وصف محللون أمريكيون ما حدث في مصر ب"الانقلاب الشعبي الشرعي الذي فجّره فشل مرسي". وقال "أيه. هيلير" الباحث في معهد "بروكينجز" والمدير في معهد "جالوب" والأستاذ في جامعة "وارويك" - ان عزل "الرئيس المنتخب ديمقراطيا" كان عبر انقلاب شعبي شرعي، وان الخوض في الجدل حول ما اذا كان ما حدث "انقلاب" او لا - هو غير ذي أهمية مقارنة بما سيأتي. وأضاف في مقال نشرته شبكة "سي ان ان" الأمريكية ان المشهد السياسي المصري منذ 1952 كان مختلطا بسلطة المؤسسة العسكرية، وعندما نزلت الحشود إلي الشوارع بداية 2011 فضّل الجيش أن يضحي بأحد أعضائه، الرئيس أنذاك حسني مبارك. وقال ان تاريخ مصر الحديث يحفل بترحاب من قبل الرأي العام وآخرها خلال الفترة الانتقالية الأولي بين عامي 2011 و2012. وحتي في خضم تزايد شعور الامتعاض من الجيش، خلص معهد "جالوب" إلي أن الثقة في العسكر في مصر ظلت عند مستوياتها العالية في حدود 85٪ بل إنها تجاوزت في بعض الفترات نسبة 90٪ وفي حين يتوقع ان تكون النسبة قد هبطت الان، الا قد لا تقل حاليا عن 80٪. فالجيش المصري هو مؤسسة تضم العائلات والأسر التي يقل أن لا تجد عضوا منها ينتمي للجيش سواء لصف الضباط أو المجندين، كما أن أجيال مصر تربت في المدارس علي احترام الجيش وتبجيله. وخلال العام الماضي، ارتكب مرسي وجماعة الإخوان المسلمين عدة أخطاء واتخذوا إجراءات لا تتفق مع الأهداف التي نادت بها الثورة المصرية، وبدلا من إصلاح "الدولة العميقة" (ذلك المصطلح المستخدم من قبل جماعة الإخوان) استخدموها لمصلحتهم. والخطأ الجسيم الذي ارتكبوه هو الاعتقاد بأنه في غضون ستة اسابيع سيكون الجيش تحت سيطرة مرسي. لكن مرسي لم يستطع إزاحة المشير حسين طنطاوي، بل إنّ الجيش هو الذي أعاد هيكلة نفسه بتعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسي، في عملية تترجم بوضوح أنه مؤسسة لم تكن يوما ما تحت سيطرة مرسي. وقال أن الجيش ظلّ مدعوما من قبل غالبية المواطنين المصريين، وليس مرجحا انه كان يرغب في مثل هذا الموقف أو أن له مصلحة في التدخل في شؤون الحكم، فالمرجح أنه ينظر إلي الأمر علي أنه قدر سيق إليه وأن العسكري كان يفضل أن يبقي بعيدا عن أمور الحكم المدني. وشدد الدستور الذي تم تمريره أثناء حكم مرسي العام الماضي، علي حماية الجيش وليس في حكم المرجح أن تستطيع قوة سياسية الحصول علي توافق سياسي يغير من شأن ذلك، فعلي العكس من ذلك فإنّه من المحتمل أن يعارض الرأي العام أي تغيير علي هذا الصعيد في الوقت الحالي. وأضاف انه قد استمر الفساد ولم يفعل مرسي شيئا إزاءه كما أن التعذيب استمر في مراكز الأمن، فيما بقيت وزارة الداخلية بعيدة عن أي إصلاح. كما أن التحرش الجنسي والعنف لم يكن في الماضي أشدّ مما هو عليه الآن والتعامل معهما هو ضرورة ملحة حاليا. لقد فشل مرسي في تحقيق أهداف ثورة 25 يناير وخسر بالتالي شرعيته الشعبية وتبدو الفرصة ماثلة للسلطة الجديدة للاستفادة من تلك الأخطاء ومن دون شك سيبقي السؤال: هل سيقدم الجيش المساعدة في تلبية مثل هذه المطالب وإنتاج ديمقراطية تعددية حقيقية؟ الزمن سيجيب.