ترسيخ ثقافة الاختلاف ضرورة.. ومواجهة مرض التطرف مسئولية الجميع يعد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء واحدا من أبرز الذين كرسوا حياتهم لنشر الوسطية وسماحة الدين وتفنيد حجج المتطرفين والمتشددين وفضح ضحالة افكارهم وبيان زيف تأويلاتهم لذا جاءت محاولة اغتياله مؤخرا لإرهاب العلماء المخلصين الذين يعملون علي تصحيح المفاهيم المغلوطة وبيان سماحة الإسلام واحترامه لإنسانية الإنسان. أكد علماء الأزهر أن محاولة الاعتداء الفاشلة علي حياة العالم الكبير د. علي جمعة لن تثنيهم عن مهمتهم الربانية في بيان الحق للناس وأن الأزهر الشريف سيعمل بكل طاقاته علي المواجهة الفكرية لجماعات التكفير وتيارات الغلو والتطرف، وعلي بيان سماحة هذا الدين وحفاظه علي الأرواح والأموال والأعراض وأن استهداف د. علي جمعة جاء لأنه يمتلك ما يمكنه من تفنيد أفكارهم ومحاربتها بنشر العلم الصحيح، الذي يكشف تطرف تلك الجماعات. في البداية أكد الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الأسبق ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب أن ما حدث مع الدكتور علي جمعة مرفوض لأن كل ما يقدمه الدكتور علي جمعة هو من خلال شرع الله، وأن اجتهاده لا يخرج عن كتاب الله، كما أنه لم يقدم شيئا غير ما نزلت به الشريعة الإسلامية ولا يخرج عن لسانه إلا ما هو سليم. وشدد علي أن الإسلام لا يعرف الإرهاب علي الإطلاق وما حدث خارج عن شريعتنا ولا يليق لأحد أن يرعب غيره أو يخيفه وهذا النهي هو شرع الله وكل الديانات ترفض الإرهاب مشيرا إلي أن تجديد الخطاب الديني فيه أبلغ رد علي هؤلاء أصحاب الفكر السيء الأسود. الاختلاف سنة كونية وحذر الدكتور أحمد علي سليمان عضو مكتب جامعة الأزهر للتميز الدولي، من التساهل والتهاون مع الأيدي الغادرة التي تتخذ من الاختلاف في الرأي ذريعة للقتل والانتقام رغم أن الاختلاف والتنوع سنة كونية من سنن الله في الكون والخلق والحياة، ومن ثم فالاختلاف في الفكر والرأي يجب أن يثري المجتمع ويجدد خصوبته. وأوضح أن المسلمين في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية نهضوا وتقدموا عندما كان اختلافهم في الفكر والرأي والتعبير رحمة بهم، ورحمة بغيرهم من شتي مفردات الطبيعة والكون؛ بل كان اختلافهم وتنوعهم قيمة مضافة لهم ولحضارتهم، ونموذجًا لأدب الحوار والمناقشة واحترام أقدار الله في الكون وفي الحياة. ولقد تقدم المسلمون وكتب الله تعالي لهم الريادة والسيادة عندما كانوا يؤمنون بأن اختلافهم وتنوعهم يعد تطبيقا وتحقيقا لمراد الله تعالي وسنته في خلقه وفي كونه وفي الحياة، وكان اختلافهم في الرأي والفكر تمتينا للعلائق -كما كان الحال بين الإمامين مالك بن أنس والليث بن سعد- ولم يصل اختلافهم في الرأي أبدا إلي القتل أو الترويع والتهديد أو حتي قطع الأواصر والصلات.. هذا عن الاختلاف في الرأي، أما ما حدث بالأمس القريب فإنه لا يمت بصلة إلي مسألة الخلاف في الرأي أبدا، إنما هي أيد آثمة مجرمة تعبث بأمن الوطن بمحاولة باغتيال أحد رموزه الدينية والفكرية؛ لتحقيق أجندة التفتيت التي يُراد بها المنطقة كلها. وأكد أن غياب ثقافة التنوع والاختلاف أمر خطير؛ ومن ثم يجب وعلي الفور أن تنهض مؤسساتنا التربوية والتعليمية والثقافية والإعلامية والدينية بدورها المنهجي والعاجل في نشر ثقافة التنوع والاختلاف وحرية الرأي والتعبير في المجتمع، خصوصا في مجتمع النشء والشباب، وأن تعمل بشتي الطرق علي ترسيخها في قلوبهم قبل فوات الأوان، ومن ثم يجب أن يكون الاختلاف في الرأي وسيلة للتقارب والتآلف وتعظيم الحق وإحقاقه. التطرف يناقض الدين وأوضح أسامة ياسين نائب رئيس مجلس إدارة الرابطة العالمية لخريجي الأزهر أن التطرف يناقض الدين الحق لأن الدين باب السعادة في الدنيا والآخرة، وأهدافه ومقاصده تتمثل في عبادة الله وتزكية النفس وعمارة الأرض،بينما يحاول المتطرفون أَنْ يقدموا الدين علي أَنه نموذج للتخريب والهدم والتفريق والعداء المتواصل. وأشار إلي أن الإسلام ورسوله الكريم صلي الله عليه وسلم حذرا من الشذوذ عن السواد الأعظم وأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم وأمر باعتزال الفرق التي لا يكون من ورائها إلا التفرق والتشرذم والفساد والإفساد وأن مواجهة ذلك دور العلماء الذين يجب أن يكونوا علي مستوي التحدي لمواجهة مرض التطرف وتفكيك أسبابه الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والدينية وبيانها لأولي الأمر بطريقة علمية. وطالب ياسين بأن تكون البداية للقضاء علي التطرف من الأسرة عبر الاعتناء بالأطفال والنشء والحرص علي تربيتهم تربية تجمع بين العيش في عصرنا الحاضر وبين الحفاظ علي ديننا وقيمنا الأصيلة مع الاعتناء بالمرأة تعليما وتثقيفا ومشاركة اجتماعية وسياسية والانطلاق بعدها لمؤسساتنا المسئولة عن التعليم والوعي والثقافة؛ فالمسجد له دور كبير، وما أن ترك دعاة الوسطية المساجد إلا وسرق المتطرفون عقول الناس وأفكارهم، ومناهج التعليم لها دور، والإعلام الديني وغير الديني له دور، وأندية الأنشطة الرياضية لها دور، ولمؤسسات ما يسمي بالمجتمع المدني دورها أيضاً والمجتمع الدولي لا بد أن يتبوأ دورا صحيحا عادلا في مواجهة التطرف وأن تتولي المؤسسات الدولية ابتداءً من الأممالمتحدة إلي كل مؤسسة عاملة لصالح الإنسان وضع يدها في يد الأزهر الشريف لدرء شر التطرف وخطره.