أثار طرح الحكومة بيع أرض محمية "الغابة المتحجرة" بالقاهرة الجديدة، ردود أفعال واسعة، إذ تقدم عدد من المحامين بدعاوى قضائية أمام مجلس الدولة لإلغاء بيعها بعد أن عرضتها الدولة على المستثمرين، كما تقدم بعض أعضاء مجلس النواب بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة لرئيس البرلمان، ودشنت حملات شعبية واسعة بشأن ما أسموه ب"كارثة" و"مهزلة" التفريط في تراث مصر الجيولوجي مقابل الدولار. وطرحت وزارتا البيئة والإسكان ما يقرب من 100 فدان من أراضي محمية الغابة المتحجرة بالقاهرة الجديدة للبيع بالدولار للمصريين العاملين بالخارج، في مخالفة لقانون حماية المحميات الطبيعية والحفاظ عليها، حيث تحوي المحمية أكثر من 112 نوعا من النباتات والأشجار و30 نوعًا من الزواحف النادرة. المحامي علي أيوب، أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالب فيها بوقف وإلغاء قرار بيع محمية الغابة المتحجرة بالقاهرة الجديدة للمستثمرين، وأعلن مطالبته للحكومة بتحويلها لمتحف ومزار سياحي يدر دخلا للدولة. وطالبت الدعوى بسرعة وقف بيع أي جزء من أرض الغابة المتحجرة، حيث جاء فيها: إنه في القاهرة الجديدة يرقد أثر تاريخي بعمر أكثر من 35 مليون سنة يشهد على بدء الأرض وتكوين الحضارة، وهو محمية الغابة المتحجرة، وهى من أندر المحميات الطبيعية على مستوى العالم، وتحوي حفريات وأشجارا أصبحت صخورا بفعل العصور الجيولوجية السحيقة التي مرت على الأرض قبل ملايين السنين، والمعلنة كمحمية طبيعية بقرار مجلس الوزراء رقم 944 لسنة 1989. وأضافت الدعوى أن هذا الأثر الذي حبا الله به مصر يتعرض الآن للاعتداء من خلال بيع أرضه لمستثمرين بغرض بناء غابات أسمنتية بدلا من المحمية الطبيعية "الغابة المتحجرة". وقال أيوب، في دعواه، إن حظ المحمية العسر قد أوقعها بمنطقة يزيد فيها سعر متر الأرض والمباني كل ثانية مما جعل أعداء الثقافة والحضارة والبيئة يتكالبون على افتراسها ولن تصمد المحمية أمام هذه المحاولات دون دعم من المصريين جميعا. من جانبه، تقدم الدكتور محمد فؤاد ،عضو مجلس النواب، عن حزب الوفد، بطلب إحاطة إلى الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، موجهًا إلى المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، بشأن بعض المشكلات المتعلقة بالمحميات الطبيعية في مصر، وعلى رأسها محميتا الغابة المتحجرة ورأس محمد. وقال فؤاد، في بيان له اليوم، إن المحميات الطبيعية بمصر تتعرض لعمليات سرقة وتدمير بشكل يومي وبصورة عشوائية وسط غياب تام لرقابة السلطات التنفيذية، ودون أدنى اعتراض أو حتى محاولة لتطبيقق القانون على مرتكبي تلك الوقائع، رغم أن ذلك النوع من السياحة يمكن أن يحقق دخلا سنويًا هائلا، كما أن مثل تلك الممارسات قد تؤدي إلى عزوف السائحين عن ارتياد تلك المحميات، مما يؤثر سلبًا على حركة ونشاط السياحة في مصر. وطالب فؤاد بضرورة الوقوف بحزم أمام تلك الممارسات التي تضر حركة السياحة بشكل كبير في ظل مساعي الدولة لجذب السياحة الخارجية مرة أخرى وإنعاش الأنشطة السياحية من جديد، وطالب بإحالة الطلب إلى لجنة البيئة بالبرلمان لدراسته. وأوضح أن تلك الممارسات تأتي بالمخالفة لقانون المحميات الطبيعية رقم 102 لسنة 1983 في مادته الثانية والذي ينص على أن "يحظر القيام بأعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية، أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية أو المساس بمستواها الجمالي بمنطقة المحمية، والتي حظرت على وجه الخصوص صيد أو نقل أو قتل أو إزعاج الكائنات البرية أو البحرية، أو القيام بأعمال من شانها القضاء عليها". من ناحية أخرى، دشن عدد من الحقوقيين المدافعين عن تراث مصر عبر موقع"Avazz.org" المختص بتبني حملات المجتمع مبادرة "كنوز مصر" التي تبنت حملة شعبية واسعة، وجمع القائمون عليها توقيعات إلكترونية على نطاق واسع للتصويت على رفض البيع، وذلك تحت عنوان "لا لبيع الغابة المتحجرة". يذكر أن الغابة المسجلة كمحية طبيعية في وزارة البيئة تحتوي على أشجار عتيقة تحولت لأحجار شامخة بفعل العوامل الجيولوجية والجوية، لذلك تم تسميتها "الغابة المتحجرة"وتعيش بداخلهانباتات وحيوانات وزواحف نادرة يطلق عليها أيضًا "جبل الخشب"، حيث تغطى أجزاء كبيرة منها بجبل الخشب الذي يعود لحقبة الأوليجوسين الجيولوجية وعمره يتراوح بين (23 – 35) مليون عام، ونشر "البديل" تقريرا مفصلا عنها قبل أيام. هنا رابط تحقيق البديل..