البلاد التي انطلقت علي طريق التنمية والتقدم كان التصنيع هو القاطرة التي جذبت كل جوانب المجتمع للأمام.. هذه الحقيقة أدركها الرئيس السيسي بعد ثورة 30 يونيو فطالب الوزراء بتعزيز خطط التنمية الصناعية حتي 2020 لتوفير ثلاثة ملايين فرصة عمل ولتساهم الصناعة في الناتج المحلي ب 21% فينخفض بذلك عجز الموازنة 50% خلال ثلاث سنوات. تصحيح المسار بعد ما يقرب من 45 عاماً من الانفتاح الاستهلاكي وسياسة الخصخصة كان ضرورة ولكنه لم يكن أمراً سهلاً بعد أن تم تدمير 6800 صرح صناعي أهمها الحديد والصلب والتعدين والبترول والمنسوجات والكيماويات وغيرها وخلال سنوات طويلة مضت جرت في الأنهار مياه كثيرة أغرقت الصناعة المصرية وجعلتها أسيرة للتخلف التكنولوجي وغياب العامل الماهر والأخطر من ذلك كله ثقافة الاستهلاك التي غيمت بظلالها بكل ما يعني ذلك من غياب مفهوم العمل الجاد واحتقار قيمة العمل اليدوي والبحث عن المكسب السريع وعدم الاتقان. في لحظة تاريخية فاصلة من عمر مصر أدركت الدولة ومعها المجتمع كله أن ما حدث للصناعة المصرية كان كارثة هبطت بمعدلات التنمية ورفعت مستويات الفقر ونشرت البطالة فكان لابد أن يعود الحديث عن خطط التصنيع لوقف نزيف الاستيراد وإنتاج صناعات ذات ميزة تصديرية تنافسية وبالفعل وقفت الدولة بكل طاقاتها لإعادة صناعات كالجلود والأثاث والكيماويات وغيرها للصدارة وبالفعل تحسن مؤشر الأداء الصناعي وتراجع عجز الميزان التجاري بما قيمته 2 مليار دولار إلا أن ذلك ليس هو المأمول.. فمازلنا في أول الطريق. الخبراء أكدوا أن السوق المصري واعد وأنه لكي نبدأ مرحلة تصنيع حقيقية لابد أن نبدأ بتوفير المكون المحلي في أي صناعة بنسبة 75% حتي لا نتحول لمجتمع صناعي تجميعي علي أن نبدأ بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ونربطها بالصناعات الكبري مع النظر بجدية لمشاكل المصانع المتعثرة والتعليم الصناعي والتدريب التحويلي للعمالة المرتبط بالتكنولوجيا واحتياجات سوق العمل والأهم من ذلك كله وضع خطط استيرادية تقشفية وتوجيه مخصصات الاستيراد لتنمية القطاعات المغذية للتصنيع. ويبقي الأهم وهو مطاردة الفساد الذي يضع "العصا في العجلة" لتظل ماسورة الاستيراد مفتوحة ويغلق ملف التصنيع للأبد.