بالحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا بالأمس، تكون قد أسدلت الستار علي قضية دستورية أو عدم دستورية مجلس اشوري القائم حاليا، وما يؤدي إليه ذلك من مشروعية بقائه، واستمرار ممارسته لمهامه التشريعية من عدمه، وهي القضية التي شغلت الرأي العام طوال الشهور الماضية، منذ حل مجلس الشعب وحتي الأمس. كما وضعت المحكمة الدستورية بحكمها أيضا، نهاية للجدل الذي كان قائما حول دستورية وصحة تشكيل الجمعية التأسيسية التي أعدت الدستور المعمول به الآن، وهذه القضية أيضا من أكثر القضايا استحواذا علي اهتمام ومتابعة كل القوي السياسية والحزبية المتواجدة علي الساحة. ولأن انتخابات مجلس الشوري جرت وفقا لذات النصوص القانونية التي جرت علي أساسها انتخابات مجلس الشعب السابق، الذي قضت المحكمة الدستورية بحله نظرا لعدم الدستورية، وبطلان النصوص القانونية المنظمة للانتخابات الفردية، فقد كان متوقعا من جانب خبراء وفقهاء القانون الدستوري، أن تقضي المحكمة بعدم دستورية مجلس الشوري لنفس الأسباب التي قضت بها علي مجلس الشعب. وطوال الشهور الماضية، ومنذ بداية نظر المحكمة الدستورية للطعن المقدم لها ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية، كان هناك شبه اتفاق في الرأي بين غالبية خبراء وفقهاء القانون الدستوري، علي ان التوقع الأرجح، هو أن تقضي المحكمة ببطلان التشكيل. ولكن هذه التوقعات كانت تصطدم دائما بما هو قائم في الدستور الحالي، من النص في المادة 032 علي بقاء مجلس الشوري بتشكيله الحالي واستمرار ممارسته لمهمة التشريع كاملة حتي انعقاد مجلس النواب الجديد، كما تصطدم أيضا بواقع الحال الذي يقول بإنتهاء أعمال الجمعية التأسيسية، وإعداد الدستور بالفعل، ونفاذه بعد الاستفتاء عليه. وفي ظل هذا كله يأتي قرار المحكمة الدستورية الذي صدر بالأمس، كاشفا عن بطلان القانون الذي تم انتخاب مجلس الشوري علي أساسه، وقاضيا في ذات الوقت باستمرار المجلس في مباشرة مهامه حتي انعقاد مجلس النواب الجديد، وفي هذه اللحظة التي ينعقد فيها مجلس النواب، ينتهي الوجود المعنوي والمادي للشوري نظرا لعدم الدستورية التي قام علي أساسها.