انتهت الانتخابات بحلوها ومرها ورغم إعلان نتائجها إلا أنه لا يستطيع كائن من كان أن يجزم وينسب الفوز إلي من حالفه التوفيق بالدخول تحت قبة البرلمان.. فالفوز الفعلي يكمن في القدرة علي تحقيق الآمال والطموحات المعقودة عليه من أجل صالح هذا الوطن.. إنه النجاح الحقيقي الذي يعكس أمانة ومسئولية يتحملها من وضع نفسه في هذا المكان.. أمانة تحقيق الوعود البراقة التي طالما رددت ليس إلا من أجل حصد الأصوات. وهذه الأمانة تقتضي السعي الحثيث لتحقيق هذه الوعود.. هناك صنفان من أولئك الذين حالفهم التوفيق في الفوز بمقعد داخل مجلس الشعب أولهما يري أن ذلك المنصب هو نوع من الوجاهة والبرستيج. ويري وفق ذلك أن هذا المنصب هو فرصة ثمينة قد لا تتحقق له مرة أخري. فيبذل قصاري جهده لتحقيق مراده ومصالحه الشخصية علي حساب المجتمع ليجني بذلك علي صالح الوطن... أما ثانيهما فيري أن المنصب ليس إلا وسيلة هامة لتحقيق الصلاح والإصلاح ومحاربة قوي الفساد والإفساد.. فهو وفق ذلك لم يسع إلي المنصب وإنما المنصب الذي سعي إليه وهو لم يحقق الفوز بقدر ما فاز به البرلمان وهذا الصنف يختلف عن سابقه في أنه مدان إلي مجتمعه الذي وضع ثقته فيه فتراه يبذل قصاري جهده من أجل أن يكون علي قدر المسئولية.. ورغم أن هذين الصنفين يجمعهما مجلس واحد إلا أن الهوة سحيقة والبون بينهما شاسع.. فالصنف الأول تخلي عن وعوده لمن أوصلوه إلي هذا المنصب ليكون نائباً لهم وممثلاً عنهم إلا أنه خان أمانته معهم فكان جزاؤهم مثل جزاء سنمار.. وسنمار هذا كان في قديم الزمان مهندساً عند ملك يدعي النعمان بن المنذر فابتني له قصراً لم يشهد التاريخ له مثيلاً ثم إن الملك بعد ذلك دعا سنمار إلي الصعود فوق هذا القصر. وبينما هو يطل من فوق السور دفعه ليقع علي الأرض ليموت شر ميتة حتي قيل إن إحسانه كان سبباً في هلاكه.. وسنمار هذا الزمان هو الشعب المغلوب علي أمره. أما النعمان بن المنذر فهو نفر من الصنف الأول الذي تخلي عن مسئولياته بعد أن وصل إلي دخول القبة البرلمانية من خلال إحسان أبناء دائرته إليه بأصواتهم ودعمهم له والذي كان سبباً رئيسياً في وصوله إلي ما وصل إليه.. ووفقاً لنظرته القاصرة ووجهته المغلوطة فإنه كجده الأكبرالذي يمثله في تنكره للإحسان وجحوده لمن أحسن إليه سيفتك بأهله وعشيرته كما فتك جده بسنمار ليس إلا بسبب إحسانهم إليه.. لا نتمني ولا نريد هذا النفر. وإنما نريد الصنف الذي يقابل الإحسان بالإحسان لانشغاله عن مسئولياته الجسام أي مصالح شخصية.. نريد أن يكون كل من يمثلنا علي قدر المسئولية وأن يدين بالفضل لمجتمعه ولوطنه.. لا نريد يوماً أن يكون الشعب هو سنمار هذا الزمان ليكون هلاكه علي يد هذا الذي جعله متحكماً في مقدراته وبئس التحكم وبئس المصير.. كل التمنيات أن يكون هذا المجلس الذي هو مجلس للشعب وليس مجلساً للنائب. مثالاً للعمل الجاد الذي يراعي مصالح الشعب في فترة هي الأصعب ليس إلا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع هذا الوطن.