أجمع خبراء الطفولة علي أن هناك أساليب للعنف والتأديب تمارس ضد الأطفال والفتيات في سن المراهقة وتختلف من دولة إلي أخري خاصة بعد ان كشف تقرير لمنظمة الأمم للطفولة يونيسيف انه يوجد 300 مليون طفل يتعرضون للعنف المنزلي يوميا في العالم بمختلف مراحل حياتهم وتتراوح أعمارهم ما بين عامين و4 أعوام ويواجهون عقوبات جسدية ونفسية بشكل يومي وهناك حوالي 15 مليون فتاة مراهقة قد اغتصبت ومن هنا طالب خبراء الطفولة بضرورة التنسيق بين المجلس القومي للأمومة والطفولة والجمعيات الأهلية لرفع مستوي الوعي المجتمعي إلي جانب عودة الأخصائي الاجتماعي للمدارس وتوفير أساليب تربوية للعقاب بدلا من العنف البدني. يؤكد هاني هلال الأمين العام لائتلاف المصري لحقوق الطفل ورئيس المؤسسة المصرية للنهوض بالطفولة ان مصر تشهد ارتفاعا ملحوظا في معدلات انتاج العنف من المجتمع تجاه الأطفال وبالعكس من الأطفال ضد المجتمع.. فهناك انتهاكات وعنف بدني ونفسي ولفظي بالمدارس باعتداءات من المدرسين علي الأطفال أو من الطلاب ضد المعلمين خاصة بعد الثورة وزيادة مناخ العنف حيث تم نقله عن طريق وسائل الاعلام مما يولد الكراهية والشراسة عند الأطفال وتعاملهم مع بعضهم بتجاوزات وأساليب عنيفة وهناك رؤية عند الأسر بأن التعليم وتربية الأطفال مصاحبة للاعتداء البدني. يوضح أن ارتفاع معدلات العنف بالعالم ومصر وأعلي درجاتها في معظم دول المنطقة العربية نتيجة الأحداث الجارية وانتشار المخدرات واستغلال الأطفال في جرائم العنف كما يفعل تنظيم داعش الإرهابي واستغلاله للأطفال الصغار بالحروب في المنطقة. يضيف أن هناك انتهاكات تمارس ضد الأطفال منها العنف بدور الأيتام وبالمدارس وبداخل الأسرة والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي والزواج المبكر والقتل والغرق والهجرة غير الشرعية وعمالة الأطفال والغرف والانتحار وغيرهم من أشكال العنف ضد الذكور والاناث. يطالب بضرورة التنسيق بين المجلس القومي للأمومة والطفولة وكافة الجهات المعنية بالطفل فهناك دور كبير علي الجمعيات الأهلية والاعلامية في رفع الوعي المجتمع وأساليب التربية السلمية وتوفير بدائل للعقاب البدني الي جانب دور هام لوزارة التربية والتعليم بتدريب المدرسين علي التعامل بالأسلوب التربوي والعزوف عن الضرب والعنف وعودة الاخصائي الاجتماعي للقيام بدوره المنوط به وتفعيل لجان الحماية والتي نص عليها القانون. تقول د. عبلة البدري الأمين العام لجمعية رعاية الأطفال وشباب الشوارع ان العنف له أشكال كبيرة في مصر وخارجها يبدأ من اللفظي وصولا إلي الجسدي والجنسي والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية وهناك تأثير علي تكوين الأسرة وتأثير مباشر علي الحالة النفسية والاجتماعية في معاملة الأطفال. وفي عام 2005 و2006 تم انشاء الخط الساخن التابع للمجلس القومي للأمومة والطفولة لانقاذ الأطفال الضحايا والذي يتم الابلاغ عن تعرضهم للايذاء أو التعنيف وسوء المعاملة بداخل الأسرة أو المدرسة أو في الشارع ومؤسسة للإيواء. تشير أن الأرقام بالتقارير للمنظمات العالمية والاحصائيات عن حالات العنف الذي يمارس ضد الأطفال بالعالم تكون تقريبية.. وقد زادت نسب العنف عقب ثورات الربيع العربي نتيجة للانتهاكات والتعذيب الذي يمارس ضد سكان تلك الدول وخير شاهد علي هذه الكوارث ما تحدث عنه سكانها في منتدي شباب العالم بشرم الشيخ فكان المنبر الوحيد لعرض مآساتهم بأنفسهم وجاءت من العراق الفتاة الحديدية لمياء بشار احدي ضحايا تنظيم داعش والتي قررت بعد هروبها وتماثلها للشفاء أن تروي قصتها وممارسات داعش الوحشية في كلماتها هزت القلوب. وأيضا الشاب اليمني والذي تحدث بمصداقية عن اغلاق المدارس وضياع مستقبل أبناء اليمن وغيرهم الكثير من كل شباب العالم تحدثوا عن العنف كل حسب منطقته.. فالصورة والانتهاكات تختلف من دولة إلي أخري وتؤكد من الأسباب الجوهرية والأساسية والتي نقوم بالبحوث الميدانية ان العنف الأسري وقلة الاهتمام وعدم رعاية الأطفال يجعلهم يتركون المنزل ويلجأون للشارع للبحث عن الاستقرار وليس الفقر كما يعتقد البعض وبالتالي تتولد لديهم كراهية في المجتمع وخاصة اذا تعرض الأطفال والفتيات للاغتصاب في المنزل أو الشارع تكون الكارثة ونعاني من تأهيل وعلاج الحالات وأحيانا لا يوجد علاج سريع للاضطرابات النفسية التي تعرضت لها البنت. يشير رياض أبوزيد استشاري العمل الميداني بالجمعيات الأهلية أن العنف بالمدارس يمارس يوميا خاضة بالمناطق الشعبية وممارسات وحشية ترتكب ضد طلاب المرحلة الابتدائية.. أما بالمنازل يكون نتيجة تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للأسرة ودائما تدفع الأطفال ثمن هذه الخلافات واصابتهم بأزمات نفسية عنيفة وهم في عمر الزهور. يضيف أن الأممالمتحدة تقوم بوضع تقارير حسب معاملة كل دولة لأساليب العنف والتأديب ففي اليابان يعاقب علي جريمة التحرش كل من يقوم بالنظرة لوقت طويل.. أما في مصر تجاوز عدد أطفال الشوارع 20 مليونا والمعايير التي تم أخذها في رصد الظاهرة بأن الطفل الذي يقيم بالشارع لمدة 12 ساعة يعد من أطفال الشوارع.. موضحاً أن هناك ضوابط ومعايير أخري منها مستوي الجودة ونسبة التسرب من التعليم والثقافة المجتمعية وعلاقات الأسر ويتم وضعها والأخذ بها وبالتالي فإن الأرقام بالتقريب وتختلف من دولة إلي أخري خاصة في ظل اندلاع الحروب بمعظم الدول. وبدأت المجتمعات المدنية ومؤسسات دور الرعاية بمصر في تفعيل قانون لجان الحمايةبكل منطقة تابعة للأحياء لتدريب الأخصائيين الاجتماعيين علي برنامج العمل الميداني مع المجتمع المدني وتنفيذ منهجية العمل الاجتماعي بالشارع وتعتمد علي رصد المناطق والتي يتعرض فيها الأطفال للانتهاكات ويكون قد حصل علي دورات تدريب مكثفة للتعامل الأخصائي مع هذه الحالات التي تم تعنيفها وأثرت علي الحالة النفسية فيقوم بالحديث معه وتهدئته ثم يتم عرضه علي طبيب نفس ويتم وضعه في احدي دور الرعاية لإبعاده عن العنف والايذاء.. فهناك تعاون بين وزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي للأمومة والطفولة وتم تفعيل لجان الحماية منذ ثلاث سنوات بمصر القديمة ومدينة نصر.. إلي جانب مشروع أطفال بلا مأوي برعاية وزارة التضامن الاجتماعي والتمويل من صندوق تحيا مصر وبدأ العمل بالفعل منذ عام 2015 وتدريب 10 محافظات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية بها لانقاذ أطفال الشوارع واعادة تأهيلهم ونزع الكراهية تجاه المجتمع وعودتهم مرة أخري إلي الوطن من خلال قيام الاخصائي الاجتماعي بالتعامل معهم ومعرفة ظروفهم المعيشية والأسرية ويكون متواجدا مع سيارات التدخل السريع والمتنقلة والتي تضم فرقا من وزارة التضامن الاجتماعي والجمعيات الأهلية وتجوب المناطق بالمحافظات والتي يكون بها تجمعات لأطفال الشوارع. تشير داليا صلاح مديرة المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة بالاسكندرية لأن العنف والانتهاكات التي تمارس ضد الأطفال في تزايد باعتبارهم الفئة المستضعغة بالمجتمع سواء بداخل الأسرة أو المنزل أو دور الرعاية ويتبع ضدهم أساليب للعنف متعددة جسدي أو لفظي أو جنس وتأديب وتعنيف خاصة بالمدارس حيث يكون الاعتداءات بين الطلاب وزملائهم أو بين المدرسين والطلاب وأحيانا تنتج اصابات وعاهات مستديمة.. توضح أن الاعتداءات الجنسية بداخل الأسرة كثيرة ولها محاور متعددة نتيجة تعاطي المخدرات وفقدان الشخص المدمن السيطرة علي تصرفاته وشهواته الي جانب مشاهدة أفلامه الشواذ الجنسية والتي يتم عرضها دون قيام الأسرة بمراقبة الأبناء ومنعهم من مشاهدتها حفاظا عليهم ومع غياب الأسرة عن دورها بالاضافة إلي وجود أسباب نفسية واجتماعية ظهرت الاعتداءات الجنسية من العاملين بالمنازل مثل "البواب" حارس العقار والسائقين تجاه الأطفال مما يسبب لهم أزمات نفسية صعبة وجسمانية تطالب داليا بضرورة رصد ظاهرة العنف ضد الأطفال اعلاميا وتسليط الضوء حتي تصبح محورا للنقاش الي جانب تغليظ العقوبة علي مرتكبي العنف ضد الصغار فضلا عن رفع الوعي الأسري تجاه أطفالهم والجلوس معهم لتوجيه النصح والارشاد في حالة حدوث أي اعتداءات أو عنف جسدي وجنسي بضرورة اخطار الأسرة للتصدي لمرتكبي الواقعة. تؤكد أمل جودة المتخصصة في دعم وحماية حقوق الطفل أن العنف المنزلي يندرج تحت مسمي "التربية" فهناك موروث ثقافي نتيجة استخدامه أساليب وأدوات للعنف مع الأبناء حتي في الأمثال الشعبية "اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24" مما ولد ترسيخا التعنيف في نفوس المصريين ضد الفتيات. تضيف أن بعض الأشخاص يرون موضوع التأديب بأكثر من منظور ويعتبرونه ظاهرة صحية وطبيعية.. فالأم توجه السباب والشتائم وأحيانا تلجأ للضرب في حالة تقصير أبنائها في تحصيل الدروس وهو ما يطلق عليه العنف اللفظي والجسدي.. موضحة أن نسبة الانتهاكات والعنف ضد الأطفال زادت مع انتشار ظاهرة خطف الصغار إلي جانب تفاوت درجة القسوة والعنف عن دولة إلي أخري حيث أنه يتعلق بالثقافة والموروثات. والعادات القديمة.. وهناك حالات للصغار الذين تعرضوا لكافة أشكال التأديب والتعنيف وتلجأ إلي جمعيات حقوق الأطفال لإعادة تأهيلهم نفسياً. تروي أمل قصة طفلين صغيرين تم الانفصال بين الأب والأم وتزوج الأب من امرأة أخري وكانت تعامل الأبناء بقسوة شديدة تصل إلي الضرب أو حرق أجسادهم وطردهم خارج الشقة إذا حضر ضيوف للمنزل ولم تشعر يوماً بأي نوع من العاطفة تجاه الصغار الأبرياء فالبنت في الشهادة الإبتدائية ولا تستطيع المذاكرة فإنها تعمل بمنزل والدها "خادمة" بتعليمات زوجة أبيها والإبن بالصف الرابع الابتدائي لا يملك حق الرد أو الدفاع وإخطار أبيه بما يحدث من زوجته وبعد مرور سنوات صعبة علي الأبناء اكتشف الأب ما تفعله زوجته تجاه أولاده فطردها وقام بإسناد مهمة الاهتمام بالأبناء إلي "البواب" حارس العقار مقابل مبلغ مالي ولكن تكررت المأساة بشكل آخر حيث تجرد البواب من المشاعر الإنسانية فبدلاً من الاهتمام بالأولاد كان يأخذ ملابسهم الجديدة وإعطائها لأبنائه ومعاملتهم بطريقة سيئة مما اصابهم بأمراض نفسية تحتاج الي وقت طويل للعلاج وإعادة التأهيل النفسي لهم. تؤكد ان رصد المنظمات العالمية وتقاريرها تأتي عن طريق رصد جمعيات المجتمع المدني للظواهر سواء تعامل بشكل مباشر مع الحالات أو من الارشيف الصحفي لكل ظاهرة تتم عليها تحقيقات صحفية ورصد لحل الممارسات العنيفة والانتهاكات التي تمارس ضد الأطفال من دولة لأخري والأرقام التي تأتي بالتقارير تكون تقريبية حيث لا يتم حصر كل الحالات لغياب الثقافة والوعي إلي جانب خوف العائلة علي اسمها وسمعتها بين الناس. تضيف عبير سلام خبير تنمية بشرية ان العنف للأسف الشديد أصبح "نظام حياة" حيث تفتقد الي التعامل بالأساليب التربوية والنفسية خاصة بالمدارس حينما يقصر الطالب في تحصيل دروسه يقوم المدرس بالتعنيف بالطرد خارج الفصل أو الضرب وإنما الأسلوب الأفضل هو تحويله للأخصائي الاجتماعي ومن المفترض يقوم بدوره بإعادة تأهيل الطالب ولكن تتمثل الكارثة اذا لم يتمتع الاخصائي بفن التعامل نفسياً مع الطالب وأحياناً يكون سببا في سخرية زملائه والاستهزاء بالمشاكل التي يتعرض لها في سن صغيرة وبالتالي يفقد التلميذ حب الأنتماء للمدرسة فالعنف اللفظي له نفس الآثار السيئة والنفسية مثل الجسدي والبدني.. وهناك حالة أخري بالأمس القريب وأثناء سيري بأحد الشوارع وجدت طالباً جامعياً يجري وراء طفل ممسك بالطوب والقائه عليه مع إمطاره بوابل من الألفاظ البذيئة والسباب والشتائم وقررت علي الفور التحدث معه لإقلاعه عن مطاردة الطفل وسألته عن السبب لذلك فقال ان هذا الطفل كان يقف علي "ناصية" شارع مع اصدقائه وأثناء مرور فتاة صغيرة قام بمعاكستها بألفاظ خادشة للحياء فتوجهت إليه وأخبرته ان هذا الفعل لا يليق فاستهزأ بكلامي ولم يبال به فقمت بتأديبه بالشتائم وقذفه بالطوب حتي لا يكرر نفس الفعل. توضح ان العنف والتديب والتعنيف اصبح سلوكاً ومنهجاً بداخل الأسرة والمدرسة والشارع وللأسف يكون له تأثيرات سيئة علي سلوك الأطفال الي جانب رؤية المجتمع نفسه فدائماً هدوء الطباع والذين يعتبرونه طيبة وضعفا أما الضرب والعنف قوة وللسيطرة علي الأمور. تطالب الجهات المعنية بالتعامل بالأساليب التربوية والنفسية ودعم من علماء النفس للقضاء علي ظاهرة العنف ضد الأطفال.