** هشام داخل وشريف خارج.. وبيوت مفتوحة كأنها شوارع.. أو بمعني أدق "خرابات" لا فيها ضابط ولا رابط.. ومع ذلك يقول لنا السيد منتج العمل "اللي مكسر الدنيا" إنه واقعي بل وتبلغ بهم الجرأة أن يكون العنوان "سابع جار" دراما عائلية.. ولا أدري عن أي عائلات يتحدثون.. ونحن أمام نماذج أقل ما توصف به "واقعة" وليست "واقعية" لا يحكمها العرف أو التقاليد أو حتي احترامها لنفسها.. الشاب المتزوج يحاور عشيقته بعد أن يلومها علي الداخل والخارج إلي بيتها وبان ما بينهما هو "السرير".. والرجل الأكثر نضجاً.. نجده في البلكونة مع الصغيرة المدخنة.. تجمعهما سيجارة.. وقلة الأدب فهي تذهب إلي أي مكان مع أي أحد.. وهي تريد أن تجرب كل شيء.. ولا نجدها تفلح في شيء.. إلا الأكل والتدخين والهبل. ورسم الشخصيات بهذا الشكل وأغلبها "ساقطة".. ضعف درامي.. فالقاعدة ألا تكرر النماذج في عمل واحد.. وباستثناء الأم والخالة "دلال وشيرين" لن تجد أمامك من الأسوياء في هذه العمارة أحداً.. وإن وجدته لن تراه ثم إن الحجة الباطلة بأن هذا الهزل الذي يقدمونه بدعم من هنا وهناك هو الواقع.. عملية نصب واحتيال.. لأن دور الفن ليس هو نقل الواقع كما نراه.. لكن إعادة صياغته ومصالحة الناس علي حياتها وظروفها.. فكيف يتم هذا في عمل ليس له من هدف إلا ضرب كل القيم والتقاليد بالقديمة ثم هل الواقعية في شرب الشاي وتعليقات الأم.. وهي غائبة عن تصرفات بناتها.. حتي التي جاءت إليها تخبرها بأنها تريد الانجاب بدون زواج؟! * وفي الدراما قاعدة اسمها التوازن.. بأنك إذا قدمت الشر.. دعنا ننظر إلي الخير حتي نختار.. وهذه هي أعمدة الدراما التي تحمل هدفاً نبيلاً حتي لو كانت مجرد عمل كوميدي مثل قدم لنا صبحي رائعته "ونيس" بل وفي معظم أعماله. * وقد جري العرف في تسمية المسلسلات بالدراما الاجتماعية لأنها تدخل البيوت بلا استئذان وتقليعة أكبر من 12 سنة أو أكبر من 16 و18 هي عملية خداع.. لأنك لن تختار لابنك مسلسله حسب شهادة ميلاده.. وفي البيوت الكل معاً حتي لو اختلي كل فرد بتليفزيونه في غرفته. * ولماذا لا نعترف صراحة بأن الدراما التليفزيونية بعد يناير 2011 وانفراد منتج القطاع الخاص تحولت إلي كارثة تهدم القيم والأخلاقيات وتحارب الناس في بيوتهم.. وأمامنا مشاهد غرف النوم والنماذج المنحلة التي يقدمونها في برواز شيك ولامع وجذاب تحت شعار حرية الابداع.. وهي حرية الانفلات حتي استقر في الذهن أن الطيب هو العبيط.. مع أن العكس هو الصحيح. * أمامنا فتاة أقل ما توصف به واقعياً أنها مفعوصة ونراها تخلع ثوب البراءة وتتحول من منطقة الجرأة إلي الوقاحة.. ثم انظر إلي الست التي تجد عندها هذا النطع الذي لا يفارقها آكلاً شارباً ويغار منه عشيقها "بتاع السرير".. ومع الصغيرة التي تذهب إليه في بيته يدعوها إلي البيرة فإذا بها تكتفي بالتدخين وهي تريد أن تجرب كل شيء.. ولا تمانع في شيء.. لكنها فجأة تعترف بأنها صغيرة.. وهل الصغيرة تذهب إلي بيوت العزاب متطوعة؟ وتكتمل الصورة بالأب النصاب الهارب من قضايا عديدة وهو في ناحية وعائلته في ناحية أخري وربما هنا نجد بعض المنطق فالنتيجة الطبيعية.. وجود ابنة تريد الانجاب فقط. * هذه الصورة المنحرفة لا تقابلها في الناحية الأخري بعض النماذج التي تعادلها.. لكن ضاع هذا النوع من الدراما يعرفون جيداً ماذا يقولون وكيف وهدفهم بكل وضوح ضرب المجتمع في قلبه وعقله بقنابل أشد تأثيراً وأخطر من الإرهاب والقتل. ** وإذا كان الشارع المصري يشهد أنواعاً بشعة من الجرائم فهل المطلوب من الدراما أن ترفع لواء العنف والدم والبلطجة والصياعة والخيانة.. والمسلسل الذي أتحدث عنه هو مجرد نموذج في طوفان من الهلس والبزرميط.. حاصرنا في السنوات الأخيرة في ظل غياب انتاج الدولة والدراما كما قلت "أمن قومي" ورحم الله أيام قطاع الانتاج وممدوح الليثي بما قدمه: رأفت الهجان. المال والبنون. بوابة الحلواني. هارون الرشيد. ناصر 56. لصوص خمس نجوم. ليالي الحلمية. وغيرها. إذا كانت جماعة التشدد والتطرف تحارب الفن كله بأنواعه فهل نمنحها الذريعة لذلك.. مع أنهم يجهلون أن بلادنا دون غيرها ومن قديم الأزل ارتبط دينها بفنها.. في المعابد ثم الكنائس والمساجد والقصة في القرآن الكريم وفي الإنجيل تأخذ الحيز الأكبر لأنها أكثر تأثيراً في النفوس. وإذا قلنا إن الأموال المشبوهة من تجارات السلاح والمخدرات والدعارة قد دخلت في مجال الإنتاج الفني فهل نلقي بذلك اتهاماً جزافياً بلا دليل.. والمسلسلات أمامنا وكما نري أصبحت أكاديميات مجانية لاشاعة وتسهيل وتجميل القبح والفواحش حتي اختلط علينا الأمر بين شاب "متأنث".. وفتاة "مسترجلة" في الملبس والكلام والتصرف والشكل.. والفن هو الذي يقود الشارع وليس العكس لأن تأثيره أقوي.. نجوم هوليود كما قال الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون نشروا التدخين وجملوه للناس.. وما يقال عن ضرورة درامية هو كلام فارغ.. لأن ذلك قد يحدث في مشهد وليس في كل المشاهد مع غالبية النجوم والنجمات كبيرهم وصغيرهم.. لكنها إعلانات مباشرة وغير مباشرة ومدفوعة الأجر ولا تصدقوا غير ذلك. أين الرقابة * في هذا المشهد الدرامي المؤسف الذي تفوح منه روائح البودرة والحشيش والأقراص والسرنجة والويسكي تسألون: وأين الرقابة؟ والإجابة: كل عام وأنتم بخير فقد أصبحت من حفريات الماضي مثل "وابور الجاز".. بعد أن تداخلت أموال الإنتاج بين الدول والشركات وتعددت القنوات الفضائية.. وإن غاب ضمير الكاتب والفنان فقل علي رقابات الدنيا السلام.. ولن تحارب الفن الزبالة إلا بالفن الجيد وهو ما لا تقدر عليه إلا الدولة وبشركة مساهمة واستثمار استديوهات صوت القاهرة ومدينة الإنتاج وقطاع الإنتاج في كيان واحد بدلاً من هذا الشتات غير المبرر.. ورحم الله "طلعت حرب". دلال وشيرين ** قد يندهش البعض من وجود دلال عبدالعزيز وشيرين في عمل من هذا النوع المستفز.. رغم أن ما يقدمانه فيه نوع من الاقناع والتمكن بحم الخبرة.. لكن يفترض في الممثل أن يقرأ العمل كله.. فإذا كان نجماً فهو مسئول بشكل أو بآخر عن العمل من أوله لآخره.. إلا إذا كانت المسألة أكل عيش والسلام.. فهل تصدق مثلاً أحدهم إذا دخل الكباريه لكي يأخذ درساً في الكيمياء بكل حسن النية وإذا قلنا إن "سابع جار" تسبب في سقوط دلال وشيرين في منور السلم فلا مبالغة لأن هذه هي الحقيقة للأسف الشديد. نعم عندنا ثلاث مخرجات جديدات يقدمن 60 حلقة وتكاتفت أكثر من شركة إنتاج في العمل.. وظهرت عدة وجوه جديدة نجحت في اقناعنا بسفالتها درامياً وهو ما يحسب لها من أول طلة.. لكن ما قيمة كل هذا وأنت بملابسك الشيك تدوس في الوحل بدون أن تهتز لك خصلة ومع ذلك كسبنا ثلاث مخرجات: آيتن أمين. نادين خان. وكسبنا معجزة اسمها هبة يسري.. فهي كما تقول تترات المسلسل صاحبة القصة والسيناريو والحوار.. مع أن معها أكثر من سبعة شاركوا في الكتابة وهي التي غنت المقدمة مع أنها موسيقية إلا من آهات تأتي من بعيد لا نكاد نميزها علي اللحن الشهير القديم بتوزيع جديد.. ولا يقف الأمر عند هذا الحد المضحك فإننا نجد شكراً لكاتب سيناريو غير شلة الورشة.. ثم نجد بعد كل هذا الجمع اسم مؤلفة أخري قامت بالتعديل.. والأمر يجعلنا نسأل: وما دور كل هذا الجيش الذي وجدناه في المقدمة سابقاً.. إلا أنه مهزلة لم نشهدها من قبل.. لا في السينما أو التليفزيون أو حتي في الأراجوز.. فكيف تكون واحدة هي صاحبة الليلة مع أن أمة لا إله إلا الله قد اشتركت معها كما رأينا.. ولكن إيه العجب في مسلسل شارك فيه أيضاً ولأول مرة "العازل الطبي".. وكان جديراً بكتابة اسمه في هذا الفعل الدرامي الفاضح والمفضوح!! علي سلم العمارة ** قال المنتج: النقد والهجوم علي المسلسل لن يجدي أو يؤثر لأن نسبة المشاهدة في زيادة.. وما العجب في ذلك والناس تقبل علي الشر أكثر مما تقبل الخير.. وكل عريانة علي الشاشة.. تحقق نسبة فرجة أكثر مما حققه يوسف شاهين وصلاح أبوسيف! ** عندما ربط أفلاطون الفيلسوف اليوناني الشهير بين الفن والأخلاق.. لم يكن رجعيا ولا متخلفا وعندما أيد هذا الكلام الأديب الروسي تولستوي لم يتهمونه بأنه ضد "الحرية"! ** نعم نحن لا نعيش في مجتمع مثالي.. فهل نأخذ بيده نحو الحق والخير والجمال علي قدر ما نستطيع بدلا من أن نفتح بالوعات الهلس والانحلال وننزل به إلي سابع أرض!.. "اللي مش عاجبه ما يتفرجش".. منطق فاجر لأن الفنان الحقيقي المحترم.. لا يخجل مما يقدمه ولا يفرح بأرباحه.. لأن تجار المخدرات والدعارة هم أكثر الناس دخلا! ** قال لعشيقته معاتبا: هشام داخل وشريف خارج فكان جوابها. ما انت كمان داخل خارج.. آدي البيوت ولا بلاش!! ** المنتج أو شركة الإنتاج هي مجرد "واجهة" علي الشاشة وأمام الناس.. لكن الله أعلم "بالممول" الحقيقي من تحت لتحت أو من فوق لفوق!!.. غاب "مهند" التركي عشيق زوجة عمه.. فظهر لنا ألف "مهند" مصري وعربي والتركي.. رغم كل شيء أنعش "السياحة".. وبتوعنا.. أنعشوا "الصياعة"!! ** نعم الدنيا بتتغير.. لكن من قال لكم إن المبادئ تتبدل.. والغنم تسقط بالتقدم.. فقد تغير ألوان ودهانات وديكورات شقتك لكنك إذا اقتربت من الأعمدة الرئيسية للعمارة.. انهار كل شيء علي دماغك ودماغ غيرك!. ** "هتشربي إزازة الويسكي لوحدك"؟ قالت: "هنشربها سوا".. فعلا طبقة متوسطة يا عم المنتج الخواجة!.. ليست مشكلة أن نعالج أياً من الموضوعات مهما كانت.. لكن المشكلة كيف سنعالجتها باحترام.