متاحف مفتوحة في الهواء الطلق.. ابتكار مصري يحقق انتعاشة سياحية وثقافية مهمة.. استثمار مناسب لأن مصر غنية بالأثار.. الفكرة فرضتها أثار في مناطق كثيرة يصعب نقلها إلي المتاحف كان الحل اعتماد المتاحف المفتوحة أشهرها.. ميت رهينة.. جزيرة امون.. طريق ووادي الكباش.. واحدثها متحف المسلة المفتوح بالمطرية يجمع بها كنوز اثرية نادرة وفريدة. علي الطبيعة ورغم الملاحظات للمتاحف المفتوحة للأثار في أماكن اكتشافها فوائد ومكاسب.. فإلي جانب انعاش السياحة وجذب السائحين.. باب خير لأهالي المنطقة المحيطة.. وهذا ما رصدناه في متحف المسلة بالمطرية. المطرية تلك المنطقة العريقة.. تعرف بمدينة عين شمس القديمة وهيليوبلس هو الاسم اليوناني كانت تعرف في العصور الفرعونية باسم "أون". هي المركز الرئيسي لمعبد الشمس إذ كانت تعد العقيدة الشمسية أو عبادة الشمس محور الديانات المصرية القديمة لأكثر من ثلاث آلاف سنة كما كانت مقرا لأول جامعة بالتاريخ. المتحف يضم 135 قطعة أثرية من عصر الدولة القديمة وحتي الدولة الحديثة.. من أهمها مسلة الملك سنوسرت الأول أحد ملوك الأسرة 12 التي كانت مقامة أمام المعبد الذي بناه الملك لعبادة الإله "رع" وهي منحوتة من الجرانيت الوردي من محاجر أسوان.. بالإضافة إلي وجود العديد من المسلسلات الأخري والمكتشفة في المنطقة.. ومنها جزء من مسلة الملك "تتي الأول" أحد ملوك الأسرة السادسة. داخل حدود المتحف يعرض أيضا تمثال للملك سيتي الثاني راكعاً يقدم مائدة للقرابين. وتمثال ضخم للملك رمسيس الثاني برداء الكاهن من الحجر الرملي فاقداً الجزء العلوي. وكتل منقوشة لمعابد من عصر الملك أمنحتب الثالث ورمسيس الثاني. ووجه تمثال عملاق للملك رمسيس الثاني ويد لنفس التمثال. بالإضافة إلي مجموعة من أعمدة نباتية من حجر الجرانيت الاسود من عصر الملك مرنبتاح. ومدخل باب من الحجر الرملي من عصر تحتمس الثالث. واجزاء من مقابر وتوابيت ومقاصير مختلفة. مزار مهم المتحف أعاد إحياء المنطقة وجعلها مزاراً سياحياً مهماً يليق بقيمتها التاريخية والحضارية ومتحفاً مفتوحاً يحكي تاريخ أقدم مدينة مصرية وهي مدينة أون.. اصطحبتنا مديرة المتحف هدي كمال.. قالت إن المتحف تم تطويره ليصبح قبلة للسياح وأهالي المنطقة موضحة أن المتحف تم افتتاحه في سنة 1982 ولم يكن بالمستوي المطلوب حتي طالته عملية التطوير الاخيرة والتخلص من الاكشاك علي مدخله بغرض مراقبة ورصد انشطة الزوار ومتابعة عمليات التنقيب ليتحول لمبني إداري متميز. توضح أن المتحف يضم اثار عريقة تبلغ 135 قطعة بعضها تم اكتشافه في نفس الموقع واخري بالجوار وبعضها بقايا معابد قديمة ومنطقة الجبانة أو مساكن مدينة اون مشيرة إلي سعي إدارة المتحف للتواصل مع السياح لتعريفهم بالمتحف وجذبهم لزيارته في القريب وسوف يتم انشاء صفحات رسمية للمتحف علي مواقع التواصل والتنسيق مع شركات السياحة.. وتستطيع تقسيم المكان إلي منطقتين وهما منطقة المعابد وكانت محاطة بسور ضخم من الضوب اللبن وتشغلها الآن مناطق المسلة وعرب الحصن وعرب الطوايلة والخصوص. اما المنطقة الثانية وهي منطقة الجبانة وكانت تسمي "جددت عات" وتشغلها الآن مناطق عين شمس الشرقية وعين شمس الغربية وحلمية الزيتون والنعام ومنشية الصدر وأجزاء من مصر الجديدة ومدينة نصر والروضة. الدكتور صلاح الخولي وكيل كلية الآثار جامعة القاهرة قال إن المتاحف المفتوحة هامة وأحد طرق انعاش السياحة لذا لابد من التغلب علي المعوقات فالكثير منها في مناطق سكنية تواجه شبح التعديات علي أراضيها بسبب الزحف العمراني مشددا علي ضرورة تجهيز هذه المتاحف بشكل لائق يسهل علي السائح الوصول إليها بجانب خلق أنشطة تجذب الزوار مثل وجود مطاعم وتنظيم ندوات وانشطة ثقافية متعددة. يتابع: ينبغي ربط تلاميذ المدارس بتاريخهم وحضارتهم العريقة من خلال اقرار يوم إجباري في المدارس لكي يتم تنظيم زيارة لهم للمتاحف علي أن يضم قطعا أثرية مرتبطة بما يتم تدريسه للتلاميذ مشيرا لأهمية أن تقوم المتاحف بتنظيم أنشطة ثقافية تزامناً مع المناسبات الهامة مثل الاعياد. العائد المتوقع يستكمل أن أهالي المناطق المحيطة بالمتاحف المفتوحة سوف يدركون أهميتها ويحافظون علي الأماكن المحيطة بها عندما تنتعش السياحة ويجدون عائداً كبيراً ينعكس عليهم من هذه المتاحف مؤكداً أهمية الاهتمام بالمتاحف الاقليمية وتنشيطها لجذب سكان المحافظات. يوضح الدكتور مختار الكسباني استاذ الاثار بجامعة القاهرة أن المتاحف المفتوحة ابتكار مصري فلا توجد دولة بالعالم تطبق ذلك مرجعا السبب إلي غني مصر بالآثار ووجود آثار يصعب نقلها لأماكن أخري فيتم تحويل المكان المكتشف بها الآثار لمتحف مفتوح مثل ميت رهينة وجزيرة آمون وطريق وادي الكباش وغيرها من الاماكن الغنية بالاثار. يشير إلي أن منطقة ميت رهينة الغنية بالآثار وبها أحد تماثيل رمسيس الثاني يبلغ حجمه 40 طنا ويمكن تعظيم الفائدة من المتحف المفتوح هناك من خلال تطوير المكان المحيط به بمطاعم بسيطة والبازارات ولو انشئت مطاعم فخمة وتم النهوض بالمكان سوف يساهم ذلك في جذب المزيد من السياح ضاربا المثل بالقاهرة التاريخية وتطويرها مما ساهم في تنشيط الوفود السياحية إليها. اللواء خالد محمد رئيس حي المطرية أكد أن المحافظة لديها خطة لتطوير المنطقة المحيطة بمتحف المسلة بما يليق مع عبقرية المكان والذي يضم اثارا من حقب مختلفة سواء فرعونية أو قبطية أو إسلامية فمنطقة المطرية تضم شارع البصراوي والذي يضم آثارا قبطية كما أن المطرية أحد مسارات العائلة المقدسة. ويتابع أن الحي قام بالتنسيق مع وزارة الآثار قبل افتتاح متحف المسلة تطوير الانارة بالمنطقة المحيطة ورفع المخلفات حتي تظهر الشوارع بشكل لائق لكن المنطقة تحتاج لتطوير كبير لأنها تضم مساكن عشوائية وسيتم تطويرها علي غرار المناطق العشوائية بالسيدة زينب. وحول انشاء اماكن ترفيهية لجذب السياح أوضح اللواء محمد أن انتعاش السياحة وزيادة الاقبال علي المتحف سيشجع المستثمرين علي الاستثمار في المجالات المرتبطة بالسياحة مثل انشاء المولات والاماكن الترفيهية. أراء الأهالي ونتعرف معا علي رؤية أهالي وشباب المنطقة لدعم فكرة المتحف المفتوح وحسن استثمارها.. محمد مصطفي طالب بالصف الثالث الاعدادي قال لم أكن أعرف شيء عن متحف المسلة لكن بعد تطويره وفتحه بالمجان للمواطنين لمدة اسبوع قررت دخوله لمعرفة ما بداخله من الاثار والتي اعجبتني كثيرا وقررت أن أعاود الزيارة مجددا. سالم كرم "طالب في الصف الثاني الثانوي".. اعرف المكان من طفولتي ولكن لم يكن به كمية الاثار المعروضة الآن مرحباً بفكرة إنشاء متحف مفتوح بالمطرية ليساهم في تطوير المكان واقبال السياح عليه. يتفق معه عبدالعال جمال "صاحب كشك مقابل للمتحف" قائلا المتحف سيكون قبلة للسياح ويفيد أهالي المنطقة. يتابع أعرف المكان وكثير ما كنت استمتع برؤية المسلة وانوي دخوله لمشاهدة باقي الاثار. محمد عبدالنبي "موظف بالمعاش ومن أهالي المطرية" يعتبر تطوير المتحف خطوة جيدة موضحا أن يعلم أن المكان الذي أنشئ عليه المتحف كان جزء من مدينة اون الاثرية العظيمة وانه سعيد بافتتاح المتحف والذي سيساهم في تطوير المنطقة. يشاركه الرأي إبراهيم طه صاحب مكتبة الندي بجوار مجمع المدارس الملاصق للمتحف مع ازدهار السياحة وتوافد الزوار بالتأكيد سأقوم بتطوير المكتبة واضافة البضائع التي تشمل الكروت حاملة صور آثار بلادنا وكذلك الكتب المصورة وغيرها من الكتب والمجلات التي تتحدث عن آثار مصرنا الحبيبة. مقهي ينتظر ويضيف حسين عزب صاحب مقهي ان المقهي الآن بسيط وليس به سوي بعض الكراسي ومع الازدهار سيتم تحويلها إلي كافيه يلائم السياح ومهم في تنشيط السياحة ولكن في نفس الوقت نطالب المسئولين بالحي رفع صناديق القمامة المواجهة لمجمع المدارس لكن خالد عبداللطيف صاحب سوبر ماركت يؤكد أنه لن يقوم بتغيير نشاطه نظرا لاقبال أهالي المنطقة والطلبة لكنه سيعمل علي زيادة البضائع وتنويعها خاصة التي من الممكن شراؤها من قبل السياح. يقول محمد أحمد السايح صاحب مكتبة إنه يمتلك منزلا امام المتحف مباشرة مع تنشيط السياحة وبدء الزيارات ينوي تحويل جزء من المنزل إلي بازار للتحف والآثار والبرديات لاجتذاب السياح. أما محمد أحمد فكهاني يطالب المسئولين بإعادة رصف الطريق المؤدي إلي المتحف وانهاء الحفر بالشوارع المؤدية إليه لتسهيل الرحلة علي اتوبيسات السياحة والزوار.