رمضان شهر البركة والخير والرحمة، وهو أيضا شهر الانتصارات قديما وحديثا، وبطولات وفتوحات كبيرة في تاريخ أمتنا الإسلامية، قدَّر الله لها أن تكون في رمضان. وفي تاريخ مصر أيام لا تنسي ، منها العاشر من رمضان عام (1393ه) الموافق السادس من أكتوبر (1973م)، والذي تمكنت فيه القوات المصرية من عبور قناة السويس التي كانت توصف بأنها أصعب مانع مائي في العالم وتحطيم أكبر ساتر ترابي ألا وهو خط بارليف. وتعد معركة العاشر من رمضان نصرا كبيرا فى العصر الحديث، ففى تلك المعركة استردت الأمة كرامتها وعزتها، وأرضها من العدو الغاصب، وتم تحطيم أسطورته التى زعم زورا وبهتانا أنها لا تقهر. وفي ذكرى العبور المجيد طالب علماء الدين بالاستفادة القصوى من دروس النصر، بتعميق قيم الانتماء للوطن والتضحية في سبيله، وتحقيق التنمية الشاملة اقتصاديا وسياسيا وعلميا واجتماعيا الأخذ بأسباب العلم والتقدم. وأكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن المصريين جميعا في أمس الحاجة الآن لاستعادة روح انتصار العاشر من رمضان لدعم معركتي البناء والتنمية كي تتبوأ مصر مكانتها المستحقة بين الأمم، وتعميق قيم الانتماء للوطن, والتضحية في سبيله, والعمل بجدية لمعركة أخري تحتاج لتصميم وإرادة وهي تحقيق التنمية الشاملة اقتصاديا وسياسيا, والأخذ بأسباب العلم والتقدم. وأضاف: إن الاحتفال بهذا اليوم تعبير عن نصر كبير تحقق بحسن التخطيط والدراسة, وجدية الإعداد وهكذا ينبغي أن يكون الدرس الماثل أمامنا إذا ما أردنا الانتصار في القضايا والتحديات التي تواجهنا في مجالات التنمية والتكنولوجيا والتعليم والإدارة والبيئة وغيرها من المجالات. وأشار إلي أن طريقنا الوحيد للانتصار في سائر هذه القضايا يتمثل في إعلاء قيم الانضباط والكفاءة والتجرد والعمل الدءوب فهذه هي القيم نفسها التي صنعت انتصار رمضان والتي ستصنع بإذن الله مستقبلا مشرقا لمصرنا الحبيبة. من جانبه قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن جيش مصر والقوات المسلحة الباسلة لم تكن متجاوزة أو معتدية أو باغية بل خاضت حرب العزة والكرامة لمصر وللأمة العربية والإسلامية وهى تخوض الآن حربا لا تقل أهمية عن العاشر من رمضان في الوقوف ضد قوى الشر والإرهاب، وأن مصر ستظل حاملة للواء الدين الإسلامي الصحيح والتصدي للفكر الإرهابي المتشدد ومن يقف وراءه بالتمويل أو الدعم، كما أن كل أبناء مصر مستعدون للتضحية عن بلدهم ودينهم. وأكد أن مقاومة الإرهاب والقضاء عليه واجب شرعي وديني كما كان استرداد الأرض في العاشر من رمضان، مشيدا بالدور الوطني لقواتنا المسلحة الباسلة لتحقيق نصر العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر وفي مقاومة قوى الشر والتخريب والقضاء على التنظيمات المتطرفة التي تسئ إلى الدين الحنيف. كما طالب بالوقوف صفا واحدا خلف قواتنا المسلحة وخير أجناد الأرض وأبناء مصر الشرفاء الوطنيين درع الأمة وسيفها في معركتهم ضد الإرهاب والتطرف. وأضاف: إن ما حققته قواتنا المسلحة الباسلة بالتصدي للإرهابيين ودحرهم في سيناء يعد أكبر انتصار لقواتنا المسلحة بعد العاشر من رمضان، ويضاف إلى انتصارات المسلمين في شهر رمضان الكريم في بدر الكبرى وفتح مكة، بما يؤكد أن مصر لن ترجع للوراء وهي مقبرة للإرهابيين ومن يقف وراءهم أو يساندهم، وأن تلك الأعمال الإرهابية لن تعيق برامج التنمية والإصلاح في مصر التي ستستمر بإيمان من الله ودعم من القيادة السياسية وبإرادة من كل أبناء الشعب المصري. ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر في عام1973 كان مهتما بإسهام الأزهريين في معركة العاشر من رمضان، وأنه استعان في هذا الصدد بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لتعبئة الروح المعنوية لأبناء قواتنا المسلحة, وأنه عند لقاء العلماء بأبناء الجيش في شهر رمضان أثناء الحرب أفتي بعض الدعاة للجنود بأنه, نظرا لحرارة الجو وحاجة الحرب إلي كامل طاقتهم, من المستحب الأخذ برخصة الفطر لتكون عونا لهم في الانتصار علي العدو الصهيوني, بيد أن بعض الجنود أجابوا قائلين: لا نريد أن نفطر إلا في الجنة. وأشار الى أن الشيخ عبد الحليم محمود, قبيل حرب رمضان المجيدة, قد رأي رسول الله في المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة, فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر, وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة, واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر، ثم لم يكتف بهذا, بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلي منبر الأزهر الشريف, وألقي خطبة عصماء توجه فيها إلي الجماهير والحكام مبينا أن حربنا مع إسرائيل هي حرب في سبيل الله, وأن الذي يموت فيها شهيد وله الجنة, أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت علي شعبة من شعب النفاق، وكانت نتيجة الإعداد الجيد الذي قام به الجيش المصري, مضافا إليه طمأنة الدكتور عبد الحليم محمود لرئيس البلاد وحفزه إياه علي شن الحرب ضد قوات الصهاينة, التي تحتل جزءا غاليا من تراب مصر, هي ما أسفرت عنه الحرب الرمضانية المجيدة من نصر عظيم كبير.