العجز المائي أصبح حقيقة واقعة ماثلة للعيان باعتراف المسئولين في وزارة الري ونشرنا في الاسبوع الماضي تصريحات لرئيس مصلحة الري المهندس عماد ميخائيل في أكتوبر 2016 أكد فيها بأن العجز المائي الذي تواجهه مصر يقدر ب30 مليار متر مكعب سنويا . مشيرا إلي أن حصة مصر من مياه نهر النيل ثابتة عند 55.5 مليار متر مكعب سنويا. ولكن تفاجئنا احصائيات موثقة صادرة عن فريق من خبراء المياه يعملون في مشروع تنمية أفريقيا وربط نهر الكونغو بنهر النيل تؤكد أن حصة مصر من مياه النيل تراجعت كثيرا . وان ما وصل إلينا في العام الماضي انخفض إلي 36 مليار متر مكعب فقط بسبب سد النهضة الاثيوبي . وبالتالي فان العجز المائي يبلغ حوالي 50 مليار متر مكعب!!. وكشف الفريق أنه عندما ظهر انحسار مياه النيل وتزايدت معاناة الفلاحين في المئات من قري الدلتا من شح المياه . قامت وزارة الري بفتح بوابات السد العالي لتمرير المياه وتعويض جزء من العجز المائي الا ان انخفاض منسوب مياه بحيرة ناصر اظهر التماسيح مما أثار مخاوف الاهالي فتراجعت. واضح جدا أن وزارة الري لاتدرك خطورة أزمة العجز المائي وأنها قضية أمن قومي . وأنها حرب ضروس يشنها علينا تحالف يضم أطرافاً اقليمية ودولية. ويسخرون لخدمتهم منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة بقيادة العدو الرئيسي والتاريخي لمصر والامة كلها اسرائيل. في عام 1992 انتهي خبير المياه الاسرائيلي هاجي ايرليخ دراسة بعنوان "الصليب والنهر .. اثيوبيا مصر والنيل" ومولتها المؤسسة الاسرائيلية للعلوم . ومعهد السلام الامريكي . وخلصت الدراسة المكونة من 280صفحة إلي إن نهر النيل سيصبح مسألة حياة او موت بين دول المنبع من ناحية والمصب من ناحية أخري . وأنه من الضروري قيام اثيوبيا ببناء 26 مشروعاً علي مجري النهر من بينها سد النهضة . علي أن يتم البدء في قيام تجمع او مبادرة لحوض النيل للتعاون تلغي الاتفاقيات السابقة وتجمع دول المنبع في اتحاد". وكشف خبير المياه المهندس حيدر يوسف وكيل أول وزارة الموارد المائية والكهرباء السوداني السابق أن البنك الدولي والمنظمات والدول المانحة كانت الغطاء الذي اختفت فيه اسرائيل دون اي علم من مصر والسودان لإطلاق مبادرة دول حوض النيل. وقال حيدر في حوار نشرته صحيفة الاخبار المصرية 3 مارس عام 2015 أنه عندما كان مبعوثاَ من الحكومة السودانية للمشاركة في مشاريع الابحاث العلمية التي كان يمولها البنك الدولي وبعض المنظمات الاوروبية والكندية في دول المنبع . لاحظ خلال المؤتمرات الدولية التي تنعقد في كل دول المنبع وجود توجيهات بضرورة قيام مفوضية للحوض او مبادرة مقابل المنح المقدمة وفي عام 1997 تكلف البنك الدولي بتنفيذ مشروع باسم "بي 3" للتعاون بين دول الحوض . والتي كانت نواه لإطلاق مبادرة حوض النيل بتمويل كامل من البنك الدولي. مجريات الامور خلال السنوات الماضية تثبت عجز وزارة الري عن إدارة ملف مياه النيل فقد أدارت المفاوضات مع الجانب الاثيوبي بطريقة عشوائية لاتتفق مطلقا مع مكانة مصر ودورها الاستراتيجي في القارة الافريقية والمنطقة العربية مما أدي لضياع الكثير من حقوقنا وعجزت الوزارة أيضا عن توفير بدائل لامداد مصر بالموارد المالية واتضح ذلك جليا في رفضها المتسرع لمشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل الذي اعدته مجموعة علمية من الخبراء المصريي المخلصين . وفي حال تنفيذه سيوفر لمصر 110 مليارات متر مكعب من المياه اي ضعف ايراد نهر النيل البالغ 55.5 مليار متر مكعب. وينتج كهرباء تكفي أكثر من ثلثي القارة الإفريقية ويوفر ما يقرب إلي 4 ملايين فرصة عمل في كافة التخصصات بشكل دائم. وحدد واضعو المشروع خطوات عملية لتنفيذه بايدي وطنية تبدأ بتوثيق المشروع في المجمع العلمي المصري بين العلماء والمسئولين المصريين . ثم الاتفاق مع كل دولة وكل قبيلة إفريقية علي المشروع كالكونغو وافريقيا الوسطي وتشاد وغانا والسودان شمال وجنوب وتوقيع اتفاقية مع الهيئة العربية للتصنيع لتصنيع كافة الآلات والمعدات . ولايقبل الفريق أي خبير أجنبي . وتوقيع اتفاقية مع اتحاد الصناعات الهندسية لعمل أول مدينة صناعية مصرية في الكونغو. والاتفاق مع كبري الشركات علي عملية التنمية الإفريقية في الدول المار بها النهر وايضا التي لن يمر بها. وشكلت وزارة الري لجنة لدراسة المشروع ولكنها تعجلت الرفض لأسباب غير موضوعية وقام الفريق العلمي لمشروع ربط نهري النيل والكونغو بالرد الموثق وأثبتوا أن المسئولين بالوزارة لم يطلعوا علي مستندات المشروع المسلمة للوزارة عن طريق الجهة السيادية. والامر معروض علي القيادة العليا لتشكيل مجلس أعلي متخصص ليدير ملف النيل . فليس ملف المياه باقل خطورة من ملف الإرهاب.