نجح قطاع الأمن العام بالقاهرة في كشف غموض حادث العثور علي جثة شاب ملقاة بنهر النيل بدائرة قسم المعادي وبها عدة إصابات بمختلف أنحاء الجسد وآثار ضرب وتعذيب.. تبين أن المجني عليه "لصاً" أمسك به عددا من أهالي المنطقة أثناء محاولة سرقة سيارة وانهالوا عليه بالضرب حتي الموت ثم ألقوا بجثته في النيل وهربوا.. تم القبض علي المتهمين السبعة واعترف كل منهم بدوره في الجريمة وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق. قتيل المعادي راح ضحية غضب وجهل مجموعة من الأهالي الذين لم يلجأوا للشرطة وتسليم المتهم لمحاكمته طبقاً للأصول القانونية المتبعة في مثل تلك الظروف بل اتخذوا قرارهم "الهمجي" بتنفيذ حكم الإعدام علناً ضده بتعذيبه بالطريق العام وإلقاء جثته بعدها بالنيل وسط ذهول كل الناس وكأننا في غابة وهو ما لا يقبله عقل ولأننا في دولة يحكمها القانون فقد تم كشف الجريمة التي كان من الممكن أن تقيد كحادث غرق أو انتحار لولا يقظة أجهزة الأمن التي كشفت السر وتوصلت للجناة خلال ساعات قليلة بعد العثور علي الجثة ليتم تقديمهم للعدالة وحتي لا يتكرر هذا السيناريو وتصبح فوضي. وقد دارت أحداث تلك الجريمة المؤسفة من البداية عندما فوجيء خفير يدعي عبدالجليل 55 سنة أثناء عمله بأحد الأشخاص الأغراب عن المنطقة يحاول سرقة سيارة ربع نقل متوقفة بشارع مصر حلوان الزراعي بالمعادي.. ظل الخفير يراقب تصرفاته حتي شاهده يحاول التسلل إليها سراً وفتحها للاستيلاء عليها والفرار هرباً وهو ما دفعه للتصدي للموقف بكل شجاعة وأسرع نحو اللص للإمساك به وهو يردد "الحقوني حرامي.. حرامي" وارتمي فوقه خوفاً من مقاومته والإفلات منه ليتجمع عدد من الأهالي بشهامة "أولاد البلد" خلال دقائق معدودة والذين تسابقوا في إشباع المتهم ضرباً باللكمات وركلاً بالإقدام وخرطوم مياه في كل مكان بجسده بلا رحمة لصرخاته وتوسلاته بدلاً من ابلاغ أجهزة الأمن وتسليمه لهم لينال عقابه. وهكذا استمروا في التنكيل بالمتهم وتعذيبه دون أن يجرؤ أحد من المارة علي الاعتراض حتي استسلم اللص لنهايته وفقد النطق والحركة ولفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بإصابته وحتي يتخلص الأهالي من آثار الجريمة حملوا جثته وألقوا بها في النيل بهدوء شديد وكأن شيئاً لم يكن وظنوا أن الأمر انتهي عند هذا الحد ولم يتصوروا أنهم تورطوا في جريمة قتل نتيجة تصرفاتهم المستهترة. بعد ساعات من الحادث ظهرت الجثة وطفت علي مياه النيل أمام أحد المصانع بدائرة القسم فتم استخراجها بمعرفة رجال المسطحات المائية وتم إبلاغ المقدم إسلام بكر رئيس مباحث المعادي الذي انتقل إلي مكان البلاغ مع قوة من الضباط لتكشف المعاينة عن وجود شبهة جنائية في الوفاة وانها ليست نتيجة غرق أو انتحار كما يحدث غالباً وفي معظم الأحيان. علي الفور تم تشكيل فريق بحث بقيادة اللواء علاء سليم مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن العام واللواء محمود أبو عمره مدير مباحث وزارة الداخلية وفي نفس اليوم توصلت التحريات إلي تحديد شخصية المجني عليه وشهرته "كيمو" من إحدي القري التابعة لمحافظة سوهاج وأنه حضر منذ فترة من بلدته بالصعيد بحثاً عن الرزق وبمرور الأيام أغواه الشيطان فسقط في بئر الانحراف ليتم ضبطه بمعرفة الأهالي أثناء شروعه في سرقة إحدي السيارات في لحظة ضعف وتهور وانهالوا عليه بالضرب حتي الموت وتخلصوا من جثته بإلقائها في النيل. توصل رجال المباحث إلي المتهمين السبعة من سكان المعادي وتم ضبطهم وبمواجهتهم بالأدلة والتحريات اعترف كل منهم بدوره في الجريمة مؤكدين أنهم لم يقصدوا التخلص منه وإنما كانوا يريدون تأديبه بعد ضبطه متلبساً بسرقة السيارة ولم يتوقعوا وفاته بعد "علقة موت" وهو ما اضطر أحدهم إلقاء جثته في النيل هرباً من المسئولية معتقدين أن الجثة ستأخذها المياه والتيار إلي محافظة أخري ولن يتوصل إليهم أحد ولكن شاء حظهم العاثر أن يقعوا في قبضة رجال المباحث سريعاً ويفتضح أمرهم ويتورطوا في جريمة قتل بالصدفة.. تم إحالتهم إلي النيابة بتهمة ضرب أفضي إلي موت ولايزال التحقيق مستمراً.