مع إطلالة كل رمضان يتساءل كثير من المرضي فيما إذا كانوا يستطيعون الصوم أم لا، وفيما إذا كان صيام رمضان يزيد من مرضهم سوءاً، أو يفاقم من أعراضهم أم لا. أسئلة كثيرة تتردد علي بال المرضي وأقربائهم، والبعض يقع فريسة الأوهام، أو يفتيه جاهل فيصوم أو يفطر، دون الرجوع إلي طبيب أخصائي مسلم يقوّم حالته، ويعطيه النصيحة والإرشاد »آخر ساعة.. التقت عددا من الدكاترة لوضع روشتة للمرضي في رمضان . في البداية أكد الدكتور أحمد غلوش أخصائي الجهاز الهضمي والكبد أن شهر رمضان يعتبر شهر إجازة للجهاز الهضمي ولكن المؤسف أن يتخم الكثير منا نفسه عند الإفطار بشتي فنون الطعام والشراب، فيحوِّل سعادة المعدة والأمعاء إلي تخمة وعناء. وفيما يتعلق بقرحة المعدة أو الاثني عشر يشكو المصاب بالقرحة الحادة من آلام في المعدة عند الجوع، أو ألم يوقظه من النوم، ويخف ألم قرحة الاثني عشر بتناول الطعام، ولكن كثيراً ما يعود الألم بعد عدة ساعات. مرضي قرحة المعدة وينبغي علي مريض القرحة المصاب بإحدي الحالات التالية للإفطار أولها في حالة القرحة الحادة وذلك حين يشكو المريض من أعراض القرحة. كالألم عند الجوع، أو ألم يوقظه من النوم و في حال حدوث انتكاسة حادة في القرحة المزمنة وينطبق في تلك الحالة ما ينطبق علي القرحة الحادة. وكذلك الأمر عند الذين تستمر عندهم أعراض القرحة رغم تناول العلاج بانتظام وعند حدوث مضاعفات القرحة، كالنزيف الهضمي ، أو عند عدم التئام القرحة رغم الاستمرار بالعلاج الدوائي. ونصح د.غلوش مرضي القرحة بتناول الأغذية المسلوقة كالفراخ والخضراوات وذلك في حالة الصيام.. أما في حالة الإفطار فلا يوجد أغذية معينة ولكن بشكل عام يفضل الابتعاد عن الدهون. ونصح د. غلوش المريض المصاب بالإسهال بالإفطار، وخاصة إذا كان الإسهال شديداً، فلا يستطيع المريض الصيام، لعدم قدرة الجسم علي تعويض ما يفقده من سوائل وأملاح بسبب الإسهال مشيراً إلي أنه في حال صيام المصاب بالإسهال فقد يصاب بالجفاف وهبوط في ضغط الدم أو يصاب بالفشل الكلوي. ونبه علي مرضي الإسهال عدم تناول الأغذية السمينة والإكثار من شرب السكريات.. كما يفضل أثناء فترة الإسهال تناول الموز والأرز الأبيض والمكرونة المسلوقة والبطاطا والخبز الأبيض بدلا من النشويات المعقدة كالخبز الأسمر، الأرز البني. المصابون بأمراض الكبد كما نصح المصابون بأمراض الكبد المتقدمة كتشمع الكبد وأورام الكبد بالإفطار، ونصح المصابون بالتهاب الكبد الفيروسي الحاد، أو الاستسقاء في البطن (الحبن) بالإفطار أيضا. ومن جانبه قال الدكتور أحمد عمارة، مدرس أمراض القلب بكلية الطب جامعة المنوفية إن في الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضي القلب، ولكن هناك حالات معينة قد لا تستطيع الصيام أولها فشل القلب أو (قصور القلب). وأوضح أن فشل القلب نوعان فشل القلب الأيسر وفشل القلب الأيمن، ويشكو المريض عادة من ضيق النفس عند القيام بالجهد، وقد يحدث ضيق النفس أثناء الراحة، وينصح المصاب بفشل القلب الحاد بعدم الصيام، حيث يحتاج لتناول مدرَّات بولية وأدوية أخري مقوية لعضلة القلب وكثيراً ما يحتاج إلي علاج في المستشفي أما إذا تحسنت حالته واستقر وضعه، وكان لا يتناول سوي جرعات صغيرة من المدرات البولية فقد يمكنه الصيام. وينبغي استشارة طبيب القلب فهو الذي يقرر ما إذا كان المريض قادراً علي الصوم أم لا، إذ يعتمد علي شدة المرض وكمية المدرات البولية التي يحتاج إليها. موقف المرضي بالجلطات وأكد أنه فيما يتعلق بجلطة القلب والتي تنجم عن انسداد في أحد شرايين القلب التاجية، وهو ما يؤدي إلي أن تموت خلايا المنطقة المصابة من القلب لا ينصح مرضي الجلطة الحديثة، وخاصة في الأسابيع الستة الأولي بعد الجلطة بالصيام، أما إذا تماثل المريض للشفاء، وعاد إلي حياته الطبيعية، فيمكنه حينئذ الصيام، شريطة تناوله الأدوية بانتظام. وأوضح أنه في حالة الإصابة بصمامات القلب فإذا كانت حالة المريض مستقرة، ولا يشكو من أعراض تذكر أمكنه الصيام، أما إذا كان المريض يشكو من ضيق النفس ويحتاج إلي تناول المدرات البولية فينصح بعدم الصوم. ونصح عمارة مصابي مرضي الجلطة القلبية الحديثة و حالات التضيق الشديد أو القصور الشديد في صمامات القلب والحمي الرئوية (الروماتيزمية) النشطة والاضطرابات الخطيرة في نظم القلب والأسابيع التي تعقب عمليات جراحة القلب بعدم الصوم. أما فيما يتعلق بمرضي الكلي في شهر الصيام فأكد أن الكليتين تقومان بوظائف عديدة منها تنقية الدم من الفضلات الآزوتية، ومراقبة توازن الماء والشوارد في الدم، والحفاظ علي توازن قلوي حامضي ثابت في الجسم، وإذا كانت الكليتان سليمتين فالصوم لهما راحة وعافية، أما عندما تصبح الكلي مريضة، فلا تستطيع القيام بالكفاءة المطلوبة لتركيز البول والتخلص من المواد السامة كالبولة الدموية وغيرها ومن هنا يصبح الصيام عبئاً علي المريض المصاب بالفشل الكلوي، وخصوصاً في المناطق الحارة، مما قد يؤدي إلي ارتفاع نسبة البولة الدموية والكرياتنين في الدم، وينبغي علي أي مريض مصاب بمرض كلوي استشارة طبيبه قبل البدء بالصيام، فإذا لم يتناول مريض الكلي كمية كافية من الماء فقد يصاب بالفشل الكلوي. وفيما يتعلق بالحالات الحادة من أمراض الكلي أشار إلي أن المريض في تلك الحالة قد يحتاج المصاب بمرض كلوي حاد دخول المستشفي وتلقِّي العلاج هناك، وفي هذه الحالة ينبغي عدم الصوم ومن هذه الحالات التهاب الحويضة والكلية الحاد، والتهاب المثانة الحاد والقولنج الكلوي. وأضاف في حالة الحصوات الكلوية إذا لم يكن لدي المرء حصيات كلوية من قبل فلا داعي للقلق في شهر رمضان، أما الذين لديهم حصيات كلوية، أو قصة تكرر حدوث حصيات في الكلي، فقد تزداد حالتهم سوءاً بالجفاف إذا لم يشرب المريض السوائل بكميات كافية. ونصح مرضي الحصيات بالذات بالامتناع عن الصيام في الأيام شديدة الحرارة، حيث تقل كمية البول بدرجة ملحوظة مما يساعد علي زيادة حجم الحصيات، ويعود تقدير الحالة إلي الطبيب المختص كما نصحهم بتناول كميات وافرة من السوائل في المساء وعند السحور، مع تجنب التعرض للحر والمجهود المضني أثناء النهار. أما في حالة التهاب الحويضة والكلية المزمن قال عبد المحسن قد تؤدي هذه الحالة بعد فترة من الزمن إلي حدوث الفشل الكلوي، ولهذا يستحسن عدم الصوم، فقد يزيد ذلك من احتمال حدوث الفشل الكلوي، ويعود تقرير ذلك إلي الطبيب المعالج. وأضاف في تلك الحالة يرتفع مستوي البولة الدموية والكرياتنين، وقد يزداد بوتاسيوم الدم، وينصح مرضي الفشل الكلوي المزمن بعدم الصوم، أما إذا كان المريض يتلقي الغسيل الكلوي فربما يستطيع الصوم في اليوم الذي لا يجري فيه غسيل الكلي، ويفطر في يوم الغسيل الكلوي، ومرة أخري ينبغي علي المريض استشارة طبيبه المختص في ذلك. أما فيما يتعلق بمرضي الصدر في شهر الصيام فقال الدكتور باسم مراد الصواف أخصائي الأمراض الصدرية كثيراً ما تأتي أمراض الصدر فجأة علي شكل التهاب في القصبات أو التهاب في الرئة فإذا كانت حالة التهاب القصبات الحاد بسيطة، فإن المريض يستطيع تناول علاجه ما بين الإفطار والسحور، أما إذا احتاج الأمر لمضادات حيوية تعطي كل 6 8 ساعات، أو إذا كانت الحالة شديدة فينصح بالإفطار حتي يشفي من الالتهاب. وأضاف في حالة التهاب القصبات المزمن حيث يشكو المريض من سعال مترافق ببلغم يومياً ولمدة ثلاثة أشهر متتابعة ولسنتين متتابعتين علي الأقل فإذا كانت حالة المريض مستقرة استطاع الصيام دون مشقة تذكر، أما في الحالات الحادة التي تحتاج إلي مضادات حيوية أو موسعات القصبات أو البخاخات الحاوية علي مواد موسعة للقصبات فيقدّر الطبيب المختص ما إذا كان المريض يستطيع الصوم أم لا؟. وفي حالة نوبات الربو أكد الصواف أنها إذا كانت خفيفة فإنها تحتاج إلي تناول أدوية عن طريق الفم، كما يمكن إعطاء المريض الأقراص المديدة التأثير عند الإفطار والسحور، وكثير من مرضي الربو من يحتاج إلي تناول بختين أو أكثر من بخاخ الربو عند الإحساس بضيق في الصدر، ويعود بعدها المريض إلي ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، ولا ينبغي للمريض عند حدوث الأزمة متابعة الصيام، بل عليه تناول البخاخ فوراً، ومن العلماء الأفاضل من أفتي بأن هذه البخاخات لا تفطر. وأضاف ولكن ينبغي الإفطار قطعاً عند حدوث نوبة ربو شديدة حيث كثيراً ما يحتاج المريض إلي دخول المستشفي لتلقي العلاج المكثف لها كما ينبغي الإفطار إذا ما أصيب بنوبة ربو لم تستجب للعلاج المعتاد، ويجب التنبه إلي أن الانقطاع عن الطعام والشراب في تلك الحالات يقلل بشكل واضح من سيولة الإفرازات الصدرية، وبالتالي يصعب إخراجها. ومن جانبه أكد الدكتور نبيل عزمي إخصائي النساء والتوليد بجامعة أسيوط أن الدراسات العلمية الحديثة أوضحت أن صيام رمضان يؤدي إلي تغيرات فسيولوجية وكيميائية عند الحامل، ولكنها لا تؤثر علي الحامل سليمة البدن والتي لا تشكو من أية أمراض عضوية. وأضاف ومع ذلك لا يمكن إطلاق قول حاسم علي كل الحوامل والمرضعات بحيث تقول إن هناك حاملا أو مرضعا تستطيع الصيام، وأخري لا تقدر عليه وإذا ما شعرت الحامل والمرضع بصداع شديد، أو (زغللة) في العينين، أو هبوط وإجهاد عام، أو عدم القدرة علي القيام بأي نشاط فإن ذلك يعني حدوث انخفاض واضح في سكر الدم، أو أن هناك أمراً غير طبيعي، وعليها استشارة الطبيب المعالج. وتابع: وأما في حالة انخفاض ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأعلي) عن 100 ملم زئبقي قد يسبب هذا الانخفاض إحساساً بالإغماء إضافة إلي عدم القدرة علي التركيز أو في حالة حدوث انخفاض في سكر الدم أو جود مرض عضوي يفضل عدم الصيام. أما فيما يتعلق بالمرأة المرضع فأكد أنه يمكنها صيام شهر رمضان، شريطة أن يكون هناك تعويض في نوعية الطعام والشراب أثناء شهر رمضان في الفترة المسائية وكذلك ألا تتأثر كمية ونوعية الحليب (اللبن) عند الطفل الرضيع أما إذا خافت المرضع علي نفسها أو رضيعها من جرَّاء الصيام، أو أثَّر ذلك علي الرضاعة، جاز لها أن تفطر. وأوضح أن تقرير إمكانية الصيام أو عدمه ليس بالأمر السهل، ولا يمكن تقرير قواعد عامة لجميع المرضي، بل ينبغي بحث كل مريض علي حدة، ولا يتيَّسر ذلك الأمر إلا للطبيب المختص، فهو يملك ما يكفيه من المعطيات التي تمكنه من نصح مريضه بإمكانية الصوم أو عدمه. ونبه الدكتور عزمي علي المرأة الحامل والتي تصوم رمضان الإكثار من السكريات والألبان في السحور والإفطار وشدد علي ضرورة الاهتمام بالبروتينات مثل البيض والجبن والأسماك واللحوم والبقوليات. مرضي المخ والأعصاب ويحدثنا الدكتور محمود سامي عبدالمنعم (استشاري جراحة المخ والأعصاب بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية »مستشفي الساحل« عن موقف مرضاه من الصيام: إن حالات المخ والأعصاب مرضاهم تكون حالاتهم حرجة والكلام هنا عن المريض الذي يحتاج للرأي هل يصوم أو لا وخاصة مرضي ما بعد الصدمات الدماغية مثل الجلطة المخية أو نزيف المخ الذي يتسبب عنها شلل نصفي أو خزل نصفي وهؤلاء المرضي عادة يكونون كبارا في السن ويعانون من بعض الأمراض الأخري مثل السكر أو الضغط أو القلب وهنا ينقسم المرض إلي عدة درجات.. الدرجة الأولي: جلطة بسيطة ليس مصاحبا لها أمراض أخري والمريض صغير في السن وعمله غير مجهد لا ينتج عنه كميات عرق غزيرة خاصة في رمضان وهؤلاء يمكن أن ينصح لهم بالصيام.. الدرجة الثانية: المريض ذو الجلطة المتوسطة ومعها بعض الأمراض مثل السكر والضغط وصغير السن وعمله غير مجهد يمكن أن يسمح له بعد تجربة الأيام الأولي بالصيام ولم يحتج إلي علاجه غير في الإفطار والسحور وهذا يمكن له الصيام مع المتابعة مع طبيبه أثناء الصيام. الدرجة الثالثة: مريض به جلطة أدت إلي شلل نصفي وكبير في السن فوق ال55سنة ويعاني من أمراض أخري هذا ينصح له بالإفطار لأنه إذا كان هناك عرق غزير في الصيف يؤدي إلي هروب الماء من الدم مما يؤدي إلي تركيز الدم داخل الدورة الدموية وزيادة لزوجته فهذا يؤدي إلي تكرار حدوث الجلطات لذلك يفضل له بالفطار.