الغموض يحيط بمصير ذلك الشاب الاسترالي الذي أثار العالم بما أذاعه من أسرار ووثائق كشفت الكثير من المستور. أصبح الأشهر في هذا الزمان وموقعه الالكتروني أصبح اسمه علي كل لسان بجميع اللغات. يعرف البعض معناه وينطقه آخرون كما هو "ويكيليكس". من أين له كل تلك المعلومات وأحاديث الملوك والرؤساء الخاصة وتقارير السياسيين والسفراء السرية التي تتسرب من وراء أبواب مغلقة تصوروها محكمة أو من أفواه ثرثرت أو تعمدت؟ وثائق من نوع يختلف عما تصدره وزارات الخارجية بعد مرور سنوات وتسمح بالاطلاع عليه واذاعته ونشره وكان أول من تنبه إليها في الصحافة المصرية الكاتب الكبير محسن محمد وقد كنت شاهدا علي اختفائه المريب ونحن ضمن وفد صحفي يشهد أول معرض لآثار توت عنخ آمون في العاصمة البريطانية لندن. قبل أن تعم المعارض الفرعونية وتنتشر في معظم بلاد العالم بجهود العالم الأثري زاهي حواس.. كان محسن يذهب إلي حيث الوثائق البريطانية ولا يريد أن يعرف أحد مكانها حتي يفاجيء بها القراء وينشرها في كتاب.. بعدها بدأ الاهتمام بما كان يبعث به السفراء من تقارير سرية لوزارات خارجيتهم خصوصا الدول التي تعرف كثيرا وتساهم في صنع قرارات الدول الأخري مثل بريطانيا وأمريكا وهي الوثائق التي اعتمد عليها الأستاذ محمد حسنين هيكل وعدد من أساتذة التاريخ في الجامعات. أما فعله جوليان سانج فهو شيء مختلف أقرب إلي القرصنة والنميمة السوداء لذلك تحرك الجميع ضده. وان أبدتها الشعوب شماتة في حكامها واستمتع القراء رغم ان الكثير من الأسرار لم يدهشهم ومنهم من اهتم بالمزيد عن السهرات الصاخبة لرئيس وزراء إيطاليا برلسكوني وبالشقراء الأوكرانية التي تلازم الزعيم الليبي معمر القذافي وبالعجوز المجنون رئيس زيمبابوي روبرت موجابي وبقليلة الابداع مستشارة ألمانيا انجيلا ميركل أو بالحسابات السرية في بنوك سويسرا لرئيس وزراء تركيا رجب أردوغان. حتي قصة القبض عليه في انجلترا بما يشبه الخديعة بعد أن كان معروفا انه يقيم هناك ومطلوب ببلاغ من الحكومة السويدية.. اتفق محاميه مع المحقق البريطاني أن يسمح لموكله اسانج بالادلاء بأقواله دون توجيه اتهام إليه فذهب مطمئنا ليجد نفسه وراء القضبان.. ثم نقلوه إلي سجن انفرادي خوفا علي حياته فاعداؤه كثيرون وقادرون وبينما هو يستعد للانتقال إلي السويد لمحاكمته بتهمة التحرش. يتوقعون اتهاما أمريكيا يوجه إليه بالتجسس وعقوبته انتقامية وسجن طويل وهو ما يعني تسليمه للولايات المتحدة وكأن اسانج يقيم في بلد عربي. في ظل كل ذلك الغموض حول مصيره يقول محاميه ان جريمته لاتزيد عقوبتها علي غرامة مالية بسيطة تساوي 715 دولارا يفرج عنه بعد مثوله أمام القصاء السويدي ودفعها.. غرابة التهمة انه "الجنس علي غرة". أي مفاجئا. وهي أول مرة أسمع فيها عن مثل هذا التحرش البسيط"!! هذا ويستمر "ويكيليكس" في إذاعة الأسرار رغم غياب صاحبه وبعد أن طاردوا موقعه. ولكن لا أحد يضمن له الاستمرار.. وعلي أي حال فقد قال الكثير. كما أعاد الأستاذ إبراهيم سعدة الاعتبار للصحف الورقية فقد زاد تأثير نشر الوثائق بعد أن انتقل من الالكترونية إلي خمس صحف ومجلات عالمية هي "النيويورك تايمز" الأمريكية و"الجارديان البريطانية" و"لوموند الفرنسية" و"ديرشبيجل" الألمانية و"آل بايس" الأسبانية رغم ما يقال - وهو صحيح - عن ملايين قراء الصحف الالكترونية وأفول توزيع الورقية بما ينذر بوفاتها. [email protected]