وافقت اللجنة التشريعية بمجلس النواب أخيراً علي تعديل أحكام النفقة في قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 بإضافة عقوبات جديدة للممتنع بخلاف الحبس والغرامة وهي تعليق استفادة المتهرب من الخدمات الحكومية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام والأعمال حتي أدائه ما في ذمته لبنك ناصر التي يتعهد بصرف النفقة حتي الآن. وقد أشاد علماء النفس والاجتماع وحقوق الإنسان بالتعديلات التي انتظرتها المرأة لمدة 82 سنة لمن امتنع عن دفع النفقة وصدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ سواء للزوجة أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه لمدة ثلاثة شهور. ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه. دكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية بالمركز البريطاني المصري أشادت بقرار موافقة اللجنة التشريعية بالمجلس لتعديل أحكام قانون العقوبات وإضافة عقوبات جديدة تلزم الأب بدفع نفقة الزوجة والأبناء وتسديد النفقة يساعد بشكل كبير في التواصل بين الأولاد وأهل الأب واستعادة ثقتهم بولي أمرهم وإذابة المشاعر السلبية بينهم فضلاً عن أن إلزام الأب بمصروفات ونفقات أولاده يفرغ الأم ويوفر وقتها ومجهودها للرعاية والتربية الصحية السليمة لأولادها لتستطيع تخطي الحواجز النفسية المترتبة علي انفصالها عن الأب. وأكدت أن إلزام الأب بدفع النفقة لأولاده يساهم بشكل كبير في إحداث التقارب بين جميع أفراد الأسرة ويؤدي إلي إذابة الخلافات وتقليل نسب الطلاق. دكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي جامعة القاهرة ما صدر من طرح للتعديل من خلال اللجنة التشريعية فيما يخص النفقة والملزم للزوج بأدائها وجوباً سواء الزوج أو الابن أو نفقة الأقارب بصفة عامة ووقف تعاملات الممتنع وتعليق استفادته من الخدمات التي تقدمها له الدولة هو نوع من تعميم وتطبيق القانون علي الجميع سواء مع الأخذ في الاعتبار آليات تنفيذ القانون فهناك العديد من الحالات التي استحالت معها العشرة وتنتهي في محاكم الأحوال الشخصية وتصدر الأحكام ولكن بالتحايل والطرق الملتوية يتهرب الزوج من أحكام النفقة ومن حل التعديل المطروح سيحد من هذا التهرب لخشية الزوج علي معاملاته القائمة مع الدولة ولكن ما نخشاه حدوث تحايل بصورة أخري وعدم لجوء الزوج للطلاق الفعلي ويكتفي بالانفصال الاجتماعي عن الأسرة. توضح دكتورة هناء أبوشنب أستاذ علم النفس وعميد كلية الدراسات الإنسانية سابقاً جامعة الأزهر أن مناقشة مشروع قانون تعديل أحكام العقوبات بأن الامتناع عن دفع النفقة يعد أمراً في غاية الأهمية ومن شأنه أن يحد من حالات تهرب الزوج من تنفيذ حكم النفقة سواء للزوجة والأبناء أو نفقة الآباء التي تفرض علي الابن لكن يجب مراعاة التلاعب والتحايل الذي يحدث من قبل الطرف المستفيد من النفقة حيث نجد حالات كذب وادعاء وعدم التوقيع علي إيصالات باستلام المبلغ لذا يجب قبل تغليظ العقوبة توخي الدقة ودراسة الحالة جيداً للتفرقة بين الملتزم بأداء النفقة والممتنع عنها حتي لا يكون القانون معجزاً للزوج بشكل ظالم يسلبه حقه في التعامل بحرية وقضاء مصالحه. مؤكدة أن الهرم القيمي انقلب في الوقت الحاضر فأصبحت القيم السلبية سائدة وسيطرت فكرة أن أهم ما في الحياة هو كيفية الحصول علي المادة بأي طريقة وسقطت قيمة التربية الأصيلة ومبادئ الاحترام للغير وتفشي مرض جنون العظمة وحب الذات لذا يجب إعادة تربية النشء وترسيخ القيم والمبادئ التي كانت سائدة والتي كانت تنادي باحترام الزوج لزوجته وتقدير مجهودها ومشاركتها في أمور الحياة وأيضاً احترام الزوجة لزوجها وأداء واجباتها الأسرية والصبر واحتمال الأزمات والتفكير في حلول لها مساندة للزوج فهو لا يستطيع أن يدبر كافة أمور الأسرة بمفرده بل إن رأي المرأة ورؤيتها للأمور تفتح مجالات عديدة للخروج من الأزمات وتيسير أمور المنزل ربما لا تأتي في مخيلة الرجل لذا التعاون بينهما أمر ضروري وقد ثبتت فاعليته في كثير من الحالات. مشيرة إلي أن التعديل المطروح من شأنه إعادة التفكير في الانفصال مرة أخري ومحاولة إعادة المودة والتراحم داخل الأسرة وعدم الملل من الإصلاح والتنازل والتغاضي عن الإساءة حتي لا تصل الأمور إلي الطلاق بما يترتب عليه من تعديات علي حقوق الطرفين سواء العناد من الزوج وامتناعه عن سداد النفقة أو من جهة الزوجة بثها لمشاعر سلبية عند الأبناء تجاه الأب مما يؤثر بالسلب علي الحالة النفسية للأطفال ويخلق نشئاً غير سوي كما أنه يحرم الأب من حب أبنائه وعطفهم تنفيذاً لرغبة الأم الحاضنة وخوفاً من عقابها. وتشير النائبة مارجريت عازر عضو مجلس النواب ولجنة حقوق الإنسان إلي أن موافقة لجنة الشئون التشريعية والدستورية علي مشروع تعديل أحكام القانون 58 لسنة 1937 بعقوبات جديدة بشأن الامتناع عن السداد النفقة هو حكم تاريخي فالغرامة المادية مقابل الامتناع عن سداد غير كافية ومن المفترض زيادتها إلي ضعف النفقة الشهرية كذلك الحبس وإن كان يعد عقوبة رادعة إلا أنه ليس الأساس ولكن ما تم طرحه بخصوص الاستفادة من الخدمات والجهات التابعة للدولة سيعمل علي التقليل من نسبة التهرب من سداد النفقة وهو عقوبة في محلها فمن لا يستطيع الحفاظ علي بيته وأسرته ويؤمن لها الحياة الكريمة لا يمكن أن يعتد به كمواطن صالح يحق له ما يحق لغيره من الحقوق وتنتفي عن هذه الصفة.