تاريخ العمل الاهلي في مصر يعود للقرن التاسع عشر وعدد الجمعيات والمؤسسات العاملة به عصي علي الحصر.. قيل انه تجاوز 45 الف جمعية ومؤسسة اهلية.. ومع ذلك يري المراقبون للمجتمع المدني انه مازال لم يقم بدوره المأمول في خطط التنمية في مجالات الصحة والتعليم والصناعة والتنمية المستدامة.. ومازال دور العمل الاهلي متخلفا عما يقوم به في العالم المتقدم.. والمجتمع المصري تزداد فيه نسبة الحاجة والعوز يوماً بعد يوم وتعجز الحكومات المتتالية عن اداء مهامها دون مشاركة المجتمع المشروعات.. اما بقية الجمعيات والمؤسسات فلا زال دورها محدودا وغير مؤثر في كثير من الأحيان وصفحة النقابات والمجتمع المدني تطرح هذه القضية للنقاش.. رفع الوعي يري اللواء ممدوح شعبان مدير جمعية الأورمان أن المجتمع المدني يقوم بدوره علي الوجه الأكمل في حدود الإمكانيات المتاحة.. وأنه لا توجد معوقات من أي جهة تمنعه من القيام بهذا الدور.. خاصة أن كل المشروعات الأهلية تُقدم للجميع دون تفرقة لجنس أو دين ولكل من يعيش علي أرض مصر.. مؤكداً أن دور المجتمع المدني ليس القضاء علي الفقر وإنما تقليص فجوته في المجتمع.. خاصة أن لدي بعض الجمعيات قصورا في التمويل ، نافياً وجود أي مشكلات في القوانين المنظمة للعمل الأهلي ، لأن من يعمل بإيجابية وصدق يجد المعونة من جميع الجهات الحكومية والخاصة..وتابع اللواء ممدوح شعبان قائلاً إن رفع الوعي بين فئات المجتمع يبدأ بإدراك أن العمل الأهلي . نفور مجتمعي علي الجانب الآخر أكد محمد أنور السادات عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للجمعيات الأهلية أن أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه منظمات المجتمع المدني "العمل الأهلي والتنموي" حاليا هي استخدام قضية التمويل الخارجي لمنظمات المجتمع المدني بطريقة سيئة ومغلوطة بشكل أدي إلي مناخ من النفور المجتمعي لعملها.. في حين أن النصوص القانونية المتعلقة بالتمويل يشار إليها بدقة ووضوح في قانون الجمعيات الأهلية.. إلي جانب أن هناك بعض العقليات ما زالت غير مستوعبة لمبدأ المجتمع المدني ولا تؤمن بفائدة وجود هذه المنظمات أو حتي علي الأقل قدرتها علي التغيير.. إضافة إلي ثقافة المجتمع فيما يتعلق بمجال التنمية التي للأسف الشديد ما زالت ضعيفة مما يجعل المنظمات غير الحكومية تعمل في ظل مناخ وبيئة اجتماعية تتطلب جهدا كبيرا ومكثفا في مجال التوعية المجتمعية.. ناهيك عن أن بعض النشاطات التي إذا ما أرادت أن تحقق النجاح الأمثل تحتاج الكثير من التمويل، وهذا التمويل بالنسبة إلي بعض المنظمات قد يكون محدودا للغاية.. لذا لابد أولا من تهيئة المناخ لمنظمات المجتمع المدني لكي تقوم بدورها كما يجب، ثانيا: الرئيس سبق ووعد بأن أي مشروع قانون سوف يخرج بعد أن يأخذ حقه ويتم التوافق عليه وهذا لم يطبق إلي الآن مع قانون الجمعيات الأهلية وغيره من القوانين، ثالثا: مهم جدا استطلاع رأي المجتمع المدني فيما يخصه من قوانين وتشريعات. رابعا: توعية المجتمع بأهمية عمل منظمات المجتمع المدني، وقد يأتي ذلك من خلال إنشاء مواقع اليكترونية خاصة بكل منظمة توضح أهدافها وهويتها ومصادر تمويلها لكي تصبح المنظمة معروفة بالنسبة للمجتمع وتقدم نفسها بكل شفافية. خامساً: غرس ثقافة التطوع وخصوصا لدي الشباب للعمل في منظمات المجتمع المدني والعمل الأهلي والتنموي، سادسا: نشر مناخ عام وخطاب سياسي وإعلامي يعزز من أهمية دور منظمات المجتمع المدني. تحديات المجتمع يوضح د.عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية أننا في مصر نعاني كثيرا من تردي الأداء الحكومي البيروقراطي، لذلك فإن جهود ومشاركة المجتمع المدني تظل ضرورية؛ بسبب تنوع الأنشطة التنموية التي قد لا تصل إليها أجهزة الدولة بشكل كفء.. لكن دور المجتمع المدني في التنمية في مصر لم يزل خافتا.. مؤكداً أن القيود القانونية المفروضة قد تأخذ أشكالاً متعددة تهدف إما إلي ضيق التنظيم والتمويل، أو تركه في منزلة معلقة (الاعتراف القانوني)، أو محاولة الهيمنة وغير ذلك من الأشكال.. وإذا كانت بعض التجارب قد استطاعت إيجاد صيغ تمكنها من الوجود والعمل مثل الشركات غير الربحية، فإن الوضع العام عندنا كان هو الميل إلي التضييق علي العمل الحقوقي وتعطيله ووضع العراقيل أمامه. وفي ظل وضعية جنينية لإرهاصات الفكر الحقوقي والمدني بشكل عام ومضايقات سياسة الدولة والحضور الوازن للفاعل السياسي (الأحزاب)، فإن الحركة الحقوقية تجد نفسها أمام تحديات كبيرة. ويؤكد د.عادل عامر أن الإشكاليات المطروحة علي منظمات المجتمع المدني والحقوقية منها هي تحديات مجتمع بأكمله، بكل ما يقتضيه ذلك من الارتقاء بأداء الدولة إلي مستوي التحولات المطلوبة، وما يستلزمه من إدارة سياسية للنهوض بحقوق وحريات المواطن وضمان كرامته وحمايته من التجاوزات والانتهاكات ضمن مشروع مجتمعي تتداخل فيه المكونات والضمانات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والثقافية.