أتمني أن يكون تأخير صدور حركة المحافظين ناتجاً عن خضوع جميع المرشحين لعملية فرز دقيقة. ولتحريات جادة تؤكد نزاهتهم وكفاءتهم واستحقاقهم لمناصبهم. وقدرتهم علي تحمل المسئولية. واحترامهم لليمين الذي سيحلفونه أمام اللَّه وأمام الرئيس. بأن يرعوا مصالح الشعب رعاية كاملة. لأن قضايا الفساد التي نجحت هيئة الرقابة الإدارية في ضبطها مؤخراً في الإدارة المحلية. تؤكد أن هذا السوس الذي ينخر في عظام الدولة لم يعد قاصراً علي صغار الموظفين الذين مدوا أيديهم للمال الحرام. واستحلوا الرشوة بحجة ضعف المرتبات وارتفاع تكاليف الحياة. بل امتد إلي الكبار. الذين شغلوا منصب المحافظ ونائبه والسكرتير العام ووكيل الوزارة والقيادات العليا. وفساد الكبار أخطر علي الدولة من فساد صغارها. لأن الصلاحيات الممنوحة للكبار تمنحهم الفرصة لاتخاذ قرارات والتوقيع علي أوراق قد ترفع أقواماً وتخفض آخرين بغير حق. ولهم من سلطات المنح والمنع ما يسمح بنجاح الخطط والاستراتيجيات التي تضعها الحكومة أو تفشلها. وما يسمح بحفظ مال الشعب أو يهدره. لقد أثبتت قضايا الفساد الأخيرة أن هذا السوس متغلغل في كل موقع حكومي. وأنه ينخر في الجسد العليل. بلا رحمة ولا هوادة.. وأن هناك طابور خامس وسادس وسابع. يحاول شد هذا البلد للخلف. ووقف أي محاولات للتقدم للأمام ولو خطوة واحدة.. طوابير لا تخرج في مظاهرات.. ولا تستخدم العنف أو السلاح. لكن خطرها أشد. لأنه ينتشر ويتوغل ويستمر. وفساد المحليات يظهر كل يوم في التعدي علي أراضي الدولة. والبناء علي الأرض الزراعية. وفي الأبراج التي ترتفع وتعلو في شوارع لا يزيد عرضها علي مترين. وفي المنازل التي تنهار علي ساكنيها. وفي الكهرباء التي تتم سرقتها. وفي تعطيل مصالح المواطنين في الجهات الحكومية وغيرها من صور الفساد التي أصبحت رؤيتها أمراً طبيعياً. وخطورة هذا السوس. لم تعد فقط فيما يحققه من ثروات طائلة علي حساب الشعب. وإفشال خطط الحكومة التي تعمل جاهدة من أجل بناء دولة جديدة. ومن أجل تحسين الخدمات التي تقدمها للمواطنين. لكن خطورة هذا السوس تكمن في انتشاره بين بشر يظنون أن فعلهم أمر طبيعي. وبزنس مشروع ومتداول ولا غبار عليه. وأن العمولات والرشاوي التي تدفع من فوق ومن تحت الترابيزة هي رزق قد كتبه الله لهم. وهم لا يدركون أنهم يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً. إن محاربة الفساد لا تقل أهمية عن محاربة العنف والإرهاب.. وما تبذله هيئة الرقابة الإدارية ورجالها الآن لضبط الفاسدين. لا يقل أهمية أبداً عما تبذله القوات المسلحة لدحر الإرهابيين في سيناء.