يعد النقل البحري من أهم القطاعات الاقتصادية التي تعتمد عليها بعض دول العالم وتدر دخلا رئيسيا لاقتصادياتها، وتمتلك مصر العديد من الموانئ، حيث تحتل المركز ال13 في تداول الحاويات بين أكبر 75 دولة في العالم الثالث، وتتميز الموانئ المصرية بمواقع هامة علي خريطة العالم، ما ينبئ لها بمستقبل واعد إذا تم استغلالها بالشكل الأمثل عن طريق جذب العديد من الاستثمارات. ووفقا لإحصائية صادرة عن قطاع النقل البحري تمتلك مصر 44 ميناء وهناك إحصائية أخري غير رسمية تشير إلي أن عدد الموانئ في مصر 62 ميناءً تتنوع بين تجارية وبترولية وسياحية وتعدينية وأخري للصيد، ويصل عدد الموانئ التجارية نحو15 ميناء، وتبلغ المساحة الكلية للموانئ البحرية التجارية نحو »550» 481 كيلومتر مربع وتبلغ المساحة المائية نحو »40» 405 كم. والموانئ التجارية الرئيسية هي الإسكندرية وبورسعيد ودمياط وشرق التفريعة والأدبية والعين السخنة وسفاجا، فالبضائع القادمة من دول البحر المتوسط كالقمح تدخل من ميناءي دمياطوالاسكندرية، وبالنسبة للبضائع التي تأتي من الصين أو الخليج تأتي عبر ميناء العين السخنة، وهناك موانئ أخري متنوعة كموانئ التعدين التي تصل إلي »7» موانئ والصيد التي تبلغ نحو »4» موانئ إضافة إلي الموانئ السياحية التي تبلغ »5» موانئ والبترولية التي تصل إلي »11» ميناء. ورغم ما تمثله صناعة النقل البحري كعامل من العوامل الأساسية للاقتصاد القومي لاعتمادها علي حركة التجارة بين الدول وبعضها البعض، فإذا جاز لنا أن نقارن الموانئ المصرية بنظيرتها كموانئ دبي وسنغافورة واليونان وقبرص نجد فرقا كبيرا من حيث جذب العديد من السفن والاستثمارات، وللوصول بالموانئ المصرية لمستوي هذه الموانئ يتطلب تطويرها وتحويلها إلي موانئ ذكية حتي تجذب إليها الاستثمارات من كل مكان وتنافس الموانئ العالمية. خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية يؤكد ضرورة إدراك الفرق بين مفهوم الموانئ الذكية ومفهوم ميكنة الموانئ، فالميناء الذكي يتطلب مزيدا من الرؤية والخبرة المميزة التي تشجع الأساليب الحديثة للتكنولوجيا لكن الموانئ المميكنة فتعني تشغيل الميناء بالنظم الإلكترونية، لافتا إلي وجود تعاون وتنسيق متكامل مع وزارة النقل فيما يخص تحويل الموانئ المصرية إلي موانئ ذكية والتحول إلي النقل متعدد الوسائط وذلك عن طريق ربط الموانئ بشبكة سكة حديد لمختلف المحافظات إضافة إلي إنشاء مراكز لوجستية يضيف: وزارة التموين والتجارة الداخلية عقدت اتفاقيات تعاون مع بعض الشركات العالمية الكبيرة في هذا المجال لربط جميع مراكز الجملة بالموانئ وهذا يتطلب أن يكون نظام الربط إلكترونيا حتي تستطيع جذب الاستثمارات والمنافسة مع الموانئ الكبري الأخري، وبالتالي فالانتقال إلي الموانئ الذكية أصبح ضرورة لأن الموانئ والاستثمار والتجارة أعمدة أساسية للاقتصاد القومي. بينما يؤكد المهندس سعد الجيوشي وزيرالنقل السابق أن الموانئ الذكية ضرورة ومهمة وتعد قاطرة التنمية في المرحلة المقبلة وقال: خلال فترة تواجدي بالوزارة وضعت خطة يجري تنفيذها لتطوير منظومة النقل ومن بينها الموانئ من خلال بعض المشروعات التي تم التخطيط لها، مشيرا إلي ضرورة أن يكون هناك اتصال وتواصل بين منظومة العمل التي منها المورد البشري وبعض الإجراءات والقوانين ذات الصلة الإلكترونية داخل الموانئ الذكية وهناك تعاون مع بعض الوزارات والمؤسسات ومنها وزارة التموين والتجارة من خلال تدفق السلع عبر الموانئ وربط مراكز الجملة بالموانئ المختلفة. ويري الدكتور محمد الحداد رئيس الجمعية العربية لتنمية الموانئ البحرية أن مصر تحتوي علي موقع جغرافي فريد ومميز حيث تمتد سواحلها علي البحرين الأحمر والأبيض ويمر بها أكبر الممرات الملاحية في العالم (قناة السويس) التي تقوم الحكومة حاليا بتنفيذ مشروع تنمية محورها، لافتا إلي وجود »60» ميناء ومرفأ في مصر لكن للأسف جميعها لا يتم استغلالها الاستغلال الأمثل، بل تعد خارج نطاق الخدمة والمنافسة مع الموانئ المجاورة خاصة موانئ دبي، وهذا ناتج عن عدم إدارتها بفكر استراتيجي ومؤسسي إضافة إلي الفساد الإداري وإسناد هذه الموانئ لأشخاص يفتقدون الخبرة وبالتالي فالموانئ المصرية في حالة سيئة. يضيف: الأمر يحتاج إلي إعادة نظر فصناعة النقل البحري طوق نجاة للاقتصاد القومي مطالبا بإنشاء وزارة تسمي وزارة الاقتصاد البحري أو البحرية التجارية فإنشاء وزارة للنقل البحري بداية لحل جميع المشاكل التي تعانيها صناعة النقل البحري بحيث تضم الوزارة أصول القطاع البحري من موانئ وقناة السويس والأسطول البحري والترسانات البحرية المعطلة والشركة البحرية المتعثرة مما يمكن الاستغلال الأمثل لهذه الأصول إضافة إلي الموقع الاستراتيجي وطالب الحداد بضم جميع الموانئ تحت إشراف هيئة واحدة تضع سياسات واستراتيجيات موحدة يقوم بتنفيذها القطاع الخاص بعيدا عن ميزانية الدولة. فيما يري الدكتور إسماعيل عبدالغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل أن زيادة أعداد السفن المحملة بالبضائع دفعت العديد من الموانئ لاستخدام التكنولوجيا الحديثة والعمل الإلكتروني والرقمي حتي تتحول منظومة النقل البحري إلي مجتمع رقمي قادرة علي تلبية جميع الاحتياجات، لذلك تعمل الحكومة لتحويل الموانئ إلي موانئ ذكية تستخدم جميع الإمكانيات المتاحة عن طريق الطاقة الطبيعية، لافتا إلي أن مفهوم الموانئ الذكية يعتمد علي القدرة علي كفاءة التشغيل واستخدام جميع الإمكانيات والطاقة. ويؤكد الدكتور أكرم سليمان عميد معهد تدريب الموانئ بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا أن الكثير من دول العالم قد اتجهت مؤخرا إلي الانتقال إلي الميناء الذكي وتحويل موانيها إلي موانئ ذكية بسبب الزيادة المستمرة في أنشطة النقل البحري والأنشطة الضاغطة علي الموانئ، لافتا إلي أن فكرة الموانئ الذكية أصبحت ضرورة ومطلبا هاما بالنسبة للموانئ الحديثة. ويوضح أن الموانئ الذكية لها أهمية كبري منها العمل علي توفير الطاقة، فعند التحول إلي المنظومة الذكية للموانئ يجب الاهتمام بالعنصر البشري والنهوض به فهو القادر علي تشغيل تلك المنظومة، مشيرا إلي أن الهدف الأساسي الذي تسعي إليه تحويل الموانئ إلي موانئ ذكية تستخدم الطاقة الطبيعية واستغلال جميع الإمكانيات، فالزيادة التي شهدها قطاع النقل البحري من حيث أعداد السفن تحتم علينا التحول للعمل الإلكتروني والرقمي حتي بصبح لدينا منظومة نقل بحري متكاملة تستخدم التكنولوجيا الحديثة وتكون قادرة علي تلبية كافة الاحتياجات اللازمة ويؤكد الدكتور خالد السقطي رئيس قسم إدارة لوجستيات النقل بالاكاديمية العربية للعلوم وتكنولوجيا النقل البحري أنه في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات أصبح مسمي الذكية سمة أساسية للموانئ البحرية، لذا فالموانئ الذكية المستقبل القادم لما لها من أهمية في المساهمة في النمو والاقتصاد عن طريق تهيئة الظروف المناسبة والبحث عن إدارة جديدة واستغلال للطاقات. يضيف: وجود ميناء ذكي ضروري من أجل تقديم الخدمات. وعمليات موثوقة سريعة في الموانئ كما يساعد علي سرعة تدفق البضائع في ظل سلاسل الخدمات اللوجستية ويقلل من مناولة البضائع ومنع تلف أوضاع الشحنات، لافتا إلي أن الانتقال إلي الموانئ الذكية يتطلب تطبيق بعض التقنيات مثل تكنولوجيا الرياح والتكنولوجية الضوئية والتقنيات البحرية الحديثة فضلا عن قدرة تبني الموانئ الذكية استراتيجية ترفع من جودة الخدمات المقدمة التي من بينها إصلاح واستبدال وتغيير المعدات في المحطات المختلفة وهذه الاستراتيجية تجذب الاستثمارات ، فضلا عن عوامل أخري منها تعزيز القدرة التنافسية لصناعة النقل البحري كبناء وإصلاح السفن والمعدات وكل ما يتعلق باحتياجات ومتطلبات أصحاب السفن والمستوردين والمصدرين. وتابع السقطي أن الاتحاد الأوربي قد وضع خطة مستقبلية للموانئ البحرية الذكية من بينها قيام أصحاب السفن ببناء سفن حديثة تتواكب مع الابتكارات والتطورات والجودة واستيعاب الحمولات الكببرة وهذا سيؤدي إلي عمالة منخفضة التكلفة وتشغيل دورات الإنتاج بسرعة وصيانة الوحدات مشيرا إلي أن أصحاب السفن سيطالبون سفنهم بمواكبة التطورات والابتكارات الحديثة حتي تستطيع المنافسة مع السفن العالمية العملاقة. اما اللواء بحري مدحت عطية رئيس هيئة ميناءي الإسكندرية والدخيلة فيقول: بدأنا بالفعل في خطة تحويل ميناءي الاسكندرية والدخيلة للنظام الذكي وقريبا جدا سيكون هناك إدارة إلكترونية للميناء إضافة إلي التعامل من خلال الشباك الواحد وذلك لتسهيل دخول وخروج الحاويات والبضائع والسفن لافتا إلي أننا نقوم حاليا بتطبيق المنظومة الذكية الإلكترونية في ميناءي الاسكندرية والدخيلة وتسهيل إجراءات التعامل مع العملاء والقيام باستخراج الفواتي إليكترونيا إضافة إلي أن الحجز يتم عن طريق الإنترنت.