السكتة الكلامية عند المتزوجين من أخطر الأمراض التي تضرب الحياة الزوجية في مقتل. فبعد مرور فترة من الزواج طالت أو قصرت يصبح الصمت هو سيد الموقف. وتتحول لغة الحوار الي أنواع مستفزة من الاشارات باليد والحركات بالرأس والايماءات بالعين!!! ولاتري غير صمت كصمت القبور. وربما يجلس الرجل بجوار زوجته لساعات طويلة فلا يكلم أحدهما الاخر بكلمة واحدة. واذا جلسا في الاماكن العامة تري الزوج يحبس نفسه خلف جريدة اشتراها منذ عشرين سنة!! والزوجة كذلك خلف مجلة ورثتها عن جدتها الكبري!! وكل من يشاهدهما يعتقد للوهلة الاولي أنهما مصابان بالطرش والخرس والغريب أن كل واحد منهما اذا جلس مع بعض اصدقائه لايكف عن الكلام والضحك والممازحة!! والسؤال الذي يفرض نفسه هنا.. لماذا الصمت مع شريك الحياة!! ولماذا هذا الهجر المعلن. والجواب علي التساؤل يمكن ان نجمله في الاسباب الاتية: السبب الاول : هو حصول تناقض وتضاد دائم ومستمر في الآراء بين الزوجين. وهذا التضاد راجع الي اختلاف المستوي الثقافي او العقلي او الاجتماعي. فأحد الزوجين قد يكون ناضج العقل واعي الفكر. وشريك حياته علي نقيض هذا . فتراه لايعرف للحوار أدبا. ويثور لاتفه الاسباب. ويفكر بطريقة عشوائية متخبطة. لذلك فإن أي حوار بينهما ينتهي غالبا بمشكلة عرمرم تفسد السعادة. وترهق الاعصاب. وتبدد الجهد. وتتعب العقل. فيكون المهرب من هذا العذاب هو الصمت ولاشئ غيره!! السبب الثاني : هو اختزال الحوار داخل صندوق المطالب المادية!! فبعض النساء لاتحفظ شيئا من الكلمات غير "هات" و"أريد"!!. وهما كلمتان تصيبان بعض الرجال بحالة من "الجرب" النفسي!! فمجرد ان تنطق بها المرأة يشعر الرجل بأن آلاف الحشرات تنهش نفسه وروحه. لأنها كلمات ليست سوي مقدمة لقائمة طويلة من الطلبات المستمرة والمتزايدة. والدخل الشهري مبرمج علي صفة الثبات وغير قابل للزيادة والنمو بأي حال وتحت اي ظرف!!! وأحيانا بمجرد ان يضع الرجل احدي قدميه داخل البيت الا ويتم الترحاب بسيادته بكلمة "هات". فيرد عليها بمثلها بغير تفكير "مفيش". ولايجد أمامه حلا غير ان يتظاهر بالصمم والخرس والبلاهة. ويلزم الصمت التام مابقيت تلك الرائعة علي عصمته ليفر من حوار يزيده تعبا علي تعب!! السبب الثالث : هو اعتياد أحد الزوجين علي الكذب في الحوار!! والكذب مفضوح أمره!! وبعد وقت قصير تصبح أحاديثه مقذذة ومرهقة لنفس المستمع. والكذب يجعل الانسان زاهدا في أي حوار مع شريك حياته!! فيلجأ الي الصمت فرارا من سماع أحاديث غبية كاذبة. السبب الرابع : الفتور وضعف الاهتمام بشريك الحياة وهي حالة من التبلد العاطفي والفكري والجسدي تصيب الكثير من المتزوجين عقب زواجهم!!. وهذا لان بعض الناس يجعلون الزواج في ذاته هدفا!! فإذا تحقق مرادهم من الارتباط بشريك الحياة اعتقدوا أن هذا الارتباط هو نهاية المطاف!! وكأن شريك الحياة شيئ تملكوه. ويصبح مع الوقت بقصد أو بغير قصد لافرق هو آخر إنسان يفكرون فيه. ويبحثون عن احتياجاته!!!. بل ويصبح في ذيل قائمة اهتماماتهم!! وهذا الوضع يؤدي بكل تأكيد الي حصول شلل كامل في العلاقة بين الزوجين ومنها الحوار والكلام!! السبب الخامس : هو اصطحاب مشكلات العمل وغيرها داخل البيت. وبعض الناس اذا وقع في مشكلة تخص عمله او تجارته. يعود الي البيت بوجه كالح عبوس. والويل كل الويل لمن فاتحه في شئ. أو طلب منه شيئا!!!!. فالسيد المهموم لايطيق كلمة من أحد. ويرغب في ملازمة الصمت حتي تهدأ نفسه وكالعادة لن تهدأ!! وبالطبع فمشكلات العمل لاتنتهي. وهذا يعني ان صمت سيادته لن ينتهي. والبيت هو المكان الوحيد للصمت والسكوت!!!. وليذهب من فيه بعد ذلك الي الجحيم لأن قائد البيت مهموم ومحتاج للصمت الي الأبد!!! وبعد .. فهذه بعض اسباب الصمت بين الزوجين. وجميع الاسباب التي ذكرناها والتي لم نذكرها تجمعها جميعا كلمة واحدة هي : "الغباء"!!!. أما العقلاء لهم شأن آخر في ادارة شئون حياتهم. فكونوا من العقلاء يرحمكم الله.
