فى هذا العدد تتناول الدكتورة هبه يس الكاتبة ومستشارة العلاقات الاسرية والانسانية موضوع شائك جدا وهو التحرش الجنسى ، ولكننا خصصنا المساحة الأكبر للمرأه العاملة باعتبارها الأكثر عرضه للتحرش عن غيرها وبخصوص هذا الموضوع تقول د.هبه يس: أولا لابد من توضيح أمر هام وهو أن التحرش ليس ظاهرة جنسية فقط .. بمعنى ان المتحرشين ليسوا شخصيات لديها هوس جنسى أو رغبه جنسية فقط .. ولكن لديهم رغبات عدوانية وميل للعدوان ، لانه ليس فعل ينتج بشكل طبيعى عن الرغبة الجنسية الطبيعية بل ينتج عن شخص مريض نفسيا ويفكر تفكير متطرف ويتسم بالميل للعدوانية والعنف! كما يجب نوضح نقطة هامة وهي ان التحرش هو فعل غير مبرر بمعنى أنه ليس لأن المرأه ترتدى ملابس مثيرة يكون التحرش هو المقابل .. فالمرأه لا يجوز ان تتقرب من أي رجل وتتحرش به لمجرد أنه يرتدى ملابس أثارتها .. وفكرة اننا نتحكم فى نفسيتنا وتعاملنا مع الاخرين لا علاقة له بكيف يكون مظهر او شكل هؤلاء الاشخاص .. فالمتحرش ليس شخص وضع امام موقف مثير او امرأه استفزته .. فهو فى الاصل انسان فاقد للتحكم فى نفسه او متعمد ألا يتحكم في نفسه .. فالتحرش لا مبرر له! أنواع التحرش وعن انواع التحرش تقول د.هبه: للتحرش أنواع كثيرة .. الأول التحرش المباشر الفردي يعنى شخص لشخص .. مدرس لطالبه او زميل لزميلة فى العمل أو رئيس لمرؤسته او شخصين فى المواصلات .. ويمكن يكون مع الاسف الشديد داخل البيوت ! النوع الثانى .. التحرش الجسدى الجماعى وهذا يحدث كثيرا فى الشوارع وسمعنا عنه فى الفترة الماضية كثيرا فى بعض الميادين .. ويقوم مجموعة من الشباب بالتجمع حول ضحية معينة ويتحرشون بها بكل الطرق اللفظية والجسدية! النوع الثالث .. وهو نوع خطير لأنه لا يعاقب عليه القانون .. وهو التحرش اللفظى وهو عبارة عن إلقاء كلمات .. قد تبدو غزل عفيف مثل عنيكى حلوة أو شعرك مصفف بشكل جيد ثم ينتقل لأماكن أخرى فى الجسم ثم يتحول لتعبيرات أكثر وضوحا وفجاجة وبالتأكيد المشكلة في التحرش اللفظى لا أحد يقدر يثبته وأحيانا المرأه لا تتمكن من فهم هذا النوع من انواع الاطراء .. لكنه نوع خطير ويجب ان نوعى منه الفتيات صغيرات السن لانهن يمكن مثلما وضحنا من قبل ان يقوم به مدرس لطالبه وهى فى مرحلة المراهقة فتتصور انه اعجاب او حب او تمييز لها لكنه فى الحقيقه هو تمهيد لما هو اخطر! وتوضح د.هبه يس نقطه هامه جدا وتقول: ومن الهام ونحن نتحدث عن موضوع التحرش ان نتحدث على شئ اسمه الحيز الشخصى .. وهناك نوعان حيز شخصى مكانى وحيز شخصى نفسى .. الاول يعنى أن أى شخص لابد أن يكون حوله دائرة من الفراغ لا يسمح لأحد بالاقتراب منها اكثر من ذلك .. حتى بيننا وبين بعضنا اى امرأه مع مثلها او رجل مع مثله .. وهذا الكلام كله اعلمه لاولادى منذ صغرهم .. فلا اسمح لاحد ان يظل طوال الوقت ملتصق جسده بجسدى .. فلابد ان يكون بيننا مسافه معينه ولو قصرت تلك المسافه بشكل تلقائى البنى آدم بيبعد لان الحيز الشخصى المكانى يجب الا يخترق لانه يسبب نوع من عدم الارتياح الطبيعى! وفى الحيز المكانى النفسى هو المساحه التى من المفترض ألا أسمح لأحد باختراقها معى خاصة بين الجنسين .. لو معى زمايل فى العمل أو الدراسة او مجموعه من الناس بينهم صلة قرابه .. لابد ان يكون هناك موضوعات معينه لا اسمح ان افتحها معهم .. مثلا الحديث عن العلاقة الجنسيه او ما يتعلق بها من مشاهد مثيره او جنسيه .. او التعليق على اماكن معينه فى جسدى كنوع من انواع الاطراء او احيانا يبدو انها من باب النصح والارشاد والنقد .. لابد ان تكون هناك مساحه غير قابله للاقتراب .. وكل واحد اعرفه يحب ان يعرف جيدا انه ليس كل شئ ممكن ان اتحدث فيه .. واذا حدث وتكلم مجموعه من الناس فى موضوع من هذا القبيل لا ابقى فى هذا المكان بشكل عام .. لان التحرش ممكن ان يبدأ بان يقوم المتحرش بالتحدث فى موضوع معين وعندما يجد الناس متجاوبه او تسمع بيصل اليه احساس بان لديهم تجاوب للتحرش معه بشكل شخصى مره ثانيه .. لان ما يفعله بالونة اختبار ولابد ألا أسمح بهذا الشئ! شخصية المتحرش اما عن شخصية المتحرش او ما هى الدوافع التى تجعله يفعل ذلك .. فتقول د.هبه يس: المتحرش هو شخص يستمتع بالجنس بشكل غير طبيعى بمعنى انه غير متاح له بان يستمتع به بشكل طبيعى فمثلا هو شخص غير متزوج او شخص متزوج وغير سعيد فى زواجه او انه فى الاصل شخص مريض نفسيا .. فمثلا هناك شخصيات ساديه وهى التى تستمتع بالجنس عندما يحدث عنف او تعذيب ولو حدث بشكل هادى ولطيف لا تستمتع .. لذلك بعض المتحرشين يشعر بلذه عندما يرى ضحيته بتصرخ او تبكى بسبب تحرشه بها! وفى مرض نفسى ثانى وهو الميل الى الاستعراء .. وهو الذى يحاول فيه بصدام الضحية بان يكشف لها عن جسمه فتذهل او تصرخ وبمجرد تعبيرات الذهول والمفاجأه على وجهها يشعره بالاشباع والسعاده! وفى نوع ثالث وهو من يستمتع بالجنس عن طريق الاحتكاك الخارجى فقط .. وهذا فى الاماكن المزدحمه .. يكون ملتصق بجسده فى جسد الضحية حتى يشعر بنشوه مثل ما يحدث فى بعض المواصلات العامة او الاماكن المزدحمه او المدرجات او الطوابير .. والحالات الثلاثه كلها تتسم بانها غير طبيعيه لانه ليس الاسلوب الطبيعى للاستمتاع بالجنس الكامل! وفى المقابل ايضا هناك متحرشات وهن من يقمن بالتحرش بالرجال .. وهن عادة شئ من اتنين .. اما شخصيه هستيريه وهى التى دائما تلفت انتباه الاخرين لجمالها وجسدها وجاذبيتها .. وانها لا تقاوم واى رجل ممكن اغراءه وبتعمل تصرفات تجذب الانتباه لها .. حتى يبدو فيها ان الرجل هو من يتحرش بها .. لكن فى الحقيقه هى دائما المبادرة والفاعلة والتى تغويه على ذلك .. لأن هذا بالنسبه لها اثبات لنفسها وانوثتها وتحقيق لشخصيتها .. وهذه الشخصيات كخبراء فى مجال العلاقات الانسانيه بنعرفها بانها طول الوقت بتحكى عن تاريخ من التحرش بها .. وطول الوقت لديها احساس بان كل الناس هى ملفته لانتباههم ومثيره اعجابهم لكن فى الحقيقه هى التى تفعل ذلك! النوع الثانى من المتحرشات .. اسمها الشخصيه (الماذوخيه او الماسوشيه) وهى العكس تماما للساديه التى تتمتع بتعذيب الاخرين .. اما الماسوشيه هى التى تستمتع بان تشعر بانها تتألم او تهان او تتعامل بطريقه سيئه .. فتضع نفسها فى مواقف عرضه للتحرش لان قمة متعتها بان تشعر بانها ضحيه ومغلوب على امرها ومقهوره .. وهى حاله نفسيه غير سويه نهائيا! وتقول د.هبه يس عن طرق تفادى التحرش:اولا الاحتفاظ على الحيز الشخصى المكانى والنفسى الذى شرحناه من قبل .. ثانيا اعمل نوع من انواع الوقايه بان اتجنب تواجدى فى المواقف او الاماكن التى تجعل حد يفعل بى ذلك .. مثل الوقوف فى اماكن مزدحمه او تركب وسيلة مواصلات وحدها .. ونتجنب فكرة الدروس الخصوصيه للبنت مع مدرس بمفردها .. او تواجد زميل وزميلة فى مكتب لوحدهم او ابقى مع مدرس او رئيسى فى العمل فى مكتبه حتى اتناقش معه لفتره طويله بمفردى .. وفى الاماكن العامه اذا كان هناك اماكن مخصصه للسيدات فقط احاول الالتزام بها .. لان الوقايه خير من العلاج وألا اضع نفسى فى موقف يعرضنى للتحرش واعلم ذلك للاطفال! اود ان اوضح بعض النقاط الهامه وهى ان التحرش بمكان العمل .. هناك زملاء وزميلات او مثلا موظفه ورئيسها فى العمل ..لا يبدأ التحرش عادة مره واحده .. لكن يبدأ مجرد نصيحة او ملحوظة او اطراء او غزل وبعد فتره كلمات اجرأ ثم لمسات قد تبدو بريئه مثلا يطبطب على كتفها او يلمسها فى كتفها او يعطيها شئ فيملس يدها بشكل يبدو عفوى .. بعد ذلك يتطور الامر الى ما هو اكثر .. ومثلما قلنا كل خطوه بيعملها هى مجرد اختبار لمدى قابلية الضحية للخطوه اللى بعدها .. لذلك المفروض ان المرأه لو شعرت ان هناك شبهة تحرش من اول خطوة تقطع على هذا الشخص الطريق .. فتعطى له نظره حاده وصارمه توضح له بانها فاهمه وغير موافقه على هذا .. ولو تخيلت انها تعدى وتصمت على اساس انه سوف يشعر ولا يكرر فعلته .. فانبهها بانه سوف يشعر بانها ضعيفه او موافقه فيتمادى ولابد ان تاخذى موقف! وفى المجتمعات التى بها اختلاط مثل المدارس او الجامعات او اماكن العمل .. فلابد ان اوعى اولادى بانه ليس هناك هزار باليد او شئ اسمه "كفك" او يزغزغك او يزقك او يلمس اى جزء فى جسدك .. لانه احيانا كثيره ارى مشاهد غريبه فى الشركات او مصالح بيخبطوا فى بعض تحت مسمى الهزار او انه عشم وعشره .. لكن هذا اسمه تحرش مقنع! وفى حالة اذا وقع التحرش بالفعل فمن الممكن الا انتبه او تكون الوقايه غير كافيه .. الحل يكون فى حاجه من اثنين اما اواجهه بمنتهى الحسم والشدة بان انظر له فى عينه مباشرة والتجهم على وجهى واقول كلمات قصيره وحاسمه مثلا "احترم نفسك او لم تتوقف سوف اخبر الناس كلها" .. لكن المهم الا اطول معه فى الحديث او اكون مكسوفه او ابكى والا تخجلى او تشعرى بالخوف لانه هو من يشعر بالخوف وبمجرد ان يشعر انك قويه ورافضه للموضوع بيجعله يبتعد فورا! اما اذا كنت ليس لدى قدره على المواجهه مثلا بنت صغيره او شايفه انه سلطوى .. فى هذه الحاله اغادر هذا المكان بسرعه سواء كان مواصله او مصعد او مكتب .. او الحل الاخير انى استعين بآخرين .. انى استنجد بحد او اخوف الشخص المتحرش صوتيا .. وهذا اضعف الايمان بانى اهرب من المكان او استعين بآخرين! وانهت د.هبه كلامها قائله: نقطه هامه اخيره هناك دائما تصور بان الشخص المتحرش شخص عصابات .. شكله شرير ملابسه مبهدله ومثلا حد مقزز لكن الصوره دى غير واقعيه تماما على العكس نرى الان ناس متحرشين فى قمة الاناقه والشياكه وممكن يكونو على مستوى علمى واجتماعى مرتفع .. فلا يمكن ان انخدع بالمظهر .. ويجب انى اعلم الاطفال انى لا اعطى الامان لشخص لمجرد انه قريبى او جارى او صديق العائله او والد واحده صحبتى .. لان الشخصيه دائما الى فى الخيال عن المتحرش ليست واقعيه اطلاقا ممكن يكون حد يبدو ظاهريا شخص عطوف ولبق وحنين او حد نعرفه او قريب مننا ليس بالضروره خارج اطار الاسره!