"اللغة هي الوعاء الأساسي الذي يحتوي العلوم. والتكنولوجيا. والثقافة. والتاريخ. والحضارة. والهوية. والمشاعر. فإن استطاعت أمة المحافظة علي لغتها ستكون من أكثر الأمم تقدماً وتطوراً" تلك العبارة الجامعة قالها الدكتور محمد مراياتي الخبير الدولي في العلوم والتقنية. وعضو مجمع اللغة العربية في دمشق. موضحاً أهمية اللغة في حياة الأمم. واتفق مع اجماع الكثير من خبراء اللغة والاجتماع والعلوم والسياسة علي أن الواقع المتدهور للغتنا العربية لا يمكن فصله عن الواقع المتدهور للأمة في شتي المجالات.. وأن غياب الوعي اللغوي هو جزء من حالة الغياب بل الغيبوبة الشاملة. علي المستوي الحضاري والعلمي والسياسي والثقافي والاقتصادي. وهناك اجماع أيضاً علي ضعف المحتوي العربي في العلوم. وافتقار الجانب العلمي العربي للمؤلفات المكتوبة باللغة العربية. مما يبرر تدريس العلوم في الجامعات العربية باللغات الأجنبية.. وهنا تبرز أهمية تعريب العلوم لتكون بداية لاسترداد اللغة العربية عافيتها.. وحول أزمة التعريب يقول العالم الطبيب محمود فوزي المناوي عضو مجمع اللغة العربية : "الفرق بين التعريب والتغريب نقطة ولكنها نقطة سوداء بحجم الكرة الأرضية تغشي عيوننا. فلا نري ما حولنا. وعندما حدثونا عن تنوير مصطنع بدلوا هذه النقطة بقرص الشمس عند الظهيرة فبدلاً من أن ينير لنا الطريق غشيت الأبصار فضللنا الطريق". وفي مصر بدأ إضعاف اللغة العربية بعد الاحتلال الإنجليزي عام 1881. بقيام المحتل بتحويل التدريس في مدرسة الطب إلي اللغة الإنجليزية عام 1887م. بعد 60 عاما من تدريسها بالعربية منذ تأسيسها عام 1825 في عهد محمد علي.. ويعد العالم النووي المصري الدكتور مصطفي مشرفة وعميد كلية العلوم جامعة القاهرة أول من بادر منذ ثلاثينيات القرن الماضي لتعريب العلوم. وكتب دراسة قيمة بعنوان "اللغة العربية كأدة علمية" قال فيها : إن مستقبل اللغة العربية متوقف علينا نحن. ففي يدنا قتلها بالجمود بها عن تطورها الطبيعي. وعدم التعاون بين الأمم المختلفة من أهلها علي توحيدها. أو إحياؤها بحسن الرعاية والتمشي بها في السبيل الطبيعي لرقيها كلغة حية واحدة". وحرص مشرفة علي تجاوز النقطة السوداء التي تفرق بين التعريب والتغريب. باتخاذ إجراءات عملية تمثلت في تحويل الدراسة بقسم الرياضة البحتة في الكلية باللغة العربية. وترجمة المراجع العلمية إلي العربية بعد أن كانت الدراسة بالإنجليزية فأنشأ قسماً للترجمة في الكلية. وشجع البحث العلمي وتأسيس الجمعيات العلمية. وقام بتأسيس الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية والمجمع المصري للثقافة العلمية. كما اهتم أيضاً بالتراث العلمي العربي. وفي الختام اتفق مع رؤية الدكتور محمد داود استاذ علم اللغة بكلية الآداب. جامعة قناة السويس والتي لخصها بقوله : "إن قوة اللغة العربية تحتاج إلي بنيات داعمة" بنية اقتصادية تمكن للتخطيط اللغوي والسياسات اللغوية حتي نري النور. بنية سياسية تملك سلطة القرار الذي يمكن للغة ويحميها من الإقصاء أو التهميش". وركز الدكتور داود علي بنية داعمة فكرياً لربطها بالفكر وقضاياه. وتوحيد مصطلحات العربية في مجال الفكر والثقافة. وتحديد رؤية واضحة ورسالة محددة. حتي يكون للعربية كيان مميز فكرياً. متماسك الهوية يقوي علي المواجهة. وقادر علي التأثير في الآخر".