«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون الأحوال الشخصية.. يريد حلاً!
يتضمن ثغرات تشعل نار «الانتقام الأسرى»
نشر في الوفد يوم 17 - 04 - 2019

تسبب قانون الأحوال الشخصية فى هزة عنيفة فى المجتمع لما تضمنه من نقاط أثارت الجدل، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من محاكم الأسرة للحفاظ على الاستقرار الأسرى، إلا أن معدلات الطلاق وصلت لنسب عالمية فى مصر، فطبقًا للإحصائيات هناك حالة طلاق كل 4 دقائق، فما طرأ على المجتمع من تغييرات معيشية، أشعل نار الخلافات بين الأزواج، وأدى تمسك كل طرف برأيه إلى تصدع كيان الأسرة التى هى أهم الأعمدة الأساسية التى يرتكز عليها أمن واستقرار المجتمع، ومؤخرًا تعالت الأصوات التى طالبت بضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية الذى مر على صدوره عشرات السنين، لما فيه من مواد خلافية يراها الخبراء تسببت فى تراجع الترابط الأسرى، والتى كان أهمها حق المرأة فى الحصول على نفقة عادلة، وحق الرؤية والحضانة والطلاق، وهذا ما دفع بعض النواب لتقديم مقترحات لتعديل القانون، كما قدم الأزهر مشروع قانون حرص فيه على إنصاف المرأة، إلا أن تلك المقترحات ما زالت فى انتظار قرار البرلمان.
مشروع تعديل المواد الخلافية.. أمام البرلمان
أثار عدد من مواد قانون الأحوال الشخصية جدلا كبيرا فى السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح سببًا فى اشتعال الصراعات بين الأزواج، والتى كان أهمها الرؤية والحضانة والنفقة, وامتلأت ساحات المحاكم بالعديد من القضايا الأسرية التى كان الأبناء فيها ضحايا لدوافع انتقام كل طرف من الآخر.. وتناسى الأزواج حق هؤلاء الأبناء فى العيش فى كنف أسرة مستقرة، حتى باتت الرؤية عذابا لا ينتهى للآباء والأبناء أيضاً, بينما عانت المرأة بعد الطلاق من صعوبة الحصول على حقوقها، هذه الأحوال أثارت العديد من المطالب بتعديل المواد المثيرة للجدل فى القانون، على أمل أن تكون تلك الخطوة هى بداية لإنهاء الأزمات الأسرية.
وعلى مدار سنوات طويلة صدرت العديد من القوانين التى من شأنها تنظيم العلاقات الأسرية, والتى تم تعديلها أكثر من مرة، فقد شهد عام 1920 أول قانون للأحوال الشخصية برقم 25 لسنة 1920، وتم تعديله عام 1929، وبعد عدة سنوات صدر القانون رقم 44 لسنة 1979 وكان الهدف منه تعديل بعض الثغرات فى القوانين السابقة بعد أن تسببت فى أزمات أسرية عديدة، ثم حدث تعديل آخر عام 1985، تضمن الاكتفاء باجبار الزوج على سداد النفقة، ورفع سن الحضانة وإعطاء الحق للزوجة الحاضنة فى مسكن الزوجية طوال فترة الحضانة، ثم جاء القانون رقم (10) لسنة 2004 الخاص بإنشاء محاكم الأسرة ولجان التسوية واقرار حق طلب الانفصال بالخلع، وتلاه القانون رقم 4 لسنة 2005 والخاص بتحديد سن حضانة الأطفال.
وتلاه بمرور الوقت قانون الأحوال الشخصية، نظرًا لما حدث فى المجتمع من تغير فى أحوال المعيشة، فأثارت بعض المواد جدلا وخلافا كبيرا اشعل حالة من الصراع المستمر بين الزوج والزوجة، وكان لابد من إجراء تعديلات على تلك المواد الخلافية، والتى اعتبرها المتخصصون عقبة تزيد من حدة الخلافات الأسرية.
وكانت أكثر المواد إثارة للجدل هى المادة 11 مكرر بالقانون رقم 100 لسنة 1985, والتى تنص على أنه إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق، يتم ايقاف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع، وتعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج لها للعودة بإعلان على يد محضر، وهناك المادة 18 مكرر والتى تنص على ضرورة أن يهيئ الزوج المطلق لأطفاله ومطلقته المسكن المستقل الملائم لهم، فإذا لم يحدث ذلك خلال مدة العدة، استمروا فى شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق طوال مدة الحضانة. وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا وفر لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة، وهناك أيضاً المادة 20 والخاصة بتحديد سن الحضانة، والتى تعد من أكثر المواد الخلافية بين الزوج والزوجة، فالازواج يطالبون بخفض سن الحضانة إلى 9 سنوات، بينما تطالب الزوجات برفع السن إلى 15 عاما، وتنص المادة على أنه ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الطفل سن الخامسة عشرة ويخير القاضى الطفل عند بلوغ هذه السن بين البقاء فى يد الحاضنة دون اجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الفتاة، وهناك أيضاً المادة والتى تحدد حق الطرف غير الحاضن فى رؤية أطفاله والتى يعتبرها الطرف المتضرر ظالمة، لكونه يرى أبناءه لمدة 3 ساعات كل أسبوع، وقد لا يتم ذلك بانتظام بسبب امتناع الطرف الحاضن أحياناً عن التنفيذ، حيث نصت المادة فى إحدى فقراتها على أنه لكل من الابوين الحق فى رؤية الطفل وللاجداد مثل ذلك عند عدم وجود الابوين، وإذا تعذر تنظيم الرؤية بالاتفاق نظمها القاضى على أن تتم فى مكان لا يضر نفسيا بالطفل، ولكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر انذره القاضى فإن تكرر هذا الأمر فمن حق القاضى بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتا إلى صاحب الحق.
وخلال الفترة الماضية كانت هناك محاولات عديدة للوصول لحلول ترضى الطرفين من خلال تعديل المواد الخلافية، فظهر العديد من مشروعات القوانين التى تم عرضها على مجلس النواب والتى شملت مقترحات عديدة من اهمها تعديل قانون الأحوال الشخصية والتى كان ابرزها مشروع القانون المقدم من هيئه كبار العلماء، فى عام 2017, اصدر شيخ الأزهر قرارا بتشكيل لجنة لاعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية للحفاظ على حقوق الأسرة، ومنذ أيام انتهت هيئة كبار العلماء، برئاسة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر من مناقشة ومراجعة مشروع قانون الأحوال الشخصية، المكون من140 مادة، والتى وضعت فى اعتبارها مختلف المقترحات التى اثيرت حول القضايا التى يتناولها مشروع القانون.
وتضمنت مواد مشروع القانون الاحكام المتعلقة بالعديد من القضايا التى تهم الأسرة، مثل الخطبة، واركان الزواج وشروط العقد، فقد جرم مشروع القانون الزواج العرفى واشترط عدم عقد قران البنت قبل سن 18 عاما، كما نص على ضرورة توثيق عقود الزواج، والا كان الزواج غير معترف به، لانه من الممكن أن يموت الزوج وفى تلك الحالة يصبح المولود بلا اب، هذا فضلا عن تنظيم احكام النفقة, والطلاق والخلع والنسب والحضانة، والرؤية والوصاية، حيث طالب مشروع القانون بضرورة تقديم نفقة عادلة للزوجة فى حالة الانفصال عن زوجها، والتأكيد على احقية المرأة فى النفقة التى يقرها القاضى طبقا للحالة الزوجية للرجل، ووجوب انفاق الرجل على أسرته، وحدد سن حضانة الام لطفلها ب 15 سنة، ووضع ضوابط لفسخ الخطبة بحيث تحصل الفتاة على الشبكة اذا كان الفسخ من جانب الشاب، أو تردها إذا كانت من جانبها.
غياب توعية الشباب بأهمية تكوين الأسرة والحفاظ على تماسكها كان أهم ما يشغل بال الخبراء وعلماء الدين لكون الأسرة هى نواة المجتمع استقرارها سيسهم فى امن المجتمع، كان لابد من وضع نصائح لهم للحد من الخلافات المشتعلة من قبل المختصين.
ومن جانبه اكد أحمد مصيلحى المحامى ورئيس شبكة الدفاع عن الأطفال، أن مصر من أهم الدول التى تحرص على تطور القانون، فنحن لدينا قوانين مهمة وتعد من أفضل القوانين، والمشكلة ليست فى القوانين أو الصياغة، بل فى تطبيق القوانين، وقال «مصيلحى» أهم نقاط الخلاف فى قانون الأحوال
الشخصية تتمثل فى الاستضافة والرؤية، فالقانون الحالى يجعل الاب لا يرى أطفاله الا 3 ساعات أسبوعيا وهذ ا لا يكفى لتربية الأبناء وغرس المبادئ والقيم فى سلوكهم، فغياب الأب فى الأسرة يعد أول مرحلة من مراحل الاجرام لأن الوالدين هما الركيزة الأساسية لتكوين شخصية الأطفال، ومن ناحية اخرى هناك مطالبات بتعديل سن الحضانة بان يكون ترتيب الاب فى المرتبة الثانية لحضانة الطفل، والآن يأتى ترتيب الام ثم أم الاب ويأتى الأب فى مرتبة متأخرة، كما أن هناك مطالبات بتعديل سن الحضانة أيضاً رغم كون القانون يعد ملائما بشأن الحضانة.
وأضاف نعانى من انهيار واضح فى القيم ففى حالة وقوع الطلاق يتم استغلال الطفل فى التصارع بين الزوجين، ويصبح وقود النار فى الأسرة رغم أنه من أول حقوق الطفل أن يعيش فى أسرة متماسكة، لكننا نعانى من ثقافة وموروثات خاطئة، ولكن فى بعض الاحيان تقوم الام بالانتقام من الاب بحرمانه من رؤية أطفاله, بينما يمتنع الاب عن الانفاق على أبنائه كرد فعل لعدم رؤيته لأطفاله، مما يؤثر على نفسية الأطفال فى النهاية.
ومن ناحية اخرى يقول الشيخ على أبوالحسن من علماء الأزهر: قد يظن البعض أن الطلاق ضرر على الأسرة، لكنه قد يكون علاجا شرعه الله للضرورة القصوى، عندما لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تستمر الحياة الزوجية بين الطرفين، لكن من ناحية أخرى لا يليق بأى إنسان أن يستهين به, خاصة فى حالة وجود أطفال، وعلينا أن نفهم فقه الشريعة فى الطلاق فليس كل طلاق يقع، كما أن هناك فتاوى خاطئة ويتم على أساسها الانفصال، وهذا يعد خرابا للبيوت.
ويرى «أبوالحسن» أنه لكى نحافظ على كيان الأسرة يجب أن يكون هناك تشريع للحد من الطلاق، والا يتم الطلاق الا عند الضرورة القصوى، هذا فضلا عن عدم الموافقة على عقد القران الا بعد اجتياز المقبلين على الزواج لدورات تدريبية وفقهية على يد علماء الطب والفقه، والا يقع الطلاق الا بشهود، فمشروع القانون يجب أن يتم تعديله من أجل الحد من تلك الظاهرة التى ازدادت فى الآونة الأخيرة.
تشير الدراسات الصادرة من محاكم الأسرة إلى أن هناك خطورة من آثار الطلاق والصراعات بين الأزواج على الأبناء، حيث بلغت نسبة من حرمن الأمهات من أبنائهن 60٪، بينما بلغ عدد الآباء الذين حرموا من أولادهم نتيجة الطلاق 40٪ من المطلقين، كما تراوحت فترات عدم رؤية الأم لأبنائها من 6 أشهر ل12 شهرا كحد أدنى، فيما وصلت الفترات فى بعض الحالات من 3 إلى 7 سنوات، أما عن فترات حرمان الآباء من رؤية أطفالهم فقد تراوحت من 9 إلى 15 شهرا، بينما تم رصد أكثر عدد من أطفال المطلقين يقيمون مع المطلق وزوجته.
زيادة هائلة فى الطلاق المبكر نتيجة تغير سلوكيات المجتمع
كشفت الإحصائيات الرسمية، عن وجود حالة طلاق كل أربع دقائق فى مصر، كما أن الكثير من الدراسات أكدت زيادة حجم الطلاق المبكر، حيث كشفت دراسة أعدها البرنامج الدائم لبحوث الأحوال الشخصية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الطلاق المبكر هو الذى يتم فى الأيام الأولى للزواج حتى نهاية السنوات الخمس بين زوجين شابين تتراوح أعمارهما بين العشرين والخامسة والثلاثين عاما، موضحة أن 19.5% ممن طلقن مبكرًا استمرت المدة الزمنية لزواجهن أقل من عام، و7.3% استمرت مدة زواجهن أقل من عامين، و44% استمرت مدة زواجهن من سنتين إلى أقل من أربع سنوات، و24.4% استمر زواجهن 5 سنوات، و4.8% تم طلاقهن بعد 8 سنوات.
واتضح أن 7.3% من حالات الطلاق المبكر بين الشباب تمت خلعاً، وأن أغلبية الحالات تمت طلاقًا على يد مأذون بنسبة 80.5%، أما الباقى ونسبتهم 12.2 فتم طلاقهم بحكم محكمة «تطليق».
وقالت الدراسة إن التغيرات الاجتماعية التى حدثت فى المجتمع كان لها تأثير كبير على الطلاق المبكر، حيث سيطرت حالة من الانهيار القيمى على سلوكيات المجتمع، بالإضافة إلى أن التحولات الاقتصادية التى طرأت على المجتمع أثرت على الأسرة المصرية.
كما كان لانتشار العولمة والثورة التكنولوجية بآلياتها العديدة كالفضائيات والإنترنت وأجهزة المحمول دور ضخم فى تعرض الأسرة فى المجتمع المصرى لتأثيرات على منظومة القيم الاجتماعية وإفراز توجهات سلوكية جديدة يرتبط بعضها بالعديد من القضايا المرتبطة بكيان الأسرة مثل مدى الالتزام بعادات وتقاليد الأسرة واتجاه الأزواج والزوجات نحو قيم المنفعة الشخصية كدوافع أساسية لسلوك أفراد المجتمع، مما يؤدى فى النهاية إلى اندفاع الأزواج لاتخاذ قرار هدم الأسرة سريعًا دون اعتبارات لاستقرار النظام العائلى وثباته.
مبادرات دون جدوى
ارتفاع معدل الطلاق فى مصر، دفع العديد من الهيئات الرسمية للدولة، وغير الرسمية إلى إطلاق العديد من المبادرات التى تهدف للحد من الطلاق، مثل مبادرة الأزهر الشريف، التى كانت تستهدف التوعية بأسباب الطلاق ومخاطره على الأسرة، خاصة بعد تزايد نسب الطلاق فى مصر خلال الآونة الأخيرة، وتحمل الحملة اسم «وعاشروهن بالمعروف».
كما دشن الأزهر الشريف، حملة للتصدى لمشكلة الطلاق التى تهدد استقرار الأسر المصرية، من خلال إنشاء وحدة «لم الشمل» التابعة لمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، خاصة وقد أشارت أحدث إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن مصر هى الأولى عالميا فى الطلاق.
كما دشنت وزارة التضامن الاجتماعى، مبادرة «مودة»، التى نظمتها الوزارة، لتوعية الشباب المقبلين على الزواج.
وأطلق المجلس القومى للمرأة مبادرة «معاً لنبقى» للحد من ظاهرة الطلاق، كما أن هناك العديد من الجهات غير الرسمية أطلقت حملات عديدة للحد من الطلاق، لكن يبدو أنها باءت جميعها بالفشل.
تقول الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، إن من أهم أسباب زيادة نسبة الطلاق فى السنوات الأخيرة، أن الرجل المصرى ما زال يعيش فى جلباب «سى السيد»، والمرأة المصرية من الجيل الحالى لا تستطيع ارتداء جلباب «الست أمينة»، وهناك فارق كبير بين ثقافة البنت، وفكر الرجل الذى ما زال يصر أن يعيش فى جلباب «سى السيد»، لافتة إلى التفاوت الكبير بين العصور، وما بين العصر الحالى وما بين عقلية بنت اليوم وعقلية ابن اليوم الذى لم يتحرك من ماضى «سى السيد» إلى لغة العصر، مؤكدة أن كل هذا هو الذى أوجد الشقاق فى البيوت والذى ينتهى فى أقرب مدة من الزواج إلى الطلاق.
وأكدت أن الحل للحد من زيادة
نسبة الطلاق، هو إيجاد نسبة التوازن، وتكون بدراسة الشاب المصرى لمفاهيم الزواج دراسة واضحة وواعية، كما يجب أن يكون واعيا فى اختياره لشريكة حياته المناسبة له، ويجب أن يقيم «غسيل مخ» لنفسه بأنه لم يعد «سى السيد» الذى كان فى القرن الماضى، كما طالبت جميع الفتيات المقبلات على الزواج بألا تنساق الانسياق غير الحكيم إلى لغة العصر وثقافة العصر، مؤكدة أنه ما زال فى مصر لدينا الموروث الكبير من ثقافة الزوجة فى بيت الزوجية ولقيم الزوجة مع زوجها.
وأوضحت أن كل ذلك يحتاج إلى محاضرات طويلة، تتناول البعد النفسى والبعد الأخلاقى والبعد التراثى وبعد النصوص الدينية، للتوفيق بين كل هذه الأمور ثم نثقف بها المقبلين على الزواج.
وأرجعت عدم نجاح الكثير من المبادرات التى كان هدفها الحد من الطلاق والتى تم إعلانها العام الماضى، إلى أن تلك المبادرات لم تقم بدراسة جذور المشكلات التى تسببت فى زيادة نسب الطلاق، على أسس سيكولوجية واجتماعية وثقافية وعصرية، وأن تلك المبادرات كانت عبارة عن عناوين براقة، مضيفة أن العناوين لا تكفى وأنه لا بد من التأهيل النفسى والاجتماعى، ودراسة الفروق بين ثقافة الأمس واليوم.
وقالت النائبة عبلة الهوارى، عضو مجلس النواب، إن هناك زيادة فى نسب الطلاق بمصر فى السنوات الأخيرة، كما أن نسبة الطلاق نجدها مرتفعة بين المتزوجون حديثا، مضيفة أن من أهم أسباب زيادة نسبة الطلاق سوء الاختيار، والزواج المبكر، كما أنه لا يوجد مراكز تأهيل للزواج للمقبلين، مثل ما يحدث فى الكنائس، حيث إن هناك لجاناً لتأهيل المقبلين على الزواج.
وأكد أن تغير العصر، أدى إلى زيادة نسب الطلاق، نتيجة أن الابن والابنة يرفضان نصائح الأب أو الأم التى يقدمانها إليهما، وبالتالى لا بد أن يكون التدخل من خلال شرح مبسط لمفهوم الزواج والأسرة ومفاهيم المصاهرة والود، مؤكدة أن كل هذا لا يعلم عنه الجيل الحالى شيئا، مؤكدة أن مراكز التأهيل سوف تحد من ظاهرة الطلاق التى لم تعد فى مصر فقط بل إنها ظاهرة عالمية.
وأضافت أن ظاهرة الطلاق لا نستطيع الحد منها تشريعيا، ولكنها تحتاج إلى زيادة الوعى للمقبلين على الزواج، ولكن التشريع من الممكن أن يحد من الزواج المبكر الذى يحدث فى القرى والنجوع، الذى دائما ما يؤدى إلى طلاق مبكر، بحيث نضع عقوبات رادعة فى قانون الطفل، وقانون العقوبات، بتغليظ العقوبات على الآباء الذين يزوجون أبناءهم مبكرا، ولكن التشريعات لا تستطيع التدخل فى المتزوجين بسن البلوغ، نتيجة أن الكثير من حالات الطلاق تقع فى الغرف المغلقة بين الأزواج.
«النفقة».. الحق الضائع فى أروقة المحاكم
زيادة نسب الطلاق فى مصر، خلفت العديد من المشكلات للأسر المصرية، أهمها مشكلة النفقة، التى باتت محل نزاع بين الأزواج فى محاكم الأسرة، وما يتبعها من منازعات قضائية على قيمة النفقة.
تقول سهام على، المديرة التنفيذية لبرامج المرأة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، إن من أهم المشكلات التى تعانى منها المطلقة، عدم حصولها على نفقة بعد وقوع طلاقها، أو نفقة بقيمة متدنية، نتيجة تهرب الزوج والتحايل على القانون عبر تقديم أوراق تثبت أن راتبه الشهرى ضئيل، خاصة أن القانون حدد أن النفقة لا تزيد على 40%، من راتب الزوج، مؤكدة أن هناك خطابا ترسله المحكمة إلى عمل الزوج فى حالة وجود عمل ثابت للزوج، وفى هذه الحالة يرسل مكان العمل الراتب الأساسى للزوج دون قيمة البدلات والحوافز، وفى حالة وجود عمل خاص يكون قيمة الراتب على هوى الزوج نتيجة اتفاقة مع صاحب العمل على إرسال قيمة راتب أقل من راتبه الحقيقى.
وتوضح أن هناك مشكلة أخرى تواجه الكثير من الزوجات فى حصولهن على نفقة، وهو صعوبة التنفيذ بعد حصولهن على أحكام، نتيجة أن الكثير من الأزواج يتهربون من التنفيذ، أو يعطون المحضر مبلغًا ماليًا، ليقول أنه لم يستدل على العنوان.
وأكدت أنه لا توجد عقوبات على الزوج، إلا بعد أن يكون هناك متجمد نفقة نتيجة عدم دفع الزوج للنفقة لمدة عام أو أكثر، فى هذه الحالة يعاقب القانون بالحبس شهر واحد فقط، ثم تتحول قيمة النفقة إلى دين مدنى، كما أن الكثير من الأزواج يبيعون ممتلكاتهم إلى أقاربهم بيعا صوريا.
وأوضحت أن حصول الزوجة على حكم بالنفقة، يأخذ مدة لا بأس بها، رغم أن القانون حدد نفقة مؤقتة للزوجة والأولاد، لحين الفصل فى القضية، مؤكدة أن المشكلة ليست فى حصولهن على حكم ولكن المشكلة تكون فى تنفيذ الحكم، لافتة إلى أن الزوج إذا كان يعمل فى جهة حكومية يكون التنفيذ سهلا، ولكن التنفيذ يكون فى غاية الصعوبة، فى حالة أن الزوج يعمل فى القطاع الخاص.
تقول عبير حمدى، إن طلاقها جاء بعد حوالى عام ونصف من الزواج، مضيفة أنها اكتشفت أن الشخص الذى قضت معه أجمل أيام حياتها خلال فترة الخطوبة، تغيرت معاملته معها بنسبة 100%، لافتة إلى أن زوجها كان دائما يرفع صوته ويضربها على أسباب تافهة على حد قولها، مؤكدة أن فترة الخطوبة التى استمرت عامًا لم تكشف عن شخصيته الحقيقية.
وأوضحت أنها بعد طلاقها بسنتين، لم تحصل من زوجها على أى من حقوقها، سواء قائمة الزواج، أو المؤخر أو حتى شبكتها، كما أن طليقها لم يصرف مليمًا واحدًا على ابنه، وأنها اضطرت للعمل من أجل أن توفر حياة كريمة لها ولابنها، وتنصح جميع المتزوجين حديثاً بعدم التفكير فى الإنجاب إلا بعد مرور سنة أو سنتين من الزواج.
وقالت سوسن موسى، موظفة، إنها رفعت قضية خلع على زوجها، بعد زواج استمر ثلاث سنوات ونصف، بعدما طفح بها الكيل، من عدم التزام الزوج بمسئولياته الأسرية ومتطلبات الحياة، مؤكدة أن زوجها كان بخيلًا جدا، ولم تكتشف ذلك، نتيجة أن فترة الخطوبة لم تتعد الشهرين، موضحة أنها كانت تنفق راتبها الشهرى على احتياجات البيت.
وتساءلت: هل تزوجت لكى أنفق عليه أم لينفق علىّ أنا وابنته؟، مضيفة أن الأمر لم يتوقف على إنفاقى لراتبى، بل إن معاملته كانت سيئة جدا، وكان يريد أن يعيش فى ثوب «سى السيد»، وكان يريد أن أتقمص دور أمينة.
وأوضحت أنه بعد وقوع الطلاق لم ينفق جنيهًا على ابنته أو أحصل منه على شىء، مؤكدة أنه يتهرب من جميع الأحكام التى أخذتها بموجب المحكمة.
الرؤية.. رحلة عذاب بين الآباء والأبناء
معاناة الآباء والأمهات بعد الطلاق لا تنتهى فكل منهما اختار أن يعيش حياته بعد الانفصال، ولم يفكر أحدهما فى الأبناء الذين أصبحوا ضحايا فشل زواجهما، فامتلأت ساحات المحاكم بالعديد من القضايا التى يطالب فيها الطرف غير الحاضن بتمكينه من رؤية أبنائه، حيث يروى سعيد رمضان مأساته قائلا: انفصلت عن زوجتى بعد زواج استمر 5 سنوات وانتقلت إلى منزل والدتها لتعيش هى وابنى الوحيد برفقتها، وبعد حدوث الكثير من الخلافات التى كانت ناتجة عن تدخل الأسرتين، اشتعلت الأوضاع بيننا حتى وصل الأمر للانتقام منى ومعاقبتى، حيث منعتنى والدة مطلقتى من رؤية ابنى الوحيد الذى يبلغ من العمر 3 سنوات، وكانت ترفض مجيئى لمنزلها ورغم أننى حصلت على حكم من المحكمة برؤيته أسبوعيا إلا أننى لم أتمكن من رؤية ابنى إلا مرة واحدة كل شهرين، كما ترفض والدته أن أقوم باصطحابه فى الأماكن العامة خوفا من أن أقوم بخطف الطفل!
ويطالب «سعيد» بضرورة تعديل القانون حتى يصبح للأب الحق فى تربية أبنائه، فطبقا للقانون فالأب يرى أولاده 144 ساعة فى السنة بما يعادل 6 أيام فى السنة.
أما سيد دوريش، 28 عاما، يعمل ميكانيكى سيارات مع والده بالورشة، يروى مأساته «بعد زواج لمدة عام واحد انفصلت عن زوجتى، وحكمت المحكمة بنفقة قدرها 500 جنيه المشكلة أنها تصر على عدم رؤيتى للطفل رغم التزام والدى بدفع مبلغ النفقة والسبب أنها ترى أن من حقها الحصول على مبلغ أكثر من ذلك رغم علمها أننى أعيش مع والدى فى منزل واحد!.
ومن جانبها ترى زينب مهدى إخصائى صحة نفسية وعلاقات أسرية، أن الأسرة هى نواة المجتمع ويجب الحفاظ على استقرارها، ويكون ذلك بداية من اختيار شريك الحياة، ويجب أن يكون الاختيار قائماً على الحكمة والتوافق ما بين القلب والعقل، وعدم الانسياق وراء المشاعر، لأن أغلب حالات الطلاق تأتى نتيجة للقسوة وعدم اكتمال النضج العقلى والفكرى، وعدم تحمل المسئولية، هذا فضلا عن تدخل العائلات فى المشكلات مما يزيد من حالات الطلاق حيث ينتج عن ذلك حالة من انعدام الخصوصية، وصعوبة مواجهة ظروف الحياة، فتمتلئ ساحات المحاكم بقضايا الطلاق، والأهم من ذلك هو ضرورة حصول الشباب المقبلين على الزواج على دورات تدريبية ينظمها الأزهر لتوعية الشباب والفتيات بحقوقهم وواجباتهم، وأن تكون تلك الدورات شرطا من شروط إتمام العقد، لأن الأطفال هم ضحايا الطلاق حيث يخرج للمجتمع أطفال لديهم حالة من الاضطرابات السلوكية والتشتت التى قد تحولهم إلى أطفال انتقاميين، وتقول: بعد وقوع الطلاق يتحول الطفل إلى سلاح لتصفية الحسابات بسبب اشتعال العناد بين الطرفين، وهو ما يمثل خطورة كبيرة على التنشئة الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.