أثار حديثي عن ضرورة البدء في خطة الهيكلة الفنية والمالية للمؤسسات الصحفية القومية تساؤلات لاحقتني خلال الأيام الماضية حول ملامح هذه الخطة والأثر الذي ستعود به علي المؤسسات والعاملين بها. وتعد قضية أجور الصحفيين واحدة من أكثر القضايا التي يهتم بها الصحفيون الذين يعيشون أوضاعاً مادية متردية تدفع الغالبية منهم للعمل في أكثر من مكان. بالاضافة الي جلب الاعلانات بأسماء أخري تفاديا لمخالفة القانون ومقصلة ¢الكسب غير المشروع¢. والموقف القانوني للمؤسسات القومية غريب وشاذ.. فهي مملوكة للدولة وتنطبق عليها أحكام قانون الأموال العامة إلا أنها ليست حكومية ولا قطاع عام ولا قطاع أعمال عام ولا حتي قطاع خاص.. إنها مؤسسات عامة ولكنها تدار بقواعد خاصة. وهيكل الأجور يشهد تشوهات رهيبة. إذ أن كل مؤسسة تعد هيئة قائمة بذاتها. ويمكن أن نجد صحفياً يتقاضي أكثر من 5 أضعاف ما يتقاضاه زميل له في مؤسسة أخري رغم تساوي معايير الخبرة والأقدمية والمؤهل. وعندما صدر الحكم القضائي بالزام الدولة بوضع حد أدني لأجور الصحفيين. ازداد الموقف تعقيداً.. إذ أنه ليس معلوماً من هي الجهة المخاطبة بهذا الحكم؟ هل الحكومة التي تملك ولا تدير؟ أم إدارات المؤسسات التي توفر المرتبات بالكاد؟ وكيف سيتم تنفيذه مع تباين الموقف الاقتصادي من مؤسسة لأخري؟ ثم ما هو موقف الصحفيين بالصحف الحزبية والخاصة ولكل منها هيكل خاص بها؟ علما بأن الحكم تحدث عن الصحفيين بوجه عام ولم يحدد قطاعا بعينه. ويرتبط بما سبق منهج إدارة العمل بالمؤسسات القومية. حيث لا توجد قواعد موضوعية حاكمة لعلاقات العمل. وغياب واضح لمنهج الشفافية في شغل المواقع المختلفة. ومن المفارقات العجيبة أن الجهاز الحكومي بتنظيمه البيروقراطي العقيم لديه حد أدني من الضوابط في شغل أي موقع تتمثل في نشر إعلان يفيد بوجود موقع شاغر وأنه يشترط لمن يتقدم له مجموعة من الضوابط والشروط..1..2..3.. وتزداد المفارقة تعقيداً حين نري المؤسسات الكبري في مصر وخارجها تلتزم بتطبيق معيار واضح للإدارة ظهر منذ أكثر من 20 عاماً ويطلق عليه ¢الحوكمة¢. وقد سبقت إلي تطبيقه المؤسسات المالية وهو يعني في أبسط معانيه الالتزام بمجموعة من النظم والقرارات التي تستهدف تحقيق الجودة والتميز باختيار الخطط والأساليب التي تحقق أهداف المؤسسة. العالم كله يلتزم بمفهوم ¢الحوكمة¢ إلا المؤسسات الصحفية التي تعد أبعد ما يكون عنه.. رغم أنها مؤسسات ذات طابع مالي وتمارس نشاطاً تجارياً وتطرح منتجات في سوق تنافسية..وكانت النتيجة غموضاً كاملاً في الرؤية.. فلا أحد يعرف من يفعل ماذا؟ وبأي معيار يعمل؟