من انواع المخدرات مضيفا انه لا بد من الغاء رخصة قيادة اي شخص اثبت بالتحاليل تعاطيه للمخدرات مع احالته للجنايات حتي يكون عبرة لكل من تسول له نفسه ان يتعاطي المخدرات مشيرا إلي انه لا بد من تحليل مخدرات بشكل سنوي ويتم من خلال انشاء ادارة طبية تابعة للمرور من خلال مراكز فنية متخصصة يتم تعيين فيها ضباط متخصصين مع الاستعانة بالانظمة الدولية للقيادة. ويؤكد د. عادل عامر مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية ان الحوادث المتكررة التي نشاهدها يوميا تعود إلي عنصرين أساسيين أولهما تعاطي السائقين للمواد المخدرة مما يؤثر بالسلب علي فقدانهم التركيز أثناء القيادة أما السبب الثاني ويتمثل في عدم إتباع السائقين للإرشادات المروية أثناء القيادة مما يعرض حياتهم وغيرهم من المواطنين للموت مشيرا إلي انه بالرغم من تغليظ العقوبة علي متعاطي المخدرات أثناء القيادة حيث تصل إلي الحبس لمدة لا تقل عن سنة.