كثيرة هى حيل المصريين للتحايل على القانون، فاللجان التى وضعتها وزارة الداخلية على الطرق لتحليل دم سائقى النقل والميكروباص من أجل الوقوف على حقيقة تعاطيهم المخدرات من عدمه، تم اختراع وسائل لمواجهتها حتى تظهر النتيجة سلبية، ومن ذلك تناول «حبوب منع الحمل» أو العسل مع اللبن، حتى لا تظهر آثار الترامادول فى دم المتعاطين وتخرج نتيجة تحليل الدم سلبية! وفى البداية يقول سمير خشب، وهو فى الخمسينيات من عمره ويعمل سائق أتوبيس «سوبر جيت» بين القاهرةوأسوان، أن سائقى سيارات الميكروباصات والنقل هم سبب أزمة حوادث الطرق خصوصًا فى الأيام الماضية، فحادث «الكوامل» فى سوهاج الذى راح ضحيته 14 طالبة جامعية وقع نتيجة تجاوز سائق سيارة الميكروباص السرعة المسموح بها، وبالتالى فقد السيطرة على سيارته عندما حاول أن يتجنب سيارة نقل، كما أن حادث طلاب البحيرة الذى راح ضحيته 18 طالبًا واحتراق الأتوبيس وقع بسبب سيارة نقل مواد بترولية، ثبت أن سائقها كان يتعاطى الحشيش والترامادول معًا. وأضاف «خشب» ل«الصباح» أن من أسباب لجوء السائق لتعاطى المخدرات هو طول المسافات والعمل لساعات طويلة، فطريق القاهرةأسوان يتخطى 1200 كم، وهذه العقاقير (يرفض السائق تسميتها «مخدرات») تساعد السائقين على تحمل مشاق العمل وطول السفر، ومن أكثر العقاقير التى يتناولها السائق عقار «التامول» المخصص أصلًا لتسكين آلام العظام، أما الترامادول فيتعاطاه السائق عندما يصل إلى مرحلة الإدمان بعد تعاطى «التامول» لفترات طويلة وبكميات كبيرة تزداد بمرور الوقت لإحداث نفس التأثير، حيث إن تأثيرها يتناقص تدريجيًا فى جسم المتعاطى. وأوضح السائق أن من بين أنواع الترامادول يشتهر بين السائقين الترامادول الأبيض، ويكون تركيزه 200 أو 225، كما يوجد أيضا الترامادول الأحمر أو ما يسمى «الفراولة» لأنه يشبه لون ثمرة الفراولة، وهو يباع بالحبة، والواحدة يطلق عليها «فردة» والعلبة منه تحتوى على 100 قرص وبها 10 أشرطة فى كل شريط منها عشر حبات. من جانبه، أكد أحمد عبدالله، سائق نقل ثقيل، أن مخدر الحشيش هو الأكثر انتشارًا، وهو يعد أهم أنواع المخدرات بين المتعاطين من سائقى النقل الثقيل. أما «البانجو» فيلجأ إليه السائق فى الحالات التى يعانى فيها من أزمة فى السيولة المادية - حسب تعبيره - لأنه أرخص بكثير من الحشيش، مشيرًا إلى أن تعاطى المخدرات ينتشر بشكل أكبر بين سائقى النقل الثقيل، ولكن لا يمكن بأى حال تعميم القاعدة على الجميع، لكن الكارثة هى أن بعض السائقين يتعاطى الحشيش والعقاقير الكيميائية أثناء القيادة على الطريق السريع، وهذا ما يسبب الكوارث على الطرق، رغم أن هذه الفئة قليلة، أما الفئة الأكبر من متعاطى المخدرات فإنهم يتناولونها وقت الراحة «للخروج من همومهم اليومية» على حد قوله. فيما اعتبر السائق محمد عنتر الشهير ب«أبو سلمى»، أن «التحاليل والاختبارات التى يتم إخضاع السائقين لها على الطرق السريعة، ليست هى الحل للقضاء على ظاهرة تعاطى المخدرات، ولكن الحل هو تشديد الإجراءات على منافذ البلاد لمنع تهريب المواد المخدرة من المنبع». وللسائقين حيل وأساليب للتخلص من آثار المخدرات فى الدم قبل إجراء التحاليل والاختبارات عليهم حتى لا تظهر النتيجة إيجابية، خاصة بعد أن شددت إدارة المرور إجراءات الكشف عن متعاطى المخدرات من السائقين عقب الحوادث الكبيرة والدامية التى راح ضحيتها العشرات مؤخرًا، وطريقة التخلص من أعراض كل نوع من المخدر تختلف من شخص إلى آخر، فالسائق الذى يتناول الحشيش لابد أن يقوم بتناول كميات كبيرة من «الحليب» لمدة 12 يومًا قبل إجراء التحاليل الطبية، أما باقى المخدرات مثل الأفيون والأقراص الكيميائية مثل الترامادول فيكفى معها تناول الحليب صباحًا لمدة 5 أو 6 أيام فقط، من أجل تلافى آثارها فى الدم فلا تظهر عند إجراء التحاليل على الطرق السريعة. واعترف «عبد المنعم. ج»، وهو أحد سائقى النقل الثقيل من مدينة المحلة، أنه تعلم أساليب الهروب من التحاليل الطبية من رفاقه فى الحبس بعد أن تم سجنه بسبب تعاطى المخدرات، موضحًا أن تناول كوب من العسل مخلوط باللبن مرتين صباحًا ومساًء لمدة 10 أيام يقضى على آثار الإدمان أيّا كان نوع المخدر سواء كان الحشيش أو البودرة (الهيروين) أو الترامادول، وأن بعض السائقين يضيفون على اللبن قليلًا من «الخل» بدلًا من العسل حتى لا تظهر النتيجة إيجابية، كما أن تعاطى «برشام منع الحمل» يزيد من سيولة الدم، وبالتالى يتخلص المدمن من آثار المخدرات، وتظهر نتيجة التحليل سلبية. وعن نقاط تعاطى السائقين للمخدرات أو «الغرز» كما يطلقون عليها، قال «عبدالمنعم» إنها متنوعة وممتدة على معظم الطرق، لكن أول نقطة للسائق هى «الموقف» الذى يعتبر نقطة البداية، أما باقى الأماكن فهى إما «مقاهى» على الطريق السريع أو «وصلات مقطوعة» على هذه الطرق، لا تصل إليها سيارات الشرطة أصلًا. وأوضح السائق أن المقاهى تعتبر استراحة لمتعاطى المخدرات، وأنه من خلال عمله على خط «شبرا - منوف» يعرف العديد من المقاهى التى توجد بالقرب من القناطر الخيرية على ضفاف النيل، وتتسم بالطابع الشعبى، وتستخدم جميعها فى تعاطى المخدرات، بل يباع فيها الحشيش وأقراص الترامادول لمن يريد، ومن هذه المقاهى واحدة تسمى «قهوة الأندلس» فى قرية «عزبة الصغير» الواقعة على الطريق الذى يربط بين بنها والقناطر، فهذه المقاهى الشعبية الموجودة على الطريق تعد إحدى أهم نقاط وأوكار تعاطى وبيع المخدرات فضلًا عن كونها استراحة ومنها قهوة «عروس المحلة» وهى من المقاهى التى تستخدم لهذا الغرض، حسب قوله. ولفت «عبد المنعم» إلى أنه بحكم خبرته فى مهنة القيادة وتعاطيه المخدرات منذ بداية عمله فى هذه المهنة، يستطيع أن يميز نوع نشاط القهوة من مكانها ومظهرها الخارجى، فالمقهى الذى يعد «غرزة» لتعاطى المخدرات يغلب عليه الطابع الشعبى والتطرف فى مكان منعزل، بالإضافة إلى وقوعه على مجرى مائى لكى يسهل التخلص من المخدرات حال هجوم الشرطة على الرواد. بينما كشف عادل جودة، سائق «سوبر جيت»، أن مدخل محافظة سوهاج، وتحديدًا الطريق بعد أسيوط مباشرة وهو يسمى « الطريق الموحد»، تعتبر من نقاط تعاطى المخدرات المعروفة فى جنوب الصعيد. أما بولس رشدى فأكد أن مقهى «الصعايدة» فى منطقة إمبابة، التى تقع فى «عزبة الصعايدة» بالتحديد، بالإضافة إلى مقهى آخر فى حى «ميت عقبة » بجوار نادى الزمالك يشتهر ببيع المخدرات وأقراص «التامول» والترامادول. من جانب آخر، قال الدكتور نبيل زكى، إخصائى التحاليل بأحد المعامل الخاصة، أن تناول اللبن مع العسل بعد الاستيقاظ مباشرة من النوم يساعد على تنظيف الدم من السموم، وكذلك اللبن مع البيض أيضًا، لافتًا إلى أن تناول السائقين حبوب «منع الحمل» مع اللبن أمر غير صحى وله جوانبه الضارة لكنه يساعد على زيادة نسبة السيولة فى الدم، وهو ما يعطى نتيجة أسرع فى تنظيف الدورة الدموية من السموم والعقاقير المخدرة التى يتعاطاها هؤلاء السائقون، ولكن هذه الحبوب (منع الحمل) قد تؤدى إلى الإصابة بالسرطان نظرًا لحدوث اختلال فى نسب الهرمونات فى جسم المتعاطى.