شهر رمضان الكريم مع شهور الصيف، وهو ما يطرح أسئلة حول تأثير ساعات الصيام الطويلة علي المرضي، وكيف يمكن لهم أن يصوموا بما يحافظ علي صحتهم، خاصة مرضي السكر والكلي باعتبارهما من المرضي الأكثر تأثرا بانقطاع المريض عن شرب المياه لساعات طويلة، "دين ودنيا" تستطلع آراء عدد من الأطباء لإرشاد المرضي لوسائل تجعلهم أكثر قدرة علي صيام أيام الشهر الفضيل، وتحويل الشهر إلي فرصة تفيد ولا تضر. يعد مرضي السكر من أكثر المرضي الذين يعانون طوال شهر الصيام، لذلك يشرح الدكتور صلاح الغزالي حرب، أستاذ الأمراض الباطنة بكلية طب القاهرة وكيل كلية الطب الأسبق وأول من أنشأ مركزاً لعلاج السكر بالشرق الأوسط بمستشفي معهد ناصر، تأثير الصيام علي المرضي المصابين بالسكر، والفئات التي يتعين عليهم تجنب الصيام، والأخطار التي يجب تجنبها طوال نهار الشهر الكريم، ونظام التغذية الصحية، وكيفية مراقبة مستوي السكر أثناء الصوم، ولو اتبع المريض هذه التعليمات باهتمام سيضمن لنفسه سكرا منسياً وصياماً صحياً. ويري الأستاذ الدكتور حرب أن صيام شهر رمضان هو قرار شخصي، لكن يجب اتخاذه مع نصيحة ودعم الطبيب المعالج، فلكل شخص حالته، ودواؤه، ودرجة مقاومته، بمعني أن لكل مريض طريقة في التعامل معه، ولابد أن يتحلي كل مريض سكر بثقافة صحية سليمة خاصة بحالته، ويمكنه مناقشة النظام الغذائي في حالة صيامه أو إفطاره. ولكن يجب أن تفطر فورا في نهار رمضان إذا كنت صائما وانخفض السكر لديك لأقل من 60 ملجم، أو أقل من 70 ملجم في الساعات القليلة الأولي بعد بدء الصيام، أو ارتفاع السكر لأعلي من 300 ملجم، ويكون ذلك بواسطة جهاز قياس السكر، وبالتالي عليك مراقبة مستويات السكر في الدم بشكل متكرر خلال نهار رمضان. ويؤكد الدكتور صلاح الغزالي حرب أنه يمكن أن يكون نظام مريض السكر الغذائي صحيا ومتوازنا خلال شهر رمضان، إذا تقرر له الصيام، لكن علي المريض أن يتناول أغذية صحية مفيدة مثل القمح، والفول في السحور قبل بداية الصيام، لأن هذه الأغذية تطلق السكر ببطء، وتساعد في التخفيض من الرغبات الشديدة للشهية والأكل خلال ساعات الصيام، وعند الإفطار ينصح بتناول الأغذية التي تطلق السكر بسرعة مثل "الفواكه"، واتباعها بالكربوهيدرات بطيئة المفعول، وأن يحاول زيادة تناول السوائل أثناء ساعات الإفطار، ولو اتبعت كل هذه التعليمات السابقة ستضمن لك سكرا منسيا وصوما صحياً. ويقع مريض الكلي مع بداية كل شهر رمضان كل عام في حيرة شديدة، ويطرح عدة تساؤلات هامة: هل يؤثر الصوم علي صحته؟ وما مدي التأثير إذا حدث؟ وهل من الممكن أن يصوم أم لا؟ الدكتور محمد السيد عبد الفتاح، استشاري أمراض الكلي، أجاب علي كل هذه التساؤلات، موضحاً موقف مرضي حصوات الكلي، والذين أجريت لهم زراعة للكلية، وكذلك الذين يعانون من أمراض الالتهابات البولية، وقصور وظائف الكليتين بتأثيراتها السلبية، ويشرح شروط تناول الأدوية لمن يباح لهم الإفطار طوال شهر الصيام. وأكد عبد الفتاح أن مرضي حصوات الكلي يمكنهم الصوم، ولكن بشروط أهمها تناول ما لا يقل عن 2 أو 3 لترات من الماء وقت الإفطار، مع عدم التعرض لدرجات الحرارة العالية، إضافة إلي عدم تناول بعض الأطعمة التي تزيد من فرص ترسب الأملاح بمجري البول، مع ضرورة التفريق بين أمراض الالتهابات البولية وحصوات الكلي، وبين أمراض قصور وظائف الكلي وما يتبعها من فشل الكلي ومرحلة الغسيل الكلوي ثم زرع الكلي، وكل حالة من هذه الحالات لها ضوابط صيام. فبالنسبة لأمراض الالتهابات البولية فيتم علاجها في العيادة ويتم وصف الدواء، وبالتالي فهؤلاء المرضي يمكنهم الصوم بشرط تناول كمية كبيرة من السوائل في فترة الإفطار، ويمكنهم تناول جرعات الأدوية خلال فترة الإفطار، أما مرضي الحصوات فيمكنهم الصوم مع كميات الماء التي حددناها وقت الإفطار، لأن هؤلاء المرضي لديهم استعداد لتكوين حصوات أكثر خلال الصوم. أما بخصوص مرضي قصور وظائف الكلي، فإن هذه الحالات تتطور في شدة المرض والأعراض، فبالنسبة للمراحل الأولي من قصور وظائف الكلي يمكن للمريض الصوم بعد استشارة طبيبه المعالج والاستماع إلي نصائحه، ولكن مع الحفاظ علي تناول الكمية الكافية من السوائل فترة الإفطار، أما مرضي المراحل المتقدمة ممن لجأوا إلي غسيل الكلي فيرخص لهم الإفطار من الناحية الطبية، ولكن بعض المرضي يصرون علي الصوم، وهنا ننصحهم بالإفطار في يوم غسيل الكلي، أو أن يقوم المريض بجلسة الغسيل بعد المغرب إذا كانت حالته تتحمل ذلك، وبشكل عام يكون هاجس الطبيب من صيام مرضي غسيل الكلي هو تعرض المريض للجفاف بسبب صيامه، ومن ثم تأثر وظائف كليتيه سلبيا. وعن ضوابط صيام المريض الذي أجريت له عملية لزرع الكلية يوضح عبد الفتاح: نوصي المريض الذي زرعت له كلية بعدم الصوم خلال السنة الأولي بعد عملية الزرع، وذلك إلي حين استقرار وظائف الكلي، أما بعد مرور السنة الأولي للزراعة فيمكن للمريض الصيام، ولكن بشرط أن يغير مواعيد تناول أدويته بما يتناسب مع فترة الإفطار، وأضاف: "من أجل الحفاظ علي سلامة الكليتين لكافة الناس لابد من عدم التعرض المباشر لدرجات الحرارة المرتفعة وأشعة الشمس تجنبا للإصابة بضربات الشمس، والتي يمكن أن تؤدي بدورها إلي الإصابة بالفشل الكلوي، ويجب كذلك تناول كمية كافية من السوائل، لأن نقص هذه السوائل في الجسم يركز كمية الأملاح في مجري البول، ويؤدي إلي تكوين حصوات في أي جزء من الجهاز البولي في الكلية أو الحالب أو المثانة، كما ينصح مرضي السكر بالحفاظ علي نسبة السكر في الدم لتجنب مضاعفاته علي الكلي".