مدبولي: حماية حقوق مصر المائية أولوية قصوى ونتطلع لتحسن إيرادات قناة السويس    "كلكم على راسي".. محافظ كفر الشيخ يستوقف موكبه لمكافأة عاملة نظافة    افتتاح أحدث مصانع الأوتوبيسات بمدينة الصالحية بحضور الفريق كامل الوزير    عضو ب"الشيوخ": محاولات الإعلام الإسرائيلي لتشويه القادة العرب فاشلة ومكشوفة    ترامب: أمريكا اتخذت إجراءات ضد سفينة ثالثة من فنزويلا    "بعد مشاركته أمام مارسيليا".. لاعب ريال مدريد يسجل رقما تاريخيا في دوري أبطال أوروبا    فرص لأمطار خفيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس الأربعاء (بيان بالدرجات)    أكاديميون ينعون د. صبري المتولي أستاذ علوم القرآن الكريم بجامعة القاهرة .. تعرف على إنتاجه العلمي    "داخل الأسانسير".. ياسمين رئيس تخطف الأنظار والجمهور يغازلها    وفد نقابة المهندسين يتابع أعمال المرحلة الثانية من النادي بأسيوط الجديدة    بالصور.. محافظ سوهاج يسلم 25 عقد عمل لذوي الإعاقة ويطلق مشروعين لدعمهم    وزير الخارجية يلتقى سكرتير عام منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية    أحمد موسى: كل ما يفعله نتنياهو اليوم سيكون له رد فعل    فني صحي طنطا يتصدر قائمة تنسيق الثانوية الصناعية 3 سنوات بحد أدنى 99.5%.. النتيجة كاملة    غرفة عمليات وإشراف قضائي.. كل ما تريد معرفته عن اجتماع الجمعية العمومية    بتكلفة 65 مليون جنيه.. محافظ الشرقية يفتتح 4 مشروعات جديدة غدًا    فى الأقصر .. الإعدام ل4 متهمين لاتهامهم بمقاومة السلطات وحيازة مخدرات    مدبولي: زيادة البنزين المقررة في أكتوبر قد تكون الأخيرة.. ودعم السولار مستمر    موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للموظفين والأشهر المتبقية بعد بيان المالية    الجرائم الأسرية دخيلة على المجتمع المصرى    ماريا كاري تخطف الأنظار بإطلالتها ومجوهراتها الفاخرة في حفل أم أي 2025    ريهام عبد الحكيم: المنافسة صحية وأنغام أقرب الناس لقلبي    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    كم يحتاج جسمك من البروتين يوميًا؟    بعد صعودها لأعلى مستوى في 14 عامًا.. كيف تستثمر في الفضة؟    فسحة تحولت لكارثة.. إصابة سيدتين في حادث دراجة مائية بشاطئ رأس البر    شن حملات تفتيشية على المستشفيات للوقوف على التخلص الآمن من المخلفات في مرسى مطروح    عمرو عبدالله يقدم ماستر كلاس عن فلسفة السينوغرافيا في مهرجان الإسكندرية المسرحي (صور)    لأول مرة.. رئيس الوزراء يكشف عن رؤية الدولة لتطوير وسط البلد    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    الرئيس الصومالي: علاقتنا مع إثيوبيا لا تؤثر على شراكتنا مع مصر    الصحة: توفير لقاح الإنفلونزا الموسمية مجانًا للفرق الطبية    شاهد تخريج الدفعة 7 من المدرسة القرآنية فى سوهاج    الشيخ خالد الجندى: أبو هريرة كان أكثر الصحابة رواية للسنة النبوية    جماهير مارسيليا ترفع علم فلسطين وتدعم غزة ضد حرب الإبادة قبل مباراة الريال    مراسل "القاهرة الإخبارية" من النصيرات: غزة تباد.. ونزوح جماعى وسط وضع كارثى    "حياة كريمة" تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي القنطرة غرب بالإسماعيلية    افتتاح المؤتمر السابع للشراكة من أجل المبادرات الدولية للقاحات (PIVI) فى القاهرة    طريقة تجديد بطاقة الرقم القومي إلكترونيًا 2025    أمل غريب تكتب: المخابرات العامة المصرية حصن الأمن القومي والعربى    رئيس هيئة النيابة الإدارية يلتقي معاوني النيابة الجدد    8 صور ترصد استقبال زوجه وأبناء حسام حسن له بعد مباراة بوركينا فاسو    حسام البدري: الأهلي يمر بمرحلة صعبة.. واستمرار الخطيب ضروري    برشلونة يعلن مواجهة خيتافي على ملعب يوهان كرويف    هتوفرلك في ساندويتشات المدرسة، طريقة عمل الجبن المثلثات    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    «شوبير» حزين لجلوسه احتياطيًا في لقاءات الأهلي ويطلب من «النحاس» تحديد مصيره    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    وزيرة الخارجية البريطانية: الهجوم الإسرائيلي على غزة متهور    مهرجان الجونة السينمائي يمنح منة شلبي جائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    الأرصاد: انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. وبدء الخريف رسميا الإثنين المقبل    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    محافظ بني سويف: 28% نسبة الإنجاز في مشروع كوبري الشاملة ونسير وفق الجدول الزمني    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    بلدية غزة: اقتراب موسم الأمطار يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية بالمدينة    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكرم القصاص يواصل فوازيره.. 15 فزورة تجعل حياة المواطن لغزا كبيرا.. المرتب والعلاوة ونسبة النمو والموازنة ونصف الكوب والعنقاء والخل الوفى
فوازير رسمية وفوازير شعبية ..
نشر في اليوم السابع يوم 27 - 08 - 2010

◄◄ محدودو الدخل لايمكنهم إكمال خمسة أيام والحكومة ترد عليهم بلوغاريتمات الموازنة
◄◄ نصدر الغاز ونستورده ولا نجد ما يكفى لإنتاج الكهرباء.. المواطن يتظاهر ضد الحكومة ويجد نفسه فى مواجهة الداخلية
الناس على المقاهى وفى الشوارع والموظفون فى المكاتب والفلاحون فى الحقول والطلاب على الإنترنت وربات البيوت أمام التليفزيون مهمومون بحل الألغاز والفوازير وإذا كانت الحكومة والحزب الوطنى والنظام صنعوا فوازير سياسية واقتصادية تعجز أى عقول عن حلها، فالناس تعيش الألغاز والفوازير كل ساعة وكل يوم.
الحياة أصبحت فى مصر مجموعة من الألغاز. المواطنون الذى تسميهم الحكومة غير القادرين أو المحدودين، وهم الأغلبية الغالبية التى تشكل 60 مليونا على الأقل من الثمانين مليونا الذين يعيشون على أرض مصر. المواطن أمام فزورة تبدأ من المرتب أو الدخل ولا تنتهى مع أزمات ومشكلات بلا حل. كيف يمكن لكل هؤلاء المواطنين أن يعيشوا بدخل محدود لا يتجاوز العشرين جنيهاً فى اليوم ومن أول أسبوع من الشهر حتى آخره حائرون. لا يعرف المحدود كيف يبدأ الشهر أو ينهيه يعمل وظيفيتين والدخل لا يكفى. أكبر فزورة تعجز عن حلها الرياضيات والهندسة والفيزياء وحساب المثلثات لأنه يدخل ضمن الفراغية. وكل طرق الحساب تقول له إنه لا يفترض أن يكون حياً يرزق.
الأسبوع الماضى عندما تحدثنا عن فوازير السياسية والاقتصاد والفساد قال كثيرون إن الفوازير والألغاز أكثر بكثير لدينا 80 مليون لغز وفزورة تستعصى على الحل. المواطن يسمع ويقرأ تصريحات الحكومة التى تصف حاله أنه سعيد ومبسوط وتقدم أرقاماً تقسم برأس والدها أنه أسعد المخلوقات وهو لغز آخر فى الموازنة ونسبة النمو وخلافه.
مواطن ولا محدود ولا الهوا رماك ومن هو غير القادر؟
اعتادت الحكومة والحزب الوطنى أن يطلقوا على المواطن أسماء دلع منها المحدود وتقول إنها تعمل من أجل المحدود وتسهر على راحة المحدود، ويعنى العاجز عن تمضية خمسة أيام من الشهر بدون مشاكل.. هم فى البيانات والتقارير التنموية حوالى 40 مليونا لكنهم عند الدكتور عثمان محمد «أرقام» وزير التنمية الاقتصادية خفضهم أقل من عشرة ملايين. والخلاف حول نسبة الفقراء أحد الخلافات المنهجية بين المواطن والحكومة فالفقراء يملأون البلد فى القرى والعشوائيات. الحكومة تقول للمواطن أنت سعيد وكويس بينما يجد نفسه عاجزاً وضائعاً وفقيراً ومهاناً.
المواطن العادى المحدود الدخل والقدرة والذى بلا حول ولا قوة يعانى من كل المشكلات المزمنة والحادة. المواطن أصبح عاجزاً عن مجاراة الارتفاعات والقفزات فى الأسعار، التى تجاوزت قوانين السوق إلى نوع نادر من القوانين الاقتصادية لا يوجد إلا فى مصر.. الحكومة تتصور طوال الوقت أن الخلاف بينها وبين المواطن هو فقط فى الأرقام. أما المواطن فهو الاسم الذى تطلقه الحكومة والنظام والحزب الوطنى ويذكر فى بيانات الحكومة ومجلس الشعب ويتحدثون باسمه فى المنتديات والفضائيات. أو عندما يريدون منه المشاركة فى العملية الانتخابية التى لا يعرفها ولا يشارك فيها.
حسبة برما.. رصيدك انتهى ودخلك لا يكفى
نصف المصريين دخلهم أقل من 500 جنيه فى الشهر وربع المصريين دخلهم أقل من 200 جنيه فى الشهر ونصف الربع أقل من خمسين جنيها ومع هذا يعيشون أو يتنفسون، بحسبة عادية تكتشف أن المواطن يحتاج 200 جنيه عيش مدعم بعد الوقوف فى الطوابير، و150 جنيها انتقالات فى المترو والميكروباص والأتوبيس، وإذا أكل لحمة من الجمعية يحتاج 2 كيلو بسبعين جنيه لمرة واحدة، والفول والطعمية للإفطار يحتاج إلى 100 جنيه، لم نتحدث عن مغامرات لأكل اللحمة أو الفاكهة أو العصير، الحسبة غير مستقرة.. المواطن يعيش بعملين أو أكثر لن يؤدى فى أى عمل كما ينبغى. لأنه لا يحصل على أجر كما ينبغى. هذا المواطن مطلوب منه أن يحب البلد ويعيش بشكل عادى ويضحك ويقعد على القهوة ويزور ويزار.
لوغاريتمات بيان حكومة..
بيان الحكومة، كل حكومة يزدحم بالأرقام واللوغاريتمات ومئات المليارات الكثير من البرامج والوعود والمساكن والسلع والوظائف. والنشويات والإنشاءات والبروتينيات.
مثلاً الدكتور أحمد نظيف قال إن الحكومة تنحو باتجاه الواقعية وتكره الوعود الوردية البراقة والفضفاضة وللمفارقة فقد كانت هذه العبارة هى ذات نفسها التى قالها قبله الدكتور عاطف عند إلقاء بيانه الأول وبياناته التالية يرحمها الله. الدكتور أحمد أصر كما هى عادته على أن يكون معلوماتياً وإلكترونياً ونيوترونياً، بل وذرياً. بيان الحكومة ازدحم بالوعود عن تعيينات وفرص عمل ورعاية صحية غير مسبوقة وتعليم وتربية وترفيه وتسالى. يكاد يكون منقولاً من برامج الحكومات السابقة. تحدث عن محدودى الدخل والإسكان الاقتصادى والدعم بكلمات مطاطة.البرنامج يتكون من 10 برامج تنموية ذات خطوات تنفيذية, وصبغة تشكيلية، ومن الاستثمار إلى التشغيل, حتى تهيئة المناخ وإزالة الحواجز والشعر الزائد. مع تخفيف الأعباء، وتطوير القطاع وتحديث القواعد وعقد الاتفاقيات وفتح الأسواق الخارجية. مع ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه, بالباراشوت أو البريد الإلكترونى. فضلاً عن الخدمات وتوصيل المياه والكهرباء والإسكان الاقتصادى إلى المنازل. وإعادة الهيكلة وتنمية الأنشطة. وجودة التعليم, وتدعيم الرعاية الصحية. والحفاظ على الثروات والتركيب المحصولى والمناخ السياسى والتشريعى ودعم الديمقراطية, وتشجيع المشاركة وتعميق الممارسة وتصليح الحوار، والدخول الخارج نحو التواصل الانبعاجى المتواتر, وتعزيز المعزز وتوسيع الموسع وتسطيح المسطح كل هذا لم يتحقق واصبح المواطن العادى والمحدود عاجزاً عن فهم ماهو موجود فى برامج الحكومة وموازناتها.
برنامج العشرة برامج
رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف تولى رئاسة الحكومة منذ صيف 2004، وفى ديسمبر 2004 ألقى بياناً أمام مجلس الشعب أعلن عن برنامج «العشرة برامج» لم يترك فيه كبيرة ولاصغيرة تحدث عن الاستثمار والتشغيل، وإتاحة فرص، ووصول الدعم إلى مستحقيه، وتشديد الرقابة على الأسواق والسيطرة على التضخم، وتطوير الخدمات الضرورية للمواطنين خاصة محدودى الدخل. وتطوير الأداء الاقتصادى والتعليم والبحث العلمى. والخدمات الصحية. والجهاز الإدارى والرقم عشرة تحول مع حكومة الدكتور نظيف إلى لعنة. وبعد ست سنوات. انتهى الحديث عن التشغيل لمزيد من البطالة، وحماية الثروات انتهى إلى إشعال أسعار الأراضى ومستلزمات البناء والمساكن. أما الحديث عن محدودى الدخل فقد انتهى إلى مأساة علنية، بعد فشل الحكومة بكل إمكاناتها عن توقع الأزمة والتعامل معها، بالرغم من أنها حكومة إلكترونية ورقمية. حديث حكومة نظيف حول تطوير الخدمات الضرورية للمواطنين، الماء والصرف والبنية الأساسية، التى تشهد أسوأ أوضاعها. المياه تحولت إلى مأساة فى الصيف، لاتزال فى الذاكرة. ارتفعت أسعارها مع الكهرباء والصرف، فضلاً عن تردى حالة النظافة. ولايزال انقطاع الكهرباء يكاد يعيد مصر إلى عصور الظلام، ومع أن الحكومة تحصل على عشرة أضعاف ما كان يحصل للنظافة فإن حالة النظافة غائبة.
نصف الكوب.. هو فين الكوب؟
ورث منه الدكتور نظيف نظرية نصف الكوب الفارغ والمملوء، بالرغم من كون الكوب نفسه ليس موجوداً. ومازال يبحث عن الكوب. ولعل رئيس الوزراء والوزراء الذين اعتادوا إلقاء أرقام وردية لا علاقة لها بالواقع يتجاهلون تقارير التنمية والأبحاث الرسمية وشبه الرسمية.. رئيس الحكومة يتحدث عن نصف الكوب الملآن، والمواطنون لايرون لا النصف الملآن ولا الفارغ ولا الكوب أصلا، صفحات الحوادث بالصحف ترصد حروباً وصراعات وقتلى وجرحى على أبواب الأفران وفى الأسواق وحالات الانتحار عجزاً من قبل مواطنين يعجزون عن تدبير الحد الأدنى لحياة بشر.
الدعم العينى والنقدى والمقلم
منذ سنوات بعيدة والحكومة والحزب والنظام يتباهون بما يقدمونه من دعم للمواطنين للسلع والخدمات للتعليم والصحة والنقل والبنزين والسولار، وقبل أعوام قليلة أعلنت الحكومة على لسان رئيس الوزراء أنها بصدد إلغاء الدعم العينى وتحويله إلى دعم نقدى. لكن الرئيس نفى إلغاء الدعم، موازنات الحكومة تتحدث عن دعم بعشرات المليارات 101 مليار جنيه فى 2010-2011. و65 مليار جنيه دعما للطاقة، للبوتاجاز والمازوت والسولار والبنزين، وهو مايفوق دعم التعليم والصحة وخلافات حول أن هذه الأموال لاتذهب للمستحقين ولاتخدم قضية الفقر، فهل يمكن لساكن عشوائيات أو حتى محدود دخل، أن يصدق أن الحكومة تدفع دعما من الموازنة.. لغز الدعم يستعصى على فهم المواطن العادى أو المحدود. والأسعار التى ترتفع يوميا، وسط أكبر حالة من الاحتكار لتجارة السلع الأساسية وعجز الحكومة عن مواجهته. والحيرة بين اقتصاد سوق عشوائى، وتدخل عاجز. تضاعف سعر الرغيف غير المدعم، أما المدعم فقد تحول إلى أمر بعيد المنال، تفقد فى سبيله الأرواح ويقتتل من أجله المواطنون.
نصدر غازنا.. ولانجد غازا لمحطات الكهرباء
مثل الرجل الذى باع بيته لإدخال المياه والكهرباء.. فعلت الحكومة، فهى تصدر الغاز لإسرائيل ودول أوروبا وتفكر فى استيراد غاز لسد النقص، ويمكن للمجنون أو العاقل أن يسأل لماذا نصدر الغاز إذا كنا سنستورده، ولايمكن أن يكون الاستيراد أرخص من التصدير. الأمر الثانى أننا قرأنا عن الخلاف بين وزارتى الكهرباء والبترول، لأن الأخيرة لا تقدم الغاز لتشغيل محطات الكهرباء: كيف نصدر الغاز لإسرائيل، ثم نعود لنستورد غيره؟.
ومع أن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع، فإن الغاز المصرى محرم على البيت والجامع ومحلل للمواطن الإسرائيلى والإسبانى، وهو لغز يصعب تصوره، ولا حتى فى سياقات السياسة ومعادلات الهندسة التحليلية ولوغاريتمات العمل الدبلوماسى.
طعام.. وماء مسموم فى بلد النيل
مصر أصبحت من أكثر دول العالم تلوثاً، الماء والهواء والتربة، كلها تلقى يومياً وعن عمد، وترصد آلاف الأطنان من السموم، وإذا نجوا من السحابة السوداء فى نهاية العام، لم يفروا من مياه ملوثة وتربة زراعية تتشرب السموم من المبيدات والأسمدة، والنتيجة أن مايقرب من نصف الشعب المصرى يواجه أمراضاً خطيرة ومزمنة، لعل أخطرها الفشل الكلوى والكبدى والسرطان، فضلاً عن أمراض الصدر والمناعة.
النيل الذى يرمز للمصريين أصبح رمزاً للانتحار القومى، المصدر الرئيسى لمياه الشرب والرى يتلقى أكثر من 4 مليارات متر مكعب سنويًّا من مخلفات الصرف الصناعى والصرف الزراعى والصرف الصحى. والمصانع الواقعة على ضفتى النيل تلقى بمخلفاتها فيه، وتشكل مصدراً خطيراً للتلوث من أسوان للإسكندرية، ومجلس الشعب والحكومة عاجزون عن اتخاذ أى إجراء لمواجهة التلوث والكل عاجز عن المواجهة.. البرلمان يلقى بالمسؤولية على الحكومة، والحكومة عاجزة.. المياه سواء للرى أو للشرب لا تقتصر فى تلوثها على الفقراء، بل تصيب كل ما هو حى فى مصر، وبالتالى فإن الدولة يفترض أن تتعامل مع النيل كقضية أمن قومى لكنها لاتفعل.. لغز آخر من الألغاز.
زحمة بقانون المرور وبدون
من يصنع الزحام ومن يفكه، وما فوائد قانون المرور الجديد الذى تفكر الحكومة فى تعديله بقانون جديد.. الزحام هو السمة الأساسية التى لا يعرف المواطن كيف يتعامل معها، يخرج الإنسان من منزله ولايعرف متى يصل إلى عمله، ولا كيف يعود إلى منزله، المحاور والأنفاق والتعديلات الجديدة على المحاور توقف الشوارع فى مصر تماماً، الحكومة أصدرت قانونا للمرور حددت فيه الغرامات والركن فى الممنوع والسير عكس الاتجاه ولم تحدد أى مكان إضافى للركن، فالسيارات كلها فى الممنوع وتترك الحكومة الممنوع لأنها لم تخلق المشروع. أما الزحام فإنه يتواصل ويستمر بلا حل أو إمكانية للحل المستقبلى أو العلمى، وتتضاعف أعداد السيارات التى يفترض أن القاهرة تستوعب 2 مليون سيارة وتسير فى شوارعها 6 ملايين، ولا يوجد أفق للحل، والمواطن أمام قانون المرور والزحام مفعول به وليس فاعلا، ولا من حقه أن يعترض أو يرفض وإلا تعرض للغرامات.
ومثل الزحام هناك تصورات المواطن الذى لا يعلم شيئاً عن المحاور القادمة والكبارى التى تنوى الحكومة عملها، ولا بديل له عن الزحام سوى الزحام.
ميكروباص ومترو وأتوبيس..
لن تصل
لغز المواصلات والزحام ملحوق وتابع للغز الميكروباص، هذا الكائن الخرافى الذى يتمرد على كل القوانين والأوضاع، فالميكروباص لا قاعدة له، شكلاً هناك تسعيرة، موضوعاً المواطن يدفع ثلاثة أو أربعة أضعاف بسبب تقسيم المسافات، الميكروباص يقف فى مطالع ومنازل الكبارى ووسط الطريق، ولا حل قانونيا له، وسائقو الميكروباص يعلمون أنهم فوق القانون، لأن الميكروباص أو السرفيس مملوك لرتب أو مناصب تحميها من القانون، ويبقى المواطن ضحية، وإذا كان المواطن من راكبى المترو فلن ينجو من الأعطال لأن الصيانة غائبة، أما أتوبيسات النقل العام فقد تحولت هى الأخرى إلى لغز يعجز المواطن عن مواجهته، فالخطوط غير واضحة والمواعيد غير محددة. والزحام هو الذى يحكم المواعيد، لم يعد أمام المواطن مفر إذا هرب من المترو، يجد الميكروباص أمامه، وأتوبيس النقل العام خلفه، والزحام من حوله، ومقابل هذا يدفع نصف دخله فى مواصلات لا توصله.
طيبون ومعتدلون.. مين الطائفى؟
إذا سألت أى مواطن مصرى عن علاقته بجاره المسيحى أو المسلم فسيقول لك إن العلاقة على أفضل ما يكون، وسوف يروى لك حكايات كثيرة عن نشأته بين أهله وأن المسيحى أخوه وجاره، والأمر نفسه مع المسيحى، ومع أن كل الناس يحكون ذلك فإن أبسط مشاجرة أو حادث مهما كان صغيراً يتحول إلى فتنة ويصور على أنه حرب حتى لو كان خلافاً على أولوية الركوب أو السير أو لعب العيال. حوادث طائفية قامت وتقوم بسبب بيع وشراء أو بسبب لعب العيال أو غيره، وكأن هؤلاء الملايين الثمانين الذين يعيشون معا ويعملون ويزرعون معاً يتفرغون للخلافات والصراعات. المصريون بمسيحييهم ومسلميهم معتدلون متسامحون ظلوا طوال الوقت مضرب المثل فى الكرم والتعامل مع الغرباء، فما بالهم أصبحوا نافذى الصبر مع بعضهم، فمن يصنع الطائفية؟ السبب هو أن الظلم اتسع وغابت العدالة وتكافؤ الفرص، البطالة للجميع ولا تفرق بين مسلم ومسيحى، ونفس الأمر فى السكن والوظيفة والانتخابات، فالمسلم المواطن والمسيحى يعانون نفس المشكلات ويواجهون نفس الأزمات من الأسعار للتعليم، للصحة، للعلاج، للفقر، للمرض، ومع هذا يفرغون طاقة الغضب فى بعضهم.. من يصنع الطائفية؟ الاغلبية مع الاعتدال لكن الطائفية مستمرة وتهدد بحرق البلد فى أى لحظة، والصمت سيد الموقف فى لغز بلا حل.
فرص عمل وفرص بطالة
الحكومة تخفض عدد العاطلين إلى أقل من مليونى عاطل، بينما ترتفع أرقام شبه رسمية بعدد العاطلين إلى 5 ملايين عاطل، البطالة تساهم فى انتشار الفقر، وتفجر العنف، وارتفاع معدلات الجريمة بجميع أشكالها، ومع النتائج العكسية للخصخصة والانخفاض المتوالى لقيمة الجنيه وزيادة العجز فى الموازنة العامة وارتفاع الدين المحلى والارتفاع المستمر فى أسعار معظم السلع الأساسية، وسوء الخدمات الصحية والتعليمية والسكانية المقدمة للمواطنين، كل هذه مؤشرات واضحة لا تحتاج إلى تبرير، لكن الحكومة تقلب كل هذا إلى نجاح، إذا اشتكى المواطن من انخفاض الدخل وقلة الحيلة ترد الحكومة بأنها نجحت فى تجاوز الأزمة العالمية الاقتصادية، وتبتكر كل يوم وسيلة للهرب من مسؤوليتها، والمواطن الذى يعيش بين رحا الفقر والأسعار لا يجد لدى الحكومة رداً غير أنها تقدم له أرقاماً ضخمة لا يمكنه فهمها أبداً.
سر الموازنة العامة
المواطن من 60 مليون حول خطوط الفقر وتحت خط الستر لا يجد رداً على تساؤلاته، ويقف بفقره ومرضه أمام الحكومة التى ترد عليه دائما بأنها صنعت أكبر موازنة فى تاريخ مصر.. تريليون جنيه أى ألف مليار. المواطن يبحث لنفسه عن مكان تحت ظلال هذه الموازنة فى الخدمات والأجور والدعم.. المواطن لا يرى له نصيبا منها أبداً ويصعب عليه أن يموت فى الحوادث، ولايجد علاجا لأمراضه، والدعم المليارى يختفى عندما يجد المواطن نفسه عاجزا عن مواصلة الحياة بأى طريقة، أو يعجز عن قراءة الموازنة العامة، موازنة بلا فائدة ويفترض أن يراقبها برلمان يمثل الشعب، هو فى الواقع يمثل عليه، الضرائب غير عادلة والخدمات غير موجودة والنظام غائب.
لغز نسبة النمو الرسمية
نسبة النمو هى أحد الألغاز الكبرى لحكومة الدكتور نظيف، الوزراء لا يكفون عن الإعلان عن ارتفاع نسبة النمو بشكل كبير وأنها تصل إلى 7 % لولا الأزمة العالمية، لكن المواطن لا يشعر بالنسبة المذكورة، فالمواطن فى العشوائيات أو خارجها لم ير تلك النسبة، ولايجدها فى الأسعار أو الخدمات، فى الطرقات أو القطارات، فى العمل أو المستشفيات، كأنها نسبة سرية، وكلما ازدادت نسبة النمو عند الحكومة، يتوقف نمو المواطن.
الاسم للحكومة.. والفعل فى لاظوغلى
الإضرابات والاعتصامات السياسية والشعبية فى مواجهة الغلاء والفقر موجهة إلى السياسات، وإلى النظام والحكومة، ضد البطالة والأسعار والتسلط والتزوير والأجور الهزيلة، والسياسات التى أدت إلى الاحتكار. مطالب المواطنين موجهة إلى الدولة، ورئيس الوزراء، ووزراء المالية والتضامن والاستثمار والاقتصاد، والمحافظين، والحزب الوطنى، وهؤلاء يتجاهلون الأمر، ويتم تصدير وزارة الداخلية وأجهزة الأمن لتصبح الحكومة الفعلية فى لاظوغلى، وهو تحميل للأمن أكثر من طاقته، وخصم من جهده فى حفظ النظام وتطبيق القانون، لصالح تأمين النظام والحكومة من الغضب على سياساتها.. الحكومة تفشل والداخلية هى التى تعتقل وتواجه.. آلاف التقارير وقرارات الاعتقال الإدارى والوقائى ومراقبة التليفونات والتحضير لساعات صفر غير معلنة، ومناورات حرب ضخمة تدور أغلبها فى الخفاء، تظهر منها قمة جبل الجليد فى عساكر الأمن المركزى بملابسهم السوداء وهراواتهم، هؤلاء الجنود يواجهون الكثير مما يواجهه المواطنون يصرخون من فقر أدت إليه سياسات اقتصادية واجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.