لجنة تقصي الحقائق.. اسم يتداول كثيرا عقب ثورة 25 يناير إلي الآن وبالرجوع إلي ماهية هذه اللجان فنجد أنها برلمانية الأصل وهي إحدي آليات الحصول علي المعلومات، وتعتبر لجان تقصي الحقائق أداة هامة من أدوات البرلمان الرقابية والأساسية للبحث عن المعلومات التي تخص أمراً ما من مصادرها المتعددة. تشكيل لجان تقصي الحقائق لم يقتصر علي البرلمان فقط، ولكن من الممكن أيضاً أن تشكل الحكومة لجانا لتقصي الحقائق وهذا ما حدث عقب ثوره 25 يناير و30 يونيو لكن لجان تقصي الحقائق في البرلمان تسير وفقاً للائحة الداخلية للبرلمان وطبقاً للنصوص اللائحية، البرلمانية فإن للجنة تقصي الحقائق أن تتخذ كل الإجراءات اللازمة للحصول علي البيانات والمعلومات والأوراق المتعلقة بما أحيل إليها من موضوعات، وأن تجري ما يقتضيه استجلاء الحقيقة بشأنها، من استطلاع أو مواجهة أو زيارات ميدانية أو تحقيقات. وإذا تعذر علي لجنة تقصي الحقائق تقديم تقريرها إلي المجلس في الموعد الذي حدّده، وجب عليها إعداد تقرير للمجلس يضمّ العقبات والأسباب، التي أدت لتأخيرها، وعلي جميع الجهات المختصة معاونة لجان تقصي الحقائق في أداء مهمتها، وعليها أن تقدم لها الوسائل اللازمة لتجمع ما تراه من أدلة، وأن تمكّنها من الحصول علي ما تقرر حاجتها إليه من تقارير، أو بيانات أو وثائق أو مستندات، من أية جهة رسمية أو عامة، ويتحمل المجلس نفقات الزيارات الميدانية، التي تقوم بها لجان تقصي الحقائق. كذلك يجب أن يشمل تقرير اللجنة ما اتخذته من إجراءات لتقصي جميع الحقائق عن الموضوع المحال إليها، وما تكشّف لها عن حقيقة الأوضاع الاقتصادية والمالية والإدارية المتعلقة بالجهة التي كلفت اللجنة بفحص أحوالها، ومدي التزامها بمبدأ سيادة القانون، وبالخطة العامة والموازنة العامة للدولة، وأن تُضمّن تقريرها أيضًا مقترحاتها بشأن علاج السلبيات التي تكشّفت لها، ويناقش المجلس تقارير لجان تقصي الحقائق في أول جلسة تالية لتقديمها، وتكون أولوية الكلام في مناقشة تقارير لجان تقصي الحقائق لمن يقدم طلبًا كتابيًا بذلك لرئيس المجلس، قبل الموعد المحدد للمناقشة. وتنص (المادة 241) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، أن تشكل لجنة تقصي الحقائق بقرار من المجلس بناءً علي طلب من اللجنة العامة، أو إحدي لجانه الأخري، أو بناءً علي اقتراح مقدم كتابةً إلي رئيس المجلس من عشرين عضوًا علي الأقل. للأسف كان مصير لجان تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان أدراج الحكومة أو سلة المهملات، والدليل حادث تصادم القطارين في العياط، والذي أدان الحكومة في عدم تنفيذها تقرير لجنة تقصي الحقائق في حادث قطار العياط عام 2002 وأدان مجلس الشعب في الوقت نفسه لعدم متابعته تلك التقارير بعد إحالتها للحكومة. أكثر من عشرة تقارير للجان تم وضع توصياتها طي النسيان وأصبح مصيرها أرفف مكتبة مجلس الشعب رغم ما يبذله النواب من جهد فيها وتكلفة مالية بسبب الزيارات والاجتماعات والورق الذي يتم طبعه من هذه اللجان في عام 1996 اللجنة التي شكلت حول مصير أرض المفاعل النووي بالضبعة برئاسة اللواء ممدوح فودة حين كان البدو يطالبون بالحصول علي تلك الأراضي، وأوصت هذه اللجنة وقتها بضرورة تنفيذ إقامة محطة نووية علي أرض الضبعة ورفضت إعطاء الأرض للبدو، ولكن للأسف لم يتم تنفيذ المحطة النووية، وفي مجلس 90/95 تم تشكيل لجنة تقصي حقائق حول الصرف في الإسكندرية في البر والبحر، وفي المجلس نفسه شكلت لجنة حول مخالفات مالية وإدارية بقرية "مرحبا" ببورسعيد بناء علي اتهام نواب بورسعيد وقتها بتورط المحافظ في تلك المخالفات. وفي عام 2002 قام مجلس الشعب بتشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة رئيس لجنة النقل والمواصلات وقتها النائب حمدي الطحان وذلك عقب حادث حريق قطار الصعيد وفي مجلس 2000 /2005 تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول ما تم إنفاقه علي تطوير ديكور مكتب وزير الصناعة وقتها علي الصعيدي، وأيضا لم يحاسب أحد فيها، وفي المجلس نفسه تم تشكيل لجنة أخري حول شركة إسكندرية لإنتاج الإطارات والتي كان سيتم بيعها، وأسفرت اللجنة عن وقف بيع الشركة. وفي عام 2005 تم تشكيل لجنة تقصي حقائق حول صفر المونديال برئاسة الدكتور مفيد شهاب وزير شئون المجالس النيابية ووضعت العديد من التوصيات وتم إعلانها في مؤتمر صحفي كبير في مجلس الشعب. وفي عام 2006 تم تشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة النائب حمدي الطحان حول كارثة العبارة والتي قدمت تقريرها النهائي عام 2007 والذي حمّل الحكومة المسئولية عن الكارثة، ولكن للأسف التقرير لم يطرح للمناقشة وانتقل المجلس لجدول الأعمال، التقرير تضمن 12 توصية من أهمها إنشاء مجلس أعلي لسلامة النقل، وهي التوصية نفسها التي أوصت بها لجنة تقصي الحقائق حول كارثة قطار الصعيد عام 2002، ورغم اتفاق لجنتي تقصي حقائق علي هذه التوصية فإنها لم تنفذ حتي الآن. وفي عام 2007 تم تشكيل لجنة تقصي حقائق من لجنتي الصناعة والطاقة والصحة التي شكلها مجلس الشعب برئاسة محمد أبو العينين حول الاتهام الذي وجهه عدد من النواب بشأن أكياس الدم الفاسدة التي وردتها شركة هايدلينا إلي وزارة الصحة، قدمت تقريرها في مايو 2007 وتضمن عدداً من التوصيات التي لم تنفذ أيضا، مثل أن المواصفات الخاصة بمناقصات وزارة الصحة بالنسبة لكثير من المستلزمات الطبية مواصفات عامة وأنها تحتاج إلي تعديل جوهري وأنها لا تكفي لشراء كيس دم يتحكم في مصير إنسان. وفي برلمان 2012 تم تشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن أحداث استاد بورسعيد التي راح ضحيتها 74 مشجعاً بعد مباراة المصري والأهلي في الدوري. واتهم أعضاء مجلس الشعب أن تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة من البرلمان لم يأت بأدلة أو اتهامات جديدة وقال أعضاء مجلس الشعب خلال مناقشتهم للتقرير وقتها إن التقرير لم يجب علي عدد كبير من التساؤلات. وفي برلمان 2016 قرر مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبدالعال رئيس المجلس، تشكيل لجنة تقصي حقائق حول إهدار المال العام خلال موسم توريد القمح بالصوامع، ويأتي هذا القرار بعدما وصلت الأزمة ساحات القضاء بعد تورط مسؤولين بالصوامع في إهدار المال العام بتوريد القمح وصلت الأرقام فيها لملايين. ومن جانبه قال البرلماني حمدي الطحان عضو مجلس الشعب السابق أنه رأس لجنتين لتقصي الحقائق لكن للأسف كان مكانهما في النهاية الأدراج مشيرا إلي أنه عام 2002 رأس لجنة تقصي الحقائق الخاصة بحريق قطار الصعيد الذي راح ضحيته 350 راكبا وتم تحديد المسؤول وتوجيه دلائل التقصير وتكرر ذلك في عام 2006 في تقرير تقصي الحقائق الخاص بالعبارة السلام 98.