تشير الدلائل والاحصائيات الأولية للحملات التي تنظمها ادارة مرور الدقهلية بالتعاون مع مديرية الصحة إلي أن هناك حوالي 40% من سائقي النقل والأجرة يتعاطون المخدرات ويقعون في براثن الادمان العصري اللعين لعقار الترامادول. تبدأ المأساة كما أشار بعض السائقين كنوع من المحاكاة أو اظهار الرجولة والتباهي أمام الآخرين بنصف حبة وتنتهي بالادمان الذي يؤدي مع مرور الوقت إلي التأثير المباشر علي مراكز المخ الهامة وحدوث اضطراب في كيمياء وكهربة المخ الأمر الذي يعجل بحدوث نوبات الصرع والتشنجات ومن ثم فلم يعد الأمر مدهشا في ان تحتل مصدر صدارة دول العالم في حوادث الطرق ونزيف الاسفلت الذي يسفر عنه سقوط 100 ألف قتيل وجريح سنويا. * أحمد المتولي سائق منذ أكثر من ربع قرن أشار إلي أن هناك بعض السائقين يتعاطون المخدرات وحبوب الترامادول كنوع من أنواع التفاخر خلال جلساتنا الجماعية وفي رأيي ان هذا الأمر يحدث نتيجة عدم الوعي الكافي وعدم ادراك مدي المسئولية عن حمل أرواح بداخل السيارة وأنا أحيي هذه الحملات واطالب بأن تكون بداخل المواقف ايضا وخاصة موقف عزبة الشال بالمنصورة ونحمد الله كثيرا علي انه لا يدخن حتي السيارة رغم اختلاطه المباشر بالزملاء من السائقين. * محمد عبدالفتاح الباز - سائق - يطالب بضرورة استمرار هذه الحملة علي مدار اليوم وبخاصة ساعات الليل التي يألف سائقو النقل الثقيل العمل خلالها مستعينين بتعاطي البرشام وخلافه واقترح بأن تكون هناك عقوبات رادعة تصل إلي حد السجن ومضاعفة الغرامة لردع هؤلاء المستهترين. * أحد السائقين رفض ذكر اسمه ولكنه اعترف بتعاطي نسبة بسيطة من الترامادول لتخفيف آلام العمود الفقري نظرا لأنه يقضي ساعات طويلة خلال قيادته للسيارة ولم يفلح معه استخدام حزام الوسط لذلك ثم انضم إليه زميل آخر يدعي عبده مجاهد استنكر تناول بعض السائقين للسجائر الملفوفة بالحشيش والبانجو لأنها تؤثر علي الوعي. صرح بأنه يعرف العديد من السائقين الذين انغمسوا في هذا المجال خلال التقليد ومسايرة الزملاء والفضول وفي نفس الوقت لم ينكر انه يتناول نصف قرص ترامادول حينما يشعر بالاجهاد. * الدكتور مجدي حجازي وكيل وزارة الصحة بالدقهلية أشار إلي أن هناك معمل تحاليل متحرك يرافق الحملة من خلال التنسيق مع ادارة المرور ومديرية الأمن وقد بدأت الحملة مرتين كل اسبوع بداخل مدينة المنصورة ومع انتصاف شهر أكتوبر الماضي أصبحت يومية وامتدت إلي مختلف مدن ومراكز المحافظة وهذا المعمل المتحرك يصدر نتائج فورية من خلال قياس نسبة المخدرات في البول وفي حالة وجود شك نقوم بإجراء تحليل للدم لتأكيد النتائج. اضاف وكيل الوزارة اننا نستطيع الكشف عن السائقين الذين يتعاطون الحشيش أو البانجو أو الأفيون أو الترامادول وللأسف وجدنا ان النوع الأخير هو الأكثر شيوعا الآن بين السائقين ومن ثم فإننا بصدد عقد ندوات توعية تثقيفية للسائقين كي لا يقعوا فريسة لهذا الادمان الذي يؤثر سلبا علي اسرهم. * العقيد نبيل عبدالعظيم مدير ادارة مرور الدقهلية أكد علي استمرار الحملة بشكل يومي وفي أماكن مختلفة من أجل مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة بهدف التخلص منها نظرا لأن هذه الحملات تبث رسالة إلي السائقين المتعاطين بسرعة الاقلاع عن ذلك أما غير المتعاطين فإنها تطالبهم بالثبات علي موقفهم نظرا لأن من يخضع للتحليل وتثبت ايجابيته يدفع غرامة تصل إلي 1100 جنيه ويعرض علي النيابة لتتخذ قرارها المناسب وفي نفس الوقت فسوف ينظر بعين الاعتبار والجدية لهؤلاء السائقين ايضا اثناء تجديد الترخيص والعرض علي القومسيون وأكد علي سرية مكان تواجد الحملة في اليوم التالي حتي لا يأخذ السائقون احتياطاتهم ويتركوا هذه العادة اللعينة. * الدكتور محمد المهدي استاذ ورئيس قسم الأمراض النفسية وعلاج الادمان بجامعة الأزهر اشار إلي الشركة المنتجة لعقار الترامادول طرحته منذ عشر سنوات علي اعتبار انه مسكن قوي وليست له صفة ادمانية وكان يتم تعاطيه بجرعة 50 مم مرة أو مرتين يوميا لمدة اسبوعين فقط ولكن مع اساءة استعماله واستخدامه بين المرضي ثبت انه له طبيعة ادمانية وبدأ البعض في استخدامه لتخفيف التوتر واحداث الانتباه واليقظة حتي بدأ السائقون والصنايعية والحرفيون في استخدامه بغرض السهر والعمل لفترات طويلة دون شعور بالتعب والارهاق وتدريجيا اتجه إليه البعض من أجل الحصول علي قوة جنسية واطالة الفترة الزمنية للقاء الجنسي ثم تطور الأمر لعلاج القلق والاكتئاب وبالتالي شعرت المؤسسات الطبية بخطورة الأمر فلم يعد يصرف بروشتة عادية بل تم نقله إلي جدول المخدرات ومنذ عامين نقلته بريطانيا من جدول C إلي B وفي الوقت الذي نجد ان هناك محاذير في صرفه بمصر إلا ان هناك اختراق لهذه المحاذير وبخاصة بعد أن أصبح هناك عمليات مغشوشة في تصنيعه فعلي سبيل المثال تم تهريب 250 مليون قرص إلينا بشكل غير شرعي في العام قبل الماضي بعد أن تم تصنيعها في الصين وشرق آسيا. الغريب في الأمر كما يشير الدكتور محمد المهدي ان المسألة تبدأ كنوع من المزاح بنصيحة من صديق ان يتعاطي هذه الحبة لمفعولها الساحر في كذا وكذا وبعد أن يتحقق لهم اهدافا كاذبة تمتد الجرعة شيئا فشيئا إلي أن نصل كما أري إلي تناول شريطين يوميا 20 حبة بتركيز 225 مجم أي 4500 مجم يوميا في الوقت الذي لا يتناول المريض الطبيعي سوي 100 مجم لمدة اسبوعين فقط. يضيف ان هناك ازواجا ينصحون زوجاتهم بتعاطي الترامادول قبل اللقاء الجنسي للتفاعل معهم بنفس الصورة ثم يمتد الأمر إلي اعتياده بعد ذلك كما ان الشباب المدمن يلجأ إلي طحنه واذابته في محلول وتعاطيه بالوريد ليكون تأثيره في النهاية أشبه بالهيروين. أما بالنسبة للترامادول المغشوش وهو الشائع فمضاف إليه مواد تضاعف من ادمانيته لتضاعف قوة الاحتمال علي السهر وقوة الاحتمال من الاجهاد وهي في النهاية كلها أمور زائفة وتهيأت قد تدمر الفرد تدريجيا ففي مجال السائقين تتناولها البعض ليظل سائقا لساعات طويلة ومتواصلة هذا في حد ذاته غير صحيح بدليل اننا نجد حوادث عديدة غير عادية والمحصلة تشير إلي أن هناك 12 ألف قتيل و96 ألف اصابة سنوية من جراء حوادث الطرق. وأشار إلي أن مكمن الخطورة في امكانية حدوث حالة صرع أو تشنج للسائق لحظة القيادة الأمر الذي يؤدي إلي عواقب غير محمودة له ولمرافقيه أما بالنسبة لعملية العلاج فإنها تتوقف حسب طبيعة الحالة فإذا كان الأمر في البداية فالعلاج يكون ميسورا أما في الحالات المتوسطة فيتم عن طريق تعاطي مواد لعلاج الانسحاب يتبعها برنامج نفسي وتأهيلي للسيطرة علي أية اضطرابات. أما في الحالات الشديدة فالأمر يحتاج إلي حجز المريض في المصحة وتلقي علاج لعدة أشهر.