اختفاء ادوية القلب والضغط وأدوية منع الحمل والبان الاطفال المدعمة من الصيدليات شكاوي تلقتها الاخبار خلال الايام الماضية.. هذه الشكاوي كانت كفيلة لنبدأ " رحلة البحث عن اسباب نقص الادوية في ظروف غامضة وحقيقة الاتهامات الموجهة لشركات الادوية بالاحتكار وموقف وزراة الصحة ونقابة الصيادلة والحلول المطروحة للخروج من الازمة. فمسألة نقص الادوية كانت المشكلة الكبري التي تمثل تحديا لمسئولين في مصر خلال السنوات الماضية، وقد عجزوا عن وضع حلول لها واكتفوا بالمسكنات التي تضع حلولا مؤقتة وسرعان ما تعاود المشكلة الانفجار مرة اخري ..ولكن يبدو ان المصريين علي موعد اخر من المعاناة تعرض صحتهم للمزيد من الخطر بعد ارتفاع اسعار أدوية لتكون الصفعة صفعتين علي وجوههم.. في السطور المقبلة نكشف مأساة ازمة العلاج في مصر وكيف يمكن مواجهتها. شهدت اسواق الدواء في مصر خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار بعض الأدوية ونقص بعضها، وذهب البعض إلي القول بأن هناك ارتفاعًا في أسعار المواد الخام بسبب ارتفاع سعر الدولار مما أدي إلي احجام الشركات عن تصنيع بعض الأدوية والبعض الآخر يري أن زيادة أسعار بعض الأدوية زيادة طفيفة لا تذكر وهي في مصلحة المريض بدلا من اختفائها وبين هذا وذاك يعاني المريض في الحصول علي الدواء وهذا ما يتناقض تمامًا مع أهم مبادئ حقوق الإنسان وهو الحق في الصحة والحصول علي الأدوية الضرورية بأسعار في متناول الجميع. بداية الجولة من صيدلية بميدان الجيزة .. المشهد العام داخل الصيدلية يكشف الازمة الحقيقية لنقص الادوية فيقول الدكتور محمد رمضان -صيدلي- ان بعض الأدوية زاد سعرها بنسبة 35٪ ومن بين هذه الأدوية إندروميسين مضاد للالتهاب من 4.5 جنيه إلي 5.30 جنيه- كاندستات سبراي للفطريات من 8 جنيهات إلي 10 جنيهات أوكسيميت نقط أنف من 1.25 جنيه إلي 2 جنيه ميدودرين أقراص للضغط من 3.5 جنيه إلي 7 جنيهات فوليك أسيد فيتامين للحوامل من 2.5 جنيه إلي 4.75 جنيه ريفو أقراص مسكن من 8 جنيهات إلي 10 جنيهات - أما ألبان الأطفال المدعمة ومنها بيوميل، ناكتيليا، ليبتوميك أسعارها من 17 جنيها إلي 18 جنيها وهي ألبان مدعمة وللأسف الشديد غير موجودة في السوق وتوجد بدائل لها لكنها غير مدعمة وبأسعار عالية تقتصر علي فئة معينة من الناس ومنها بيبيلاك بأنواعه ايسوميل سيميلاك وتتراوح أسعاره من 40 جنيها إلي 62 جنيها. واكد الدكتور اشرف سعيد -صيدلي - ان أسعار الدواء في مصر قد ارتفعت بنسبة 300٪ وان هناك نقصا كبيرا في جميع انواع الادوية مثل ادوية القلب والترجيع والسخونية ومعالجة الجفاف مضيفا ان البان الاطفال المدعمة اختفت من الاسواق وظهرت الالبان المستوردة التي يصل سعر العلبة الواحدة الي 50 جنيها موضحا ان الطفل الواحد يحتاج في الاسبوع الواحد علبة واحدة وهذه ميزانية ضخمة بالنسبة للاسر الفقيرة التي كانت تشتري اللبن المدعم 17جنيها أما أدوية الانتفاخ وعسر الهضم فزادت بنسبة 42٪، وارتفعت أسعار أدوية الكحة والتهاب الشعب الهوائية بنسبة 35٪، أما المقويات والفيتامينات فقد ارتفعت أسعارها بنسبة 40٪، وبالنسبة لأسعار أدوية الأنفلونزا والمسكنات فقد زادت بنسبة 40٪. وقد تعدت أسعار بعض الأدوية حدودا فلكية كالبيومين البشري والذي لا غني عنه بصورة دائمة لمرضي الكبد والذي وصل سعره إلي 135 جنيها. ويضيف أما عن أسعار أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكر والقلب والكلي والكبد والتي يعاني منها نسبة لا تقل عن 40٪ من الشعب المصري فحدث ولا حرج. المشكلة مع هذه الأمراض أنها مزمنة وغالبا ما يعاني منها المريض لفترات طويلة من حياته، تقدر بعشرات السنوات، مما يعني استنزافا بطيئا ومستمرا لجزء كبير من ميزانية المريض، لاسيما أن هذه الأمراض تحد من قدرة المريض علي العمل والكد وكسب الرزق. يؤكد الدكتور شريف صبري -صيدلي - ان هناك نقصا حادا في أكثر من 200 صنف دوائي يشهده سوق الدواء في مصر خلال الفترة الأخيرة خاصة في ادوية الالبان المدعمة للاطفال وحقن البنسلين وادوية القلب وادوية الازمات القلبية والملينات والقطرات وقد لجأت بعض شركات الأدوية لوقف بعض خطوط الإنتاج واتجهت لانتاج المكملات الغذائية وأدوية التخسيس لتعويض خسائرها. بالاضافة لذلك هناك ارتفاع في أسعار ما يقرب من 36 صنفاً دوائياً منها أدوية لعلاج خشونة المفاصل وحساسية الصدر والربو وأدوية لتحفيز الإنجاب والحل هو رفع أسعار الدواء المصري وربطه بالأسعار العالمية لان رخص الثمن يؤثر علي جودة المنتج وعلي المادة الفعالة بعد ارتفاع أسعار المواد الخام مما أجبر الشركات علي رفع الأسعار والامتناع عن إنتاج الأصناف رخيصة الثمن لأن تكاليف انتاجها أعلي من عائدها. ويشير د. فؤاد ابراهيم -صيدلي- إلي ان بعض أصحاب شركات الأدوية الكبري يقومون بسحب الأدوية من السوق المحلية لاجبار المسئولين بوزارة الصحة علي منحهم موافقة لرفع سعر الصنف الدوائي وهناك الكثير من الأدوية تم رفع اسعارها منها ليفوستين بخاخة لحساسية الأنف تم رفع السعر من 27 جنيهاً إلي 40 جنيهاً. سبازموديجيستين لعلاج عسر الهضم من 6.75 إلي 9 جنيهات. ببلسكلدين لعلاج هشاشة العظام من 29 إلي 36 جنيهاً. ميفلونيد لعلاج حساسية الصدر من 45 إلي 66 جنيهاً. ونقط ايفورتيل لعلاج ضغط الدم المنخفض من 5 إلي 7 جنيهات. ويقول الدكتور احمد عقيل عضو مجلس نقابة الصيادلة ان اسباب نقص الادوية كثيرة منها اغلاق بعض خطوط الانتاج بشركات الادوية كما ان بعض شركات الادوية تحتكر بعض انواع الادوية بالاضافة الي ان هناك شركات اخري تقوم بتحديد خطتها الانتاجية بطريقة المكسب والخسارة وليس حسب احتاجات السوق مضيفا ان هناك سببا آخر لنقص الادوية في الاسواق وهي ارتفاع اسعار المواد الخام ونقصها في ذات الوقت وهذا يرجع الي السياسات الخاطئة مثل سياسات تسعير الدواء والرقابة عليه من وزراة الصحة. ويري د. عقيل ان الحل الامثل للخروج من الازمة هو انشاء هيئة مستقلة للدواء تكون تابعة لرئاسة الجمهورية وتكون مسئولة عن استراتيجية استيراد الدواء وتوزيعه ووضع الخطوط الاساسية.