حسام بركات مدرسة ممتدة الجذور غزيرة الثمار، لديها فروع فى جميع الدول العربية والإسلامية، إنها مدرسة صاحب الحنجرة الذهبية، القارئ الأشهر عربيًا وعالميًا الشيخ عبدالباسط عبدالصمد «1927 1988» وفى هذا الحوار مع القارئ طارق عبدالباسط عبدالصمد، نكشف الكثير من أسرار والده فى ذكرى وفاته 37 فإلى نص الحوار: اقرأ أيضًا | القارئ ياسر عبد الباسط عبد الصمد: صوت والدي أدهش العالم فى البداية.. ما رأيك فى المقولة التى تقول إن عائلتكم عرفت باسم والدك؟ - هذه مقولة صحيحة، فقد عرفنا الناس؛ لأننا أبناء الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، القارئ الذى عشقه الناس وما زالوا، ويستمعون إليه كل حين، وهذا من فضل الله علينا، ونعمة كبيرة، نرجو الله تعالى أن يوفقنا للقيام بحمدها وشكرها على أحسن وجه، وأن يجعلنا من أهل القرآن القارئين والعاملين به. ما معنى أن تكون ابن القارئ الكبير الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟ - هذه مسئولية كبيرة علينا، فوالدى كانت له سماته الخاصة من التقوى وحب القرآن والعمل بما فيه، وهو ما أورثه حب الناس واحترامهم، وهكذا هم أهل القرآن دوما فى معية الله وببركات القرآن ما زال الناس يحبوننا ويحترمون ذكرى والدي، الذى يحبون الاستماع إليه كل يوم، والناس يقولون إن صوتى الأقرب إليه؛ ومع هذا فقد أديت عملى كضابط للشرطة ولم أقصر أبدًا فى احترام مهنتى فأديت خدمة متميزة أفدت بها وطنى حتى وصلت إلى رتبة اللواء، ولكن القرآن كان كل حياتى فضلا عن أن وصية والدى لى كانت بالاهتمام بالقرآن وإكمال مسيرته، ولذلك سجلت القرآن بروايتى حفص عن عاصم وقالون عن نافع وحصلت على إجازة التجويد من الأزهر، وسافرت قارئًا لإحياء ليالى رمضان إلى معظم دول العالم، وكنت قارئ وزارة الداخلية فى الاحتفالات الرسمية. كيف كانت بداية الشيخ عبد الباسط؟ - كان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أحد أبناء قرية «المراعزة» التى تتبع مركز «أرمنت» الذى يتبع بدوره محافظة «قنا»؛ وفى قرية «المراعزة» عُرف بيت الحاج عبد الصمد سليم «جد الشيخ عبد الباسط» باسم «بيت القرآن» هكذا أطلق عليه الناس وانتشر هذا اللقب المبارك المقترن بكتاب الله عز وجل فى القرى والنجوع والحواجز حتى أضحى علامة مميزة لهذا البيت الطيب المبارك.. وذلك لأن هذا الرجل كانت عليه من سحائب الرحمة والرضوان وكان من حفظة كتاب الله عز وجل وكان من المجودين للقرآن الكريم، المحيطين إحاطة تامة بأحكام تلاوته والعالمين بمرامى ودلالات ألفاظه.. وعلاوة على هذا فقد كان فقيهًا عالمًا بالأحكام الشرعية المختلفة؛ كما كان مفسرًا لكتاب الله عز وجل؛ وقد ورّث الحاج عبدالصمد أبناءه وأحفاده حفظ القرآن الكريم. وماذا بعد الانتقال إلى القاهرة وبداية الشهرة؟ - أثناء زيارة الشيخ عبد الباسط إلى مسجد السيدة زينب «أم هاشم» فى أحد الموالد إذ بيد تربت على كتفيه ويقول له صاحبها: مرحبًا بك يا شيخ عبد الباسط أما تعرفنى؟ أنا الشيخ «على سبيع» إمام المسجد وقد أتيحت لى الفرصة لأستمع إلى تلاوتك بينما كنت فى زيارة لأهلى فى الصعيد، وأنا أطلب منك أن تقرأ ولو لعشر دقائق أثناء الاستراحة؛ فاندهش الشيخ الشاب عبد الباسط قائلا: أمثلى يقرأ فى حضرة هؤلاء القراء العظام، فقال له الشيخ سبيع: لقد أخذت لك الإذن من كبير القراء الشيخ الشعشاعى والرجل نفسه تواق إلى أن يسمعك، وبعد عشر دقائق اختتم الشيخ الشاب تلاوته، فما كان من الحضور إلاّ أن طلبوا منه المزيد وهم يقولون بصوت يرج المكان: «الله يفتح عليك» وصلّى الشيخ صلاة الصبح ولم يدر بخلده أن يكون من ضمن الحضور الشيخ على الضبّاغ عضو لجنة تقييم الأصوات واختبار القراء بالإذاعة والذى دخل الشيخ عبد الباسط الإذاعة على يديه، وبانتهاء الصلاة خرج الشيخ عبد الباسط من المسجد الزينبى محمولا على أعناق الرجال الذين التفوا حوله غير مصدقين أن يكون هذا الصوت الملائكى لرجل مغمور ساقته الأقدار إليهم دون سابق ترتيب. هل ترى أن دولة التلاوة فى مصر ما زالت قائمة وتحتل عرش التلاوة عربيًا وإسلاميًا؟ - بالطبع، فالقرآن قرئ فى مصر، مصر هى أساس المقرئين بالعالم العربى والإسلامى كله، كانت ولا تزال سيدة الدنيا فى قراءة القرآن، صحيح هناك قراء جيدون فى كل العالم الإسلامى وهذا شيء جيد وخير كبير، ولكن الحقيقة أن مصر كانت ولا تزال هى الرائدة بفضل قرائها الكبار وتسجيلاتهم وقرائها الحاليين، وأنا متفائل بالقادم إن شاء الله. هناك آراء تقول إن أغلب القراء الحاليين مقلدون للكبار.. ما رأيك؟ - صحيح أن معظم القراء الآن مقلدون للقراء الكبار، ولكن هناك فئات جيدة تبشر بمستقبل طيب جدا، ونصيحتى لهم أن يجتهدوا فى الدراسة ثم يبحثوا لأنفسهم عن طريق جديد فى التلاوة بدون تقليد؛ خاصة أن لدينا خامات طيبة ومع بعض الجهد سيكون لهم مستقبل فى التلاوة إن شاء الله. أى القراء تحب أن تسمع القرآن منه غير والدك؟ - أسمع كل القراء الكبار القدامى، ومنهم الشيخ محمود على البنا، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ على عمران، والشيخ الحصري، والشيخ المنشاوي.. وغيرهم من كبار القراء. ما صحة أن الشيخ عبد الباسط كان من عشاق سماع الموسيقى وغناء أم كلثوم؟ - والدى كان يحب الأصوات الجيدة؛ لأنه كان يملك أذنًا مستمعة جيدة، لكنه لم يكن منشغلا بالموسيقى أبدًا وإنما هو القرآن، حياته كلها قرآن فقط، إما أنه فى تلاوات للإذاعة أو بالخارج فى دعوات أو فى البيت يصلى فى غرفته ويقرأ ورده اليومى أو يراجع لنا محفوظنا أو فى حفلات عزاء.. هذه هى حياته كلها.. ولو نظرت إلى كل هذه التسجيلات التى تركها وقستها على عمره ستتعجب كيف كان يجد الوقت للنوم.