عاد من جديد حلم تصنيع أول سيارة بأياد مصرية ليداعب مخيلة المصريين بعد أن ولد الحلم فى ستينات القرن الماضى ، حيث تم إنشاء شركة النصر لسيارات سنة 1960 ، والتي حققت نجاحات هائلة ، لكن أصابها لعنة نظام مبارك ، فأغلقت أبوابها ‘ إلى أن جاءت ثورة يناير لتعيد الأمل في إنتاج سيارة مصرية 100% ، حيث زارت لجنة من مجلس الشورى الشركة ودراسة كافة الأبحاث والدراسات التى أعدت من قبل حول إمكانية إعادة تشغيل الشركة ، ليستيقظ حلم السيارة المصرية ، من سباته الطويل ونراه يسير على أربع عجلات . لكن هل هذا الحلم صعبا ، وهل إنتاج سيارة مصرية 100% أمر صعب ؟ فى البداية بقول المهندس محمد زكريا إبراهيم نائب المدير العام لقطاع التصنيع بالشركة البافارية لصناعة السيارات: تصنيع سيارة مصرية مائة بالمائة ليس بالأمر الصعب، ولكن شأنه شأن أي مشروع يبدأ من دراسة الجدوي والتصميم و تحديد الأنسب والأصلح للسوق المصرية أو التصدير، و ينتهي عند التسويق و البيع. و نحن في مصر نملك كل المقومات البينية بداية من الشركات الحكومية التي امتلكت مقومات الإنتاج و حتي الشركات الخاصة و التي تملك حاليا المقومات الفنية لإنشاء منظومة صناعة سيارات متكاملة. بالإضافة لوجود قاعدة لا يستهان بها من الصناعات المغذية. و هنا يجدر بنا الإشارة أن هذا كله يعتبر أحد أهم مكتسبات حماية صناعة السيارات على مر السنوات السابقة والتى يجب أن يستمر دعمها تحت أى ظرف أو ضغوط مصالح خاصة تشجع الاستيراد و التبادل التجاري بمنظور لا يأخذ في الاعتبار القيمة المضافة لصناعة السيارات ، علما بأن عواقب انهيارها جزئيا أو كليا ستؤدى لغلق للمصانع و فقد الخبرات و تشريد العديد من العمالة و أسرهم. ويبقي اهم سؤال في دراسة الجدوي لمشروع السيارة المصرية و هو حجم السوق و المبيعات المتوقعة أمام تكلفة المشروع الباهظة و هذا ما لا نستطيع الإجابة عليه بدقة في الوقت الحالي خاصة في وجود منافسين شرسين أوروبيين و أسيويين و عدم وجود الإستراتيجية القومية الداعمة لهذا المشروع. الجدير بالذكر أنه يجب أن نفكر الآن بأسلوب و فكر 2013 ولا نظل نحلم نفس حلم 1990و نحاول الوصول للحلم بنفس الحلول القديمة رغم أن عالم المال و الأعمال يطور أسلوبه و فكره الاستراتيجى من عام إلى آخر ، فالآن نرى إستراتيجيات الاستحواذ على شركات أو الاندماجات أو المشاركات فنرى شركات هندية و صينية تشترى أو تشارك أعرق الشركات الأوروبية للاستفادة من هذه الشركات في التطوير و الأبحاث لموديلاتها الأصلية و ابتكار طرازات و موديلات جديدة و أيضا فتح أسواق جديدة و بعض الدول العربية تدعو شركات سيارات عالمية للتواجد على أراضيها و اعطائها مميزات غير مسبوقة لإنتاج مئات الآلاف من سياراتها و ذلك بهدف بناء قاعدة و بنية أساسية لصناعة السيارات و الصناعات المغذية بالدولة و خلق فرص عمل و قوى شرائية و نحن بمصر و كصناع للسيارات نحاول مقاومة التحديات و التى ذكرناها سابقا للحفاظ على ما وصلنا اليه و يتمناه و يسعى إليه الكثير من الدول العربية الشقيقة. صناعة عالمية يقول المهندس سعيد عبد العزيز بشركة «جنرال موتورز» صناعة السيارات هي صناعة عالمية، بمعنى انه لا توجد دولة تقوم بإنتاج مائة بالمائة من أي سيارة بل تقوم صناعة السيارات على أساس اقتصادي بحت ، فكل شركة عالمية لديها قاعدة من الموردين للمكونات و هذه القاعدة قد تكون منتشرة فى أماكن متعددة بالعالم لكي تحقق المواصفات المطلوبة والقيمة الاقتصادية المرجوة. و الشركات العالمية الآن تتجه إلى الدول التى لديها قاعدة صناعية جيدة من عمالة فنية مدربة و تكلفة تصنيع اقتصادية و منافسة مثل الصين و الهند. و للرجوع إلى إجابة السؤال يمكن أن نرى سيارة مصرية الصنع إذا توفرت اقتصاديات التصنيع للمكونات الرئيسية مثل المحرك و أجهزة نقل الحركة و الهيكل للسيارة وهى الأهم في هذه الصناعة و الأكثر تكلفة، و لتحقيق ذلك لابد من إنتاج اقتصادي من هذه المكونات في حدود 100 ألف وحدة في العام من المنتج الواحد، و لأن حجم سوق السيارات في مصر لا يستطيع ان يستوعب هذا الكم من السيارات من نفس الموديل فلابد من التصدير حتى يتم تصريف هذا الكم من الإنتاج و يكون الإنتاج اقتصادياً، و يجب توفير قاعدة أكبر من الصناعات المغذية باستثمارات أضخم حتى تواكب كم الإنتاج المطلوب. و ليس شرطاً أن تتحمل الدولة العبء الاستثماري كمشروع قومي لأنني اعتقد ان القطاع الخاص قادر على القيام بذلك، و لكن ما يجب ان تتبناه الدولة هو سياسة قومية واضحة و ثابتة و اتجاه قومي للنهوض بصناعة السيارات في مصر ، كالتشجيع على التصدير و منح حوافز لذلك و أن تكون هناك سياسات مالية و اقتصادية واضحة لفترة طويلة حتى تشجع المستثمرين على الاستثمار بأمان و بدون تردد، و عدم الخوف من تغيير السياسات من عام لعام أو من وزير إلى وزيركما يجب مراجعة اتفاقيات التجارة الحرة الحالية و المستقبلية حتى لا يكون لها تأثير مباشر على الصناعة. و في النهاية يجب على الدولة أن تفكر تفكيراً جدياً في هذه الصناعة لأن بها الكثير من الحلول لمشكلاتنا من بطالة و توفير عملة صعبة في حالة التصدير و جلب الاستثمارات الاجنبية، و الاستفادة من موقع مصر الجغرافي المتميز الذى يتوسط العالم ، فبدل من أن يتجه المصنعون الاوروبيون إلى دول شرق آسيا و إعادة التصدير الى أوروبا ، تكون مصر الاختيار الأمثل لذلك لقرب الموقع الجغرافي و توفر فرص الاستثمار الآمن. رمسيس وفيات ويقول المهندس شريف حمدى: أولى محاولات إنتاج سيارة مصرية بدأت فى الستينات من خلال شركة ‹›النصر لصناعة السيارات››، وإنتاج السيارة ‹›رمسيس›› وتأسست شركة النصر لصناعة السيارات عام 1960 لصناعة سيارات الركوب والنقل الثقيل وكانت الحكومة المصرية قد أسستها لتجميع السيارات فى البداية ثم إنتاج أول سيارة مصرية خالصة إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن وقد عملت الشركة على تجميع سيارات فيات فى مصانعها وحازت على ثقة المصريين، وكانت وما زالت أكثر السيارات مبيعا فى السوق المصرية، نظرا لأن السيارات المجمعة فى نصر لا تقل عن مثيلاتها فى فيات واستمرت فى تصنيع سيارات «فيات» التى انتهى إنتاجها فى إيطاليا، بالإضافة إلى السيارة 128 بالتعاون مع شركة يوجو الصربية وسيارة نصر شاهين وهى موديل تركى معدل من السيارة فيات 131 وفلوريدا بالتعاون مع سيستافا الصربية . وكان أول نموذج للحلم المصرى فى إنتاج سيارة مصرية، هو السيارة رمسيس و بدأ إنتاجها عام 1961 وتوقف إنتاجها عام 1963، ولكن كان 70% من مكوناتها من الخارج، وتم توفيرها للمواطن المصرى ذلك الوقت مقابل مبلغ 200 جنيه، وتوقف إنتاجها بعد دخول توكيل شركة فيات إلى مصر وتعاقد الحكومة معها وقد بدأت إجراءات تصفية الشركة فى عام 2009 بسبب تراكم مديونياتها والتى وصلت ل 2 مليار جنيه، وتم وقتها تقليص عدد العمالة من 10 آلاف إلى 300 عامل، حيث قدمت الشركة ميزانياتها محققة خسائر 165 مليون جنيه، وجاء تراكم المديونية لسببين، الأول بسبب عدم توافر عملات أجنبية لإبرام اتفاقيات السيارات المراد تجميعها وكان يتم فتح اعتماد مستندى بالعملة الأجنبية لدى أحد البنوك الوطنية، وكان طبعا لا بد من سداد الاعتماد لمستندى بالعملة الأجنبية وطبعا لم يتوفر للشركة العملة الأجنبية للسداد، وكان الدولار حينها أقل من الجنيه، ثم جاءت السياسات الاقتصادية لتحرير سعر الصرف، مما أدى إلى عجز الشركة عن سداد مديونياتها، نظرا للارتفاع السريع جدا لسعر الدولار. ويرجع السبب الثانى لتصفية الشركة هو التسعير الجبرى خلال فترة السبعينات وأوائل الثمانينات للسلع فمثلا السيارة السيات كان يتكلف تصنيعها خمسة آلاف جنيه وتباع ب ثلاثة آلاف فقط، أى أن السياسات الخاطئة هى التى أدت للخسائر. مصلحة الدولة يؤكد المهندس حازم كريم أن صناعة سيارة مصرية حلم كبير طال انتظاره ، لكن لابد أن نطرح عددا من التساؤلات منها: كيف نبدأ هذه الصناعة ؟ وهل أعدت للاستهلاك المحلي أم للتصدير؟ وما الجدوى الاقتصادية من ورائها فهناك بدائل أخرى غير السيارات كان من الممكن الاستثمار فيها ؟ وكي نجيب عن هذه الأسئلة يتعين علينا توضيح الجانب العلمي الذي يبين لنا مبررات الاستثمار في مجال صناعة السيارات في بلادنا ، ويمكن القول إن السيارات تعد منتجات غير تقليدية وهذا يعني أن من مصلحة الدولة أن تستثمر في هذا المجال. إضافة إلى أن هناك مقومات لابد من توافرها لهذه الصناعة ، مثل توافر المواد الخام ووفرة رؤوس الأموال إلا أن هناك معوقات عدة منها المنافسة العاتية من شركات السيارات العالمية ، فالسوق المصرى سوق مغر لكثير من مصانع السيارات، إضافة إلى ندرة المهندسين والعمال المهرة تظل عائقا يقف أمام مصانع السيارات من الناحيتين الاقتصادية والفنية ويجب دراسة واقع الصناعات الحالية في بلادنا ومدى قابلية مخرجاتها للتصدير فالصناعة التي لا يرجى من ورائها تصدير يكون أثرها في الدخل الإجمالي للدولة ضئيلا فنريد أن نعرف هل من الممكن أن نجني أرباحا من تصدير السيارات؟ وما نسبة مساهمة السيارات في إجمالي الصادرات ؟ أما صناعة السيارات فليست هناك إحصائية واضحة لا من الغرف التجارية ولا من مصلحة الإحصاءات العامة تبين لنا مساهمة هذا المنتج في إجمالي الإنتاج أو التصدير. رأي المواطن أوضح محمد كرم «مخرج» قائلا :نمتلك مواهب عقلية قادرة على إنتاج أفضل سيارة بالعالم ومن حق كل مواطن أن يركب عربية إنتاج بلده.وحلم لصناعة سيارة مصرية فى الوقت الحالى مهم جدا. ومن حقي كل حاجه أشتريها أشوف عليها اسم بلدي ، فمصر لاتقل عن تركيا وإيران فى صناعة السيارات وبإذن الله ستكون صناعة السيارة المصرية الأفضل إذا كانت البداية صحيحة. السيارة المجمعة ويقول المهندس فهمى إبراهيم «صاحب شركة أكسسوارات سيارات» :إن إنتاج سيارة مصرية فى هذا التوقيت أمر مستحيل وذلك لتطلبها استثمارات باهظة غير متوافرة في مصر. اهم المشكلات التي تعاني منها صناعة السيارات المحلية منافسة المنتج المستورد خاصة الوارد من خلال الاتفاقيات التجارية الذي يتمتع باعفاء كامل علي الجمارك وان اتفاقية (اغادير) تسببت في اضرار كثيرة لصناعة تجميع السيارات المحلية وذلك لاقتحام دول الاتفاقية واهمها المغرب للسوق المحلي في وقت لم يستعد فيه للمنافسة بعد، الامر الذي ادي الي تراجع حاد في المبيعات بسبب الانخفاض السعري الذي تتمتع السيارة المغربية ذلك في مقابل ارتفاع تكاليف انتاج السيارة المصرية . انتاج جديد وقال محمد صلاح زكريا «أخصائى نفسى»: بدأت الحكومة المصرية فى إعادة تأهيل مصانع شركة النصر ومؤخرا قام وزير الصناعة بفتح خط إنتاج سيارات باستثمارات مصرية صينية بالمنطقة الصناعية بأبورواش .. لكن لابد من إعادة تأهيل الصناعات المصرية العريقة التي عصفت بها الخصخصة والفساد مثل صناعة السيارات التى سبقتنا فيها دول كثيرة وحققت فيها تطورا كبيرا فى زمن قياسى مثل ايران و تركيا رغم أن عهد صناعة السيارات فى مصر يعود لأكثر من نصف قرن فضلا عن امتلاك مصر القدرات و الإمكانيات و المناخ الاستثمارى الجيد وأعتقد أن المطلوب فقط للنهوض بهذه الصناعة الحيوية هو تشجيع الحكومة للقطاع الخاص فى ضخ استثمارات فى هذه الصناعة خاصة الصناعات المغذية للسيارات. مصر الثورة وقال كمال حلمى «موظف» :أحلم أن يكون مشروع سيارة صناعة مصرية هو أول مشروعات مصر الثورة وأمل فى إعادة تشغيل المصانع المصرية والاستجابة لتصنيع أرخص سيارة فى العالم داخل مصر. باعتباره حلما داعب عقول وأفكار جميع المصريين. وبالرغم من تأكيد الخبراء علي توافر إمكانيات تحقيق هذا الحلم. إلا أنه حتي الآن لم يتحقق علي الأرض .