لا سلام في منطقة الشرق الأوسط إلا بالحوار بين أتباع الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام لقد شاء الله الخالق صاحب هذا الكون أن تكون منطقتنا مهبط الأديان الثلاثة.. وشاء الخالق أيضاً أن يعيش أتباع هذه الديانات العظيمة متجاورين ومختلطين.. حتي إسرائيل التي تسعي لأن تصبح دولة يهودية.. باعتراف جيرانها يختلط فيها المسلمون والمسيحيون مع اليهود.. ويُقال إن المسلمين يشكلون 20 في المائة من سكان إسرائيل ومهمتنا الحفاظ علي هذا التنوع وعدم إعطاء إسرائيل كل ما تريد. وبصرف النظر عن الاختلافات العقائدية بين الأديان الثلاثة ومحاولة كل دين عدم الاعتراف بالدين الذي جاء بعده. فإن الرابط الأساسي والأول بين هذه الأديان العظيمة يكمن في توجه واتجاه أتباعها إلي الله الخالق القهار جلت قدرته ومن محاسن الصدف أن الأديان الثلاثة تتفق في عقائدها علي وحدانية الخالق.. وإن اختلفت الأشكال وتنوعت لهذه الوحدانية. ومن عجائب القدر أن اليهودية والمسيحية تصالحتا بعد عداء طويل ومثلما أصبحت اللغة العبرية لغة الوحي للتوراة جزءاً من الثقافة الأوروبية بعد حركة الإصلاح الديني في القرن السادس الميلادي أصبح الإسلام هو الآخر جزءاً لا يتجزأ من أوروبا وثقافتها وأديانها وكان قدر الخالق أن تتعايش الأديان الثلاثة معاً في كل مكان علي الأرض. وينبغي أن يُشار هنا إلي أن المسيحيين جميعاً قبل عصر الإصلاح الديني كانوا يعادون اليهود وكانت الكنيسة الكاثوليكية ترفض التصالح معهم إلا إذا اعترفوا بالمسيح ولم يكن في فكر الكنيسة الكاثوليكية أدني احتمال لعودة المسيحيين إلي فلسطين وتشكيل أمة وقد تحوَّل هذا العداء إلي محبة وتحالف إثر قيام الحركة الاحتجاجية "البروتستانتية" علي يد مارتن لوثر المولود في ألمانيا عام 1482 ميلادياً وكان قسيساً وأستاذاً لعلم اللاهوت.. ولقد مر الإسلام بنفس التجربة فبعد صدامات تاريخية في الأندلس وفلسطين أصبح الإسلام جزءاً ومكوناً ثقافياً لأوروبا المسيحية وعلي الرغم من أن الإعلام الغربي يركز علي ما يسمي بالإسلام الراديكالي Radical islam فإن من يتابع هذا الإعلام بدقة سيجدهما تهتم بحركة إصلاح يقودها مثقفون وفلاسفة إسلاميون في الغرب لإلباس الإسلام ثوباً غربياً خالصاً ويختلف الدارسون الإسلاميون في الغرب حول مستقبل الإسلام فبينما يري البعض أن الإسلام سيصعد من جديد انطلاقاً من الغرب يقول آخرون إن الغرب الذي عاش ومازال يعيش غارقاً في المادية والعلمانية من الصعب أن يتحول إلي الإسلام.