أخيرا وبعد جهود مضنية، سقط سفاح المعادى فى يد الشرطة بالصدفة.. اسمه محمد مصطفى (21 عاماً)، وبدأ أمام رجال الأمن فى سرد قصته مع حالات التحرش الجنسى التى قام بها فى المعادى والبساتين على مدار ستة أشهر كاملة، وكيف أفلت من يد رجال الأمن لأنه كان يختار بعناية الوقت والمكان المناسبين، بالإضافة إلى الطريقة المفاجئة لأفعاله الشاذة. عرضنا ما قاله السفاح على الدكتور أحمد عبد الله – مدرس الطب النفسى فى جامعة الزقازيق – حول تعرضه إلى عملية فى الحوض قضيت على رجولته وحولته إلى إنسان عاجز جنسيا، فشل بسبب ذلك فى إقامة علاقة مع أى فتاة منذ كان فى السادسة عشرة من عمره، مما جعله يلجأ إلى التحرش بكل فتاة يواجهها كنوع من التعويض النفسى، كما يقول. الدكتور أحمد يشرح لنا شخصية السفاح قائلا: إنه من المعروف أن من أهم السمات النفسية للمتحرش جنسيا أنه فى الأصل يعانى من مشكلة ما من الناحية الجنسية.. وهذا ما ذكره محمد بنفسه، فهو طوال فترة من حياته فشل فى إقامة علاقة سوية مع الجنس الآخر، مما دفعه للاستعاضة بذلك باللجوء إلى العدوان على الفتيات، فنظرية التحليل النفسى الذى بدأها فرويد تقوم على فكرة الرموز بشكل كبير، فعلى سبيل المثال المطواة أو السكين المستخدمة فى الاعتداء على الفتيات إنما ترمز إلى العضو الذكرى للشخص المتحرش، وكذلك فعل الطعن والاختراق وتمزيق الملابس خاصة من الخلف، يقوم مقام عملية الجماع، وهنا يشعر المتحرش بأنه استطاع ان يفرغ كبته من علاقة جنسية سوية إلى فعل عدوانى غير سوى وهذا نوع من أنواع المتحرشين جنسيا. ويرى الدكتور أحمد عبد الله أن هناك كثيرا من الأنواع لشخصيات المتحرشين جنسيا، فليس فقط العاجز جنسيا هو من يلجأ للتحرش، إنما هناك أنواع كثيرة أخرى.. وفى حالة محمد فالعجز الجنسى هو الدافع وراء عدوانه على الفتيات، واختار أن تعبر السكين عن فعله، ليصل بذلك لقمة العدوانية فى الفعل. ومن الأنواع أيضا، والذى نجده كثيرا يحدث فى المواصلات العامة، ويكمن تحقيق الرغبة هنا والشعور بالإشباع والسعادة عندما يرى الرعب والتوتر فى عين الضحية. كذلك هناك نوع آخر من المتحرشين الذين تعرضوا لاعتداء جنسى فى الصغر، فهم معرضون للعدوان والانتقام بشكل عشوائى .. وتتحول القضية هناك إلى أساليب انتقامية وليست تحقيق الإشباع الجنسى والمتعة الحسية. ونوع آخر مرشح لكى يكون نواه لمتحرشين جنسيا، هم المدمنون للعقاقير والمخدرات، فهم ليسوا لديهم القدرة على التحكم فى أفعالهم ويفعلون ذلك بلا وعى... والنوع الأكثر إقبالا على التحرش الجنسى هم الذين يعانون من إدمان الجنس، فطوال الوقت لا يفكرون إلا فى الجنس، مما يعوق أداء وظائف حياتهم ويصبح تفريغ هذه الرغبة هو منتهى آمالهم. وقد يكون المتحرش هو شخص عدوانى بصورة طبقية، بمعنى أن تستفزه الطبقة الغنية، مما يدفعه إلى العدوان عليها ويعبر عن حنقه وكرهه لهذه الطبقة عن طريق التعبير الجنسى العنيف، مما يترك أثرا نفسيا على الضحية من الإحساس بالضعف والتضاؤل والخزى، مما يعطى انتعاشا للمتحرش وثقة وإحساسا بالتفوق. ورغم أنه لا توجد أرقام دقيقة للمتحرشين جنسيا فى مصر، إلا أن الرجال المصابين بالعجز الجنسى هم الأكثر عرضة للقيام بالتحرش الجنسى، بمعنى أنهم نواة لمتحرشين مقبلين، وكل ما أستطيع قوله إن النسبة فى تزايد مستمر بسبب عوامل كثيرة، سواء كانت صحية أو غذائية أو عادات خاطئة. وسيظل سفاح المعادى ظاهرة تحيا بيننا، قابلة للتكرار لا محالة، ولا بد من التعامل معها بطرق لا تكون قاصرة على الطريقة الأمنية.