تتجه الأوضاع في المنطقة إلي التصعيد بشكل متسارع من تهديدات أمريكية بمنع إيران من تصدير نفطها. تبعها تحرك عدد من القطع البحرية في اتجاه الخليج لترد إيران بإعلانها التراجع عن تنفيذ بعض التزاماتها في الاتفاق النووي فيما يؤكد أن الصبر الإيراني قد شارف علي النفاد علي إثر الضغوط الأمريكية المتصاعدة. قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ستستأنف تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية كما أعلن تعليق بيع اليورانيوم المخصب والماء الثقيل الفائضين لدي بلاده إذا لم تفِ بقية الدول الموقعة علي الاتفاق بتعهداتها بحماية القطاع النفطي والمصرفي بإيران من العقوبات الأمريكية في غضون 60 يوما. في إشارة خفية إلي المأزق الاقتصادي المتصاعد الذي تعيشه بلاده بسبب الضغط الأمريكي الذي لم يتوقف منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السلطة. كما حذر روحاني أيضاً من رد حازم إذا أحيلت القضية النووية الإيرانية إلي مجلس الأمن الدولي مجدداً ولكنه قال إن بلاده مستعدة للتفاوض. بينما كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف علي موقع تويتر. "بعد عام من الصبر. توقف إيران إجراءات جعلت الولاياتالمتحدة مواصلتها مستحيلة وأضاف أن أمام بقية الدول "فرصة آخذة في التضاؤل" لإنقاذ الاتفاق النووي. تزامن تصاعد التوترات مع الذكري السنوية لانسحاب ترامب من الاتفاق الذي وافقت إيران بموجبه علي كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية عنها. وأعادت إدارة ترامب فرض العقوبات الأمريكية ووسعت نطاقها وأمرت دولا من مختلف أرجاء العالم بالتوقف عن شراء النفط الإيراني وإلا ستواجه عقوبات هي أيضا. ويحاول حلفاء واشنطن الأوروبيون المعارضون لانسحابها التوصل إلي سبل للحد من الأثر الاقتصادي للخطوة الأمريكية دون نجاح حتي الآن. بينما يحثون طهران علي مواصلة الامتثال للاتفاق. وترتبط الكثير من دول الخليج بعلاقات اقتصادية عميقة ومتشعبة مع إيران خاصة الإمارات حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلي 11 مليار دولار في عام 2017 إلي جانب العراق الذي وصل حجم التبادل التجاري بينه وبين إيران سبعة مليارات دولار خلال عام 2018. وقد يكون العراق أكثر الدول المتضررة من الأمر لأنه بحاجة إلي إيران علي مستوي الطاقة والغاز والسلع والتبادلات المصرفية ولذلك حصل علي استثناء من العقوبات الأمريكية علي الدول المتعاونة مع إيران. ومع اعتزام الولاياتالمتحدة الوصول بصادرات النفط الإيرانية إلي الصفر هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي مؤكدة أنها ان لم تتمكن من تصدير نفطها للخارج فلن تصدر احدي من دول المنطقة نفطها عن طريق هرمز. وتشير التقديرات إلي أن الولاياتالمتحدة فشلت في خنق إيران بالعقوبات الاقتصادية المتتالية ما دفعها لسلوك طريق آخر وهو التلويح بالتصعيد العسكري من خلال تحريك عدد من القطع البحرية إلي الخليج. لكن الأمر لن يتجاوز التهديدات فالحل العسكري غير وارد لأن المنطقة برمتها ستتضرر بشدة. ورغم تعهد السعودية والإمارات للولايات المتحدة بتعويض النقص الذي قد يحدث من منع إيران تصدير البترول إلا أنه أمر غير منطقي ولن يحدث "فإيران تنتج يومياً مليونا و 300 ألف برميل بترول وفق تعهداتها لأوبك. فكيف يمكن للدولتين مضاعفة إنتاجهما لتصل إلي هذا الرقم وسط توقعات أن تحدث أزمة كبري في سوق البترول العالمي جراء ذلك. علي الجانب الآخر تتجه بعض الآراء إلي استبعاد أن تغلق ايران مضيق هرمز أو أن تنجح أمريكا في "تصفير" تصدير البترول الإيراني. لكن هناك سيناريو أكثر كابوسية. فنتيجة للتحركات العسكرية الأمريكية والتي قد تصل إلي مرحلة التحرش قد تنشب حرب بين البلدين نتيجة ضرب باخرة أو إسقاط طائرة وقد يكون رد الفعل الإيراني هو ضرب مواقع في دول خليجية حليفة لأمريكا.