أجمع المراقبون لنشاط وجرائم جماعة الإخوان الإرهابية علي أن الجماعة تعيش أسوأ مراحلها منذ أن ابتليت بها مصر والمنطقة العربية حتي الآن.. وأن قياداتها دقوا المسامير الأخيرة في نعش التنظيم بعد أن مارسوا كل وسائل التضليل ونشر الأكاذيب وناصبوا الشعب العداء وقتلوا الأبرياء لمجرد الانتقام من الإطاحة بهم من حكم مصر بعد أن ثبت للعالم كله فشلهم. اتفق نخبة من كبار علماء الإسلام وخبراء الحركات الإسلامية علي أن الجماعة تستخدم أوراقا محروقة للرد علي الضربات المتلاحقة التي تتلقاها من أجهزة الأمن من أبرزها: نشر الشائعات والأكاذيب بهدف تضليل الجماهير المصرية والعربية.. وتعتمد في ذلك علي أدواتها الإعلامية وأبرزها قنوات التحريض التي تحتضنها تركيا وبعض البلاد الغربية.. وتساندها في ذلك قناة الجزيرة القطرية- رأس الأفعي الإعلامية- كما أنها تتحالف مع أعداء الوطن وتتلقي الأوامر والتوجيهات من دول معادية لمصر وتسعي باستمرار لإثارة المشكلات والأزمات بها ومن بينها تركيا وقطر.. كما يعتمد التنظيم الإرهابي علي عناصره التي تستغل وتوظف وسائل التواصل الاجتماعي وهؤلاء منتشرون في كل مكان. في قلوبهم مرض قال فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية: استغلال تنظيم الإخوان لهذه الأدوات التضليلة واضح من خلال نشاطهم الذي تابعناه جيدا من خلال مرصد الفتاوي المتطرفة والتكفيرية بدار الإفتاء وقد حذرنا منهم كثيرا في العديد من التقارير والبيانات التي صدرت عن المرصد بهدف تبصير الجماهير المصرية والعربية بأكاذيبهم ومستمرون في ذلك حتي ندحض مؤامراتهم الخسيسة للنيل من الوطن وزعزعة استقراره. ويحذر د.علام من الانسياق خلف أكاذيب الجماعة وما تردده من شائعات.. ويقول : النصوص الشرعية من الكتاب والسنة تؤكد علي حرمة المشاركة في نشر الأكاذيب والأقاويل غير المحققة والظنون الكاذبة من غير أن يتثبت المرء من صحتها. ومن غير رجوع إلي أولي الأمر والعلم والخبراء بالأمور قبل نشرها وإذاعتها. لأن هذا يثير الفتن والقلاقل بين الناس. وقد وصف الله سبحانه تعالي ترويج الإشاعات ب "الإرجاف". وهو ترويج الكذب والباطل بما يوقع الفزع والخوف في المجتمع. فقال تعالي: "لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضى وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا". وأصل الإرجاف من الرجف وهو الحركة. فإذا وقع خبر الكذب فإنه يوقع الحركة بالناس فسمي إرجافًا. وقال العلماء إن الإرجاف" التماس الفتنة". وأن المرجفين هم الذين يذكرون من الأخبار ما تضعف به قلوب المؤمنين وتقوي به قلوب المشركين". ويضيف د.علام : لقد نبهنا الحق سبحانه إلي أن كثيرا من الظنون يجب اجتنابها ابتداء وإهدارها تماما من غير تبيين ولا تعيين ولا تحقق. بل يجب اجتنابها ابتداء وجملة واحدة. ولا شك أنه يدخل فيها تلك الظنون التي تثير الفتن والقلاقل وتوقع بين الناس . مؤكدا علي أن هناك من الظنون ما هي"إثم" حيث نهانا الحق سبحانه عن تتبع الظنون بما يوجب التجسس علي الخلق وتتبع عوراتهم ومعايبهم واغتيابهم. فقال تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمى وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابى رَحِيمى" والآية كما قال المفسرون تؤكد علي صحة سد الذرائع في الشرع» لأنه أمر باجتناب كثير من الظن. وأخبر أن بعضه.. ورسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ. فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ. وَلَا تَحَسَّسُوا. وَلَا تَجَسَّسُوا. وَلَا تَحَاسَدُوا. وَلَا تَدَابَرُوا. وَلَا تَبَاغَضُوا. وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا" والمراد بالظن هنا التهمة العشوائية التي لا تستند الي دليل. كما يندرج ترويج الإشاعات تحت النهي عن القيل والقال وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ. وَإِضَاعَةَ الْمَالِ. وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ". ويدخل في "قيل وقال :" الخوض في أخبار الناس وحكايات ما لا يعني من أحوالهم وتصرفاتهم فضلا عن الترويج للأكاذيب والأضاليل وما يثير الفتن. كما أن مروِّج الإشاعة لو أدرك عظم الجرم الذي يفعله بسبب الآثار المدمرة للإشاعة علي المجتمع لما تهاون بصنيعه قط والنبي -صلي الله عليه وسلم- قال: " إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ. لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا. يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتي. وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ. لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ". ولا شك أن ترويج الإشاعات يندرج تحت تلك الكلمات التي لا يلقي لها بالا فيدخل بها صاحبها للأسف في سخط الله تعالي. ويهوي بها في جهنم والعياذ بالله. وقد حذرنا صلي الله عليه وسلم أن يتحدث المرء بكل ما سمع. فإن من يتحدث بكل ما سمع سيقع في الكذب وترويج الباطل» لأنه يحدث بكل ما سمع دون تثبت أو تحقق. فقال عليه الصلاة والسلام: "كَفَي بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ " فالانسان يسمع في العادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن. والكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو. ولا يشترط فيه التعمد. كيف تكون المواجهة؟ وعلاج الإشاعات- كما يقول العالم الأزهري د.أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر- يكون بوأدها في مهدها قبل تفاقمها والامتناع عن إذاعتها. وحتي مع التثبت من صحة معلومة ما. فإن ذلك لا يعني المسارعة في نشرها وإذاعتها وإفشائها. بل لا بد من الرجوع في شأنها إلي أولي الأمر وأهل العلم والخبراء بها قبل التحدث فيها حتي لا يكون نشر مثل هذه الإشاعات وبالا علي المجتمع .أو تحريضا علي الجرائم أو مثارا للاضطراب. وإلي هذا أرشدنا الله تعالي بقوله: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرى مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَي الرَّسُولِ وَإِلَي أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا" : فأمرنا عز وجل برد الأمور سواء من الأمن أو الخوف إلي أولي الأمر والعلم أولا قبل إذاعتها والتكلم فيها. حتي يكون الكلام فيها وإذاعتها عن بينة وتثبت وتحقق من شأنها. ونبهنا تعالي إلي أنه متي لم ترد الأمور قبل إذاعتها إلي الرسول وإلي أولي الأمر والعلم فإن ذلك يكون اتباعًا للشيطان. إذن الأسلوب الأمثل في التعامل مع الإشاعة إذا وصلت إلي الإنسان هو: التحقق والتثبت وعدم المسارعة في نقلها. ثم بعد التثبت منها علي الإنسان أن يرجع في شأنها إلي أولي الأمر والعلم والخبرة. بدلا من المساعدة علي ترويجها. يقول الحق سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقى بِنَبَإي فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةي فَتُصْبِحُوا عَلَي مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". ويوضح د.هاشم أن الشرع الحكيم كما نهي عن إذاعة الشائعات والإرجاف في الأرض نهي عن سماعها فقال الله تعالي ناعيا هذا الخُلُق الرديء "وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمي آخَرِينَ". ونعي سبحانه علي الذين يسمعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن فقال تعالي: "لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمى بِالظَّالِمِينَ". والسلوك القويم عند رواج شائعة ما- من وجهة نظر الشرع- يتمثل في الآتي: - إذا راجت شائعة ما خطيرة وجوب حسن الظن بالنفس وبالغير. - التحقق من الشائعة ومطالبة مروجيها بأدلتهم عليها والسؤال عمن شهدها. - عدم تناقل الشائعة. - عدم الخوض فيما ليس للإنسان به علم ولم يقم عليه دليل صحيح. - عدم التهاون والتساهل في أمر الشائعة واعتبارها أمرا هينا وهي عند الله عظيمة. لما فيها من الوقوع في أعراض الناس وإثارة الفتن والإرجاف في الأرض. - أمرنا الله تعالي إذا وردت إلي مسامعنا شائعة ما أن نقول: "مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانى عَظِيمى". مواجهة مطلوبة من جانبه أكد اللواء فاروق المقرحي مساعد وزير الداخلية الأسبق ضرورة مواجهة أكاذيب الجماعة الإرهابية ودحضها في حينها حتي لا تنطلي علي البسطاء.. مؤكدا أهمية دور الإعلام في مواجهة شائعات الجماعة وأكاذيبها. وطالب اللواء المقرحي مجلس الوزراء بسرعة الرد علي الشائعات لمنع انتشارها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. وقال "يجب إنشاء جهاز رسمي متخصص في الرد علي الشائعات التي تنشرها الجماعة الإرهابية.. مشيرا الي انها تستخدم أدوات حقيرة للانتقام من الدولة المصرية وأبرزها القنوات المأجورة. والمنابر الإعلامية التي تنطلق من تركيا وبعض الدول الأوروبية.. كما تستأجر مساحات في صحف أجنبية لنشر الأكاذيب .. الي جانب اللجان الإلكترونية التابعة لهم والتي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.