سؤال عريض.. مثير.. محير.. يلعب بالعقول منذ اعلان خبر اغتيال اسامة بن لادن.. السؤال يتلخص في كلمات بسيطة العدد، عميقة المعني والمغزي: كيف توصلت المخابرات الامريكية إلي مكان اقامة بن لادن؟! سؤال آخر لايقل اثارة وصار علي كل لسان: هل كانت هناك عملية خيانة رفيعة المستوي؟! بمعني آخر هل هناك شخص ما باع بن لادن للأمريكان؟! ومن هو؟ ولماذا باع؟! وكم قبض؟! تتبع الاحداث يشير إلي ان هناك تورط لشخص كويتي اسمه أبواحمد.. لكن يبدو ان التورط لم يكن بسوء النية الذي يخطر علي البال للوهلة الأولي.. إلا أنه وفي كل الاحوال سوف يظل اسم »أبوأحمد« مقترنا بعملية اغتيال بن لادن!! عموما »ابوأحمد الكويتي« كان كاتما لأسرار بن لادن وحارسه الخاص والشخص الوحيد الذي كان يأتمنه زعيم القاعدة علي توصيل الاشرطة الصوتية للفضائيات.. لكن إلي جانب اسم »أبوأحمد« لابد ان نذكر اسماء أخري حتي تكتمل صورة لحظات الاغتيال في ذهن القاريء.. هناك مثلا »خالد شيخ».. و»رضوان عصم«..! قبل هذا وبعده.. يبقي الجانب الاكبر من السؤال: كيف استخدمت المخابرات الامريكية هذه الاسماء في الوصول إلي المجمع السكني الذي كان يقطن فيه بن لادن.. وان كانت لهذا المجمع السكني قصة أخري تبدو من خلالها عملية الوصول إلي هذا المجمع أقرب إلي أفلام الأكشن والحلقات البوليسية المثيرة! بايجاز شديد اعتمدت المخابرات الامريكية علي الوصول إلي شخص يمنحه بن لادن ثقة عمياء!.. الخطوة الثانية كشف أسرار المجمع السكني المحاط بحراسة أمنية ملفته للنظر فالمرجح طبقا لشواهد أخري أن يكون المجمع السكني هو محل اقامة بن لادن.. الخطوة الثالثة الاعتماد علي عدد من المعتقلين بجوانتامو ليرشدوا عن الاشخاص الذين يثق فيهم بن لادن..!.. هكذا كانت الخطة ومن هنا كانت مراقبة تليفونات »أبوأحمد« للتأكد من ان المجمع السكني المقصود هل محل اقامة بن لادن! الآن يمكننا فتح الملف من بدايته.. وكشف اسراره.. ودون ان نهمل - أيضا - دور المخابرات الباكستانية.. ولتكن البداية من الخبر المفاجيء الذي فجره أوباما وهز به العالم كله!.. ويبدو أننا نعيش في زمن المفاجآت والصدمات فلا يمر يوم إلا ونستمع خبرا يصيبنا بالدهشة والاستغراب.. ولكن هذه المرة جاء الخبر مؤكدا علي لسان الرئيس الامريكي اوباما الذي أكد أن ادارته نجحت في القضاء تماما علي زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في مجمع »آبوت آباد« بباكستان بعد مطاردة استمرت لأكثر من عشر سنوات كاملة بدأت منذ اعلان تنظيم القاعدة عن مسئوليته عن تفجيرات سبتمبر 1002.. بعد دقائق من قيام اوباما بزف خبر مقتل بن لادن إلي شعبه الامريكي والعالم بأكمله تضاعفت شعبيته بشكل لم يسبق له مثيل وتلقي التهاني الرسمية والشعبية من خلال قوافد الآلاف نحو البيت الابيض احتفالا بأخذ ثأرهم وينادون باسم امريكا واوباما ولكن مازال العالم في انتظار المزيد من التفاصيل.. لكن ساعات قليلة أخري من اعلان الخبر انتظر الملايين المزيد من التفاصيل فأكد المسئولون الامريكيون أنه قتل برصاصة مباشرة في الرأس من قبل أفراد العمليات الخاصة الامريكية »الكوماندوز« اقتحامهم المجمع السكني لبن لادن وواجهوا حراسه ثم قاموا بإنزال مروحية في مقره واستمرت العملية 04 دقيقة قتل خلالها بن لادن ورجلان وسيدة واصيبت امرأتين آخرتين.. وتلهف الكثيرون علي المزيد من التفاصيل كيف تتبعوه وكيف توصلوا إليه وأين قتل وفي اليوم التالي عرض المسئولون المزيد من التفاصيل والاسرار الخاصة بمقتل بن لادن. بداية الخيط أثارت تفاصيل عملية القبض علي بن لادن وبداية تتبعه تساؤلات عديدة خاصة بعد قيام موقع ويكيليكس الشهير بعرض بعض الوثائق الخاصة بعملية تتبعه قبل أيام قليلة من الاعلان عن مقتله وكأنه علي علم مسبق بما تقوم به غرف العمليات الخاصة الامريكية والمخابرات المركزية فكشفت عن توصل المخابرات الامريكية بالتعاون مع المخابرات الباكستانية عن أهداف وشخصيات ارهابية كان يجري البحث عنها منذ سنوات طويلة ولم يكن أحد وقتها يتوقع أمر هذه الوثائق تشير إلي زعيم القاعدة اسامة بن لادن ولم يلفت انتباه أحد سوي تصريح أحد المسئولين الامريكيين بضرورة توقف جوليان اسانج مسئول موقع ويكيليكس عن الافشاء بأي معلومات خطيرة تخص السياسات الامريكية.. وبعد أيام قليلة اعلن الرئيس الامريكي مقتل بن لادن علي يد قوات العمليات الامريكية الخاصة وكشف مسئولون امريكيون عن تفاصيل العملية وكيفية تتبع خيوط الكشف عن بن لادن.. التي بدأتها غرفة العمليات الخاصة الامريكية بتتبع معتقلي جوانتانامو المقربين من بن لادن والظواهري وبعد سلسلة من التعذيبات واساليب الادلاء بالاعترافات المعروفة عن القوات الامريكية في هذا المعتقل أدلي أغلبهم باسماء المقربين من بن لادن وتردد اسم »أبوأحمد الكويتي« الذي كشفت مصادر امريكية عن هويته بعد يوم كامل من الاعلان عن مقتل بن لادن مؤكدة أن المحللين بمعتقل جوانتانامو اكتشفوا تكرار اسم هذا الشخص الكويتي وهو الحارس المقرب لكبار قيادات القاعدة مثل »خالد شيخ محمد« العقل المدبر لتفجيرات سبتمبر »وأبوفرج الليبي« المعتقل أيضا في جوانتانامو الذي جاء اسمه ايضا علي لسان المعتقل الاندونيسي »رضوان عصم الدين« وهو أحد اعضاء القاعدة وقضي عامين في جبهات القتال في باكستان وافغانستان في فترة الثمانينات.. واعتبرت المخابرات المركزية الامريكية »أبوأحمد الكويتي« المفتاح الرئيسي للكشف عن بن لادن خاصة أنه مقرب منه وأشار عدد من المعتقلين إلي كونه الشخص الموافق لبن لادن منذ سنوات طويلة وربما يكون مقيما معه في مكان اختبائه وهو يعمل بالقسم الاعلامي ويثق فيه بن لادن ثقة عمياء فهو الراسل لكافة اشرطته الصوتية ومسئول عن تبادل أي رسائل بين زعيم القاعدة واعضائها.. وبعد التأكد من هوية أبوأحمد الكويتي والتأكد من علاقته الوثيقة ببن لادن تلقت قوات الكوماندوز الامريكية أمرا بالاستعداد للهجوم علي المجمع السكني لبن لادن خاصة بعد أن تأكدت المخابرات الامريكيةوالباكستانية من مكانه بعد كشف »أبوأحمد الكويتي« عن مكان بن لادن عن غير قصد بعد اجرائه مكالمة هاتفية راقبتها المخابرات وتأكدت من عنوان المجمع السكني وبالفعل داهمت القوات المجمع السكني لبن لادن وأشارت بعض الصحف الامريكية إلي قتل بن لادن بطلقة رصاص مباشرة في غرفة نومه وعرضت صور تخيلية لمشهد قتله. المجمع السكني! أثار مكان اختباء بن لادن شكوك وتساؤلات عديدة من جميع المحللين السياسيين الذين اشاروا إلي احتمال معرفة المخابرات الباكستانية بمكان تواجده من قبل لأنه لم يكن مقيماً في جبال أفغانستان أو في خيم وسط الصحراء بباكستان ولكنه كان يسكن في مجمع سكني فخم في أبيت آباد بالقرب من اسلام آباد.. والغريب في الأمر أن كل من كانوا يمرون بالقرب من المكان كانوا يعلمون جيداً أن هناك شخصا مهما يعيش في هذا المكان بسبب تفاصيل مثيرة فمثلاً المبني كان محاطاً بأسوار تزيد ارتفاعها عن خمسة أمتار تعلوها الاسلاك الشائكة وتحرسه بوابتان أمنيتان كما يحاط