نظرا لكون الوادي الجديد من أكثر المناطق زراعة للبلح فأنه من الملاحظ تنوع صناعات التمور وتواجد مئات المصانع بكل مدن الوادي الجديد تعمل في مجال تصنيع التمور بكل أنواعه الصالحة للاستخدام المحلي والتصدير. ولكن من أهم المشروعات الصناعية بالمحافظة هومشروع الفوسفات حيث تمت زيارة شركة مصر للفوسفات. وتقع بوابة المشروع علي مسافة 50 كم من الخارجة في إتجاه الداخلة علي يمين الطريق والتي تبعد حوالي 10 كم حتي الوصول الي الهضبة المحتوية علي خامات الفوسفات. ولقد بدأ التفكير في مشروع الفوسفات في نهاية ستينيات القرن الماضي في عهد عبدالناصر بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي في نفس توقيتات تشييد شركات التبين للحديد والصلب والكوك. واستمرت الدراسات علي عينات مستخرجة من الهضبة مستخدما تكنولوجيات الحفر بحفارات خاصة لاستخراج خامات الفوسفات من الأنفاق أسفل سطح الهضبة بحوالي 300متر. وتم تجهيز المواقع بورش تنقية وطحن وغربلة الخامة. وخطوط سيور لنقل الخامات الي موقع الشحن والتفريغ لعربات السكك الحديدية حيث تم إنشاء خط خاص من الموقع مرورا بالداخلة ثم قنا والوصول لسفاجا لشحن خامات الفوسفات الي الدول الخارجية مع استغلال هذا الخط بطول 650 كم لنقل انواع اخري من البضائع وكذا استخدامه لنقل المواطنين. ونجح المشروع في استخراج الخامات المطلوبة من الأنفاق حتي عام 1996. وكانت الشركة في ذلك الوقت تابعة لوزارة الصناعة باسم مشروع فوسفات أبوطرطور. ولكن للأسف مع تفكك الاتحاد السوفيتي وانخفاض مستوي التعاو ن مع روسيا واتجاه نحو المعسكر الغربي. وتنفيذ برامج الخصخصة مع بداية تسعينيات القرن الماضي وصعوبة الحصول علي قطع غيار للمعدات الروسية المتواجدة بالمشروع ومغادرة الخبراء والعاملين الروس لموقع الشركة المصرية عام 2000. تم إعادة هيكلة المشروع وتحويله لشركة مساهمة مصرية تابعة لقانون الاستثمار وباسم شركة فوسفات مصر ولها تبعية إدارية للهيئة العامة للثروة المعدنية بوزارة البترول. وبدأت الشركة التعاو ن مع الجانب الإنجليزي وتغيير تكنولوجيا استخراج الخامات من حيث العمل من الأسطح الخارجية وإلغاء تكنولوجيات الاستخراج من الأنفاق الداخلية مما يحقق عائدا اقتصاديا أعلي وتقليل تكلفة الإنتاج. ويتوافر بهضبة أبوطرطور التي تصل مساحتها الاجمالية لحوالي 1200 كم2 مخزون من خامات الفوسفات يغطي مطالب الإنتاج والتصدير لمئات السنوات. وتتبع الهضبة إداريا للهيئة العامة للثروة المعدنية. وتحصل شركة فوسفات مصر علي ترخيص للعمل في حوالي 10/1 من اجمالي مساحة الهضبة الكلية بحوالي 112كم2 فقط. ويسمي هذا الجزء من الهضبة بالقطاع الغربي الليفية ويقع سطح الهضبة علي ارتفاع 570 مترا سطح البحر ويتواجد الفوسفات علي عمق 400 متر فقط مع امتداد الخامات خارج الهضبة بكميات وفيرة. وأوضح الجيولوجي ممدوح عبدالعاطي محمد خريج علوم القاهرة عام 1997 والذي التحق للعمل بالشركة منذ عام 2001 ويعمل الآن مديرا للإنتاج في المناجم باستمرار العمل بالموقع 24 ساعة يوميا بمجهودات العاملين لاستخراج خامات الفوسفات بتركيزات مختلفة تتراو ح مابين 24 الي 30% خامس أكسيد الفوسفور. ويتم التصدير للخارج من خلال التعاقد مع المصدرين تسليم الموقع. وتتحرك التريلات بحمولات 100 طن إلي موانئ الإسكندرية ودمياط والسويس نظرا لتوقف خط السكك الحديدية الذي تم انشاءه خصيصا لتنفيذ عمليات النقل الي ميناء سفاجا حيث قام العديد من مجموعات الارهابيين والخارجين علي القانون بسرقة ونهب قطبان السكك الحديدية بأطوال 50 الي 70 كم خاصة خلال الانفلات الامني بعد أحداث 25 يناير 2011. وأوضح المهندس ياسر فوزي إسماعيل خريج بترول تعدين السويس عام 1991 ويتولي مسئولية إدارة المساحة بالشركة بأن عدد العاملين بالموقع يصل لحوالي 1000 عامل بتخصصات مختلفة ونجحت الشركة من خلال إدارتها الجديدة منذ عام 2012 برئاسة المحاسب خالد الغزالي حرب ومدير الموقع المهندس أحمد بكر في زيادة معدلات التصدير للخارج وخاصة دول شرق آسيا. وهنا نتسائل لماذا لا يتم حاليا التصدير من خلال ميناء سفاجا الذي تم تطويره خلال عام 2016 بتكلفة 550 مليون جنيه مصري وتستمر عمليات التصدير من موانئ الاسكندرية ودمياط والسويس ومرور التريلات علي هذه الطرق البعيدة عن ابوطرطور ومما يزيد العبء علي هذه الموانئ والطرق. وأوضح السيد عادل أحمد البسيوني خريج كلية الحقوق والمسئول عن إدارة الأمن بالموقع بأن الشركة وعمالها وإدارتها يركزون علي تأمين المواقع خاصة مع المساحات الشاسعة التي يتواجد بها المعدات وخطوط الإنتاج والنقل مع قيام إدارة الشركة بتقديم كل الدعم الأمني المطلوب. وأوضح السيد المهندس عبدالرحمن أحمد عبدالرحمن والمهندس أحمد علي يوسف مساعدي رئيس مجلس الإدارة بأن الشركة في عهدها الجديد تعمل علي زيادة الإنتاج الشهري وتقليل تكاليف الإنتاج. ونجحت في تصدير 2 مليون طن خلال عام 2016. وأنه للأسف يرتبط سعر التصدير بالبورصات العالمية حيث حقق أعلي سعر عام 2008 بحوالي 204 دولارات للطن الواحد ولكن مع الأزمة المالية عام 2008 وزيادة إنتاج الدول الأخري مثل الأردن والمغرب. إنخفض السعر تدريجيا حتي الوصول لحوالي 20-30 دولارا فقط للطن الواحد حاليا مع إرتباط سعر التصدير العالمي بالتذبذب في أسعار البترول والغاز العالمي. وأن خامات الفوسفات ناتجة من الكائنات البحرية والتي تؤكد وصول مياه البحار منذ 60 مليون عام حتي هذا الموقع الذي يبعد عن شواطئ البحر الأحمر الحالية بحوالي 640كم. وتقوم الشركة حاليا وبالتنسيق مع الهيئة العامة للثروة المعدنية بالحصول علي ترخيص جديد للعمل في قطاع آخر بالهضبة يسمي بالقطاع الزيات شمال القطاع الحالي كوسيلة لزيادة إنتاجية الشركة خاصة مع تنفيذ المشروع الجديد. وأوضح المهندس محمد عبدالجليل مساعد رئيس الشركة ومدير الموقع بأنه يتم حاليا إنشاء شركة مساهمة جديدة بالشراكة مع شركة أبوقير للأسمدة وسبع جهات مالية وصناعية داخل مصر بهدف إنتاج حمض الفوسفوريك من خامات الفوسفات كوسيلة لزيادة القيمة المضافة وتلبية مطالب السوق المحلي والخارجي من حمض الفوسفوريك المطلوب لصناعة الأسمدة الفوسفاتية وصناعات كيماوية أخري. وسيتم التعاو ن مع إحدي الشركات الأجنبية من خلال مناقصة عامة لإنشاء هذا المصنع المقترح بموقع المشروع بأبوطرطور كمرحلة أولي. يتبعها تنفيذ المرحلة الثانية لتصنيع الأسمدة الفوسفاتية والثلاثية للسوق المحلي والتصدير للدول الإفريقية والعربية. وعلي النقيض من الايجابيات المحققة في الوقت الحالي من مشروع ابوطرطور. تتواجد بعض السلبيات المطلوب دراسة امكانية التغلب عليها كوسيلة لاستمرار تحقيق الايجابيات لصالح العاملين بالمشروع وأهالي الوادي الجديد والشعب المصري. حيث تلاحظ لنا أثناء زيارة المواقع الإنتاجية بمشروع أبوطرطور والمدينة السكنية القائمة بموقع المشروع وعلي بعد 2 كم في لتجاه الداخلة وجود عمل مستمر بالموقع مع عدم لستغلال معظم الإمكانيات الإنتاجية والتخزينية وعدم نقل خامات الفوسفات بالسكك الحديدية التي سبق إنشائها خلال السبعينات من القرن الماضي بالرغم من لتساعها وضخامتها الإنشائية وللأسف توقف استخدام هذا الخط منذ توقف إنتاج المشروع مع بداية القرن الحالي. ولذلك نناشد السادة المسئولين بوزارة النقل باعادة دراسة الموقف الحالي لهذا الخط الذي يصل طوله لحوالي 650 كم خاصة وإن إنتاج المشروع قد تزايد ومن المنتظر بدء تشغيل المشروع الجديد لحمض الفوسفوريك وبداية تنشيط وتعمير مدن وقري الوادي الجديد ولذلك فأنه ليس من المنطق أن يتم التصدير من موانئ الإسكندرية ودمياط لدول بمنطقة الشرق الاقصي مرورا بقناةالسويس. وتحرك التريلات ذات الحمولات الكبيرة التي تصل لحوالي 100 طن علي الطرق البرية الجديدة من موقع المشروع الي أسيوط بطول 280 كم ثم من أسيوط لدمياط أو الإسكندرية بطول 850 كم. وللأسف لايستخدم حاليا ميناء سفاجا في تصدير منتجات الشركة بالرغم من زيادة الطاقة الاستيعابية بميناء سفاجا بتمويل لا يقل عن 500 مليون جنيه خلال عام 2016. وبزيارة موقع المدينة السكانية المتاخمة لموقع المشروع والتي تتكون من حوالي 400 فيلا وعشرات العمارات ومدارس. ومستوصفات والمبنية منذ عشرات السنوات ومازالت خرابة غير مستغلة وغير معروف تبعيتها حتي الآن. ولا يعقل ان يترك هذا الكم من المباني بدون استغلال مما يعتبر من أحد أسباب تدهور الموقف الاقتصادي للدولة. نظرا لعدم استغلال العديد من المنشأت والأصول المملوكة للدولة او الشركات الاستثمارية او الخاصة بعد انفاق مئات الملايين من الجهات علي إنشائها وفي الوقت الذي يعاني المواطنين من عدم تواجد السكن الملائم. ومع اتجاه الدولة لإنشاء مئات العمارات في نطاق مشروع الإسكان الاجتماعي علي مستوي محافظات مصر نجد عشرات بل مئات المساكن سبق بناؤها بواسطة الدولة او القطاع الخاص وتركها كما هي لعشرات السنوات دون استخدام. فهل هذا معقول؟