حالة من القلق والترقب انتشرت بين سكان القاهرة الجديدة والنشطاء البيئيين و الحقوقيين المدافعين عن تراث مصر اثر انتشار انباء عن الشروع في بيع محمية الغابات المتحجرة التي تقع داخل المدينة وتحتضن أكثر من 112 نوعا من النباتات والاشجار و 30 نوعاً من الزواحف النادرة وأشجار عتيقة تحولت لاحجار شامخة بفعل العوامل الجيولوجية والجوية "الغابة المتحجرة" ورغم تطور الازمة إلي اقامة دعوي قضائية لوقف القرار وتقدم احد النواب بطلب احاطة نفت إدارة المحميات التابعة لوزارة البيئة تلك الشائعة وأكدت انه لامساس بالاشجار المتحجرة والظواهر النادرة التي تتركز في القطاع الجنوبي وتقع علي مساحة 6 كيلو متراً فقط وليس 7 كيلو مترات. كما نفت وزارة الاسكان بيع المحمية لمشروع بيت الوطن كما يدعي البعض وجاء اعلان البيئة برصد 50 مليون جنيه لانشاء متحف الغابة ليضع نهاية لقلق الجميع. السعدني محمود- من سكان المنطقة - لاحظت تحركات لمعدات ثقيلة داخل المحمية تشير إلي وجود اعمال تحدث بالفعل واكدت توقعاتنا ما اشيع علي صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الاخبارية ان وزارة الاسكان استقطعت جزءاً كبيراً من المحمية لبناء وحدات سكنية تابعة لمشروع بيت الوطن التي تدفع بالدولار وهو ما اعلنت عنه الوزارة مؤخراً ولكن لانعرف حقيقة الامر. ويقول جمال عبده- من سكان المنطقة- المحمية تتعرض لسرقة رمالها وبعض الزواحف والاشجار المتحجرة وقد تم هدم اجزاء كثيرة من سور المحمية ويتساءل هل هدم السور وسرقة الرمال وتخريب المحمية الغرض منه بيعها لمستثمرين أو لتحويلها إلي عمارات وفيلات . ويشاركه الرأي معتز محمد- في ان الاهمال الذي تتعرض له المحمية يثير تساؤلات كثيرة وهو لمصلحة من تركها لنهب اللصوص وعدم تطويرها وتحويلها لمزار سياحي كبير وقد سمعنا ان وزارة الاسكان قد طرحت جزءاً كبيراً منها للبيع لتتحول إلي منطقة اسكان فاخر. محمد حسن- باحث جيولوجي- يشير إلي أن المحميات الطبيعية عبارة عن مكان يحتفظ بخواص الطبيعة وتحتوي علي مجموعات نادرة من الحياة البرية والنباتية أو البحرية ولكل محمية منطقتان يطلق علي المنطقة الاولي منطقة النواة أو القلب وهي التي تحتفظ بمجموعة نادرة من الحيوانات والزواحف والطيور والنباتات وهذه المنطقة تمثل النطاق الحيوي للمحمية والتي يجب الحفاظ عليها ولايسمح باستغلالها بأي شكل من الاشكال ومراقبة التغييرات البيئة والجيولوجية التي تطرأ عليها. والمنطقة الثانية يطلق عليها المنطقة العازلة وهي التي يتدهور فيها النظام الحيوي ويجب حمايتها والمحافظة عليها من خلال ممارسة كافة الانشطة المطلوبة والمتفق عليها لتعود الحياة الطبيعية لها. ويشير حسن إلي ان منطقة الغابة المتحجرة بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديد هي جزء صغير من الغابة الكبيرة والتي حل محلها المنتجعات السكنية وعلي الرغم من ان مساحة الغابة المتحجرة لا تزيد عن سبع كيلو مترات إلا انها تعد من أهم المحميات الطبيعية التي تؤرخ لتاريخ مصر الجيولوجي لكونها تشمل جذور الاشجار المتحجرة التي تكونت منذ ملايين السنوات.. وهناك نظريتان في هذا الشأن النظرية الاولي تقول ان منطقة القاهرة الجديدة كنت فيما مضي منطقة مطيرة تكثر فيها الغابات الشجرية والحيوانات والزواحف والطيور بكافة انواعها واحجامها وكان لابد من عمل حفريات بهذه المنطقة علي رقعة كبيرة من الارض في طبقات عميقة ولكن هذا يحتاج إلي جهد ومتخصصين ومال وهذا غير متوفر والنظرية الثانية تقول أن هذه الاشجار هي ناتجة عن فيضان النيل في الازمنة الماضية وادي إلي اقتلاع الاشجار من مكانها وجرفها بواسطة مياه الفيضان لهذا المكان. ويري حسن ان ما يميز الغابة المتحجرة هو احتوائها علي اكثر من 30 نوعاً من الزواحف النادرة و 12 نوعاً من النباتات النادرة بخلاف أن الحديث عن قيام وزارة الاسكان باقتطاع جزء منها وطرحه كأرض للبناء يحدث خللاً بيئياً ويمكن ان يخرج هذه المنطقة من كونها محمية طبيعية لكون 4 كيلو مترات تمثل قلب أو نواه المحمية و 3 كيلو مترات الأخري يمثل المنطقة العازلة التي يجب حمايتها والمحافظة عليها وتنميتها و العمل علي تطويرها لتدخل في حيز المحمية. ويطالب حسن بالمحافظة عليها بوضعها الحالي والعمل علي تنميتها و حمايتها من لصوص الرمال والاشجار المتحجرة وتشديد الحراسة عليها لانها يمكن ان تكون مزاراً سياحياً إذا ما تم تطويرها. ويرد علي هذه المخاوف د. أحمد سلامة رئيس قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة مشيراً إلي ان قرار محمية الغابة المتحجرة صدر عام 1989 وكان وقتها يتم قياس الاماكن بطرق بدائية باستخدام المتر والياردة والاجهزة المتوفرة كانت غير دقيقة وكانت المساحة الاجمالية وقتها حوالي 6 كيلو مترات ولكن الدراسات الجيولوجية لم تتم عليها بشكل دقيق وقد تبين ان الاخشاب الاثرية او ما يطلق عليها جبل الخشب تتركز في الجزء الجنوبي من المحمية اما الجزء الشمالي فلا يوجد به خشب متحجر ثم قمنا في الوقت الحاضر بعد اقتناء اجهزة متطورة ذات احداثيات عالية الدقة بعمل دراسة متعمقة علي كافة اجزاء المحمية من خلال احدث الاجهزة المتخصصة علي مستوي العالم وبالتعاون مع جهات دولية اكتشفنا عدم وجود اخشاب متحجرة او أي اثر نادر في القطاع الشمالي حتي بعد ان وصلنا إلي اعماق كبيرة للتربة وجدنا حجراً جيرياً وخلت تلك المناطق من الاخشاب وتلك الدراسات معتمدة ودولية. واضاف عندما وجدنا ان المساحات تقلصت قررنا تعديل المحمية بشكل قانوني بعد دراسات وافية وكما قلت سابقاً ان المحميات جهة إدارة وليست جهة تجارة أو بيع وان الولاية علي الارض لها جهات اخري ومحددة بالقانون واننا اكثر الناس حرصاً علي المحميات وأؤكد للجميع انه لامساس بالمحميات الطبيعية ولن نفرط في شبر واحد به اثر نادر ولكننا ايضا لا نفرض سيطرتنا علي مساحات خالية من أي ظواهر طبيعية نادرة ولا تستوجب الحماية.. واتمني ألا ينساق البعض وراء الشائعات المغرضة التي تفتقر إلي الادلة وتستهدف اثارة المشاعر يروجها اصحاب مصالح واننا علي استعداد تام لتقديم كافة المستندات والدراسات التي اجريت وتوضيح الصورة بشكل قانوني لكل من يهمه الامر. واشار إلي ان محمية الغابات المتحجرة ستشهد اعمال تطوير للحفاظ عليها وحمايتها حيث سيتم تعلية وصيانة وتجديد لسور المحمية وتركيب بوابة الكترونية عملاقة وكاميرات مراقبة لرصد المتسللين من سرقة الاخشاب النادرة من خلال غرفة تحكم الكترونية بالاضافة إلي تطوير التراكات والمدقات وتركيب مظلات لخدمة وحماية الزوار داخل المحمية.. ومن ناحية اخري أكد النائب د. محمد فؤاد الذي زج باسمه وقيل انه تقدم بطلب احاطة بخصوص محمية الغابات المتحجرة ان هذا الكلام عار تماماً من الصحة وان ما حدث انني تقدمت في وقت سابق بطلب احاطة في موضوع خاصة بمحمية نبق وحضر وقتها وزير البيئة لمناقشة الموضوع بمجلس النواب وأوضح لي صحة موقف الوزارة وانتهي الموضوع ولكنني فوجئت بأكثر من اتصال من عدد من الصحفيين واندهشت لاهتمامهم الشديد بمحمية الغابات المتحجرة ونفيت للجميع التقدم بأي طلب احاطة لهذا الموضوع. ويؤكد هاني يونس المتحدث باسم وزارة الاسكان انه لابيع لمحمية الغابات المتحجرة لمشروع بيت الوطن وان ما تردد في الآونة الاخيرة به معلومات مغلوطة مؤكدا ان الوزارة تساهم في تطوير المحمية لحمايتها من عمليات السلب والنهب التي كانت تحدث في السابق لرمالها ومحتوياتها النادرة.