** تقديم النماذج المشرفة في المجتمع في مختلف المجالات العلمية والثقافية والسياسية والرياضية من أهم الأدوار الغائبة في الإعلام المصري.. وللأسف فإن العكس هو ما يحدث حيث يتصدر المشهد أنصاف المواهب ومن ليس لديهم قدرات ولا أفنوا حياتهم في سبيل إنجاز لوطنهم أو للبشرية. لا نبتعد كثيراً عن الحقيقة إذا قلنا إن تقديم النماذج الشاذة والمشوهة والتي تفتقر إلي المهنية والأخلاق علي أنهم نجوم المجتمع يؤدي إلي اختلال كبير في ثقافة الأجيال الجديدة بل إنه يدمر نفسيات الشباب الذين يتخذون هذه النماذج الفاسدة كقدوة لهم ويحاولون تقليدهم ليحققوا الشهرة والثراء مثلهم!! ما هي الرسالة التي يبثها الإعلاميون للمواطنين عندما يسلطون الأضواء علي ممثلة في بداية الطريق كل ما قامت به هو بطولة مسلسل في رمضان واتبعته بفيلم سينمائي.. أو مطربة مازالت تتلعثم وبالكاد لها "ألبوم واحد" معظم أغانيه هابطة.. فإذا بها تتصدر أغلفة المجلات وصفحات الفن في معظم الجرائد وتتحول إلي ضيفة دائمة علي أهم البرامج الحوارية بالفضائيات ويتم فرضها علي المشاهدين ويطلقون عليها "سوبر ستار".. مع أن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وكوكب الشرق أم كلثوم لم تحظيا يوماً بنصف هذا الاهتمام!! في المقابل تتجاهل وسائل الإعلام أو تنقل علي استحياء إنجاز فريق بحثي بجامعة المنصورة عثر علي حفرية لديناصور أطلق عليه اسم "منصوراسورس" واحتفلت به الأوساط العلمية الدولية لأن الكشف حل لغز هجرة وانتقال الحيوانات منذ 75 مليون سنة ما بين إفريقيا وآسيا وأوروبا.. أغلب المواطنين لم يسمعوا شيئاً عن الإنجاز العلمي للفريق البحثي بمركز علوم الحفريات العقارية برئاسة الدكتور هشام سليم ومعه الدكتورة إيمان الداودي والدكتورة سناء السيد من جامعة المنصورة إضافة إلي الدكتورة سارة صابر من جامعة أسيوط.. فكم غلاف مجلة وكم صفحة في الجرائد وما عدد اللقاءات والبرامج الإذاعية والتليفزيونية التي أجريت مع رئيس المركز وثلاثة من أهم العلماء السيدات الذين ظلوا يعملون في الصحراء وسط الرمال والجبال والصخور حتي عثروا علي الديناصور الذي يثبت ان مصر تعوم علي بحر من الكنوز سواء الأثرية أو العلمية أو المعدنية أو المياه الجوفية؟! هل لا يصلح الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن أن يكونوا قدوة صالحة وحقيقية للشباب.. وأن نروي للأجيال بطولاتهم سواء من ضحوا في الحروب التي خاضتها مصر من أبناء القوات المسلحة والمجندين أو من سقطوا وهم يواجهون الإرهاب من الجيش والشرطة والمدنيين الأبرياء.. لماذا لا يتم تقديم حكاية كل شهيد في حلقات ويتم استضافة أهله وأولاده وأصدقائه ليتحدثوا عن بطولته وتضحيته بدلاً من تقديم من لا يملكون الوعي ولا الثقافة وحكاياتهم تافهة وبطولاتهم زائفة؟! نفس المنطق هو السائد في معظم المجالات.. حيث أصبح الإعلام لا يلتفت إلي الشخصيات المحترمة والنماذج المضيئة وأصحاب الفكر ومن يقدمون الحلول الواقعية لمشاكلنا بينما يستضيف النماذج التي تهاجم أو تشتم أو لا تناقش بموضوعية أو تسطح الأمور وذلك جرياً وراء إشعال الفتن والعناوين البراقة وزيادة الاختلاف بين الضيوف وتلاسنهم لكي يزداد عدد المشاهدين وتنهال الإعلانات علي صاحب الفضائية!! البرامج الرياضية.. تزرع التعصب!! ** أليس هذا ما نشاهده في معظم البرامج وفي مختلف المجالات والقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية.. بينما أصحاب الرؤي والمواهب يبتعدون عن المشهد إما خجلاً أو زهداً أو يحترمون أنفسهم خوفاً من التعرض للتجريح.. وذلك كله "كوم" وما يحدث علي الساحة الرياضية "كوم آخر" فحجم الخروج عن النص وزرع الفتن والتعصب وتشويه الحقائق والبعد عن الأخلاق لا يمكن تصوره حيث يتفنن مقدمو برامج التحليل في إثارة الجماهير وتقليب اللاعبين علي أنديتهم وفرض رأيهم علي مدربي الأندية والمنتخب وإجراء مداخلات لمن يبتعدون عن عادات وتقاليد المصريين من الذين يتفنون في سب معارضيهم.. والأهم من كل ذلك أنهم يسلطون الأضواء علي لاعبين بعينهم ويقومون بتسويقهم ورفع ثمنهم وكأنهم سماسرة حتي وصل سعر أحدهم إلي أرقام فلكية بلغت 35 مليون جنيه للاعب محلي لم يشترك في مباراة واحدة دولية.. ولو دفعها النادي الذي اشتراه علي قطاع ناشئيه لأخرج عشرين لاعباً مثل ميسي ورونالدو ومحمد صلاح!! في المقابل فإن "استديوهات التحليل" التي تستمر لساعات قبل وبعد المباريات لم تلق الضوء كثيراً علي البطل محمد إيهاب الذي أحرز 3 ميداليات ذهبية لمصر في بطولة العالم لرفع الأثقال ولا زميلته الرباعة سارة سمير التي نالت الذهبية في مونديال كاليفورنيا.. ولم نشاهد برنامجاً لمدة ساعة واحدة يلتقي مع حاصدي الذهب في بطولة العالم البارالمبية من أصحاب القدرات الخاصة الذين شرفونا في كل اللعبات.. ولا مع نجوم الاسكواش الذين تسيدوا اللعبة علي المستوي الدولي ورفعوا علم بلادهم في كل المحافل.. وهل سمع أحدكم عن نادي الشرقية للهوكي الذي يكاد يحتكر بطولة إفريقيا وفاز بها منذ أيام للمرة رقم 23 في تاريخه.. وكيف حافظ علي هذا الإنجاز لأجيال مختلفة.. وهل يعرف الناس أسماء من فازوا بالكأس وماذا كانت مكافآتهم.. أم أن الألعاب الشهيدة ليس لها حظ وأبطالها مهما أحرزوا فلن تسلط عليهم الأضواء.. وان المحافظات لا وجود لها علي خريطة البرامج الرياضية.. ماذا نريد أن نقدم للشعب؟! نماذج محترمة فخر للوطن ** ما هو الأفيد للمجتمع وللأجيال القادمة أن يقتدي الشباب بعلماء وشهداء وأدباء وفنانين وسياسيين واقتصاديين ورياضيين يتحلون بالأخلاق ويحترمون أنفسهم وبذلوا الجهد والعرق في سبيل تحقيق إنجازات لوطنهم وللإنسانية أم النماذج التي لم تقدم شيئاً ومع ذلك نراهم يتصدرون الشاشات وصفحات الجرائد والمجلات!! مصر زاخرة بالشخصيات القدوة التي سيفخر بها الشباب لو قرأوا عنهم وعرفوا كيف كان مشوارهم ليس سهلاً بل حفروا في الصخر حتي حققوا الإنجاز.. وللعلم أغلبهم من البسطاء والفلاحين والعمال وأساتذة الجامعات ودكاترة المراكز البحثية وسيدات معيلات يجلسن علي النواصي يبعن "الفجل والجرجير" وتجرين علي رزق أسرهن وكل هؤلاء أهم ألف مرة أن نلقي عليهم الضوء وننقل حكاياتهم وكفاحهم بدلاً من البحث عن الذين يجعلون الشباب يحلمون بالثراء السريع دون تعب ولا جهد ولا علم ولا ثقافة ولا يفكرون إلا في أصواتهم وأقدامهم ولا يستخدمون عقولهم وقلوبهم؟! .. وإذا أردنا الأسوة الحسنة لشبابنا فعلينا بسرد سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم وصحابته وأنبياء الله وأتباعهم من المسلمين والقصص التي يرويها القرآن.. ثم يأتي من بعدهم الاعلام والمشاهير والعلماء والقادة الذين يروي حكاياتهم كتب التاريخ العربي والإسلامي والإنساني لكي يحفظها الأطفال ويتمنون السير علي خطاهم.. فأنا أتحدي الكثير من الشباب أن يعلموا من هم العشرة المبشرون بالجنة أو أن يعرف أي شاب مسيحي سيرة الحواريين الذين كانوا مع عيسي عليه السلام ولكنهم جميعاً بالطبع يحفظون أسماء فريق الأهلي والزمالك وكل شيء عن حياتهم وطريقة لعبهم وتسريحة شعرهم.. نحتاج للقدوة التي تحث علي الإيمان بالله والوطن والعمل والبناء والأخلاق. طقاطيق ** إلي خالد عبدالعزيز والخطيب أعضاء النادي الأهلي فوجئوا بقرار يفرض عليهم فصل عضوية أولادهم وبناتهم بأثر رجعي من حوالي 20 عاماً.. وان عليهم سداد آلاف الجنيهات عن سنوات سابقة.. وقالوا لهم إن الجهة الإدارية هي السبب ولا دخل لإدارة النادي.. فهل يتدخل المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة والكابتن محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي علي أساس أن الدستور لا يعترف بأخذ الأموال بأثر رجعي؟! ***