لماذا لا يحسن العرب استغلال الفرص التي تتاح لهم للنهوض وتحقيق طموحاتهم في استقلال الإرادة والتقدم والتنمية. وتحقيق الرفاهية لشعوبهم؟ تردد السؤال في ذهني علي خلفية الاستماع لالبوم غنائي قديم لمطربة العرب فيروز والأخوين رحباني. تتغني فيه ل"جسر العودة" وزهرة المدائن "القدس". ولمن لا يعرف من الأجيال الجديدة فان فترة المنتصف الثاني من ستينيات القرن الماضي. وفي أعقاب هزيمة 1967. شهدت حالة صعود معنوي كبير ساد فيها شعور قوي بان حلم تحرير فلسطين علي بعد خطوتين. بعد أن أفاق العرب أو هكذا تصورنا من صدمة الهزيمة وبدأوا الاستعداد الجدي لتحقيق الحلم. ومن ثم الانطلاق إلي آفاق واسعة من الوحدة والتنمية الرفاهية. تغنينا مع فيروز "يا جسر الأحزان أنا سميتك جسر العودة". وصدقنا أن الجسر ينتظر اللاجئين الفلسطينيين ليعودوا إلي ديارهم: "المجد لأطفال آتين الليلة قد بلغوا العشرين.. لهم الشمس لهم القدس والنصر وساحات فلسطين". وكان الحلم مستندًا علي اشتعال المقاومة الفلسطينية المسلحة التي حتمًا ستحرر فلسطين. متزامنة مع حرب الاستنزاف الشجاعة علي الجبهة المصرية. وتغنينا مع أم كلثوم بكلمات نزار قباني "أصبح عندي الآن بندقية إلي فلسطين خذوني معكم". و"من يوم أن حملت بندقيتي صارت فلسطين علي أمتار"!. قبلها بسنوات قليلة تغنينا أيضًا بالوحدة العربية من المحيط إلي الخليج التي بدأت بمصر وسوريا. وارتفعت الأحلام إلي السماء وتغنينا مع محمد قنديل وبيرم التونسي وعبد العظيم عبد الحق: "وحدة ما يغلبها غلاب.. أنا واقف فوق الأهرام وقدامي بساتين الشام أشاهدها وأهالي كرام يقولوا لي قرب يا زين". الأمثلة كثيرة في التاريخ العربي الحديث منذ بدايات القرن التاسع عشر. حيث حقق محمد علي حلم تكوين دولة قوية في مصر تناطح الدول الكبري. ثم ثورة عرابي التي كادت تحقق حلم الاستقلال والتنمية والديمقراطية. ثم اجهضت وانتهت إلي احتلال وتخلف عشرات السنين. وهو ما يعود بنا إلي السؤال الأساسي: لماذا لا يحسن العرب استغلال الفرص المتاحة؟. ربما يستسهل البعض ويلجأ إلي نظرية المؤامرة حيث تتآمر الدنيا كلها علينا. ونحن لا حول لنا ولا قوة. ولكن استعراض تاريخ شعوب أخري يكشف أن كثيرًا منها عاني مثلنا من تدخل أجنبي وغزو واحتلال. ولكنها تمكنت من تحقيق حلمها وهو نفس حلمنا. فالشعب الفيتنامي صمد في وجه أبشع جرائم الحرب في القرن العشرين. ثم ها هو يقف منافسًا اقتصاديًا قويًا للدول الكبري وتغزو منتجاته الأسواق العالمية. وقبله تعرض الشعب الصيني لحرب مخدرات بشعة. وأيضًا تايلاند وماليزيا وكلها دول تمكنت من النهوض بعد تخلف قرون. ماذا ينقص العرب لكي يحققوا أحلامهم مثل غيرهم. أعتقد. في عجالة نظرًا لضيق المساحة. أن آفة العرب هو تجاهل دور العلم وتفضيل تغييب العقول. وهو عنوان كبير يندرج تحته عيوب كثيرة نعاني منها.