«زي النهارده».. تدمير وإغراق المدمرة إيلات 21 أكتوبر 1967    الفجوة و«الخداع»    توجيهات رئاسية بتحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في الصاغة بعد ارتفاعه 80 جنيهًا    بيان عاجل من وزارة العمل حول مطالب زيادة الحد الأدنى للأجور    أسعار الطماطم والخضار والفاكهة في أسواق الشرقية اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    خليل الحية: رعاية الرئيس السيسي تطمئن بصمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    «نيويورك تايمز» عن أوضاع الفلسطينيين المغتربين: دموعهم تنهمر على مآسى غزة    السر المُذاع في المغرب    ياسين منصور يكشف إمكانية طرح شركة الأهلي في البورصة    وزير «الرياضة» يقرر إيقاف مجلس إدارة «الإسماعيلي» وإحالته للنيابة    «أسود الأطلس» أبطال العالم    اندفاع كتلة هواء قادمة من أوروبا.. تعرف موعد تحسن حالة الطقس وسقوط الأمطار    ضبط زوج ألقى بزوجته من شرفة المنزل بمنطقة القابوطي الجديد في بورسعيد    السيطرة على حريق داخل مستشفى بالمنيا    هنا الزاهد: فيه ممثلين كبار حواليهم ناس بيطبلوا لهم.. وأنا ما بحبش المجاملات    دورة أم كلثوم.. 10 صور من حفل عمر خيرت في مهرجان الموسيقى العربية    فرصة سفر.. حظ برج الدلو اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر    أمين الفتوى: الاحتفال بمولد الحسين تعبير عن حبنا للنبي وآله الكرام    «مطلعتش ترند بس».. خبيرة تغذية توضح فوائد غير متوقعه ل «شوكولاته دبي»    «حلو الشتاء».. طاجن البطاطا بالبشاميل بخطوات بسيطة ومذاق فاخر (الطريقة والخطوات)    «مجدي يعقوب» يستقبل وفود «أسوان للسلام» بمركز «جراحات القلب»    البابا تواضروس يشهد تخريج 10 دفعات من مركز القديسة ڤيرينا للتمريض    المتحف المصري الكبير.. قلعة الحضارة المصرية في ثوب أمني غير مسبوق    فيضانات مدمرة تجتاح ألاسكا ويُطلب من ترامب إعلان الطوارئ    إعلام: ترامب متحمس جدًا لإنهاء حرب أوكرانيا    نيكولا ساركوزي يبدأ عقوبة السجن بتهمة التآمر لجمع أموال لتمويل حملته الانتخابية    اتحاد "شباب يدير شباب" (YLY) ينظم جلسة تدريبية حول مهارات التواصل الفعّال ضمن برنامج "تماسك"    جامعة قناة السويس تواصل فعاليات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    مصطفى هريدي يكشف ل واحد من الناس علاقته بالزعيم عادل إمام وأول أدواره    بكاء أحمد السعدنى ومايان السيد وعمر رزيق بعد عرض ولنا فى الخيال حب بمهرجان الجونة    يسرا تحتفل مع محمد رمضان بإطلاق تريلر فيلم أسد وبعيد ميلاد شيرين دياب بالجونة    مصرع شاب صدمه قطارا أثناء عبوره السكة الحديد فى العياط    التعاون الخليجى وبريطانيا يبحثان اتفاقية التجارة الحرة    نيويورك تايمز: هناك قلق أمريكى من انسحاب نتنياهو من اتفاق غزة    وزير الطيران المدنى يشهد احتفالية باليوم العالمي للمراقبة الجوية    السلع نصف المصنعة تقود صادرات مصر لتجاوز حاجز ال3 مليارات دولار فى يوليو    إصابة 10 أشخاص إثر تصادم ميكروباصين بالبحيرة    امتحانات أكتوبر موحدة داخل الإدارات التعليمية وتقتصر على مقررات الشهر فقط    يوسف شاهين يتصدر الترند بعد تصريحات جريئة من يسرا تكشف كواليس أول لقاء جمعهما وموقفه الصادم من لون شعرها    موعد مباراة بنفيكا ونيوكاسل يونايتد في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    تعرف على سعر طن الأرز في أسيوط الثلاثاء 21/10/2025    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    شاهدها الآن ⚽ ⛹️ (0-0) بث مباشر مباراة آرسنال وأتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا 2025    شبانة عن تتويج المغرب بمونديال الشباب: "عندهم نظام.. واحنا عندنا أزمات"    أول تحرك من أوقاف الإسكندرية في محاولة سرقة مكتب بريد عبر حفر نفق من داخل مسجد    كيف تعدل المركز الانتخابي قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب؟ الوطنية للانتخابات تجيب    تامر مصطفى ل في الجول: مباراة الأهلي صعبة ولكن    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    إرسال عينات الدم المعثور عليها فى مسرح جريمة تلميذ الإسماعيلية للطب الشرعى    متحدث الحكومة: نهدف لتيسير الخدمات الحكومية من أجل المواطن والمستثمر    شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجموعة الصناعية والتحول العميق في الاقتصاد القومي
نشر في البوابة يوم 23 - 12 - 2016

يصل بعض الاقتصاديين إلى أن التحدى الرئيسى للتنمية الاقتصادية هو التحول العميق للاقتصاد المتخلف نتيجة التوسع الكبير فى الناتج الصناعى، ولهذا فإنه بدلاً من اصطناع التناقض بين الصناعة والزراعة، بين فريق يركز على الزراعة بوصفها أسرع طريق إلى التصنيع وفريق يركز على الصناعة بوصفها أسرع طريق لتنمية الزراعة، ينبغى التصدى للإجابة عن مشاكل أكثر جدية فى مقدمتها جميعاً مشكلة توجيه المحاصيل للغذاء أم للتصدير، ومشكلة اعتماد التصنيع على خامات محلية أم مستوردة، ومشكلة التنسيق بين الزراعة والتصنيع.
فيما يتعلق بالمشكلة الأولى وهى الإنتاج للغذاء أم للتصدير، فما زالت الزراعة تحافظ على ما ورثته من وضع مميز لمحاصيل التصدير بمقارنتها بالمحاصيل المعدة للغذاء، وقد تفضى سياسة بعض البلدان إلى تضييق الهوة بين القطاعين تكريساً لتخصيص المحاصيل للتصدير، وهنا لا بد من التأكيد أولاً على صورة التوصل إلى الاكتفاء الذاتى فى الغذاء باعتبار أن هناك مشكلة غذاء خطيرة فى أغلب البلدان النامية التى تعرضت لأخطار المجاعة داخلياً وبالتبعية خارجياً، كما أن زيادة حجم الصادرات الزراعية أمر جوهرى لدفع ثمن الواردات فى السلعة الإنتاجية والوسيطة والاستهلاكية التى تتطلبها عملية التصنيع.
ولقد تعرضت كوبا فى الستينيات فى القرن الماضى لهذه المشكلة، وجرت لها عندئذ تجربة بالغة الدلالة، فلقد حاولت الحكومة أن تقلل من أهمية محصول التصدير الرئيسى وهو قصب السكر، وأن تنتج بدلاً منه ما تحتاجه من غذاء، فكانت النتيجة أنه تم تخريب آلاف الهكتارات من مزارع قصب السكر الفائقة الجودة، بينما لم تستطع الصناعة ولا إنتاج الغذاء أن يحلا محل قصب السكر من حيث أهميته فى الاقتصاد الكوبى، ومن ثم عادوا بعد سنوات إلى وضع أكثر واقعية، فابتداء من وضع كوبا على خريطة العمل الدولى، وهو الوضع الذى يميزها بمنتجاتها من قصب السكر فى العالم، سعوا لتصدير السكر بكميات أكبر فى سبيل استيراد السلع الإنتاجية والمواد الخام كالبترول والقطن لأغراض التصنيع، وثابروا على زيادة إنتاجهم من البرتقال والبن والتبغ والموز لأغراض الاستهلاك المحلى والتصدير.
أما المشكلة الثانية فهى تتعلق باعتماد الصناعة على الخامات الزراعية المحلية أم المستوردة، وأغلب البلدان النامية تبدأ من واقع تخصصها فى إنتاج خامات تصدر للتصنيع فى الخارج ما يعنى أن لديها منتجات أولية صالحة للتصنيع، ولهذا فإن أول ما يطرح عليها هو أن تبدأ التصنيع بتنمية الصناعات المعتمدة على المنتجات الأولية، ومع ذلك جرت تجارب أخرى جرى فيها التصنيع على أساس خامات مستوردة، فقد اعتمدت كولومبيا على ثلاث صناعات رئيسية فيها، على الأقل فى البداية، على استيراد القطن والشعير والمطاط، وفى الوقت ذاته، استطاع الاقتصاد الكولومبى أن يعالج حاجاته إلى هذه الخامات، ويكتفى اكتفاء ذاتياً فى القطن والشعير، وبدأ زراعة المطاط، ويطلق على هذه الظاهرة اسم «التنمية المقلوبة» بمعنى الانتقال من المنتجات الثانوية إلى الأولية، والواقع أنه يجب الحرص دائماً على إدخال محاصيل جديدة ذات استخدام صناعى، يمكن أن تلعب عندئذ وظيفتين، أما الأولى فهى موازنة الهبوط فى الطلب العالمى على الخامات التقليدية، وأما الثانية فهى تزويد الصناعة المحلية بحد أدنى من قاعدتها الأساسية فى الخامات الزراعية
أما المشكلة الثالثة، فهى تنسيق الاعتماد المتبادل بين الزراعة والصناعة، وهنا نبدأ مما قلنا عن وهمية التناقض بين الزراعة والصناعة، ومن ثم فإن العون متبادل بينهما، إن الزراعة تقدم السوق للصناعة، فى صورة تراكم رأسمالى ومواد غذائية وخامات وعمل وسوق داخلية للمنتجات المصنوعة، غير أن الصناعة بدورها مسئولة عندئذ عن تزويد الزراعة بقاعدتها من الأسمدة والمعدات والآلات وسوق العمالة الفائضة وسوق المواد الغذائية والخامات، ومن ثم يتم توسيع قاعدة الدخول النقدية فى الريف كما يتم توسيع السوق الداخلية القومية بتحويل منتجات الزراعة إلى سلع توجه إلى السوق، فارتباط الصناعة بالسوق الداخلية أساساً هو أول ما يضمن لها النجاح، إن التصنيع إنما يبدأ بتطوير الزراعة لتصبح صناعة، تساعد بدورها على خلق السوق الداخلية، وإلا تخلفت الزراعة عن الطلب المتزايد على منتجاتها، وبرز اختلال هيكلى جديد نتيجة تفاقم مسألة الغذاء وعجز المواد الخام، فضلاً عن بطء نمو الطلب على المنتجات الصناعية.
أما الجانب الآخر فى عملية التصنيع، فهو الصناعة على نحو يكفل انفصال الصناعة نهائيا عن الحرف واستخراج الخامات والتطوير الشامل للصناعة اليدوية، بحيث تصبح الفروع الأساسية للاقتصاد القومى كلها صناعات آلية كبيرة، ونظراً لأن التصنيع هو جوهر التنمية، فإن استراتيجية هذه التنمية ينبغى أن ترمى لتحقيق هدفين متكاملين فى مجال التصنيع، أما الأول فهو تعزيز موقع الصناعة فى الاقتصاد القومى وخاصة مواجهة الزراعة، وأما الثانى فهو تغيير الهيكل الداخلى للصناعة وخاصة فى مواجهة الصناعة الاستراتيجية والصناعة التحويلية الاستهلاكية، فمهمة التصنيع هنا تحريك العملية الشاملة للتنمية، أى تصحيح الهيكل المشوه للاقتصاد القومى والتوصل إلى هيكل آخر أكثر كفاءة بحيث يضمن مشاركة أكبر للقطاعات المنتجة للآلات فى مواجهة القطاعات المنتجة للمنتجات الزراعية والخامات المعدنية، ومن ثم زيادة نصيب الصناعة الثقيلة من إجمالى الناتج القومى على حساب النقص المتزايد فى نصيب القطاع الزراعى والاستخراجى، وبإقامة هياكل صناعية أكثر تكاملاً على هذا النحو تشمل كلاً من الصناعة الخفيفة والصناعة الثقيلة، يمكن أن ينتقل مركز الثقل فى تطوير الصناعة الثقيلة، وخاصة فى البلدان ذات الأسواق الداخلية الواسعة فى صناعة السلع الاستهلاكية إلى صناعة أدوات الإنتاج، ويتم هذا الانتقال بالتدريج، وذلك من خلال البناء التدريجى لصناعة إنتاج وسائل الإنتاج -فى البداية بإنتاج مواد العمل- ثم بعد ذلك بإنتاج أدوات العمل، وبخاصة الآلات والسلع الوسيطة، وتصطدم الدول النامية ها هنا بالتناقض الكامن فى عملية تطوير الصناعة بقطاعيها، قطاع إنتاج الاستهلاك وقطاع إنتاج وسائل الإنتاج، هذا التناقض الذى يتمثل فى سهولة تنمية سلع الاستهلاك وصعوبة تنمية إنتاج الآلات والمعدات، ومع ذلك فإن تنمية صناعات سلع الاستهلاك، وإن لم تكن تأتى بتغييرات جوهرية فى هيكل الاقتصاد القومى، مهمة ضرورية لأنها تكفل قاعدة اقتصادية للتغيرات التى تحدث مستقبلاً فى شكل الطلب على وسائل الإنتاج.
وفى جميع الأحوال، فإن المهمة الأولى لعملية التصنيع هى إنتاج تلك المنتجات التى تحتاج إليها الزراعة، ومن ثم تمثل الصناعات الكيماوية لإنتاج الأسمدة والمبيدات والصناعات الميكانيكية لإنتاج الأدوات اللازمة لإعداد الأرض للزراعة وحتى الصناعات الخاصة بإنتاج مواد البناء أهمية أولى بين الصناعات.
وبهذا العرض نفتح قضية أساليب التصنيع، وتاريخياً، تحقق التصنيع فى البلدان المتقدمة بأسلوب من أسلوبين، كان الأول أسلوب الرأسمالية فى التنمية التلقائية، وهو أسلوب التصنيع الخفيف، أى البدء بالصناعات الخفيفة وخاصة صناعة النسيج ثم الانتقال بطبيعة الأمور إلى الصناعات الوسيطة فالصناعات الثقيلة، والأسلوب الثانى هو الأسلوب الاشتراكى للتنمية المخططة، وهو أسلوب التصنيع الثقيل، أى البدء بالصناعات الثقيلة للانتقال إلى الصناعات الوسيطة والصناعات الخفيفة. وحتى فى إطار الأسلوب الأول، فقد تعددت المداخل بحسب الأوضاع الخاصة بكل بلد رأسمالى، وتوقيت قيامه بالتصنيع.
هناك النمط البريطانى المبكر، الذى بدأ بالتركيز على إنتاج المواد الأولية، والاعتماد على تصدير منتجات الصناعات الخفيفة وخاصة المنسوجات والانتقال بعدها إلى الصناعات الثقيلة.
وهناك نمط النمو الأمريكى، حيث كان الوزن النسبى للصناعات الخفيفة محدوداً.
وهناك النمط الألمانى الذى جاء متأخرا وقد قام بالتوسع فى صادرات الصناعات الثقيلة على حساب المواد الأولية والصناعات الخفيفة.
وقد تعددت أساليب التصنيع، فقد كانت صناعة النسيج فى القرن التاسع عشر هى هذه الصناعة المحركة، بينما صارت فى بداية القرن العشرين هى الكيماويات والصناعات الميكانيكية، ثم جاءت صناعات الإلكترونيات والصناعات النووية، وبحكم مفهومها، فإن هذه الصناعات المحركة ذات أثر عميق فى الاقتصاد القومى.
فى هذا الضوء ينبغى أن نعالج قضايا التصنيع فى البلدان النامية، ونعتقد أن هذه القضايا أربع: «صناعة كبيرة أم صغيرة، وصناعة لإحلال الواردات أم صناعة للتصدير، وصناعة ثقيلة أم صناعة خفيفة، وصناعة كثيفة العمالة أم صناعة كثيفة رأس المال».
وتواجه مصر تحديات كبيرة فى عملية التنمية والتصنيع، وهى أكبر من إمكانية أى مسئول عن الصناعة فى مصر مهما عظم شأنه.
ولذلك فإننى أقترح إنشاء المجموعة الصناعية من خيرة رجال الصناعة وخبرائها وعلمائها وينضم إليها خبراء فى المال والاقتصاد مهتدين بالمجموعة الاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.