ذكرت الهيئة العامة للاستعلامات أن الزيارة التي يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي فيتنام تعد أول زيارة لرئيس مصري في تاريخ البلدين. كما أن القمة التي ستجمع الرئيس السيسي بالرئيس الفيتنامي ترونج تان سانج ستكون القمة الثانية بينهما بعد لقائهما علي هامش مشاركتهما في احتفالات روسيا بذكري مرور 70 عاماً علي الانتصار علي ألمانيا "النازية" خلال الحرب العالمية الثانية منذ عامين. وأعرب الرئيس السيسي خلال اللقاء عن تقديره للرئيس الفيتنامي مشيداً بالعلاقات الودية التي تجمع بين البلدين. ومن المقرر أن يعقد الرئيس لقاءات سياسية واقتصادية لدعم التعاون بين القاهرة وهانوي فضلاً عن المشاركة في منتدي الاستثمار المصري الفيتنامي الذي يعقد بالعاصمة الفيتنامية بالإضافة إلي توقيع مذكرات تفاهم اقتصادية بين البلدين. كما تأتي هذه الزيارة بعد أيام من زيارة قام بها كل من وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الدكتورة سحر نصر والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلي العاصمة الفيتنامية هانوي في الشهر الماضي. التقيا خلالها مع رئيس الوزراء الفيتنامي نجوين شوان فوك في مقر رئاسة الوزراء وكل من وزيري التخطيط والاستثمار والنقل الفيتناميين حيث تم الاتفاق علي توقيع مذكرتي تفاهم للتعاون في مجالي الاستثمار والبورصة والاتفاق أيضاً علي توقيع ثلاث مذكرات تفاهم بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ووزارة النقل الفيتنامية للتعاون في مجال الموانئ بالإضافة إلي الاتفاق علي عقد منتدي أعمال مصري فيتنامي كما تتطلع مصر إلي فتح المجال أمام دخول استثمارات وخبرات فيتنامية إلي مصر الفترة المقبلة خصوصاً في محور تنمية قناة السويس والاستزراع السمكي. ووفقاً لتحليل أعدته الهيئة العامة للاستعلامات فإن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي فيتنام تفتح آفاقاً واسعة أمام العلاقات بين البلدين التي تبدو ساحة بكراً منسية للتعاون وتبادل المنافع في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمارات والتصنيع والتسويق بالنظر إلي ما يحوزه كل من البلدين من مقومات وفرصاً ومزايا تجعل كلاً منهما يكمل الآخر في مجال ما وكذلك بالنظر للواقع الراهن للعلاقات في هذه المجالات بين البلدين التي تبدو محدودة للغاية مقارنة بالفرص الممكنة.. وهي حقيقة يكشف عنها مسار العلاقات السياسية والاقتصادية وطبيعة المرحلة التي يمر بها كل من البلدين وتجربة كل منهما في الإصلاح الاقتصادي والتنمية. وبدأت علاقات مصر فيتنام بعد ثورة 1952 في إطار التوجه العام لهذه الثورة في أبعادها العالمية بدعم حركات التحرر ونضال الشعوب في التخلص من الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطني.. فقبل ذلك لم يكن لمصر اهتمام كبير بحرب فيتنام الأولي "الحرب الهندوصينية الأولي" المتمثلة في مقاومة الشعب الفيتنامي للاستعمار الفرنسي الذي جثم علي صدر بلاده 100 عام والاحتلال الياباني الذي استمر 5 سنوات فاهتمام مصر بالشرق الأسيوي قبل ثورة يوليو 1952 عموماً كان ينطبق عليه العبارة الشهيرة التي نسبت للدبلوماسي المصري المرموق محمود فوزي مندوب مصر في مجلس الأمن في تعليقه علي مناقشة الحرب الكورية في المجلس بأنها حرب "لا ناقة لنا فيها ولا جمل". وعملياً بدأت علاقات مصر مع فيتنام رسمياً في الخمسينيات من القرن العشرين عندما افتتحت جبهة التحرير الفيتنامية مكتبها في القاهرة ثم كانت مصر الدولة العربية الأولي التي تبادلت التمثيل الدبلوماسي مع فيتنام عام 1963 ثم أعقب ذلك افتتاح السفارة المصرية في "هانوي" عام .1964 ومع اندلاع حرب فيتنام "1956:1973" كان موقف مصر مسانداً بقوة وحسم علي الصعيد السياسي لكفاح الشعب الفيتنامي الذي كان يقود بدعم حلفائه "الاتحاد السوفيتي السابق والصين بصفة أساسية" حرباً وطنية في مواجهة الولاياتالمتحدة وحلفائها "استراليا وكوريا الجنوبية وغيرهما" وهي حرب ذات بعد كوني في ظل الحرب الباردة وكأنه طبيعياً أن تري مصر مكانها إلي جانب قضايا التحرر في مواجهة قوي الهيمنة آنذاك التي امتدت معاركها من الشرق إلي أفريقيا والشرق الأوسط بل كانت مصر نفسها ضحية لعدوان مماثل بدعم من بعض هذه القوي مرتين في تلك الفترة في عامي 1956 و.1967 وتحفل اجتماعات الأممالمتحدة وحركة عدم الانحياز وغيرهما بالعديد من المواقف المصرية الداعمة لهانوي والتنديد بالوحشية التي تعرض لها الشعب الفيتنامي. بعد انتصار هانوي ودخول قواتها سايجون عام 1975 وتوحيد شطري فيتنام عام 1976 كانت قد تبدلت أوضاع مصر وفيتنام والعالم كله وحظيت حروب الشركاء التي خاضتها فيتنام مع كل من كمبوديا والصين في السنوات العشر التالية 1976:1986 بمناشدات وجهود تسعي وتدعو لإحلال السلام في منطقة الهند الصينية والسعي لتخفيف الآثار الإنسانية المؤلمة لهذه النزاعات. ومع اتجاه فيتنام نحو الاستقرار والتنمية بدأت العلاقات بين هانوي والقاهرة تأخذ منحي عملياً يركز علي الجوانب ذات الطابع الاقتصادي والتعاون الفني في عدد من المجالات الأمر الذي تجسده الاتفاقات التي عقدت بين البلدين منذ بداية التسعينيات حتي الآن وكذلك الزيارات المتبادلة بين المسئولين. يذكر تقرير هيئة الاستعلامات أنه بعد أول اتفاق للتعاون الثقافي بين مصر وفيتنام عام 1964 لم يتضمن سجل العلاقات بينهما علي ما يبدو اتفاقات أخري قبل مذكرتين للتعاون عام 1993 الأولي بين مركز البحوث الزراعية المصري ومعهد الهندسة الوراثية الفيتنامي والثانية مذكرة تفاهم بين وزارتي الأشغال العامة والموارد المائية في مصر وفيتنام وفي عام 1994 تم توقيع اتفاقية تجارية بين البلدين ثم بروتوكول تعاون بين وزارتي خارجية مصر وفيتنام عام 1996 و3 اتفاقيات عام 1997 هي اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتقني وأخري لتشجيع الاستثمارات وحمايتها والثالثة اتفاقية للتعاون العلمي والتكنولوجي. ثم وقعت مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في مصر ووزارة التجارة في فيتنام عام 2001 ثم في عام 2006 تم توقيع اتفاقية بشأن تفادي الازدواج الضريبي والبرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي والاجتماعي ومذكرة تفاهم في مجال السياحة. وخلال انعقاد اللجنة الوزارية المشتركة بالقاهرة عام 2008 تم التوقيع علي عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون في مجالات البترول والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والسياحة والمعارض. أما علي صعيد الزيارات المتبادلة فإنها أيضاً محدودة وتنحصر في اجتماعات الفنيين أو اللجان المشتركة حيث توجد لجنة وزارية مصرية فيتنامية مشتركة عقدت عدة دورات بالتناوب في البلدين ولكنها لم تنعقد في السنوات الأخيرة.. بالإضافة إلي زيارات مسئولين وفنيين ورموز ثقافية من البلدين حيث زار السفير أحمد إسماعيل عبدالمعطي مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية آنذاك فيتنام في نوفمبر 2013 للمشاركة في منتدي التعاون الاقتصادي بين فيتنام وشركائها من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولرئاسة الجانب المصري في فعاليات الجولة السابعة من المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين. كما شارك الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر آنذاك في أعمال الاجتماع الأول للمكتب الدائم لاتحاد الكتاب الأفروآسيوي والذي عقد في فيتنام خلال الفترة من 25:30 أغسطس .2013 وأبرز الزيارات من الجانب الفيتنامي قيام وفد برئاسة تران داك لو النائب الأول لرئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الفيتنامي بزيارة لمصر في 8 مايو 2017 التقي خلالها ببعض أعضاء البرلمان المصري ونقل دعوة للرئيس عبدالفتاح السيسي لزيارة فيتنام. كما قام وزير الدولة الفيتنامي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعي الحاكم في فيتنام بزيارة لمصر في 16 نوفمبر 2015 حيث التقي به المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء الذي أشاد بالتجربة الفيتنامية في التنمية الاقتصادية خصوصاً في مجال المصايد والمزارع السمكية مؤكداً تطلع مصر للاستفادة من تلك التجربة كما زار رئيس الهيئة الوطنية للسياحة الفيتنامية ووفد مرافق مصر خلال الفترة 23:27 مايو 2013 كما قام وفد من مركز دراسات أفريقيا والشرق الأوسط بالأكاديمية الفيتنامية للعلوم الاجتماعية بزيارة إلي مصر خلال الفترة من 1:7 ابريل 2012 التقوا خلالها بمدير معهد الدراسات الدبلوماسية فضلاً عن زيارة عدد من المراكز البحثية المصرية. كذلك قام نائب وزير الخارجية الفيتنامية علي رأس وفد من وزارات "التجارة والصناعة والزراعة والتنمية الريفية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم والتدريب" بزيارة رسمية إلي مصر خلال الفترة 25:27 يونيو 2011 عقدت خلالها الدورة السادسة من المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين. ويري تقرير هيئة الاستعلامات أن العلاقات الاقتصادية مازالت محدودة ولا ترتقي إلي مستوي الفرص المتاحة أمام البلدين وبحسب آخر الإحصائيات بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وفيتنام حوالي 314 مليون دولار عام 2016 بلغ حجم الصادرات الفيتنامية إلي مصر 294 مليون دولار وضمت قائمة الصادرات الفيتنامية إلي مصر الأسماك والمأكولات البحرية والمنتجات الزراعية والمنسوجات والملابس والهواتف المحمولة والمعدات وقطع الغيار والمركبات والمكونات الالكترونية أما الصادرات المصرية إلي فيتنام فبلغت حوالي 20 مليون دولار فقط وشملت المواد الكيماوية والعسل والمنتجات البترولية. وفي المجال الثقافي تقدم مصر عدداً من المنح الدراسية للطلبة والباحثين الفيتناميين تتضمن 12 منحة لدراسة اللغة العربية بجامعة القاهرة لطلبة جامعتي هانوي وهوشي منه للغات و3 منح دراسية بالأزهر الشريف للطلاب الفيتناميين من المسلمين و5 منح لدورات تدريبية من المركز الدولي بوزارة الزراعة.. ومنذ افتتاح قسم دراسة اللغة العربية بكلية اللغات الأجنبية بجامعة هانوي الوطنية في عام 2006 يوفد الأزهر الشريف أستاذاً مصرياً للإشراف علي دراسة اللغة العربية به. وتملك مصر وفيتنام تجارب ثرية وفرصاً للتعاون والتكامل ورغبة صادقة لتطوير العلاقات يدعمها تاريخ يحفل بدعم متبادل في أصعب المراحل.. كل هذا يضاعف من أهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي في هذا التوقيت بصفة خاصة.. لتطلق هذه الزيارة مرحلة جديدة من تبادل الخبرات والتجارة والاستثمارات والمنافع بين مصر وفيتنام.