احتار المؤرخون علي مر العصور في تفسير العلاقة العكسية بين ثروات مصر وفقر اهلها، فكلما ازدادت مصر غني ازداد اهلها فقرا.. وكلما تحدث الاقتصاديون عن ارتفاع معدلات النمو كلما ازدادت شكوي المصريين من شظف العيش وعجزهم عن توفير الحد الادني من طلبات ابنائهم ! هذه الحيرة دفعت احد المؤرخين لوصف المصريين بانهم "فقراء في حقول الذهب " بمعني انهم علي قدر ثروات بلادهم يعيش اكثر من نصف الشعب المصري تحت خط الفقر ولايتجاوز حجم انفاقه دولار واحد يوميا ! هذه الحيرة تبددت مؤخرا بعد ان شاهدنا جميعا حجم السرقات التي كنا نتعرض لها لسنوات وسنوات.. صحيح اننا كنا نعلم ان كل حكامنا وحكوماتنا علي مر العصور كانوا يسرقوننا ولكن لم نتخيل في ابشع كوابيسنا ان يصل حجم السرقات الي هذه الدرجة وان تصل جرأة اللصوص الي هذا المدي! كيف كانوا يفكرون وهم يغترفون من اموالنا بلا حساب ونحن نعاني الجوع والفقر والمرض؟! بماذا كانوا يشعرون وهم يرفلون في النعيم داخل قصورهم المنيفة ومعظمنا يعيش في العشوائيات والمقابر؟! بأي عين كانوا ينظرون الينا وهم يسبحون في حمامات السباحة التي حفروها بعظامنا وملأوها بدمائنا ومعظمنا يبحث عن نقطة ماء يروي بها عطشه؟! كيف صموا آذانهم عن بكاء اطفالنا الجوعي.. وكيف غضوا أبصارهم عن المحترقين امام مجلس الشعب والمنتحرين علي كوبري قصر النيل؟! من الظلم ان نقول ان مبارك وعصابته وحدهم الذين امتصوا خيرات بلادنا وسرقونا، فنحن نتعرض للسرقة منذ آلاف السنين! الفراعنة سرقونا.. والرومان ساروا علي دربهم.. والمماليك اقتدوا بهم.. والعثمانيون حذوا حذوهم..! محمد علي اعتبر مصر ضيعة له ولاسرته يهب اراضيها لمن يشاء.. وابنه سعيد باع قناة السويس بطبق مكرونة .. وحفيده توفيق فتح ابوابها للانجليز! اسماعيل اغرقنا في الديون.. وفؤاد زارنا في عهده الطاعون.. وفاروق كان مجرد مراهق مجنون! عبد الناصر اغلقها علينا بالضبة والمفتاح عندما اخطأ في فهم وتطبيقالاشتراكية.. والسادات جعلها سداح مداح تحت اسم الانفتاح! في النهاية يا سادة ..مبارك ليس اول اللصوص ولكن.. هل يكون آخرهم؟!