ستظل ذكري العاشر من رمضان محفورة في القلوب وتتناقلها الأجيال لأنها ذكري من نوع خاص تجلت فيها الإرادة المصرية والعزيمة الحديدية للجندي المصري والممزوجه بالإيمان القوي الذي لايتزعزع عن تضحيات وبطولات علي أرض سيناء الطاهرة روتها دماء جنودنا البواسل لنسترد الأرض وننعم بالأمن والسلام. بطولات السادس من اكتوبر ومعركة الكرامة تدرس في كتب التاريخ ووضعتها الدول دستورا للتضحية والفداء وفنون القتال ليتعلموا منها ويكونوا علي يقين أن الجندي المصري خير اجناد الارض. عبقرية الجندي المصري وبراعة المهندسين البواسل ظهرت ايضا في تحطيم أسطورة خط بارليف المنيع الذي ازاله الجنود وعبروا في ملحمة رائعة أظهرت ضعف العدو أمام العبقرية المصرية ومفاجآة العدو في تخطيط استراتيجي غير مسبوق. أكد اللواء علي حفظي قائد قوات الاستطلاع خلف خطوط العدو ان الجندي المصري هو البطل الحقيقي لانتصار أكتوبر الذي جسد عدة مقومات أهمها الثقة بالنفس التي تعد الركيزة الاساسية لاجتياز اصعب المواقف. وان النجاح لا يتحقق الا بالعمل الجاد المستمر. وبالدراسة العلمية المتعمقة للأمور. والارادة والتصميم علي تحقيق الهدف مهما كانت الصعوبات. ولابد ان يعلم الشباب انهم جوهر البقاء لمصر فهم من يقاتلون في الخطوط الاولي . اضاف ان هناك العديد من النماذج الخالدة التي ضحت بأرواحها في سبيل الوطن وحتي الآن غير معروفة للكثيرين . وعلي سبيل المثال الملازم عبد الهادي السقا من ابطال قوات الصاعقة. وكان مدفوعا مع فرقته خلف صفوف العدو لمنع المدرعات الاسرائيلية من الاتجاه الي خط القناة . واستشهد هو وطاقمه نتيجة لضرب اسرائيل لطائرتهم اثناء توغلهم الي عمق العدو. اشار الي ان قوات الاستطلاع نجحت في اعطاء القوات المسلحة صورة كاملة عن العدو الصهيوني ونقاطه الحصينة وأماكن تجمعه ومطارته وأسلحته وأنواعها وعدد جنوده وأوقات راحتهم . واصبح كل جندي مصري شارك في الحرب كان لديه صورة كاملة عن اهدافه وعدد الجنود فيها . وكان هناك مشروع تدريبي قبل الحرب بأسبوع ولم يعرف الكثير ميعاد الحرب ولكنهم فوجئوا بأن المشروع تحول الي حرب حقيقية . وبعض رجال الاستطلاع ظلوا يعملون داخل مواقع العدو لمدة 6 اشهر بعد انتهاء الحرب. ويري ان حرب الاستنزاف حققت العديد من الاهداف وابرزها نجاح المقاتل المصري في كسر حاجز الخوف من مواجهة الجندي الاسرائيلي في معارك يومية بالضفة الشرقية للقناة بالقتال لمدة 1000يوم كبد فيها اسرائيل خسائر فادحة دفعتها للجوء الي امريكا للبحث عن وسيلة لايقاف الطوفان المصري المدمر. مشيرا الي وجود نموذج اخر لتفوق الانسان المصري وهو التفكير في بناء حائط الصواريخ الذي استطاع اسقاط احدث المقاتلات الاسرائيلية الفانتوم . واخيرا نجاح خطة الخداع الاستراتيجي ولم تستطع اجهزة مخابرات دول العالم تحديد وحجم واوضاع قواتنا قبل العبور. لذلك حدثت المفاجأة الاستراتيجية والملحمة العظيمة بعبور 80 الف مقاتل الي البر الشرقي للقناة وسيناء. "البطل الحقيقي" يقول اللواء سمير بدوي المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا ان يوم العاشر من رمضان شهد أكبر انتصار للمصريين حيث تمكنوا من عبور قناة السويس وتحرير ارض سيناء الغالية . وعاد العلم المصري الحبيب يرفرف علي الضفة الشرقية للقناة. اضاف أنه تم تحديد يوم العاشر من رمضان لأنه يوافق أحد الايام العظيمة في التاريخ الإسلامي حيث بدء فيه الرسول الكريم حملته في فتح مكة. والجنود كانوا صائمين ولديهم عقيدة راسخة في وجدانهم وهي تحرير الارض حتي لو دفعوا حياتهم ثمنا لذلك. وكان هناك دفعة معنوية عالية لدي الجنود بسبب شهر رمضان المعظم. اشار الي ان العبور العظيم في حرب اكتوبر كان معجزة من المعجزات العسكرية العالمية يتم تدريسها حتي الآن. مشيرا الي انه لم يتحقق نصر حقيقي علي اسرائيل وتكبيد خسائر فادحة لها الا في نصر اكتوبر والذي كان نصرا للامة العربية والاسلامية اعادت لها العزة والكرامة. يري بدوي ان نكران الذات في سبيل تحقيق الهدف الاسمي كان السمة الاساسية وطريق الانتصار في اكتوبر لافتا الي ان ضباط القوات المسلحة كانوا يتقاضون نصف رواتبهم من اجل توفير السلاح في المعركة. "خطة الخداع" يقول اللواء أحمد عبد الحليم رئيس عمليات لواء مدرع في الجيش الثاني الميداني خلال حرب اكتوبر ان حرب العاشر من رمضان دروسها كثيرة وابرزها انه لا يوجد شيء اسمه مستحيل . ولا يوجد شيء لا يقهر. اذا استطعنا الاستعداد له. ومعركة اكتوبر كان لها خطتين الاولي الخداع الاستراتيجي والاخري عسكرية . و خطة الخداع التي نفذت قبل الحرب ادت الي نجاح العمليات العسكرية في 6 أكتوبر. اضاف انه علي سبيل المثال الرئيس السادات امرنا بتحريك القوات في قناة السويس . وهو الامر الذي ادي الي قيام اسرائيل بتعبئة قواتها ورفع درجة حالة الاستعداد عندها . وكانت وقتها تل ابيب كلها تتوقف عن العمل بسبب عدم وجود قوات ثابتة . ولكن لديها جيش صغير ويقوم بتكملته قوات الاحتياط من المدنيين في اسرائيل وبالتالي تتوقف لديهم الحياة تماما . ولم يحدث وقتها شيء . ثم كررنا هذه الحركة قبل العبور مباشرة. ولم تقم اسرائيل وقتها بالتعبئة. وعندما بدأت في التعبئة كنا قد عبرنا بالفعل قناة السويس. اشار الي ان قوة ايمان الضباط والجنود كان لها اثر كبير في انتصار العاشر من رمضان. كان عندما تحدث الغارات من الجانب الاسرائيلي بعد العبور. الجميع ينزل للاختباء في حفر برميلية. ما عدا شخص واحد هو قائد الفرقة العميد فؤاد عزيز غالي. وعندما سألته عن سبب ذلك. فرد عليا وقال كل واحد فينا اسمه مكتوب علي القنبلة التي ستصيبه .حتي لو كنت داخل الحفرة. فصعقت من قوة ايمان هذا الرجل بالقدر الذي اعطي المثل والقدوة لجنوده انه علي استعداد للتضحية بنفسه في سبيل خدمة بلده. أكد انه لن ينسي تاريخ 22 أكتوبر وقرار وقف اطلاق النار بين الجانبين وهو ما لم تلتزم به اسرائيل فعليا . وظلت تحاول الدخول الي مدينة الاسماعيلية أو السويس ولكنهم فشلوا. وكان هناك ملازم أحمد حسن يختبيء بإحدي الحفر تحت دبابته . ليفاجيء بسقوط قنبله داخل الحفرة مرت من تحت الدبابة لتنفجر في صدره. وهذا يثبت بالفعل ان الموت لاعلاقة له بالمكان وفعلا لكل أجل كتاب. ثم استعدت الجنود لاقتحام وتدمير الثغرة. ولكن امريكا أبلغتنا ان الاسرائليين سوف ينسحبون منها وبدأت مبادرة السلام.