الثورة تعني الانتقال بالمجتمع الي أوضاع أفضل وأرقي، ولاتعني، بأي حال، الارتداد الي حالة أسوأ بكثير مما كانت عليه في السابق. وفي سوريا بدأت في عام 1102 ثورة علي النظام الحاكم ثم تحولت الي حرب أهلية لكي تنتهي، في آخر المطاف، الي حرب تدمير للدولة السورية والجيش السوري.. تماما كما حدث في العراق علي أيدي الغزاة الامريكيين في عام 3002. لم يعد الهدف الحقيقي يقتصر علي إسقاط بشار الأسد وانما اصبح القضاء علي الكيان السوري وتفتيت وتقسيم البلاد الي دويلات وإمارات طائفية وعرقية ومذهبية »سنية وعلوية ودرزية وكردية الخ..» وإقامة نظام شمولي اكثر استبدادا وضراوة ووحشية. ان إسقاط النظام ليس الهدف الأول والأخير، لأن النظام قد يسقط دون أن تتحقق الحرية والعدالة والديمقراطية والمواطنة وها هي القوي المدنية والثورية التي اطلقت الثورة في سوريا تفقد مكانتها وتتحول الي قوي هامشية..، قليلة الشأن والدور، ولم تعد تؤثر في الأحداث، بينما تتصدر المشهد قوي معادية لمبدأ وفكر الحرية.. تطلق فتاوي التكفير لكبار المبدعين وتفجر تمثال الشاعر ابوتمام في منطقة «درعا» وتقطع رأس تمثال ابي العلاء في معرة النعمان في منطقة «أدلب». وها هي سوريا تتحول الي ساحة مفتوحة للمنظمات الارهابية، وعلي رأسها تنظيم «القاعدة»، وللمرتزقة الأجانب. مقاتلون من حوالي خمسين دولة يشاركون في القتال ضد الجيش السوري، بينهم استراليون!- نعم استراليون باعتراف المدير العام للمخابرات الاسترالية- وصوماليون واتراك وبريطانيون والمان وفرنسيون وامريكيون ويمنيون وعراقيون واردنيون وباكستانيون من اعضاء حركة طالبان.. وقوقازيون! وتتولي «قطر» شراء الاسلحة ونقلها الي هؤلاء المقاتلين عبر تركيا. وفي أرض «الهجرة والجهاد» علي حد تعبير الارهابيين، هناك اعلان رسمي برفض أي عملية سياسية أو أحزاب سياسية أو انتخابات برلمانية في سوريا، علي حد تعبير «ابومحمد الجولاني»، زعيم تنظيم النصرة، وانما «احلال حكم الشريعة». وينتمي تنظيم النصرة الي «القاعدة». ويؤكد مقاتل من تنظيم القاعدة في شمال غرب باكستان، يدعي اسماعيل، قائلا ان «مجاهدينا لايتوجهون فقط الي سوريا، ولكن ايضا الي لبنان ومصر وغيرهما»! وتطوع هؤلاء المقاتلون «الثوار!!» بتقديم كشف للامريكيين بالاهداف التي يجب قصفها داخل سوريا بصواريخ كروز. وهذا ما فعلته اسرائيل ايضا! كلمة السر: السلاح الكيميائي بعد اكذوبة اسلحة الدمار الشامل العراقية وكانت هناك مخاوف من ان يؤدي سقوط جماعة الإخوان في مصر الي عرقلة تدفق آلاف الاطنان من الاسلحة من ليبيا ومن مصر حيث ان محمد مرسي كان يؤيد «الجهاد» في سوريا بناء علي طلب واشنطن. تراجع النفوذ الامريكي بعد هزائمها في العراق وافغانستان وتدهور مكانتها في المواجهة مع ايران وتآكل وسقوط هيبتها بعد تحرر الارادة المصرية وخروج مصر من دائرة التبعية.. كل ذلك جعل الرئيس اوباما يفقد توازنه ويضع بلاده في خدمة الارهابيين في سوريا ويصمم علي تدمير سوريا وجيشها. ولذلك لم يهتم الرجل بالصور التي سلمها الروس لصاروخين من تصنيع محلي انطلقا من منطقة «دوما» السورية عند الواحدة والدقيقة الخامسة والثلاثين من ليلة 72 -82 اغسطس ويحملان مواد كيميائية من منطقة تسيطر عليها جماعة «لواء الاسلام» المحاربة ضد النظام السوري. وكان الهدف من الصاروخين هو تعطيل اضخم عملية عسكرية يقوم بها الجيش السوري تحت اسم «درع المدينة»، وكان نجاحها يجعل مدن حماة وحمص واللاذقية واريافها تحت سيطرة النظام الحاكم، خاصة بعد ان انتصر في مدينة القصير الاستراتيجية. وكان الروس قد حصلوا علي هذه الصور من الاقمار الصناعية. ولم يهتم اوباما بنتائج عمليات التفتيش التي قامت بها الاممالمتحدة في شهر مارس الماضي وكشفت استخدام المعارضين لاسلحة كيميائية ولم يهتم بمعلومات أجهزة امنية فرنسية حول العثور علي معدات في العراق استخدمها تنظيم القاعدة لتصوير امكانات كيميائية.. ربما يكون قد تم نقلها الي سوريا- بل انه لم يهتم بانتظار نتائج تحقيقات الأممالمتحدة في الهجوم الكيميائي الاخير.. فالرجل يريد ان يضرب سوريا. كل ما اهتم به هو تصريح وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعلون بأنه «من غير المسموح ان ينتصر محور الشر الممتد من طهران الي دمشق وبيروت في الحرب الدائرة في سوريا»!!