إقبال متوسط علي شراء »جهاز العروسة» من «حمام التلات».. والباعة: نبيع بالخسارة لتدوير فلوسنا! تراجع البيع في «وكالة البلح» بنسبة 60٪.. والتجار: «التوك شو» سبب خوف الزبائن تعاني الأسواق الشعبية من تفاقم حالة الركود في الفترة الأخيرة، فحركة البيع ضعيفة، والمكسب قليل، والزبون غائب، والسوق "نايم".. أو قل "ميت" إن شئت الدقة! التجار يشكون من "ثلاثية وقف الحال"، والتي يأتي علي رأسها افتقاد الأمن وعدم استقرار الأوضاع في البلاد، مرورا بارتفاع الدولار الذي أدي إلي زيادة أسعار السلع علي التاجر والزبون، نهاية بحالة "المزاج العام" السيئة التي تدفع المواطنين إلي الشراء أو التسوق، وهي الحالة التي أرجعها بعض أصحاب المحلات إلي برامج "التوك شو" التي بثت الرعب في قلوب الناس، وأعطت مسحة من "الكآبة" علي الناس، و"سوّدت الدنيا في عيونهم"! "الأخبار" قامت بجولة في أسواق الموسكي والأزهر ووكالة البلح للتعرف علي آراء التجار وأصحاب المحلات في أسباب حالة الركود التي تشهدها الأسواق في الفترة الأخيرة، كما استطلعت وجهات نظر الزبائن حول تأثير ارتفاع الأسعار، والوضع الأمني علي حركة البيع والشراء. الموسكي «متقلب» البداية من شارع الموسكي، حيث شهدت محلات المفروشات والملابس إقبالا ضعيفا من جانب السيدات، سواء ربات البيوت، أو الأمهات اللاتي أتين بصحبة بناتهن لشراء "جهاز العروسة". تقول شادية محمود - ربة منزل-: أفضل النزول إلي الأسواق الشعبية دائما لشراء جميع ما يلزمني للمنزل، حيث أن أهم ما في هذه الأسواق أنها تحتوي علي كل ما يلزم الأسرة من متطلبات من مكان واحد, وعدم الحاجة إلي التنقل بين أماكن متفرقة ومتباعدة، نظرا للحالة الأمنية غير المستقرة في الشارع. وتؤكد أم غادة - ربة منزل- أنها اعتادت علي الشراء من محلات معينة بالموسكي منذ فترة طويلة، كما أنها اعتادت علي التعامل مع البائعين الموجودين في المكان، مما جعلها تعرف بضاعتهم وهم يعرفون ذوقها بسهولة، وأهم ميزة هي الأسعار "المهاودة" التي لا ترهق ميزانية الأسرة. وتشير نجوي محمود - طبيبة- أن الأسواق الشعبية لم تعد مقصورة علي الطبقات الفقيرة، بل إنها اتسعت الآن لتشمل جميع الطبقات المصرية ممن وجدوا في تلك الأسواق ملاذهم الوحيد, حيث إن الأسعار في المناطق الأخري أصبحت لا تحتمل. ويقول سيد عبد النبي - موظف- إن الظروف صعبة جدا.. ومتطلبات الأسرة تزيد يوما عن يوم.. وأن لديه 6 أولاد يحتاجون في كل موسم ملابس جديدة، ويضيف أنه يقيم في بني سويف، لكنه يفضل الشراء من سوق الوسكي لأن أسعاره أرخص، فالتريننج يباع ب 50 جنيها، بينما في المحلات يتعدي ال 120جنيها. أما التجار وأصحاب المحلات، فيشكون من انخفاض المبيعات منذ فترة، إلا أن الأمور تفاقمت بشدة هذه الأيام، ويؤكد عبد الله - أحد تجار الملابس- أن الأحوال السياسية هي السبب الرئيسي في تراجع حركة البيع والشراء بالسوق، ففي أول أيام رفع الحظر زادت حركة البيع 60٪ كما أن ارتفاع الأسعار أيضا عامل مهم يؤثر علي الزبائن، مضيفا أنها زادت بنسبة 20٪ رغم تراجع مستوي الخامات. وعن متوسط الأسعار في السوق حاليا، يوضح أن القميص المصري يتراوح من 50 إلي 75 جنيها، أما المستورد كالتركي والتايلاندي من 130 ٪ إلي 170 جنيها، أما الملابس الصيني فهي الأرخص علي الإطلاق، لذلك فهي الأكثر مبيعا لأن أسعارها في متناول الجميع، رغم رداءة خامتها، فالمشتري الآن يبحث عن السعر أولا، ثم الشكل ثانيا، ثم الخامة ثالثا. وبالذهاب إلي أحد محلات بيع لعب الأطفال بالموسكي يقول محمد زكي - صاحب المحل- أنه يبيع بأسعار أقل من الأسواق الأخري 60٪ ونفس الخامات، لكن الفرق أن البيع بالجملة، وحركة البيع انخفضت تماما لأن المواطنين أحوالهم الاقتصادية صعبة، والأمنية غير مستقرة، ومعظم زبائن الجملة من الأقاليم اختفوا بسبب صعوبة السفر في ظل وقف القطارات، وارتفاع أجرة الميكروباص، فمن كان يشتري مرة كل أسبوع، أصبح يزورنا مرة كل شهرين أو ثلاثة. جهاز البنات علي بعد أمتار من أسواق الموسكي، كان باعة "حمام الثلاثاء" يشكون قلة العائد، وضيق الرزق، حيث يشهد "حمام التلات" إقبالا متوسطا علي محلات بيع الأدوات المنزلية، كأطقم الصيني, والأكروبال, والألومنيوم وغيرها من مستلزمات "جهاز العروسة". تقول آية أحمد - طالبة-: نزلت مع أختي لشراء بعض النواقص التي نحتاجها لتكملة جهازنا, فأسعار أدوات المطبخ في "حمام التلات" أقل 50٪ عن غيرها من المحلات، مع أن مستوي جودة الخامات متقارب جدا، وبنفس التشكيلات والأنواع, بل وبتنوع أكثر يعطي للمشتري فرصة الاختيار. أما أم هالة -ربة منزل- فتقول أنها تأتي كل فترة لشراء جانب من جهاز ابنتها لأن الأسعار غالية ولا تستطيع شراء كل مستلزمات العروس في وقت واحد، وتضيف: ليس لنا إلا سوق "حمام التلات" فالأسعار "علي أد الإيد"، والباعة يقبلون "الفصال". ويشير نبوي السيد - أحد تجار بيع أدوات المطبخ والمفروشات- أن حركة البيع ضعيفة منذ عامين، وتكاد تكون منعدمة منذ 3 أشهر، فالأمن هو العنصر الأساسي لازدهار حركة البيع والشراء، وفترة حظر التجول "دمرت السوق"، والآن نعاني من ارتفاع الدولار، وانخفاض دخل الزبائن، مما جعل الإقبال ضعيفا، وحتي الزبون الذي يشتري "يفطس السعر"، وأحيانا نضطر للبيع بالخسارة من أجل تدوير أموالنا. "الشغل نايم".. بكلمتين يلخص أحمد علي ذ بائع- حال السوق، فمن كان يشتري 10 قطع أصبح يشتري 5 فقط.. "الناس مش لاقيه تاكل وحرام اللي بيحصل في البلد"، مشيرا إلي أنه بالرغم من أن الزبون يعلم أن أفضل أنواع أطقم الصيني لجهاز العرائس هو "المصري الألماني"، إلا أن الإقبال أكبر علي "الصيني الشعبي" لانخفاض سعره. ركود في «الوكالة» حالة الركود في "وكالة البلح" يعبر عنها البؤس الظاهر علي وجوه البائعين، بسبب "وقف الحال" الذي يعانون منه منذ فترة ليست بالقصيرة, نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة والتي تنعكس بالسلب علي الأوضاع الاقتصادية.. يقول وجدي نجيب -بائع مفروشات- إن حركة البيع والشراء تكاد تكون متوقفة منذ 3 سنوات تقريبا، مشيرا إلي أنه يعمل في وكالة البلح منذ أكثر من 10 سنوات، وخلال هذه المدة لم يشهد السوق ركودا بمثل ما يعانيه هذه الأيام، مؤكدا أن حركة البيع تراجعت بنسبة من 60٪ إلي 20٪. يلتقط منه طرف الحديث الحاج محمد صبري - بائع ستائر- مشددا علي أن هذا الركود يرجع إلي الوضع الأمني السيئ الذي تمر به البلاد، فالزبائن يخشون النزول إلي الشوارع، خوفا من حوادث الخطف والسرقة المنتشرة، والتي تنشر عنها الصحف، وتذيعها برامج التوك شو بكثافة، مما أرهب الزبائن خاصة من السيدات، اللاتي يتطلب نزولهن إلي الأسواق الشعبية كوكالة البلح وقتا طويلا يستمر أحيانا طوال اليوم، في الاختيار و"الفصال" مع البائع. ويبدي عماد عبدالله -بائع ملابس- حزنه الشديد من حالة الركود التي أصابت وكالة البلح.